يسارية يابانية رافقت وديع حداد وغسان كنفاني وجورج حبش، وأسست الجيش الأحمر الياباني في بيروت، ثم اتهمت بالتخطيط لعملية في قلب مطار اللد في تل أبيب، وأخرى في هولندا.

لقّبها الإعلام الياباني بـ"الملكة الحمراء" وطاردتها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) حتى اعتقالها في اليابان عام 2000، فقضت 21 عاما خلف القضبان.

المولد والنشأة

وُلدت فوساكو شيغينوبو يوم 28 سبتمبر/أيلول 1945 لأسرة فقيرة في منطقة "سيتاغايا" بالعاصمة طوكيو، في الشهر نفسه الذي استسلمت فيه اليابان للقوات المسلحة الأميركية نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت الطفلة الثالثة لأبوين متعلّمَين.

وكان والدها ضابطا بالجيش الإمبراطوري، وشارك في الحرب العالمية الثانية وتطوّع لتدريس الأطفال الفقراء داخل المعابد، ثم فتح متجرا صغيرا بعد انتهاء الحرب، إلا أنه عاد للتعلم ودراسة الطب الشرقي في السبعين من عمره وافتتح عيادة خاصة.

الدراسة والتكوين العلمي

بعد إنهاء دراستها الثانوية عملت في شركة "كيكومان" الرائدة في تصنيع المواد الغذائية وصلصة الصويا، والتحقت في الوقت ذاته بدوام مسائي في جامعة "ميجي" بطوكيو، فحصلت على شهادة في الاقتصاد السياسي وبعدها شهادة أخرى في التاريخ.

"الملكة الحمراء" مع ابنتها (موقع الحرية لفوساكو شيغينوبو) التجربة السياسية

بدأت نشاطها السياسي خلال المرحلة الجامعية مع انضمامها إلى الحركة الطلابية الرافضة لزيادة الرسوم الدراسية، ثم أصبحت ناشطة في الحركة وإحدى قياداتها.

كما شاركت في التحركات الطلابية اليابانية في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين للاحتجاج على حرب فيتنام، وتنديدا ببقاء الجيش الأميركي في المناطق المحتلة من اليابان.

وانضمت عام 1969 إلى "تنظيم الجيش الأحمر" اليساري الثوري -لا علاقة له بالجيش الأحمر الياباني- الذي واجه صعوبات في التحرك داخل اليابان بسبب سياساته المعارضة للنظام الإمبريالي.

وعام 1970، تزايد اهتمامها بالعالم العربي، وتحديدا القضية الفلسطينية، فقررت أن تكّرس حياتها لدعم النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وعام 1971 انتقلت إلى لبنان مع رفاقها للبدء في التطوع لخدمة القضية الفلسطينية تحت مظلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ويوم 30 مايو/أيار 1972، نفذ 3 شبان يابانيين متطوعين في الجبهة الشعبية عملية فدائية في مطار اللد بتل أبيب، واغتيل خلالها عالم السلاح البيولوجي الإسرائيلي "أهارون كاتسير" الذي كان آنذاك مرشحا لرئاسة إسرائيل.

وكان العقل المدبر للعملية وليد حداد الذي هدف بشكل أساسي لضرب إسرائيل في عقر دارها، حيث كان مطار اللد جزءا من مطار عسكري مهم. وأسفرت العملية عن مقتل 26 شخصا وإصابة نحو 80 آخرين قالت إسرائيل إن جلّهم من المدنيين.

وقتل اثنان من المنفذين نفسيهما عمدا، بحسب المصادر اليابانية التي أفادت بأنهما فضلا الموت على الوقوع في الأسر والخضوع للاستجواب.

وسقط المنفذ الثالث في الأسر عقب إصابته، واسمه كوزو أوكاموتو، وصرح تحت التعذيب بانتمائه لتنظيم يدعى "الجيش الأحمر العربي" وحين تسربت المعلومات للإعلام قيل إن يابانيا ينتمي لتنظيم الجيش الأحمر نفذ العملية.

كما ذكر بعض أسماء المتطوعين اليابانيين في لبنان، فاستهدفت الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) بعدها جميع المناضلين اليابانيين، فقرروا، ومنهم فوساكو، التخفي تحت أسماء مستعارة.

شيغينوبو مع المخرج والعضو سابقا بالجيش الأحمر الياباني ماساو أداتشي (موقع الحرية لفوساكو شيغينوبو) المناضلة مريم

أطلق عليها رفاقها في لبنان الاسم الحركي "مريم" وتعلمت اللغة العربية، ودعت المنضوين إلى الحركات الثورية اليابانية من مقاتلين ومثقفين إلى الانضمام لحركة التضامن مع فلسطين.

ولم تكتفِ شيغينوبو بهذا، بل انضمت إلى مكتب العلاقات العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتحديدا في مجلة "الهدف" وعملت مع رئيس تحريرها غسان كنفاني من أجل تعزيز الدعم الياباني للقضية الفلسطينية عبر توعية اليساريين اليابانيين بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

واستمر المتطوعون اليابانيون -الذين انتسبوا لتنظيم الجيش الأحمر مع أعضاء من الجبهة الشعبية- بتنفيذ عمليات متعددة، أبرزها في السفارة الفرنسية بهولندا يوم 13 سبتمبر/أيلول 1974، الأمر الذي أجج الغضب الدولي ضد الجماعة.

وأسر المختطفون 10 رهائن، وفاوضوا السلطات على دفع فدية قيمتها 300 ألف دولار، وقال أحدهم إنه اشتبه بأن فوساكو كانت ضمن منفذي العملية، ورغم بطلان الشهادة فيما بعد إلا أنها أصبحت مطلوبة للإنتربول. وكان سبب ملاحقتها تاريخها السياسي رغم عدم مشاركتها في أي عملية عسكرية.

وبعد هذه العملية أسست "المناضلة مريم" مع رفاقها المتطوعين اليابانيين للجبهة الشعبية "الجيش الأحمر الياباني" بشكل رسمي خلال وجودها بلبنان عام 1974.

وعاشت متخفية في لبنان مع ابنتها تحت أسماء مستعارة، إلّا أنها دخلت عام 2000 إلى اليابان سرا، فألقت السلطات القبض عليها بتهمتي تزوير جواز سفر والتورط في عملية لاهاي.

وامتدت محاكمتها بين عامي 2001-2006، وحلّت "الجيش الأحمر" خلال أول جلسة محاكمة لها، وقال القاضي عند نطقه بالحكم إنها ستحكم بـ20 عاما رغم عدم وجود دلائل قاطعة على تورطها، ولكن لكونها من قيادات التنظيم فلا بد أنها "تآمرت" لتنفيذ العملية، وأفرج عنها يوم 28 مايو/أيار 2022 بعد أكثر من 21 عاما من الاعتقال.

ماي ابنة شيغينوبو مؤسسة الجيش الأحمر الياباني (وسط) بعد إطلاق سراحهما (الفرنسية) المؤلفات والإنجازات "حبي وثورتي"، نُشِر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1974 عن دار نشر كودانشا. "من منظور السنة العاشرة"، نُشِر في 20 يناير/كانون الثاني 1983 عن دار نشر هاناشي نو توكوشو. "إذا أرهفت السمع للأرض، ستسمع صوت اليابان: دروس الحركة الشيوعية اليابانية"، نُشِر في 25 يوليو/تموز 1984 عن دار نشر يونيتا شوهو (توزيع أكي شوهو). "بيروت: صيف 1982″، نُشِر في 10 أكتوبر/تشرين الأول 1984 عن دار نشر هاناشي نو توكوشو. "تقارير الشرق الأوسط: المجلد الأول (إصدار عام 1984)"، نُشِر أول ديسمبر/كانون الأول 1985 عن دار نشر يونيتا شوهو. "تقارير الشرق الأوسط: المجلد الثاني (إصدار عام 1985)"، نُشِر في أبريل/نيسان 1986 عن دار نشر يونيتا شوهو. "قررت أن ألدك تحت شجرة التفاح"، نُشِر في 23 أبريل/نيسان 2001 عن دار نشر جينتوشا. "الياسمين على فوهة البندقية: ديوان شعر فوساكو شيغينوبو"، نُشِر في 25 يوليو/تموز 2005 عن دار نشر جينتوشا. "تاريخي الشخصي مع الجيش الأحمر الياباني وفلسطين"، نُشِر في 20 يوليو/تموز 2009 عن دار نشر كاوايدي شوبو شينشا. "موسم الثورة: من ساحات المعركة في فلسطين"، نُشِر في 25 ديسمبر/كانون الأول 2012 عن دار نشر جينتوشا. "سجلات المحاربين: الحياة في فلسطين"، نُشِر في 30 مايو/أيار 2022 عن دار نشر جينتوشا. "ديوان الفجر: نجمة الصباح"، نُشِر في 30 مايو/أيار 2022 عن دار نشر كوسي شا. "تاريخ النضال من أجل تحرير فلسطين 1916-2024″، نُشِر في 25 مارس/آذار 2024 عن دار نشر ساكوين شا. كتب مشتركة "حركة التحرير العربية والجيش الأحمر العالمي"، بتأليف مشترك بين الفصيل الشيوعي للتحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نُشِر في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1971 عن دار نشر جامعة كيوتو. "نحو الوحدة: ملخص الجيش الأحمر الياباني"، نُشِر في 10 ديسمبر/كانون الأول 1977 عن دار نشر قسم جريدة الشعب. "عشرون عاما من تاريخ الجيش الأحمر"، بتأليف مشترك مع الجيش الأحمر الياباني، نُشِر في 30 مايو/أيار 1993 عن دار نشر هاناشي نو توكوشو. التقارير الشهرية للشرق الأوسط: من العدد الأول الصادر في 30 سبتمبر/أيلول 1985 إلى العدد المئة الصادر في 30 مايو/أيار 1994، بتأليف مشترك مع الجيش الأحمر الياباني، نُشِر عن دار نشر يونيتا شوهو، تقريبا كل شهر لمدة 10 سنوات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجبهة الشعبیة ن ش ر فی 25 ن ش ر فی 30 ر کانون

إقرأ أيضاً:

إجراءات مشددة في الجامعات الأميركية لمنع الاحتجاجات الداعمة لفلسطين

بدأت الجامعات الأميركية بتشديد الإجراءات في العام الدراسي الجديد بعد الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، التي انطلقت من جامعة كولومبيا في أبريل/نيسان الماضي، وانتشرت إلى جامعات أخرى حول العالم.

وأحاطت إدارة جامعة كولومبيا المساحات الخضراء في الحرم الجامعي بأسلاك شائكة.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني مرسلة إلى الطلاب في يوليو/تموز الماضي، أعلنت إدارة الجامعة أنها تخطط لتنفيذ "نظام الحرم الجامعي المرمَّز بالألوان" الذي يقيد الوصول إلى الأنشطة داخل الحرم الجامعي.

وانتشرت ادعاءات بأن إدارة الجامعة حاولت جلب "مسؤولي السلام" الذين لديهم سلطة الاعتقال، إضافة إلى 290 عنصر أمن في الحرم الجامعي مطلع أغسطس/آب الماضي.

جامعة فيرجينيا

وفي فيرجينيا، أعلنت إدارة الجامعة أنه بموجب قراراتها الجديدة، لن يُسمح بأي أنشطة خارجية بين الساعة الثانية ظهرا والسادسة مساء.

وذكرت أنه لا يمكن لأي خيمة لا تُستخدم في الأنشطة الجامعية أن تبقى على أرض الجامعة لأكثر من 18 ساعة، مع منع النوم في الحرم الجامعي من منتصف الليل وحتى الساعة السادسة صباحا.

جامعة بنسلفانيا

أما في بنسلفانيا، فأعلنت إدارة الجامعة منع التخييم والتظاهرات الليلية داخل حدود الحرم الجامعي، "حرصا على سلامة الطلاب والموظفين".

وأوضحت الإدارة أنه يجب تبليغها بالفعاليات المقرر عقدها في الحرم الجامعي قبل 48 ساعة على الأقل.

وذكرت أنه لا يمكن استخدام الأجهزة عالية الصوت مثل مكبرات الصوت إلا بين الساعة الخامسة مساء والعاشرة، خلال الأسبوع الذي تستمر فيه الفصول الدراسية.

جامعة كيس ويسترن ريزيرف

وأعلنت جامعة كيس ويسترن ريزيرف أنه يجب الحصول على إذن خطي من الإدارة للاحتجاجات التي يزيد عددها عن 20 شخصا، وتتجاوز الساعتين.

وشددت إدارة الجامعة، التي اشترطت أن تكون التظاهرات بين الساعة الثامنة صباحا والثامنة مساء، على عدم السماح باستخدام الألعاب النارية، ونصب الخيام وعرض الصور والفيديوهات على المباني.

وفي سياق متصل، أدانت رابطة أساتذة الجامعات الأميركية سياسات "القمع" التي تتبعها الجامعات ضد الاحتجاجات السلمية.

وذكرت الرابطة أن الإجراءات المتخذة "تقوض حرية التعبير وتثني الطلاب والأكاديميين عن المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات".

وأكدت أن معظم هذه القرارات "فُرِضت بشكل أحادي من قِبل إدارات الجامعة دون استشارة أعضاء هيئة التدريس".

واستقالت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق من منصبها بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية الغاضبة ضد إسرائيل، والمساندة لغزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ 335 يوما، خلّف أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

مقالات مشابهة

  • الجيش الأمريكي يعلن تدمير طائرة مسيرة ومركبة تابعة للحوثيين
  • تراجع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني اليوم وتوقعات قليلة بخفض أسعار الفائدة
  • الجيش اليمني: الضربات الأمريكية على الحوثيين مرنة وغير حاسمة
  • إجراءات بوليسية بالجامعات الأميركية لمنع الاحتجاجات الداعمة لفلسطين
  • إجراءات مشددة في الجامعات الأميركية لمنع الاحتجاجات الداعمة لفلسطين
  • وقال كيربي: “حماس مسؤولة عن مقتلهم”، وكما قال الرئيس جو بايدن: قادة حماس سيدفعون ثمن ذلك. التقى الرئيس بالأمس مع فريق التفاوض لمناقشة الخطوات التالية. إن عمليات الإعدام التي جرت نهاية هذا الأسبوع تؤكد مدى إلحاح الأمر أكثر.” وأضاف كيربي:
  • قائد الجيش وقّع مع رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر اتفاقية تعاون
  • المؤشر الياباني يهبط لأدنى مستوى في شهر
  • بـ 93 ألف طن.. تراجع الاستهلاك المحلي لـ الغاز الطبيعي خلال مايو 2024
  • في صالون نفرتيتي الثقافي: "حواس " يطلق وثيقة عودة الملكة "نفرتيتي"