يضيق الخناق أكثر فأكثر على كيان العدو؛ فهناك توسيعٌ لدائرة النار شمالًا، حيث عَمَد حزب الله لإدخال مستوطناتٍ جديدة في دائرة الاستهداف، بعد تعمّد الاحتلال استهداف مدنيين، وتصديقًا لتوعّد الأمين العام لحزب الله يوم العاشر، بأنّ استهداف المدنيين يعني دخول مستوطنات جديدة إلى قائمة الاستهداف، وهذا يعني المزيد من المهجّرين، وزيادة في مساحة السيطرة النارية للحزب شمال فلسطين المحتلة.
كذلك هناك المفاجأة الصادمة لصلافة العقل الصهيوني، باستهداف أنصار الله في اليمن لـ”تل أبيب”، بما ينذر بالمزيد من توسعة الاستهدافات لبقرة “إسرائيل” المقدسة، مركز الثقل السياسي والاقتصادي، والأهم مركز الثقل المعنوي للمستوطنين، الذين يعتقدون أنّ “عاصمتهم” خارج نطاق قدرة أيّ طرفٍ ليس على استهدافها، بل مجرد التجرؤ على التفكير بذلك.
إنّ قرار استهداف”تل أبيب” قرارٌ يكتنز شجاعة هائلة، وحكمة راسية، وهو بالتالي قرارٌ استراتيجي غير قابل للمساومة، أيّ أنّه ليس مجرد تكتيكٍ حربي أو حتّى تكتيكٍ تفاوضي، وإقراره يشبه الطلقة التي لا يمكن التراجع عنها، كما شبّه محمد حسنين هيكل الثورة الإيرانية يومًا ومطلقُها “بالطلقة التي انطلقت من القرن السابع، واستقرت في قلب القرن العشرين”، وهو يعني الاستئناس بكربلاء، وهذا تشبيهٌ صالحٌ لقرار الأنصار في اليمن بضرب “تل أبيب”.
ولنا أن نتصوّر قادم الأيام، في حال إصرار الولايات المتحدة على مواصلة العدوان على غزّة، وعدم الذهاب سريعًا إلى صفقةٍ تلبي شروط المقاومة في غزّة، وإضاعة فرصة التوقف عند هذا الحدّ، حيث ستصبح “تل أبيب” منطقة غلاف بالنسبة لحجم المسيّرات والصواريخ الذي ستستقبله من اليمن، وكذلك لا نستبعد دخول الحشد الشعبي في العراق على خط استهدافها أيضًا، وذلك نظرًا لسابقة قيام الحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن، بعمليات مشتركة في البحر والبرّ، وهذا ما سيؤدي إلى أن يكون الاستهداف يوميًا.
بالإضافة لذلك، هناك التوسعة النارية التي يقوم بها حزب الله في لبنان، ما سيزيد من الضغط على الوسط، وهو ضغطٌ عسكريٌّ واقتصاديٌّ ومعنويٌّ، على الحكومة الصهيونية كما على المجتمع الاستيطاني، وكذلك على وعيه، في عملية كيٍّ غير مسبوقة في تاريخ الكيان المؤقت،
ثمَّ جبهة غزّة وهي الجبهة الرئيسية حتّى اللحظة، والتي رغم جراحها الغائرة، لا زالت تُثخن في العدو، وتجعل من جنوده وآلياته شواخص رماية، كلمّا أصرّوا على البقاء كما يمنّي نتنياهو نفسه.
وهذا السيناريو المخفف رغم قتامته في الوعي”الإسرائيلي”، إلى أنّه لا يدفع صاحب قرار الحرب في واشنطن لاتّخاذ قرار وقفٍ فوريٍ للحرب، رغمّ أنّه الطريق الأقصر لحماية الكيان من هذا السيناريو القاتم، والسيناريوهات الأشدّ قتامةً، وهذا يأخذنا لاستنتاجٍ قطعيٍّ بأنّ الإدراك في واشنطن وكذلك في “تل أبيب”، أنّها النهاية، ولن يفيد أيّ استدراك لإعادة إحياء مشروع الكيان الوظيفي، وإن كان تأخير النهاية ممكنًا عبر الرضوخ لشروط غزّة ومقاومتها في مفاوضات الهدنة.
حين اتّخذ كُماة اليمن قرارهم بضرب”تل أبيب”، كانوا يضعون بيدّ المفاوض الفلسطيني درعًا من فولاذٍ وسيفًا غير مثلّم، ليضرب به على الرؤوس المتيبسة بفعل الصدمة، صدمة العقل الاستعماري بسرعة انهيار مشروعهم الوظيفي في فلسطين، وهو درعٌ وسيفٌ لا يُستردان، حتّى تحقيق أهداف الطوفان التكتيكية والاستراتيجية، فاليمن أصبح دولة طوق، بكلّ ما لذلك من تداعيات.
*كاتب فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أكثر من 30 شهيدا بينهم أطفال ونساء في العدوان الأمريكي على اليمن (شاهد)
ارتفع عدد ضحايا العدوان الأمريكي ضد عدة مدن يمنية إلى 31 شهيدا بينهم نساء وأطفال، وأكثر من 20 جريحا، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة جماعة أنصار الله "الحوثي".
وأعلنت جماعة الحوثي، مساء السبت، عن استهداف أمريكي لأطراف مدينة ذمار ومديرية عنس، إضافة إلى حي سكني في العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة شمالي اليمن.
وأدت الضربات على صنعاء إلى سقوط 13 شهيدا و9 جرحى، بحسب وكالة سبأ بنسختها الحوثية.
وفي وقت لاحق، تجددت الغارات ضد صعدة ومأرب، وأعلنت الوكالة "مقتل 4 أطفال وامرأة وإصابة أكثر من 10 بينهم نساء وأطفال في حصيلة أولية لاستهداف الطيران الأمريكي منزلا سكنيا بمنطقة قحزة شمال صعدة ".
وأشارت نقلا عن مصدر أمني مطلع إلى أن الطيران الأمريكي ارتكب مجزرة أخرى بحق مواطنين في مديرية ساقين بصعدة راح ضحيتها قتيل وجريح.
وأدان المصدر "الإجرام الأمريكي السافر والمتعمد في استهداف المنازل والأحياء السكنية، والذي يكشف الصورة الحقيقية لأمريكا ووحشيتها الإجرامية".
???? بالصور | استشهاد 4 أطفال وامرأة وإصابة أكثر من 10 بينهم نساء وأطفال في غارات العدوان الأمريكي البريطاني على منزلين في منطقة #قحزة بمحافظة #صعدة pic.twitter.com/GC0PZjosQo — قناة المسيرة (@TvAlmasirah) March 15, 2025
لا تراجع
بدوره، أعلن المجلس السياسي الأعلى لجماعة "الحوثي" أنه رغم العدوان الأمريكي الوحشي، إلا أن قرار الجماعة باستئناف ضرب سفن الاحتلال لن يتوقف.
وأضاف أن "استهداف المدنيين يثبت العجز الأمريكي، وهذا لن يثنينا عن مساندة غزة بل سيجر الوضع إلى ما هو أشد وأنكى".
وتابع "نطمئن أبناء الشعب اليمني الصامد ونؤكد أن تأديب المعتدين سيتم بصورة احترافية وموجعة
الأمريكي ومعه الكيان الصهيوني سيفشلان ويجران أذيال الخيبة والهزيمة كما حصل خلال معركة طوفان الأقصى".
كما دعا المجلس المجتمع الدولي للقيام بمسئولياته تجاه "الرعونة الأمريكية الإسرائيلية التي سيتأثر منها الجميع".
ومساء السبت، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، شن "سلسلة عمليات شملت ضربات دقيقة ضد أهداف للحوثيين في مختلف أنحاء اليمن".
وعقب الغارات، توعدت جماعة الحوثي بالرد على العدوان، قائلة إنه "لن يمر دون رد".
وفي وقت سابق مساء السبت، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على منصة "تروث سوشال" إنه أمر بتوجيه ضربة عسكرية "حاسمة وقوية" ضد الحوثيين في اليمن، محذرا من أن "الجحيم سيحل عليهم" إذا لم تتوقف الهجمات على السفن".
وهذه أول ضربات على اليمن منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بغزة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
ومساء الأربعاء، أعلنت الجماعة استئناف عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن لحظر حركة الملاحة الإسرائيلية بسبب عدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
و"تضامنا مع قطاع غزة" بمواجهة هذه الإبادة، باشرت جماعة الحوثي منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر أو في أي مكان تطاله بصواريخ ومسيّرات.