منذ بدء الأزمة الاقتصادية خسر لبنان أكثر من 3000 طبيب، جلّهم من أصحاب الاختصاصات الدقيقة، حيث أثّر ذلك بشكل فعّال على عملية توزيع الأطباء بين المستشفيات، ليشكل ذلك عامل ضغط واضح وقوي على مواعيد العمليات الإستشفائية، حيث يضطر الطبيب ذاته للعمل في أكثر من مستشفى على تلبية مواعيد مختلفة لعمليات تحتاج إلى أخصائيّ معين.


كل ذلك يأتي وسط ابتعاد أطباء لبنان عن العمل داخل البلاد منذ بدء الأزمة، إذ استحوذ هؤلاء على عقود مغرية من قبل عدد من المستشفيات العربية، خاصة في الخليج، إلا أن مصادر متابعة تؤكّد أن هذه العقود لم تصمد لفترة طويلة، خاصة على صعيد معاملة الإدارات العربية للطبيب اللبناني.
المصادر توضح لـ"لبنان24" أن اللبناني في عدد من المستشفيات بات يعامل كطبيب "فئة ثانية"، وتعزو المصادر الأمر إلى التقدم العلمي الهائل الذي شهدته الدول الخليجية، خاصة مع وجود أطباء جدد ينافسون الأطباء اللبنانيين في الخبرة.
بالتوازي ترى المصادر أن الحالة الاقتصادية التي شهدتها المستشفيات خلال الأزمة في لبنان أثّرت بشكل مباشر على أمرين رئيسيين، هما: الوضع المادي للطبيب، والوضع النفسي. فعلى صعيد الحالة المادية لا ضيم بالقول أن أكثر من 85% من الأطباء هاجروا لبنان بعد عروض رأوا فيها أنّها ستؤمن لهم مستقبلا جيدًا على عكس البدلات التي كانوا يحصلون عليها في لبنان. من ناحية أخرى، كان لضغط العمل داخل المستشفيات التأثير الأكبر على الاطباء، إذ إن عددًا كبيرا منهم تأثر بحالات المرضى الذين لم يتمكنوا من الحصول على علاج أو دواء خلال الأزمة، وهذا ما أثّر بشكل كبير على نفسيتهم.
 
نقيب المستشفيات الخاصة يحذّر من الأزمة
وعلى الرغم من تراجع مكانة الطبيب اللبناني "المطلوب" في الدول العربية، إلا أن الأرقام التي تشير إلى أن عودة هؤلاء قد بدأت ليست دقيقة بشكل كبير.
هذا الأمر يؤكّده نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، الذي يشير خلال اتصال مع "لبنان24" إلى أن الكلام عن عودة الأطباء إلى لبنان في الوقت الحالي ليس بالمعنى الحرفي للعودة.
ويشير هارون إلى أن هناك بالفعل نسبة جيدة من الأطباء عادوا، إلا أن عودتهم كانت جزئية، أي بمعنى كل شهرين يعود عدد من الأطباء ليقوموا بعدد من العمليات الجراحية على فترة أسبوع وفور انتهاء عملهم كانوا يعودون فورًا إلى بلاد الاغتراب.
في هذا السياق، يلفت هارون إلى أن هذا الأمر وللأسف أثّر على العديد من الإختصاصات الدقيقة في لبنان، فمثلا يعاني لبنان اليوم نقصا شديدا في الاطباء على صعيد اختصاص أطباء الطوارئ، وجراحة الدماغ والشرايين،وأطباء الأشعة، وأطباء المجاري البولية. ويشير هارون إلى أن هذا النقص أجبر كل جراح على أن يتنقل بين 6 مستشفيات على الأقل لتغطية النقص الحاصل. ويحذّر هارون هنا من خطورة هذا الوضع في حالات الطوارئ، إذ إنّ عدم توفر الأطباء قد يؤدي إلى مصائب جمة على صعيد تلبية النداء.
 
 
نقيب الأطباء متفائل
على صعيد آخر رأى نقيب الأطباء، يوسف بخاش، أنّه وعلى الرغم الأوضاع السيئة إلا أن الوضع اليوم مختلف عن وقت الأزمة، حيث يؤكّد أن الأطباء قاب قوسين من العودة إلى لبنان.
ويقول بخاش خلال حديث عبر "لبنان24" أنّ منذ بداية الأزمة قدّرت نقابة الأطباء مُغادرة حوالي 3500 طبيب من مختلف الإختصاصات، حيث يوضح بأن وتيرة الهجرة بدأت عام 2019، ومن ثم أستكملت بعد انفجار المرفأ وصولاً إلى اليوم.
ويشير بخاش لـ"لبنان24" إلى أن بداية عام 2023 شهدت عودة ملحوظة للأطباء، ويوعز ذلك إلى القطاع الخاص الإستشفائيّ الذي صمد خلال الأزمة وتأقلم في الوقت نفسه مع الدولار في السوق الموازية.
ويلفت بخاش إلى أن الأطباء اللبنانيين في الخارج يواجهون بعضا من المشاكل أو الضغوط، كالضرائب مثلا في الدول الأوروبية أو أميركا، ما يؤثر على حجم رواتبهم، بالاضافة إلى تغيّر وضع الأطباء في الدول العربية. كل ذلك دفع الأطباء إلى العودة أو التفكير بالعودة.
وأشار بخاش إلى أن أحد العوامل المشجعة أيضا هي تنظيم النقابة لعملها مع الضمان الخاص، حيث نظمت العلاقة على أساس رفع تدريجي لبدل أتعاب الأطباء، إذ قرّرت النقابة وللحفاظ على تواجد الأطباء في لبنان سحب ملف الأطباء من يد المستشفيات وأخذته على عاتقها، فتم الإتفاق مع شركات التأمين على دفع بدل 65% أول عام 2023، وفي آخر العام نفسه ارتفع البدل إلى 85%، وفي عام 2024 وصل إلى 100%، حيث عادت قيمة بدل الأتعاب تقريبا إلى ما كانت عليه قبل 2019. ويؤكّد بخاش لـ"لبنان24" أن في عام 2025 سيصل البدل إلى 105%، وذلك حسب مؤشر غلاء المعيشة، وهذا ما سيعطي ثقة وحافزا للطبيب للعودة إلى لبنان.
أما عن أعداد الأطباء في لبنان، فيشير بخاش إلى أن العدد بشكل عام هو أعلى من النسب المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية. إلا أنّ بخاش يوافق نقيب المستشفيات الخاصة لناحية وجود ثغرة داخل الإختصاصات، إذ يرى أن توزيع الأطباء غير عادل حيث يتركز أطباء لبنان في الشمال وكسروان وبيروت وجبل لبنان والمتن، بينما تنخفض الأعداد بشكل كبير كلما اتجهنا نحو الأطراف، مثل الجنوب والبقاع وعكار. ويؤكّد بخاش وجود نقص وصفه بـ"الفادح" في بعض الإختصاصات مثل جراحة الأطفال والقلب وأطباء الطوارئ. وحسب الأرقام فإن لبنان يحتاج فعليا إلى 400 طبيب طوارئ، إلا أن الأرقام الحالية لا تتخطى 30 طبيبًا.
أما على صعيد الإختصاصات الأخرى فقد لفت بخاش إلى أن الأرقام إيجابية مقارنة مع الدول القريبة من لبنان مثل سوريا والعراق، حيث انحدرت أرقام الطاقم الطبي خلال الأزمات آنذاك إلى مستويات قياسية، على عكس لبنان الذي وبالرغم من الأزمة الحالية حافظ على تواجد عدد كبير من الأطباء.
ماذا عن المستقبل؟
يرى نقيب الأطباء في لبنان الدكتور يوسف بخاش بأنّه يجب بناء القطاع الصحي مستقبلا من دون الوقوع في الأخطاء، من خلال قطاع صحي جديد عادل لجميع المواطنين.
ويطمئن بخاش بأن القطاع الصحي والإستشفائي في لبنان استطاع أن يصمد، ومستشفيات لبنان تستطيع في الوقت الحاضر أن تقوم بأكبر وأضخم وأخطر العمليات، إلا أن المشكلة هي كلفة هذه العملية، متسائلا: "من سيغطي الفرق والكلفة في ظل عجز مؤسسات الدولة؟".
وأكّد بخاش أن الخطة الصحية اليوم تتطلب تأمين النظام الصحي المنتظر، بالاضافة إلى توجيه الأطباء الجدد نحو الإختصاصات التي تعاني من نقصٍ شديد، وذلك من خلال التعاون مع وزارة الصحة والجهات المعنية، مشيرًا إلى أن اللبناني لا يزال الرائد إلى حدّ اليوم لناحية القيام بالعمليات الطبية، فعلى الرغم من تراجع وضع الطبيب في الدول العربية وخاصة الخليجية إلا أن هذه المستشفيات لا تستطيع أن تتخلى عنه، نسبة إلى المستوى الراقي الذي يعتمده.
وسلّط بخّاش الضوء على الصعوبات التي يعاني منها المواطن لناحية تأمين كلفة العمليات الإستشفائية، خاصة على صعيد الضمان، إذ أشار إلى أن المستشفيات اليوم لديها تسعيرتها والتأمين لديه تسعيرته، وهذا ما قد يسبب صراعا بين القطاعين على الرغم من أن بدل الطبيب معين بشكل صريح، لافتا إلى أن المستشفيات اليوم لا تتقاضى أكثر من 85%. فعلى سبيل المثال إذا كانت فاتورة المستشفى 10 آلاف دولار فإنها تتقاضى 8500 فقط، علمًا أن قطاع التأمين يعاني اليوم، وإمكانية الشعب اللبناني تقلصت حاليا بشكل واضح. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من الأطباء الأطباء فی على الرغم الرغم من فی لبنان فی الدول على صعید أکثر من عدد من إلا أن

إقرأ أيضاً:

الاتحاد يوقف النزيف في «الدقيقة 101»!


الرياض (د ب أ)

أخبار ذات صلة السومة «الغائب الحاضر» في لقاء الشباب والعروبة الاتحاد يسعى لإيقاف «النزيف» أمام الرياض


أوقف الاتحاد مسلسل نزيف النقاط في الدوري السعودي لكرة القدم، وذلك بعد على ضيفه الرياض 2-1، ضمن الجولة 25 من المسابقة.
ورفع الاتحاد رصيده إلى 61 نقطة في المركز الأول، بفارق سبع نقاط عن الهلال صاحب المركز الثاني، والذي يلعب السبت مع التعاون ضمن الجولة ذاتها، ويمكنه تقليص الفارق إلى أربع نقاط في حال فوزه.
على الجانب الآخر، تجمد رصيد الرياض عند 33 نقطة في المركز التاسع.
وتقدم الاتحاد في الدقيقة 55 عن طريق موسى ديابي، قبل أن يدرك الرياض التعادل في الدقيقة 81 عن طريق إبراهيم باييش.
وكان الاتحاد قد تعادل في آخر ثلاث مباريات أمام الخليج والأخدود والقادسية، ليأتي الفوز موقفاً مسلسل نزيف النقاط في الفترة الماضية.
وفي الدقيقة 11 من الوقت بدل الضائع للشوط الثاني، سجل الاتحاد الهدف الثاني عن طريق صالح الشهري من ضربة جزاء.
من جانبه اكتسح الشباب ضيفه العروبة 6-صفر. وسجل عبد الرزاق حمد لله ثلاثة أهداف "هاتريك" في الدقائق 16 و59 (ضربة جزاء) و82 (ضربة جزاء)، فيما سجل كريستيان جوانكا في الدقيقة 34 وجياكومو بونافينتورا في الدقيقة 52 وويسلي هويدت في الدقيقة .69 ورفع الشباب رصيده إلى 43 نقطة في المركز السادس، فيما تجمد رصيد العروبة عند 26 نقطة في المركز الثاني عشر.
وفي مباراة أخرى، فاز الفتح على ضيفه الرائد 3-1، وتقدم الفتح في الدقيقة 27 عن طريق ماتياس فارجاس، قبل أن يضيف اللاعب ذاته الهدف الثاني في الدقيقة 60 .
وفي الدقيقة 65 سجل مراد باتنا الهدف الثالث للفتح من ضربة جزاء، فيما سجل عمر جونزاليس الهدف الوحيد للرائد في الدقيقة 82 .
ورفع الفتح رصيده إلى 22 نقطة في المركز الخامس عشر، بفارق أربع نقاط عن الرائد صاحب المركز السادس عشر.
وبدأت المباراة بهجوم قوي من جانب الاتحاد، الذي استعان بالثلاثي، الفرنسي كريم بنزيمة، ومواطنه موسى ديابي والهولندي ستيفن برجوين، والجزائري حسام عوار صانع الألعاب.
وفي المقابل حاول الرياض الوصول إلى مناطق الاتحاد بأقل اللمسات الممكنة، وألتزم بالحذر الدفاعي في المقابل للتوازن بين الدفاع والهجوم.
ورغم ذلك لم تسفر أحداث الشوط الأول عن أي جديد، ليطلق الحكم صافرة نهايته بالتعادل السلبي.
وفي الشوط الثاني، دخل الاتحاد مهاجماً بقوة من أجل تسجيل هدف التقدم، وتراجع الرياض بشكل ملحوظ إلى منطقة جزاءه لصد الهجوم الكبير من منافسه.
وفي الدقيقة 55 سجل الاتحاد الهدف الأول عن طريق موسى ديابي، حيث انطلق بالكرة من الجهة اليمنى، مراوغاً أكثر من لاعب قبل أن يسدد كرة من الزاوية اليمنى ، فشل ميلان بورجان حارس الرياض في التصدي لها لتهز شباكه.
وأهدر الاتحاد العديد من الفرص في سعيه لتسجيل الهدف الثاني، فيما حاول الرياض مجاراة خصمه، وشن العديد من الهجمات، محاولاً تسجيل هدف التعادل.
وفي الدقيقة 81 سجل إبراهيم باييش، لاعب الرياض، هدف التعادل بعدما أنطلق بالكرة ليسددها من خارج منطقة الجزاء لتهز شباك بريدراج رايكوفيتش حارس الاتحاد.
وفي الدقيقة 11 من الوقت الضائع للشوط الثاني، احتسب الحكم ضربة جزاء للاتحاد بعد لمسة يد على لاعب الرياض داخل منطقة الجزاء، ليسجل صالح الشهري الهدف الثاني الذي منح فريقه النقاط الثلاث.

مقالات مشابهة

  • ألمانيا تعاني لتجنيد جيل زد: يبكي بسهولة!
  • أزمة لبنان المالية.. مشاورات أمريكية لاختيار حاكم جديد لمصرف لبنان
  • مشروع قانون العمل الجديد.. الاختصاصات والمستفيدون من صندوق إعانات الطوارئ
  • وفاة 8 من إخواتي .. محمد رجب: والدتي كانت تعاني مشكلة نفسية
  • بلدية رفح تحذر من كارثة إنسانية بسبب أزمة المياه وانقطاع الوقود
  • تقليص دور الحكومة…أزمةُ مخفيّة على الطريق
  • عطاف: الجزائر تدعم توحيد المؤسسات الليبية وإجراء انتخابات نزيهة 
  • اتحاد الكرة يحمل الرابطة مسؤولية أزمة القمة المصرية
  • نائبة تطالب بتفعيل الاختصاصات والصلاحيات الرقابية على السلع الغذائية
  • الاتحاد يوقف النزيف في «الدقيقة 101»!