من يافا اليمنية إلى يافا الفلسطينية.. دلالات استهداف العمق الإسرائيلي
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
استحوذ الهجوم الليلي على يافا المحتلة “تل أبيب” بالمسيّرة يافا اليمنية على اهتمام غير مسبوق داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي وخارجه، فالطائرة يافا المسيّرة استهدفت أضخم شوارع يافا وسط المدينة المحتلة التي تعتبر مركز الثقل المالي والاقتصادي وصناعة القرار السياسي فيه، محدثة انفجاراً هزَّ شوارعها ومناطق حولها، وهي بالمناسبة منطقة أمنية تعج بالأبراج والسفارات والدفاعات الجوية الإضافية وبمكاتب تابعة للقنصلية الأمريكية.
أولاً: اختراق واحدة من أهم وأقوى أنظمة الدفاع الجوي المتعددة الطبقات في المنطقة والعالم وكامل منظومات الرادار الأمريكية والأوروبية والأطلسية في كامل منطقة البحر الأبيض المتوسط، هذا يؤشر إلى حجم المأزق الذي تواجهه هذه الأنظمة التي تظهر في بعض الأحيان عاجزة عن اكتشاف الطائرات المسيّرة الهجومية وإسقاطها.
من ناحية ثانية، يشير هذا الهجوم إلى حجم التطور الهائل الذي تشهده صناعة الطائرات المسيّرة في دول محور المقاومة، ومنها اليمن بالتأكيد، كما أن هذا الهجوم يؤكّد أن دول وقوى محور المقاومة في جعبتها الكثير من المفاجآت على مستويات عدة، ومنها الطائرات المسيَّرة والصواريخ وغيرها من أوراق القوة التي ستصدم كيان الاحتلال الإسرائيلي وكل مستوياته العسكرية، كما حدث مع المسيَّرة اليمنية.
ثانياً: يدلّ هذا الهجوم على المستوى العالي والكبير الذي بلغه التنسيق بين قوى محور المقاومة، ما يعني أن هناك هجمات مستقبلية قادمة أشد قوةً وإيلاماً لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثاً: الهجوم في توقيته يأتي رداً على حالة التصعيد في كل جبهات المواجهة في المنطقة، والذي لجأت إليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها المأزوم العاجز عن تحقيق إنجاز يذكر في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق، إذ شهدت الجبهات الأخرى، كالجبهة مع لبنان، تصاعداً وتصعيداً في إطلاق المسيّرات والصواريخ وتوسع رقع ومناطق الاستهداف في داخل فلسطين المحتلة، إذ تكشف المقاومة في لبنان عن قدرة كبيرة ونوعية في ضرب أهداف حيوية وحساسة في عمق عدة كيلومترات، وهي غير مرئية من الجانب اللبناني، ويعكس الهجوم في توقيته أنه جاء بعد خطابين مفصليين لكل من أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وقائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبدالملك الحوثي، هذان الخطابان تحولا إلى مادة يومية تشغل كل الأوساط في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
رابعاً: الهجوم جاء عقب تصويت الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية على مشروع قرار يرفض إقامة أي دولة فلسطينية في غرب نهر الأردن، باعتبار أن مثل هذه الدولة سيشكل “خطراً وجودياً على دولة إسرائيل ومواطنيها”، بحسب نص القرار.
خامساً: الهجوم النوعي بالمسيّرة اليمنية يافـا جاء قبل زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ هذه الزيارة التي يبدو أنها كانت وفق التصورات الإسرائيلية لحشد المزيد من الدعم والانخراط الأمريكي أكثر في الحرب الدائرة في المنطقة، والدفع باتجاه استدراج الإدارة الأمريكية للتورط في أي حرب مقبلة مع لبنان، حيث يكمن مصدر الخطر الوجودي على كيان الاحتلال الإسرائيلي وفق التقديرات السياسية والعسكرية والاستخباراتية، والضغط على الأمريكيين أكثر لكسر الحصار الذي يفرضه اليمن على كيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ يسجل الاقتصاد الإسرائيلي يوماً بعد يوم خسائر كبيرة وتراجعاً غير مسبوق، فضلاً عن توقف ميناء إيلات الذي يعد أهم الموانئ الإسرائيلية عن العمل، وقد نشر موقع “وورلد كارغو” المعني بأخبار الشحن العالمي خبراً عن إعلان ميناء إيلات إفلاسه نتيجة الهجمات التي تشنها صنعاء على سفن الاحتلال والسفن المرتبطة به في البحر الأحمر.
سادساً: تهاوي الجغرافيا والحدود، إذ قطعت المسيّرة اليمنية قرابة 2000 كلم، ووصلت إلى هدفها دون اكتشافها واعتراضها، وهذا في حد ذاته رسالة واضحة لكيان الاحتلال الإسرائيلي حول ما يمكن أن يحصل لهذا الأخير في حال اندلاع مواجهة شاملة وكبرى، وخصوصاً أن أقوى الجبهات وأكثرها خطراً هي الجبهة اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة، هو إذاً سقوط جديد للردع ولحصانة العمق الأمني الإسرائيلي والتفوق المزعوم، فلا يوجد مكان آمن في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
سابعاً: ثمة دلالة بالغة الأهمية لهجوم الطائرة اليمنية المسيرة يافــا هي تلك التي تتعلق بالولايات المتحدة ودورها في الدعم الكامل للحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، ودورها في العدوان على اليمن واستهداف موقفه المنحاز إلى غزة ونصرته لها، إذ إن سقوط الطائرة المسيّرة أحدث أضراراً في مكاتب تابعة للقنصلية الأميركية، وهذا يعني أن المصالح الأمريكية باتت غير حصينة ومهددة، وبالتالي على الإدارة الأمريكية أن توقف عدوانها المتمادي على اليمن.
في المحصلة، يمكن اعتبار الطائرة اليمينة المسيّرة يافا بداية تحول جديد في مسار المواجهة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، ستتبعه تحولات ستترك تداعياتها على الداخل الإسرائيلي، إذ استعر الجدل الداخلي وتحوَّل إلى مادة خلافية جديدة تعمق الشرخ في البنية الداخلية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وتؤكد أن جولات التصعيد الموعودة بدأت ولا تراجع عنها، كما أن استهداف عمق الكيان الإسرائيلي بات جزءاً من المواجهة المفتوحة معه، والتي تبدو أنها حافلة بالكثير من المفاجآت.
*كاتب وباحث لبناني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
«الخسارة الأكبر لجيش الاحتلال».. ما دلالات تسليم 4 محتجزين إسرائيليين في النصيرات؟
تسلم حركة حماس 4 محتجزين إسرائيليين اليوم ضمن الدفعة السابعة في النصيرات وسط قطاع غزة، والذي يقع على بعد دقائق فقط من مخيم المغازي، وفيه وقعت أكبر خسارة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي استمر لنحو 15 شهرًا.
وعلى مقربة من مخيم المغازي وسط قطاع غزة، تسلم حركة حماس 4 محتجزين إسرائيليين ضمن الدفعة السابعة، بعد أن سلمت 2 من المحتجزين في رفح الفلسطينية جنوبي القطاع صباح اليوم السبت، لكن ما قصة «مخيم المغازي»؟
جحيم المغازيخلال مراسم التسليم، ظهرت قذيفة «الياسين 105» الفلسطينية، وكتب عليها «جحيم المغازي»، وهي كمين نفذته الفصائل الفلسطينية يوم 11 يناير من عام 2024، أي بعد أشهر قليلة من العدوان الإسرائيلي على غزة، وأدى إلى مقتل نحو 21 جنديًا إسرائيليًا، باعتراف جيش الاحتلال نفسه، بحسب «القاهرة الإخبارية».
وكانت «حماس» قالت في بيان سابق بعد العملية، إنّ مقاتليها استهدفوا منزلًا تحصنت فيه قوة إسرائيلية بقذيفة مضادة للأفراد، أدَّت إلى انفجار الذخائر والعتاد الهندسي الذي كان لديهم، وتم نسف المنزل فوقهم بشكل كامل.
وحينها أيضًا، قالت المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، إن حماس أطلقت قذائف «آر بي جي»، تسببت في انفجار مبنيين وانهيارهما ومقتل مجموعة من الجنود في غزة.
الخسارة الأكبروفي عملية المغازي، تكبدت إسرائيل الخسارة الأكبر بالنسبة للجيش في يوم واحد فقط ضمن الحرب على غزة والذي استمرت 15 شهرًا.
كاميرا القاهرة الإخبارية ترصد عملية تسليم الدفعة السابعة من المحتجزين الإسرائيليين#القاهرة_الإخبارية#تضامنا_مع_فلسطين#فلسطين #غزة pic.twitter.com/UCVa5lVHOI
— القاهرة الإخبارية - AlQahera News (@Alqaheranewstv) February 22, 2025 الدفعة السابعةويشهد اليوم السبت تسليم الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى، وستفرج «حماس» عن 6 محتجزين إسرائيليين، في مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ويوم الخميس الماضي، شهد تسليم حماس لجثمان 4 محتجزين إسرائيليين في يوم استثنائي، وأثارت جدلًا واسعًا بعد أن سلمت جثة لا تعود لأي محتجز إسرائيلي، وقالت تل أبيب حينها أن الجثة تعود لسيدة فلسطينية، وأمس الجمعة، سلمت حماس جثة المحتجزة شيري بيباس، والتي قالت إنه تم تبديلها بالخطأ مع جثة سيدة من قطاع غزة.