مستشفيات لبنان تعاني.. الاختصاصات الدقيقة في أزمة وأطباؤها معدودون
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
منذ بدء الأزمة الاقتصادية خسر لبنان أكثر من 3000 طبيب، جلّهم من أصحاب الاختصاصات الدقيقة، حيث أثّر ذلك بشكل فعّال على عملية توزيع الأطباء بين المستشفيات، ليشكل ذلك عامل ضغط واضح وقوي على مواعيد العمليات الإستشفائية، حيث يضطر الطبيب ذاته للعمل في أكثر من مستشفى على تلبية مواعيد مختلفة لعمليات تحتاج إلى أخصائيّ معين.
كل ذلك يأتي وسط ابتعاد أطباء لبنان عن العمل داخل البلاد منذ بدء الأزمة، إذ استحوذ هؤلاء على عقود مغرية من قبل عدد من المستشفيات العربية، خاصة في الخليج، إلا أن مصادر متابعة تؤكّد أن هذه العقود لم تصمد لفترة طويلة، خاصة على صعيد معاملة الإدارات العربية للطبيب اللبناني.
المصادر توضح لـ"لبنان24" أن اللبناني في عدد من المستشفيات بات يعامل كطبيب "فئة ثانية"، وتعزو المصادر الأمر إلى التقدم العلمي الهائل الذي شهدته الدول الخليجية، خاصة مع وجود أطباء جدد ينافسون الأطباء اللبنانيين في الخبرة.
بالتوازي ترى المصادر أن الحالة الاقتصادية التي شهدتها المستشفيات خلال الأزمة في لبنان أثّرت بشكل مباشر على أمرين رئيسيين، هما: الوضع المادي للطبيب، والوضع النفسي. فعلى صعيد الحالة المادية لا ضيم بالقول أن أكثر من 85% من الأطباء هاجروا لبنان بعد عروض رأوا فيها أنّها ستؤمن لهم مستقبلا جيدًا على عكس البدلات التي كانوا يحصلون عليها في لبنان. من ناحية أخرى، كان لضغط العمل داخل المستشفيات التأثير الأكبر على الاطباء، إذ إن عددًا كبيرا منهم تأثر بحالات المرضى الذين لم يتمكنوا من الحصول على علاج أو دواء خلال الأزمة، وهذا ما أثّر بشكل كبير على نفسيتهم.
نقيب المستشفيات الخاصة يحذّر من الأزمة
وعلى الرغم من تراجع مكانة الطبيب اللبناني "المطلوب" في الدول العربية، إلا أن الأرقام التي تشير إلى أن عودة هؤلاء قد بدأت ليست دقيقة بشكل كبير.
هذا الأمر يؤكّده نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، الذي يشير خلال اتصال مع "لبنان24" إلى أن الكلام عن عودة الأطباء إلى لبنان في الوقت الحالي ليس بالمعنى الحرفي للعودة.
ويشير هارون إلى أن هناك بالفعل نسبة جيدة من الأطباء عادوا، إلا أن عودتهم كانت جزئية، أي بمعنى كل شهرين يعود عدد من الأطباء ليقوموا بعدد من العمليات الجراحية على فترة أسبوع وفور انتهاء عملهم كانوا يعودون فورًا إلى بلاد الاغتراب.
في هذا السياق، يلفت هارون إلى أن هذا الأمر وللأسف أثّر على العديد من الإختصاصات الدقيقة في لبنان، فمثلا يعاني لبنان اليوم نقصا شديدا في الاطباء على صعيد اختصاص أطباء الطوارئ، وجراحة الدماغ والشرايين،وأطباء الأشعة، وأطباء المجاري البولية. ويشير هارون إلى أن هذا النقص أجبر كل جراح على أن يتنقل بين 6 مستشفيات على الأقل لتغطية النقص الحاصل. ويحذّر هارون هنا من خطورة هذا الوضع في حالات الطوارئ، إذ إنّ عدم توفر الأطباء قد يؤدي إلى مصائب جمة على صعيد تلبية النداء.
نقيب الأطباء متفائل
على صعيد آخر رأى نقيب الأطباء، يوسف بخاش، أنّه وعلى الرغم الأوضاع السيئة إلا أن الوضع اليوم مختلف عن وقت الأزمة، حيث يؤكّد أن الأطباء قاب قوسين من العودة إلى لبنان.
ويقول بخاش خلال حديث عبر "لبنان24" أنّ منذ بداية الأزمة قدّرت نقابة الأطباء مُغادرة حوالي 3500 طبيب من مختلف الإختصاصات، حيث يوضح بأن وتيرة الهجرة بدأت عام 2019، ومن ثم أستكملت بعد انفجار المرفأ وصولاً إلى اليوم.
ويشير بخاش لـ"لبنان24" إلى أن بداية عام 2023 شهدت عودة ملحوظة للأطباء، ويوعز ذلك إلى القطاع الخاص الإستشفائيّ الذي صمد خلال الأزمة وتأقلم في الوقت نفسه مع الدولار في السوق الموازية.
ويلفت بخاش إلى أن الأطباء اللبنانيين في الخارج يواجهون بعضا من المشاكل أو الضغوط، كالضرائب مثلا في الدول الأوروبية أو أميركا، ما يؤثر على حجم رواتبهم، بالاضافة إلى تغيّر وضع الأطباء في الدول العربية. كل ذلك دفع الأطباء إلى العودة أو التفكير بالعودة.
وأشار بخاش إلى أن أحد العوامل المشجعة أيضا هي تنظيم النقابة لعملها مع الضمان الخاص، حيث نظمت العلاقة على أساس رفع تدريجي لبدل أتعاب الأطباء، إذ قرّرت النقابة وللحفاظ على تواجد الأطباء في لبنان سحب ملف الأطباء من يد المستشفيات وأخذته على عاتقها، فتم الإتفاق مع شركات التأمين على دفع بدل 65% أول عام 2023، وفي آخر العام نفسه ارتفع البدل إلى 85%، وفي عام 2024 وصل إلى 100%، حيث عادت قيمة بدل الأتعاب تقريبا إلى ما كانت عليه قبل 2019. ويؤكّد بخاش لـ"لبنان24" أن في عام 2025 سيصل البدل إلى 105%، وذلك حسب مؤشر غلاء المعيشة، وهذا ما سيعطي ثقة وحافزا للطبيب للعودة إلى لبنان.
أما عن أعداد الأطباء في لبنان، فيشير بخاش إلى أن العدد بشكل عام هو أعلى من النسب المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية. إلا أنّ بخاش يوافق نقيب المستشفيات الخاصة لناحية وجود ثغرة داخل الإختصاصات، إذ يرى أن توزيع الأطباء غير عادل حيث يتركز أطباء لبنان في الشمال وكسروان وبيروت وجبل لبنان والمتن، بينما تنخفض الأعداد بشكل كبير كلما اتجهنا نحو الأطراف، مثل الجنوب والبقاع وعكار. ويؤكّد بخاش وجود نقص وصفه بـ"الفادح" في بعض الإختصاصات مثل جراحة الأطفال والقلب وأطباء الطوارئ. وحسب الأرقام فإن لبنان يحتاج فعليا إلى 400 طبيب طوارئ، إلا أن الأرقام الحالية لا تتخطى 30 طبيبًا.
أما على صعيد الإختصاصات الأخرى فقد لفت بخاش إلى أن الأرقام إيجابية مقارنة مع الدول القريبة من لبنان مثل سوريا والعراق، حيث انحدرت أرقام الطاقم الطبي خلال الأزمات آنذاك إلى مستويات قياسية، على عكس لبنان الذي وبالرغم من الأزمة الحالية حافظ على تواجد عدد كبير من الأطباء.
ماذا عن المستقبل؟
يرى نقيب الأطباء في لبنان الدكتور يوسف بخاش بأنّه يجب بناء القطاع الصحي مستقبلا من دون الوقوع في الأخطاء، من خلال قطاع صحي جديد عادل لجميع المواطنين.
ويطمئن بخاش بأن القطاع الصحي والإستشفائي في لبنان استطاع أن يصمد، ومستشفيات لبنان تستطيع في الوقت الحاضر أن تقوم بأكبر وأضخم وأخطر العمليات، إلا أن المشكلة هي كلفة هذه العملية، متسائلا: "من سيغطي الفرق والكلفة في ظل عجز مؤسسات الدولة؟".
وأكّد بخاش أن الخطة الصحية اليوم تتطلب تأمين النظام الصحي المنتظر، بالاضافة إلى توجيه الأطباء الجدد نحو الإختصاصات التي تعاني من نقصٍ شديد، وذلك من خلال التعاون مع وزارة الصحة والجهات المعنية، مشيرًا إلى أن اللبناني لا يزال الرائد إلى حدّ اليوم لناحية القيام بالعمليات الطبية، فعلى الرغم من تراجع وضع الطبيب في الدول العربية وخاصة الخليجية إلا أن هذه المستشفيات لا تستطيع أن تتخلى عنه، نسبة إلى المستوى الراقي الذي يعتمده.
وسلّط بخّاش الضوء على الصعوبات التي يعاني منها المواطن لناحية تأمين كلفة العمليات الإستشفائية، خاصة على صعيد الضمان، إذ أشار إلى أن المستشفيات اليوم لديها تسعيرتها والتأمين لديه تسعيرته، وهذا ما قد يسبب صراعا بين القطاعين على الرغم من أن بدل الطبيب معين بشكل صريح، لافتا إلى أن المستشفيات اليوم لا تتقاضى أكثر من 85%. فعلى سبيل المثال إذا كانت فاتورة المستشفى 10 آلاف دولار فإنها تتقاضى 8500 فقط، علمًا أن قطاع التأمين يعاني اليوم، وإمكانية الشعب اللبناني تقلصت حاليا بشكل واضح. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من الأطباء الأطباء فی على الرغم الرغم من فی لبنان فی الدول على صعید أکثر من عدد من إلا أن
إقرأ أيضاً:
من التثاؤب إلى الأمريكية القبيحة.. تصعيد لفظي بخصوص أزمة السلاح في لبنان
أثارت تصريحات الأمين العام المساعد لـ"حزب الله"، نعيم قاسم، التي أكّد فيها رفض الحزب لأي محاولة لنزع سلاحه، ردود فعل دبلوماسية وصفت بـ"الساخرة". حيث علّقت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط والمكلفة بملف لبنان، مورغان أورتاغوس، على التصريحات بكلمة واحدة عبر موقع التواصل الاجتماعي "إكس" هي: "تثاؤب"، في إشارة لعدم اكتراثها بالتصريحات.
ويأتي هذا التبادل اللفظي، في وقت يؤكد فيه الرئيس اللبناني، ميشال عون، والحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، على مبدأ: حصر السلاح بيد الدولة، ما يعكس التناقض بين موقف الدولة اللبنانية، وموقف "حزب الله".
وكان الأمين العام المساعد لـ"حزب الله"، قد قال عبر تصريحات صحافية: "لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله وسنعامله كإسرائيل"، مضيفا في الوقت نفسه بأن: "فكرة نزع السلاح يجب أن تحذفوها من القاموس".
وفي السياق نفسه، أثارت التصريحات ذاتها، بعضا من الضجّة في لبنان. حيث اعتبر عدد من المعلّقين، أنها: "محاولة من إيران للتذكير بأن أوراقها في المنطقة لا تزال فعالة رغم كل الكلام الذي يقال عكس ذلك".
كذلك، رأى عدد من المحللين السياسيين، أنّ: "تصريحات قاسم قد تندرج في إطار التجاذبات الداخلية، حيث اضطر المتهم بكونه مؤيدا للتسوية، إلى رفع سقف خطابه بعد تصريحات في اليوم نفسه لوفيق صفا، الذي يعتبر البعض أنه أحد أقطاب الحزب الرافضين للتسوية، قال فيها: لا شيء اسمه نزع للسلاح، ومن يطرح هذا العنوان، فهو محرض وفاسد".
إلى ذلك، لم تكتفِ أورتاغوس، التي أجرت زيارة لبيروت قبل أسبوعين، بانتقاد نعيم قاسم، حيث علّقت أيضا على مقابلة للزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، وصف فيها بـ"غير الواقعية الشروط التي وضعتها أورتاغوس خلال زيارتها إلى لبنان حول ضرورة أن يقوم الجيش اللبناني بنزع سلاح، حزب الله" رغم اعتباره أن الحزب كما كان سابقاً قد انتهى.
وكتبت أورتاغوس تحت رابط المقابلة: "وليد، المخدرات مضرة، crack is wack، Walid"، وذلك قبل أن يدفع تداول العبارة بشكل واسع على وسائل التواصل في لبنان، جنبلاط إلى الرد بصورة تظهر جندي أميركي وخلفه هيكل عظمي يرتدي بزة عسكرية يبدو وكأنه ملاك الموت، وكتب "الأميركية القبيحة" مع وسم باسم مورغان أورتاغوس.