الهمس بين مريم المهدي و أمال جبرالله
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن المراجعات في العمل السياسي؛ تعتبر من أهم المؤشرات التي تحدث تحسينا في المسير السياسي، أن كان للحزب و يشمل كل اقسامه، أو للفرد القائد في المنظومة الحزبية، و المراجعة لا تقوم بها إلا القيادات الواثقة من قدراتها المعرفية و الفكرية في الإصلاح و تطوير الأداة. و المراجعة من خلال المنهج النقدي تعتبر من أعلى مراتب مواجهة الذات، و الأحزاب التي تقوم بمراجعات دورية لأدائها من خلال منهجا نقديا دائما تصبح هي المصباح الذي يضيء للأخرين و يبين أين مكامن الخلل و توضح العوامل التي تشكل تحديا في المستقبل.
الغريب في الأمر؛ أن الحرب الدائرة في السودان و التي أكملت 15 شهرا، تجد أن القوى السياسية السودانية عاجزة أن تطرح حلا عبر تحالفاتها أو منفردا يؤكدوا فيه وجهة نظرهام للحل و يقدموه للشعب السوداني.. أغلبية القوى السياسية معتمدة على الخارج هو الذي يقدم الحل و المبادرات و هي فقط تذهب لكي تبصم عليها، بدأت بفكرة " الاتفاق الإطاري" التي فشلتها القوى السياسة بإصرارها على تضيق ماعون المشاركة في اعتقاد أن الخارج سوف يفرض حكومة على الآخرين، و بعد الحرب بدأت تقدم تنازلات و تصر على وضع الشروط، و هناك قوى أخرى تحلق في السماء لا تريد أن تنزل لكي تتحاور مع الآخرين وصولا لتوافق وطني يساعد على الحل. هنا رؤيتين للحل الأولى تقدمها الدكتورة مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة في لقاء أجرته معها قناة " MBC" في برنامج " يحدث في مصر" و الثاني قدمته أمال جبرالله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ندوة لفرعية الحزب في السويد..
قالت الدكتور مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة لقناة " MBC " و هي تبين رؤيتها للحل في السودان و وقف الحرب ( يجب وحدة القوى المدنية و الاعتراف بالكتل السياسية، و الجلوس حول مائدة مستديرة، و ضرورة التنسيق بين المبادرات المطروحة جميعها و قالت أن التدخلات الخارجية تعبر عن تخوف لانتشار الحرب) قدمت القناة الدكتورة بأنها رئيس حزب الأمة، و من المفترض أن تكون رؤيتها للحل هي رؤية حزب الأمة، و لكن للخلافات داخل حزب الأمة، و استمرار حزب الأمة في تحالف " تقدم" تصبح القضية معقدة، هل اعتماد الرؤية التي تقدمها الدكتورة بأنها رؤية حزب الأمة؟ أنما قالته الدكتورة مريم يختلف جوهريا عن رؤية " تقدم" المعتمدة اعتمادا كليا على الإفكار التي يضخها الخارج. كما أن تقدم لها تحالفا كانت قد وقعته مع الميليشيا في اديس ابابا كيف يتم التخلص منه؟.. أن رؤية الدكتور مريم الذي قدمته متطورة عن " تقدم" و هي ترجع الحل للمائدة السودانية دون أي إقصاء، و لكن "تقدم" التي يرأسها عبد الله حمدوك الذي تهرب من أسئلة الإعلام التي سألته عن رؤيته بتدخل الأمارات و مساعدتها للميليشيا تؤكد أن القرار ليس عنده.. أنما الرجل ينفذ أجندة مرسومة إليه، و يجب أن يقوم بتنفيذها.. هذه العقدة بين الواقع الماثل أمام الكل و بين رؤية دكتورة مريم، و هي رؤية جديرة بالمناقشة لكنها تصبح رؤية مريم و ليست رؤية حزب الأمة.. و هذه القضية إما أن يكون لحزب الأمة رؤية خاصة و بالتالي عليه مغادرة مقاعد تحالف " تقدم" أو تعديل رؤية تقدم و تصبح الأحزاب قائدة للتحالف..
في الجانب الأخر قالت أمال جبر ألله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ندوة نظمتها فرعية الحزب الشيوعي في السويد، قال ( أن الحزب يرى أن المخرج من الأزمة هو بناء الجبهة الشعبية لوقف الحرب و استرداد الديمقراطية حتى يكون وقف الحرب مستدام و السلام مستدام و يغير واقع السودان.. و أكدت جبرالله أن المخرج ليس حمل السلاح و الخضوع للقوى الرأسمالية و الإقليمية و العالمية التي تدعم أطراف الحرب و ليس في التخلي عن الأجندة الوطنية و عن مصالح الشعب) و أضافت أمال جبر الله ( أن المفاوضات الجارية لن توقف الحرب لآن هناك هدف هو تطويل أمدها، و أن نوع الأجندة التي يتم مناقشتها ليست لإقاف الحرب أنما لهدنة تتشكل بها حكومة تنفذ برنامج موجود و ليس خفي) أن إشكالية الحزب الشيوعي عجز أن ينزل للأرض لكي يرى الواقع بصورة سليمة و يستطيع أن يتعامل مع تعقيداته.. أما إذا ظل يتحدث الجبهة الشعبية العريضة كما تمسك من قبل بالجذرية دون أن يجد حليفا له غير واجهاته، سيظل بعيدا عن الحل المقنع للأخرين..
أن القيادة الاستالينية في الحزب الشيوعي يجب أن تعلم أن القوى السياسية التي ترفض أن تتعامل معها اليوم، هي المتوفرة الآن في الساحة السياسية، و لا يمكن تجاوزها، و لابد من الجلوس معها، و الاتفاق على الحل السياسي الذي يرضي الجميع.. و إذا كان الذي جاء على لسان أمل جبرالله هو أخر ما في جراب الحزب، أصبح عليه طريقا واحدا أن يبحث عن الديمقراطيون الثوريون و يتحالف معهم لإعادة 25 مايو..
أما محاولة تغبيش الوعي عند الجماهير، بإطلاق مصطلح الثورية، يجب أن تعلم الجماهير أن الثورية التي ينادي بها الحزب الشيوعي ليست هي ثورة ديسمبر، أنما هي قوى البوليتاريا التي يجب أن تقوم بالثورة ضد الرأسمالية لكي تنتزع منها وسائل الانتاج، و تقيم ديكتاتورية البوليتاريا، هي ثورية ليست لها أي علاقة بالديمقراطية، أنما ثورية لها علاقة بالمادية و الصراع الطبقي لديكتاتورية جديدة مدنية.. يجب على الزملاء أن لا يكونوا حجر عثرة في طرق الحلول، و وقف الحرب و إعادة بناء الوطن. و يجب الاتفاق مع الزملاء بمنع كل الدول التي تريد مد أرانب انوفها في الشأن السياسي السوداني الداخلي.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی حزب الأمة یجب أن
إقرأ أيضاً:
السودان في القلب.. عن زيارة سعادة الوزيرة مريم المسند
تابعت باهتمام زائد واحتفاء خاص زيارة سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، بوزارة الخارجية، إلى بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، للسودان الشقيق، يوم الخميس 10 أبريل 2025. ويعود اهتمامي واحتفائي إلى أمرين: الأمر الأول أن زيارة سعادة الوزيرة عبرت عما نكنه للشعب السوداني من تقدير واحترام، تراكما عبر عقود من الزمان، وفقاً لمبادئ الأخوة والتضامن، التي تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. وتشهد على ذلك محطات إنسانية متعددة ومتنوعة ظل ديدنها التبادل والتآزر، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وكذلك على المستوى الشخصي. ولهذا كانت متابعتي لزيارة سعادة الوزيرة بمثابة بعث لشريط ذكريات راسخة وجميلة، تعود لأيام الطفولة والدراسة في مختلف المراحل الدراسية منذ الابتدائية، وأنا بين صديقاتي السودانيات في الدوحة، فتجلت أمام ناظري مواقف أصيلة ونبيلة ومشرقة، ظلت تميز أهل السودان.
* لذلك عشت مع زيارة سعادة الوزيرة كأني أجدد عهد المحبة والاحترام للشعب السوداني. والأمر الثاني يتصل بشخص سعادة الوزيرة وبطبيعة زيارتها، حيث كان المعنى الإنساني هو القاسم المشترك، وكرامة الإنسان هو شاغل الوزيرة وعنوان زيارتها. حيث نقلت سعادتها رسالة تضامن وشراكة مع الأشقاء في السودان. وأكدت في تصريح للصحفيين بأن الزيارة تجيء للوقوف على الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الشعب السوداني، والعمل على تلبية الاحتياجات الضرورية له في ظل تداعيات الصراع الذي أدى إلى انهيار المنظومة الصحية والتعليمية وتدمير البنيات التحتية. ودعت سعادتها أطراف النزاع إلى تغليب المصلحة الوطنية ووقف إطلاق النار، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والمرافق المدنية، والانخراط الجاد في جهود المصالحة، بما يضمن تحقيق السلام والحفاظ على وحدة السودان وتوجيه الموارد نحو الاستقرار والتنمية.
وخلال مقابلتها لفخامة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان الشقيقة، أكدت سعادة الوزيرة على موقف دولة قطر الثابت والراسخ في دعم وحدة واستقلال وسيادة وسلامة أراضي جمهورية السودان. وأعرب فخامة الرئيس البرهان من جانبه، عن تقدير السودان لمواقف دولة قطر الداعمة والمساندة له في كافة المحافل الدولية والإقليمية وحرصها على سيادة ووحدة واستقرار البلاد، ودعمها المستمر لتقديم العون الإنساني للمتأثرين من الحرب. كما التقت سعادتها وزيري التعليم والصحة السودانيين.
* وفي تقديري، أن لا شيء يضاهي المواقف الإنسانية في زمن الأزمات، كون المواقف الإنسانية هي الميزان الحقيقي لعمق العلاقات وصدقها بين الدول والشعوب. لقد ظلت دولة قطر من خلال تاريخ ومسيرة علاقتها الثنائية مع السودان، تؤكد بأن الشراكة الحقيقية لا تقتصر على المصالح السياسية فحسب، بل تُبنى أيضًا على مبادئ الإخوة التضامن والوقوف مع الشعوب في محنها. وبينما يستمر السودان في سعيه نحو الاستقرار والسلام، والحفاظ على استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه، يبرز البُعد الإنساني في علاقته مع دولة قطر كأحد أبرز مظاهر الأمل والدعم المستمر حتى تجاوز الأزمة.
* كانت سعادة الوزيرة تلامس القلب، وهي تزور دار نوّل للأيتام، ودار أمان للنساء الناجيات من العنف في بورتسودان، وهي تقف خلال زيارتها للدارين، على أوضاع الأيتام، وقصص صمود بعض النساء الناجيات ومعاناتهن من ويلات الحرب والعنف. وأوضحت سعادتها بأن دولة قطر ستعمل من خلال مبادرتها لدعم النساء والفتيات في مناطق النزاعات، ومنها جمهورية السودان، على تعزيز جهود دار أمان التي توفر الحماية والدعم بمختلف أشكاله للنساء الناجيات من العنف. كما أكدت على التزام دولة قطر الراسخ بمواصلة دعم الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف العصيبة والأوقات الصعبة، معربة عن بالغ القلق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في السودان. وفي بادرة تجسد القيم الإنسانية، أعلنت عن تخصيص دولة قطر لمبلغ (10) ملايين دولار لدعم النساء والفتيات المتضررات من النزاع وتمكينهن اجتماعياً ونفسياً، فضلاً عن دعم القطاع الصحي بالدفعة الثانية من سيارات الإسعاف بالإضافة إلى توفير أجهزة غسيل الكلى. كما أشارت سعادتها إلى التزام دولة قطر الثابت بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية، وشددت على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق المشترك مع جميع الشركاء الدوليين والإقليميين والمحليين بما يسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان.
* حقاً لقد كانت زيارة سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند، إلى السودان، زيارة مشرفة، ومعبرة عن المعاني والقيم الإنسانية، وتعكس عمق العلاقات بين دولة قطر وجمهورية السودان، ومدى فيض المحبة في وجدان الشعبين القطري والسودان، تجاه بعضهما البعض. وأكدت زيارة سعادتها كذلك على التزام دولة قطر بتقديم الدعم الإنساني والتنموي للشعب السوداني في ظل التحديات الراهنة، فهو شعب يستحق وبحق.
أ. عائشة محمد الرميحي – الشرق القطرية