بتجرد:
2025-04-10@18:19:00 GMT

الخطيئة تلاحق مستقبل التائب في “رحلة 404”

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

الخطيئة تلاحق مستقبل التائب في “رحلة 404”

متابعة بتجــرد: تدور أحداث الفيلم المصري “رحلة 404” للمخرج هاني خليفة حول سيدة تُدعى “غادة” التي تستعد للسفر إلى مكة لأداء فريضة الحج، وقبل أيام قليلة من رحلتها تجد نفسها متورطة في مشكلة طارئة تضطرها للجوء إلى أشخاص من ماضيها الملوث قد قطعت علاقتها بهم من زمان، حيث تسعى “غادة” لجمع مبلغ مالي كبير من أجل حل مشاكلها النفسية والأسرية.

الفيلم من إخراج هاني خليفة وسيناريو محمد رجاء، وبطولة كل من منى زكي، محمد ممدوح، محمد فراج، شيرين رضا، خالد الصاوي، وحسن العدل.

تدور الحبكة الأساسية للسيناريو حول سيدة ذات ماضٍ أسود، قررت أن تتوب وتعود إلى الله، وبعدما تابت وتحجبت، كتب الله لها فرصة الذهاب لأداء فريضة الحج، ولكن تبدأ “غادة” بالدخول في صراعات ومشاكل مستمرة، وهي عراقيل خارجة عن إرادتها تضعها في موقف صعب جداً، بينما أمها موجودة في المستشفى بسبب حادث سير، تجد “غادة” نفسها في موقف صعب بين تدبير الأموال وتوفير مصاريف العمليات الغالية لأمها التي في المستشفى وبين ارتباطها برحلة الحج التي أخذت كل أموالها.

ويتضمن عنوان الفيلم الرقم 404، وهو مرتبط بشكل شائع بصفحات الإنترنت، ويشير إلى رمز حالة 404 وهي عندما تحاول زيارة صفحة غير موجودة، تظهر لك رسالة خطأ “404 لم يتم العثور على الصفحة”، وهذه الرسالة تعني أن الصفحة التي تبحث عنها غير موجودة في الموقع المحدد، يمكن أن يحدث هذا الخطأ لأسباب متعددة، وهذا ما حصل مع  شخصية “غادة” عندما قررت التوبة من ممارسة البغاء، بقيت في نفس البيئة التي ارتكبت فيها الخطيئة، والتوبة عادة لا تجد طريقها في نفس البيئة التي أنتجت فيها الذنوب والمعاصي أي حسب الرمز صفحتك ليست هنا يا “غادة”، وهذا عنوان ذكي من كاتب السيناريو يتناسب مع أحداث الفيلم بأسلوب متكامل.

ويشكل السيناريو والحوار النقطة القوية الأساسية التي يعتمد عليها العمل بشكل كامل، إذ يتميز الحوار بالواقعية والعمق ويسمح للمشاهدين بالدخول إلى عالم الاضطرابات النفسية للشخصيات بطرق غير مباشرة، وهذا الأسلوب يبعد عن استخدام التلقين التقليدي  في إعداد الممثلة منى زكي بل هو استخراج لكبث عميق في النفوس البشرية، وهذا ما بخلق الإحساس بالواقعية ويتيح فرصة للتعرف على الشخصية من خلال تصرفاتها وقراراتها بدلاً من الشروحات المباشرة.

وينجح الفيلم في فتح نافذة على حياة شخصية “غادة” إذ نشاهد تقلبات حياتها وظروفها وعن ماضيها وتجاربها يأسلوب غير معلن، وهذه التقنية تزيد من جاذبية المتابعة، إذ يدفع المشاهدين للتفكير في مدى تعقيد وتلوث ماضي الشخصية الفاسد كبائعة هوى، والعلاقات التي تربطها بالشخصيات الأخرى، كما يعزز من عمق التجربة البصرية ويشجع على تحليل كل مشهد والحوار بدقة لإعادة تشكيل الصورة الكاملة للقصة.

ويتميز الفيلم بتصاعد درامي محبوك وإيقاع زمني متدرج يُبقي المشاهدين في حالة ترقب دائم، كما يخلق تكوين اللقطات انطباعاً مستمراً بأننا بلغنا ذروة الدراما مع كل مشهد، ليتحول بعدها إلى تصاعد درامي جديد، خاصة عندما تبدأ القصة بمشهد من الدراما العائلية العميقة، إذ يعيش معها المتلقي تجارب العلاقات المعقدة بين الشخصية الرئيسية وأفراد عائلتها، ويعكس تفكك الأسرة ومعاناتها، لأن افتتاحية الفيلم تقدم لنا مشهداً واسعاً يظهر التوتر بين أفراد العائلة، مع لقطات مقربة توضح التعبيرات وملامح الشخصيات وتفاصيل الصراعات من جهة، وتتنقل الكاميرا بين مشاهد التفاعلات اليومية من جهة أخرى.

يتجه السرد الدرامي إلى الغوص في أعماق الماضي وتداعياته على الحاضر، ما يضيف عمقاً للفيلم ويكشف عن أبعاد جديدة  في نفسية “غادة”، حيث تعيش هذه الأخيرة حالة من الاستقرار النسبي بداية، رغم خلفيتها العائلية المضطربة وهو ما يعكس واقعية الحياة، ويعود الفضل الى زوايا التصوير الممتازة التي عرض حياة “غادة” اليومية من خلال لقطات هادئة تعكس الهدوء النسبي الذي تعيشه من جهة، بينما تكوين لقطات والفلاشباك خاصة يستخدم ألواناً باهتة أو تدرجات غامقة ليفصل بين الماضي والحاضر والفوضى النفسية والاضطرابات العقلية التي تمر بها “غادة” ومدى عمق المعاناة والتجارب الصعبة التي مرت بها من جهة أخرى.

ويعد الأداء المذهل لمنى زكي محورياً في هذا السياق؛ فهي ليست فقط البطلة، بل تمثل القلب النابض للحبكة برمتها، من خلال قدرتها على التوازن بين القوة والضعف في أداءها تجذب المشاهدين تلقائيا، وهذا يتيح التفاعل العاطفي مع الشخصية مون خلال التركيز على تفاصيلها الدقيقة نعيش تجربة العاطفة ونرتبط بها دراميا، كما تقدم متتالية الأحداث اللاحقة صراعًا نفسيًا عويصا ومعضلة ليست فقط أخلاقية بل دينية أيضًا، من خلال الظروف التي تواجهها “غادة”، فالعديد من بائعات الهوى اللواتي يعشن صراعات نفسية بعد التوبة، لكن قوة وإصرار “غادة” وإرادتها في التغيير تجعل المشاهد يعيد تقييم علاقته بربه ودينه وأخلاقياته ومبادئه، أي أن جوهر الفيلم يضع المشاهد في هذا الموقف من دون خطابات رنانة أو مواعظ مباشرة وهذا يستحق التشييد.

ويظهر مكياج منى زكي في المشاهد الأولى بشكل مرسوم وفاضح، ويبرز آثار حلق الشارب بشكل ملحوظ، ما يعرقل مصداقية الأداء لأن هذا التباين يجعل المكياج يبدو كطبقة غير متقنة، ويؤثر سلباً على واقعية الشخصية ويضعف التأثير العاطفي الذي يمكن أن يحققه الأداء، إذ أن تحسين جودة المكياج ليظهر بشكل طبيعي ومتناسق مع ملامح الشخصية يعزز التجربة البصرية ويزيد من قوة التجسيد.

ويعتبر أسلوب الإخراج في المشهد الذي تكون فيه “غادة” مع السيدة العجوز التي تساعدها وتدخلها بيتها وتعطيها البخاخ رائعاً، وخاصة عندما تُظهر “غادة” ترددها أمام محوهرات الذهب وبعدما سرقته وعادت للاعتذار، يكتفي المخرج هنا بالإشارة إلى أن “غادة” سرقت الذهب من خلال اعترافها بدون سبب، حينما قالت “أنا أمر بظروف صعبة أوي على فكرة”، وكان من الممكن للمخرج والكاتب أن يخدعا المشاهد بطريقة أكثر تمويهاً، لو أنها لم تقل “أنا أمر بلحظات صعبة” وخرجت دون ذكر اسمها الحقيقي كاعتراف ضمني، لظل المشاهدون في حالة من الشك، خاصة لو كان المشهد الذي تكشف فيه عن الذهب يظهر حينها، لكان المشاهد على نفس الدرجة من المفاجأة، ولكن عندما ذكرت اسمها الحقيقي، أكد لنا المخرج أن السرقة هنا غير مقصودة وستعيد الذهب إلى السيدة بعدما تتحسن ظروفها، وهذا يحدث للكثير من النساء في الحياة اليومية بسبب ظروف خارجة عن إرادتهن.

ويقدم الفيلم تجربة ممتعة وعميقة تستحق المشاهدة، لأن أداء منى زكي كان رائعاً، وقدمت دوراً معقداً  نفسيا واجتماعيا واقتصاديا ودينيا محبوكا، وغير مرتجل أو مبالغ فيه، وهذا جعل الفيلم مقبول من الكل بدون انحياز او تعصب، لانه كشف عن التناقضات والعقد النفسية التي يعيشها المجتمع المسلم أو يدعي الإسلام.

main 2024-07-24 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: منى زکی من خلال من جهة

إقرأ أيضاً:

يسرا من قمة “صوت مصر”: الفن مفتاح للوصول إلى العالمية

متابعة بتجــرد: خلال مشاركتها في النسخة التاسعة من قمة صوت مصر Narrative Summit 2025 أول منتدى دولي للعلاقات العامة في مصر، التي أقيمت برعاية وحضور عدد من الوزراء والمحافظين، وبمشاركة نخبة من المتحدثين من المسئولين والخبراء وكبار رجال الأعمال المحليين والدوليين، وجهت الفنانة يسرا رسالة قوية لصناع الفن في مصر، مسلطة الضوء على دور الفن في إبراز مكانة مصر عالميًا، قائلة: “مصر ليست فقط بلد الحضارة والتاريخ، لكنها أيضًا بلد الثقافة، الأدب، الموسيقى، السينما، والمسرح. الأفلام والمسلسلات المصرية التي تمكنت من جمع شمل الوطن العربي والوصول الى جمهور عالمي واسع.”

ودعت يسرا في رسالتها الى فتح أبواب مصر بشكل أوسع للفن وتصوير الأفلام في مواقعها المميزة بدلًا من تصويرها في دول أخرى، مشيرة الى أن هذا الإجراء سيساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

واختتمت يسرا كلمتها بالتأكيد على ضرورة التكاتف والعمل بضمير وإخلاص لدعم مصر والمضي قدمًا بها نحو مستقبل مشرق.

main 2025-04-09Bitajarod

مقالات مشابهة

  • إدارة “لوام” تحسم قرارها بشأن مستقبل بن ناصر
  • السيد القائد: ميناء “إيلات” لا يزال مهجوراً ولم يعد بإمكانية العدو الإسرائيلي أن يستفيد منه وهذا نصر عظيم لفاعلية الموقف اليمني
  • عمرو يوسف يروّج لـ”درويش”.. وهذا موعد عرضه
  • مجلة أمريكية: علينا ان نستذكر “المرة الوحيدة” التي أوقف فيها “الحوثيون” هجماتهم في البحر 
  • تعديل مواقيت إنطلاق رحلات قطار “الجزائر – باتنة”
  • يسرا من قمة “صوت مصر”: الفن مفتاح للوصول إلى العالمية
  • “هايتك الشرق الأوسط” يستعرض مستقبل قطاع الضيافة العالمي مايو المقبل في دبي
  • إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام “فرع فلسطين” بدمشق وتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين
  • النيابة العامة تلاحق في حالة سراح مؤديا أثار ضجة في حفل خلال عيد الفطر في طنجة
  • ناشطة من السويداء توجه انتقادات لاذعة خلال لقائها مع المحافظ.. وجدل واسع (شاهد)