لجريدة عمان:
2025-02-23@16:06:05 GMT

افتتاحية.. عن النجاة من التطرف

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

افتتاحية.. عن النجاة من التطرف

هذا عصر مزدحم بالأحداث، والمتغيرات والتحولات تحت ضغط وتأثير الثورة التكنولوجية التي وظف جزء منها لمسارات ضارة وأفكار ضالة. ومن بين أهم الأخطار التي تواجه البشرية في الوقت الحالي خطر الفكر المتطرف الذي يقود أصحابه إلى هاويات فردية وجماعية تمس عموم المجتمع وعلاقاته ونسيجه المتماسك.

تجد الأيديولوجيات المتطرفة، التي كثيرًا ما تتخفى تحت ستار الحقيقة المطلقة والحلول التبسيطية لمشاكل معقدة، أرضًا خصبة في عقول المحبطين وخائبي الأمل والجهلة في أحيانا كثيرة، ومن الضروري أن ندرك، كمجتمع، قوة الثقافة والفلسفة في بناء عقول مستنيرة وفي ملء الكثير من الفراغات المتشكلة لدى بعض الشباب والتي تقودهم إلى مسارات التطرف والتشدد.

تبدأ جذور التطرف عند عتبات الجهل، وحول الخوف وفي عمق الشعور بالعزلة وفق ما يذهب إليه الفيلسوف ابن رشد الذي يقول: «الجهل يقود إلى الخوف، والخوف يقود إلى الكراهية، والكراهية تقود إلى العنف.. هذه هي المعادلة». ولتفكيك هذه المعادلة، يجب علينا أن نبني في شبابنا القدرة على فهم وتقدير تعقيدات العالم من حولهم، وهذه العملية البنائية هي جوهر البناء الحضاري والتي تتم عبر المنتج الثقافي والفكري والفلسفي وهي أسس تقوم عليها الحضارة ويمكن عبر الوعي بها تعزيز التفكير النقدي والتعاطف والشعور بالإنسانية المشتركة.

ما زالت كلمات الفيلسوف جون ستيوارت ميل تتردد وهو يقول: «إن من لا يعرف إلا الجانب الخاص به في القضية فإنه لا يعرف سوى القليل»، ولذلك فإن فهم وجهات النظر الأخرى في أي قضية من شأنه أن يفتح الكثير من الآفاق، آفاق الرؤية وآفاق الحوار وكذلك آفاق تقدير الآخر وفهم أفكاره، وتقوم الفنون على اختلافها بالكثير من هذا الدور، وفي العموم فإن مثل هذا الفهم من شأنه أن يكرس فكر التحليل والتساؤل وفي نهاية المطاف مقاومة التبسيط المخل الذي يبنى عليه الخطاب المتطرف.

وتقدم الفنون والثقافة ثراء معرفيا عبر رطنٍ بالتجربة الإنسانية التي تذكرنا بتراثنا الإنساني المشترك والجهود التي بذلها البشر عبر القرون في محاولة تفكيك تعقيدات الحياة عبر الإبداع.

وتوفر الفلسفة إطارا للبحث النقدي والتفكير الأخلاقي.. وتشجع أفكار ابن رشد والفارابي وابن سينا وسقراط وكونفوشيوس العقول الشابة على البحث عن الحكمة والسعي لتحقيق النزاهة الأخلاقية. وكما قال الفيلسوف العربي يعقوب بن إسحاق الكندي: «لا ينبغي لنا أن نخجل من تقدير الحقيقة والحصول عليها أينما جاءت، حتى لو جاءت من أعراق بعيدة وأمم مختلفة عنا».

إن العالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى تكريس حضور الفن والثقافة والفلسفة في حياته وتشكيله الفكري من أجل كسر مسارات التطرف، وهذا بدوره يسهم في تمكين الأجيال الشابة من نقد التطرف بشكل منهجي ونبذه والبعد عن طرقه وتوجيه الطاقات نحو مستقبل متمسك بالتسامح والتفاهم والسعي الدؤوب نحو الحقيقة. هذا الأمر في مجمله يكرم الإنسان وإنسانيته المشتركة ويبني عالما ينتصر فيه نور العقل على ظلمة الجهل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

باحث بمرصد الأزهر: احترام العلم الوطني والوقوف له أثناء تحيته أمر مشروع

أكد الدكتور إبراهيم عبد الوهاب، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن أعلام الدول ليست مجرد قطع قماش تحمل ألوانًا أو كلمات، بل هي رموز وطنية تعبّر عن تاريخ الأمم وحضارتها، وتعكس انتماء الشعوب واعتزازهم بأوطانهم.

وأوضح الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج «فكر»، المذاع على قناة الناس، أن احترام العلم الوطني والوقوف له أثناء تحيته أمر مشروع ولا حرج فيه من الناحية الشرعية، بخلاف ما تزعمه الجماعات المتطرفة.

وأشار إلى أن الرايات كانت موجودة منذ القدم، حتى في السيرة النبوية، حيث كان للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر رايتان، إحداهما سوداء حملها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت تسمى «العقاب»، والأخرى بيضاء حملها الأنصار، وهذا يؤكد أن الأعلام ليست قضية دينية، بل هي من العادات والتقاليد التي تعكس كفاح الشعوب وتاريخها.

وأضاف أن الإسلام لم يقدّس شكلاً معينًا للرايات، ولم يربطها بأحكام شرعية خاصة، حيث كانت تستخدم في العهود السابقة كرمز للتنظيم والقيادة في ساحات القتال وليس كرموز دينية. كما استدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه"، موضحًا أن ما لم يُحرم بنص صريح فهو من الأمور المباحة.

وشدد على أن تحية العلم والوقوف له من الوسائل المشروعة للتعبير عن حب الأوطان والانتماء إليها، وهو من القيم التي أكدتها الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن التنظيمات المتطرفة تحاول استغلال الرموز الدينية لتضليل الشباب وتبرير أفعالها الإجرامية، في حين أن الأعلام الوطنية للدول تمثل رموزًا حضارية تعبّر عن وحدة الشعوب واستقرارها.

وتابع: حب الوطن قيمة عظيمة في الإسلام، واحترام رموزه الوطنية امتداد لهذا الحب، فكونوا مخلصين لأوطانكم ومدركين لقيمتها وعظمتها.

اقرأ أيضاًرئيس جامعة الأزهر: التشبيه في القرآن الكريم ليس إلحاق الناقص بالكامل «فيديو»

هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»

رئيس جامعة الأزهر: بني إسرائيل لم يؤمنوا رغم كل المعجزات «فيديو»

مقالات مشابهة

  • «الخصخصة في سوريا».. هل تكون «طوق النجاة» الذي ينتشل البلاد من أزمتها؟
  • المعلومات المضللة تلاحق «مفوضية الانتخابات».. وهذه الحقيقة كاملة!
  • نتنياهو يتلاعب بالأرقام ويزعم الإنجاز بعدد الأسرى الذين استعادهم.. هذه الحقيقة
  • شوقي علام: غياب التأهيل العلمي لمتصدري الفتوى يُنتج التطرف والانغلاق
  • مكتبة القاهرة الكبرى تناقش دور القراءة في مكافحة التطرف
  • آرثر شوبنهاور .. فيلسوف التشاؤم أم الحقيقة؟
  • باحث بمرصد الأزهر: احترام العلم الوطني والوقوف له أثناء تحيته أمر مشروع
  • “العراق في مواجهة التطرف ” .
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • مرصد الأزهر يحذر من التطرف الإلكتروني.. ويؤكد: الزواج فطرة إنسانية ومسؤولية شرعية