عدد من أعضاء مجلس الشورى ومراقبون لـ”الثورة” :التغييرات الجذرية وفق الأسس الثورية والهوية الإيمانية سُلّم بناء الدولة الحديثة
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
أوضح عدد من أعضاء مجلس الشورى أن اليمن، بتعدد أطرها وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تواجه تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات جوهرية مستدامة؛ وأن تحقيق الاستقرار السياسي يتطلب تحقيق التوافق والتمثيل الشامل لكافة الأطراف والأطر السياسية والقبلية والمجتمعية، وتسخير كافة الموارد والثروات المكتشفة والتي ستُكتَشَف، في سبيل التغيير الجذري وبناء الدولة التي تليق بأهداف ثورة الـ 21 من سبتمبر، وبأبناء شعب الإيمان والحكمة اليمانية في ظل المسيرة القرآنية .
استطلاع/ أسماء البزاز
البداية مع الدكتور أحمد الأشول -عضو مجلس الشورى الذي أكد أهمية التغييرات الجذرية لبناء الدولة المدنية الحديثة، وفى هذه المرحلة الحساسة من تاريخ بلادنا، وقال: إن الوقت قد حان للنظر بجدية في التغييرات الجذرية التي يحتاجها بناء الدولة وفق الأسس الثورية بهويتها الإيمانيّة، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا.
وأضاف الأشول : إن اليمن ، بتعدد أطرها وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، تواجه تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات جوهرية مستدامة ؛ فتحقيق الاستقرار السياسي يتطلب تحقيق التوافق والتمثيل الشامل لكافة الأطراف والأطر السياسية والقبلية والمجتمعية الوطنية، وتسخير كافة الموارد والثروات المكتشفة والتي ستُكتَشَف في سبيل التغيير الجذري وبناء الدولة التي تليق بأهداف ثورة الـ21 من سبتمبر، وبأبناء شعب الإيمان والحكمة اليمانية في ظل المسيرة القرآنية .
وتابع الأشول : ويتبع الاستقرار السياسي، الثبات في الوضع الاقتصادي، ويتطلب هذا الأمر تعزيز الاستثمارات وخلق فرص العمل للشباب المتسلح بالهوية الإيمانيّة كونهم أبرز عناوين التغيير الجذري .
مؤكدا أهمية التركيز على تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد والمفسدين .
وأضاف : ويجيء الجانب الأمني بمثابة صمام أمان للاستقرار السياسي ولثبات وتعزيز الوضع الاقتصادي؛ ذلك أن تعزيز قدرات القوات الأمنية وإحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء الوطن، لهو من الضرورة بمكان للمضي قدمًا في عملية التغيير الجذري والبناء .
ويرى أن تحقيق هذه التغييرات يتطلب التزامًا جادًّا من كافة الأطراف المعنية بذلك في الداخل، وباستقلالية عما يسمى بـ”المجتمع الدولي ومنظماته”، وإلا فإن لعب أي دورٍ خارجي أكان مباشرًا بخبرائه ومخابراته أم بأدوات محلية في قبضة الخارج، فمن شأن ذلك الهدم، لا البناء والجمود الكلي لا التغيير الجذري .
مبينا أن شعبنا بات على موعدٍ مع وعد قائده، وأضحى يرتقب ثورة الثورة في التغيير الجذري الشامل نحو بناء الدولة المدنية والعادلة.
طموحات شعبية :
من جانبه يقول نايف حيدان عضو مجلس الشورى : مما لا شك فيه أن طموحات وأحلام الشعب اليمني في التغيير للأفضل قد أصيبت من قبل بخيبة الأمل بعد محاولات وتضحيات، فكانت النتائج تأتي عكسية ولا تتحقق هذه الأحلام والطموحات بالتغيير.. فعلى سبيل المثال خرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه في ١١ فبراير بثورة عارمة وعنيفة لأجل تحقيق حلم التغيير للأفضل ولكنه صدم بمشروع صغير استحوذ على هذا الحلم ووظف الثورة لمشروعه الخاص والصغير والبعيد عن طموحات وأحلام اليمنيين .
وقال : لقد تواصل العنفوان والحراك الثوري ليتوج بثورة ٢١ سبتمبر كآخر حلم ومحاولة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني من العيش بكرامة وعزة ومواطنة متساوية تسودها العدالة والأمن والحرية، ورغم اصطدام هذا الحلم بمؤامرة كبيرة وخطيرة جاءت مشتركة من الداخل ومن خارج الحدود، إلا أن الحلم مازال قائما وطموحات الشعب اليمني نراها اليوم تتحقق حتى وإن أخذت جانباً بطيئاً، فلظروف المرحلة حكمها وقوة المؤامرة واتساعها من الداخل والخارج له جانب كبير ومهم في تأخير وعرقلة تحقيق هذا الحلم، إضافة إلى جانب مهم أجَّل تنفيذ هذا المشروع الثوري إلى اليوم وهو التفرغ لمواجهة خطر الغزو والاحتلال والتصدي له بكل قوة.
وتابع حيدان : ورغم استمرار المؤامرة بطرق مختلفة وبأساليب متعددة، إلا أن الإرادة الثورية والشعبية أقوى من كل هذه المؤامرات وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة وما عبَّر عنه قائد الثورة في خطابه بذكرى المولد النبوي حول هذه التغييرات، يعتبر الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الحلم الشعبي وأيضا تجديد قائد الثورة الحديث عن التغيير الجذري والتصحيح في مؤسسات الدولة وتحديدا في الجانب القضائي كأولوية مهمة، دليل واضح على أن الجدية والإرادة لدى القيادة الثورية والسياسية متوفرة وأن التغيير قادم لا محالة وإنما فقط مسألة وقت لا غير .
ونوه حيدان بإن هذا التغيير لا يخيف ولا يقلق غير الغارقين والمبحرين في مجاري الفساد ومن لا هم لهم غير مصالحهم الشخصية البعيدة عن الهم الشعبي والوطني وأن التغيير القادم سيجلب الخير لليمن ككل وستعم الفرحة والسعادة كل محافظات الجمهورية اليمنية وسيخرج الشعب فرحا ومؤيدا بتحقيق هذا الحلم الذي انتظره كثيرا وقدم التضحيات الجسام لأجله .
موضحا أن محاربة الفساد والتغلب عليه واختيار الشخصيات الوطنية النزيهة الكفؤة لتحمل المسؤولية يعد انتصاراً كبيراً لا يقل أهمية عن الانتصارات التي سطرها ويسطرها رجال الرجال في مختلف الجبهات العسكرية .
تحولات فارقة :
الشيخ/ محمد بن غالب ثوابة- عضو مجلس الشورى قال: إنه وفي مرحلة تحوّل فارقة، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطابه بمناسبة المولد النبوي 12ربيع1445ه المرحلة الأولى من التغيير الجذري بتشكيل حكومة كفاءات مبنية على الشراكة الوطنية، وإنهاء حالة الركود والترهّل في مؤسسات الدولة، وإصلاح منظومة القضاء وتصحيح الاختلالات.
وقد جاء الإعلان كمطلب شعبي وضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية والمرحلة القادمة لإحداث معادلات إدارية واقتصادية موازية للتحولات الكاسرة في المجال العسكري وبما يمكن مؤسسات الدولة من القيام بدورها في توظيف الموارد الوطنية وتنميتها والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار وبناء الدولة اليمنية الحديثة وبما يمكن من توفير العيش الكريم لشعبنا العزيز، وذلك يمثل أهداف ثورة21من سبتمبر المباركة.
وقال ثوابة : إن التغيير يستند إلى 4 مبادئ أساسية، وهي: الشراكة الوطنية والشورى، والوحدة، وتحمّل المسؤولية وفقاً لتكامل الأدوار، في الحكومة والقضاء.
ويرى ثوابه أنه يمكن تشكيل حكومة مصغرة مبنية على الشراكة الوطنية في تحمّل المسؤولية بعيداً عن الترضيات والمحسوبيات، ويجري العمل فيها على تقليص التضخّم الحاصل، بدمج بعض الوزارات، وإلغاء بعض المؤسسات، بما يساعد في ترشيد الإيرادات المتواضعة، وتسخيرها بما يصبّ في خدمة الوطن والمواطن.
وقال إنه من المعوّل أن يحدث ذلك التغيير الأمل لدى المواطنين، لأن المواطن تهمه في النهاية النتيجة.
وأضاف أن اليمنيين رغم كلّ ما نالهم، ماضون في مسار تصحيح وبناء دولتهم التي ينشدونها والتي قدموا من أجلها التضحيات الجسام.
معتبرا أن هذا الإعلان هو بمثابة نقطة تحوّل إدارية تضاف إلى سلسلة التحوّلات السياسية والعسكرية التي حقّقتها الثورة، يزيد من فرص نجاحها الدعم الشعبي الكبير الذي شاهده العالم في السبعين وفي معظم المحافظات اليمنية والذي مثل استفتاء شعبيا لبيان التغيير الجذري، حيث لدى أبناء الشعب الثقة بخيارات القيادة، بل يرونها “السر” في بناء اليمن الجديد الحرّ المستقل القوي، ولا شك ان هذا المشروع لن يتحقّق بين عشية وضحاها.
وقال إن مسار التغيير يتطلب مراحل متعاقبة ومتقاربة حتى يكون لها الأثر في حياة المواطن، كما انه لن يحدث التغيير المنشود إذا لم تتم مكافحة الفساد بشكل جدي وإزالته بشكل نهائي، وفي هذه المرحلة الحساسة جدا من حياة شعبنا العظيم وفي ظل تصعيد غير معهود من قبل تحالف العدوان، خصوصا ما يتعلق بحياة الناس الاقتصادية والمعيشية بهدف ثني الموقف الوطني عن مساندة ومؤازرة اخواننا في غزة وفي فلسطين كموقف مبدئي ثابت، وقد شاهد العالم الحشود المليونية غير المسبوقة في ميدان السبعين والمحافظات والتي مثلت استفتاء شعبياً وتفويضاً للقيادة بمواجهة التصعيد بالتصعيد ضد العدو السعودي كتأييد عملي للموقف المعلن لقائد الثورة.
مرحلة تاريخية :
من ناحيتها تقول سمية الغالبي -منسقة الفعاليات والإعلام في الهيئة النسائية الثقافية العامة محافظة حجة: إن التغييرات الجذرية هي مطلب شعبي مهم وكان قد سبق وأوضح السيد القائد سبب تأخرها.
صحيح أننا في مرحلة حساسة جداً ولكن من المهم تصحيح الوضع الداخلي ليكون للنصر قيمة وإلا فما قيمة الانتصارات العسكرية في ظل وجود المفسدين؟.
وقالت الغالبي : العالم اليوم يتطلع إلى دولة اليمن بأنها الدولة التي حققت انتصارات كبرى لم يحققها الروس ولا الصين، والعالم الإسلامي ينظر إليها كمخلّص له من واقعه السيئ، بل فهي نفس الرحمن الذي أخبر عنه النبي الخاتم صلوات الله عليه وآله.
وأضافت : موقف حكيم بل يعد تحصيناً للجبهة الداخلية التي لطالما عبث بها العدو اللوبي الصهيوني، وما كشفت عنه وسائل الإعلام من إنجاز أمني كبير لجهاز المخابرات وفضح خلايا وشبكات جاسوسية تابعة للعدو، زاد من الضرورة الملحة في سرعة تنفيذ هذا القرار كونه مطلباً شعبياً هاماً.
وتابعت : المواطن اليمني صاحب تجربة قاسية مع عدة أنظمة وعانى لعقود من الحرب وأمله في القيادة المتمثلة بالسيد القائد – يحفظه الله – كبير بأن يحدث تغييراً شاملاً تقوم على أساسه الدولة العادلة من جديد كما قامت سابقاً على يد جده الإمام الهادي إلى الحق.
مبينة القول: نحن في مرحلة تاريخية فاصلة تنسلخ فيها أقنعة العملاء والخونة والمتلاعبين بثروة هذا الشعب والمشاركين في قتل وتشريد وهدم كل مقدرات الشعب والمتلاعبين بثورته وأهدافها السامية التي ضحى من أجلها الشهداء إلى الدولة العادلة التي تحفظ أمن وسلامة الوطن وترتقي بها لتكون النموذج الذي يجسد قول الله تعالى {ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُم فِي ٱلأَرضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلمَعرُوفِ وَنَهَواْ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ} (الحج:٤١).
الكرامة :
من جانبها تستهل طيبة الكبسي -كاتبة وثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة محافظة ذمار، حديثها بقوله تعالى : “ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَـمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
وأضافت : ان التزامنا العملي بتوجيهات الله عز وجل وتوصيات السيد القائد (يحفظه الله) كفيلة بأن تجعلنا خير أمة أخرجت للناس، ففي خطاباته ما يزكي أنفسنا ويبني واقعنا إيمانياً وعلمياً وعملياً بشكل صحيح وما يؤهلنا لنبني دولة إسلامية قوية تبقى لآخر أيام الدنيا.
وتابعت الكبسي : عندما نأتي إلى التغييرات الجذرية وأهميتها في بناء الدولة، نجد أنه لا بد منها حتى يتسنى للشعب اليمني العيش بكرامة واكتفاء ذاتي في كل المجالات، لأن الأعداء يحاربوننا بكل الأشكال، يعني هناك عدوان أمريكي وبريطاني ومواجهة مع الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي وهناك أعوان موالون له من العرب ومن البلد الذين يعملون ضد شعبنا العزيز في كل المجالات .
مبينة اننا نعيش مرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، وينبغي التعاون والتفاهم الشعبي للمتطلبات اللازمة لمسار التصحيح والتغيير والسعي لتطهير مؤسسات الدولة؛ لأن وضع الوزارات ومختلف الجهات الرسمية ملغم بالعناصر التي تعمل على الإفشال وعلى الإخفاق والإعاقة وتعمل أيضاً على الإفساد للأمور ودورها يخدم أعداء الله وأعداء هذا الشعب وأعداء هذه الأمة وخير شاهد على ذلك شبكة التجسس التي تعمل مع الكيان الصهيوني منذ زمن بعيد والشعب مكبل لا يعرف من هي الدولة وما واجبها وكيف تكون في خدمة الشعب وليس خدمة أمريكا وإسرائيل، فنحمد الله على نعمة القائد الرباني الذي اخرج هذا الشعب المغلوب على امره من ظلمات الجاهلية جاهلية الموالاة لأعداء الله ولاية أمريكا وإسرائيل، إلى موالاة الله ورسوله ( صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).
رؤية وطنية :
من ناحيته يقول عبدالواحد الشرفي- عضو مجلس الشورى : تأتي أهمية التغييرات الجذرية التي أعلن عنها قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي في ذكرى المولد النبوي الشريف وأكد عليها مطلع السنة الهجرية بكونها ترتكز على رؤية وطنية مبنية على الهوية الإيمانية والوطنية، وأنها تأتي لتلبي مطالب الشعب في بناء الدولة اليمنية المنشودة وإصلاح الهيئات والمؤسسات والنهوض بها إلى مستويات أفضل وتحسين الأداء المؤسسي والخدمي المتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين في مجالات المياه النقية والتعليم والصحة والطرقات وغيرها من الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن وتأثر بتدني مستوياتها خلال سنوات العدوان والحرب على بلادنا والحصار الذي مازال قائما، فضلاً عن ضرورتها في إصلاح بيت العدالة القضاء والذي يعاني ويكتوي من اختلالاته أبناء الشعب منذ عقود ماضية.
وأوضح الشرفي أن التغييرات الجذرية تعد مطلبا شعبيا ملحا وضروريا في هذه المرحلة الراهنة، لتكوين نواة للدولة اليمنية المبنية على العدالة والمساواة والشورى، دولة لكل اليمنيين تتجاوز كل الأطر المناطقية والمذهبية والعنصرية، وتحافظ على هوية الشعب الإيمانية وتؤسس للشراكة السياسية والوطنية الحقيقية، وتجسدها في على أرض الواقع ليكون المواطنون شركاء في البناء والتنمية وهي من أهم ركائز السلام التي تفوت الفرصة على أعداء الوطن تحقيق أهدافهم السيئة في تفتيت عرى أبناء الوطن الواحد وتمزيق يمننا الحبيب والقضاء على مقدراته ونهب ثرواته وخيراته.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: التغییرات الجذریة عضو مجلس الشورى التغییر الجذری مؤسسات الدولة الشعب الیمنی قائد الثورة بناء الدولة هذه المرحلة هذا الحلم
إقرأ أيضاً:
سوريا والعبور نحو المستقبل
سيبقى يوم الثامن من شهر كانون الأول/ ديسمبر يوما عظيما في حياة السوريين، وشاهدا يؤرخ سقوط أسوء الديكتاتوريات ومنظومات الحكم الاستبدادي على الإطلاق. أربعة وخمسون عاما رزح الشعب السوري خلالها تحت إجرام طغمة حاكمة تعاقب على قيادتها الأب والابن؛ من عائلة لم تحمل يوما من الأيام إلا الحقد والكراهية لشعب طيب مكافح معروف بتفوّقه وجدارته أينما حل وارتحل في أصقاع المعمورة، وتعاقبا على تحويل الوطن بترابه وسمائه إلى سجن ومعتقل قيدا فيه أحلام السوريين بمجتمع الحرية والكرامة والعدالة.
بدأت القصة مع الأب الذي باع جزءا من تراب الوطن في صفقة سهلت له الوصول إلى كرسي الحكم، وانكب على اكتساب مشروعيته في السلطة من خلال النضال المزعوم لدعم القضية الفلسطينية وتحرير الأرض التي باعها وقبض ثمنها. فلسطين التي عرفها السوريون من خلال فرع الاستخبارات الشهير الذي جثم لعقود على صدر الأحرار والأبرياء، وفلسطين التي اخترع جيشا لتحريرها أسماه جيش التحرير الفلسطيني من دون أن يطلق طلقة واحدة لتحريرها، ثم فلسطين التي استنسخ من كل تنظيماتها نسخة تعمل على هواه وتشق الصف الفلسطيني، وأخيرا فلسطين التي عمل مع حلفائه على حصار أبنائها وتصفيتهم في مخيمات الذل والعار والهوان في لبنان.
ومن مشروعيته القومية في الخارج إلى مشروعه الطائفي في الداخل، انتقل حافظ الأسد بخطوات حثيثة إلى السيطرة على الحياة السياسية في البلد، من تصفية حلفاء الأمس وخصوم المرحلة، إلى السيطرة على النقابات والمنظمات، وتجفيف المجتمع المدني، وصولا إلى إنهاء وجود السلطة الرابعة وتركيز كل السلطات السياسية والتشريعية والقضائية في قبضة واحدة كان لها القوة والقدرة على تدمير مدينة حماة فوق رؤوس أهلها، في مشهد مأساوي لإنهاء آخر مظاهر المعارضة في سوريا وتدجين الشعب في مملكة الصمت والبؤس.
يشاء القدر أن يقول كلمته في سوريا ويخرج مشروع التوريث الذي أعد له الأب بعناية فائقة عما تم رسمه له بعد مقتل ابنه البكر في حادث غامض أوائل العام 1994، ليترك الأب في حالة ذهول ويترك الشعب بانتظار ما سيحمله له الوريث الجديد من تغييرات قد تمحو آثار الماضي وتفتح صفحة جديدة؛ مع شعب متسامح لم يحمل يوما حقدا أو ضغينة على أي من شعوب المنطقة بكل مشاربها وأعراقها.
بعد 11 عاما من حكم الوريث القاصر انضمت سوريا إلى قطار الشعوب المنهكة الراغبة في الولوج إلى ربيع عربي يزهر عدلا وحرية ورخاء، لكن هذا القطار تعرض إلى الكثير من الصدمات ومضت كلٌ من عرباته خارج سكتها لتبقى سوريا وشعبها الثائر على الطريق الوعر والشائك، طريق شهد كل أنواع الإثم والعدوان؛ من قصف بري وجوي، إلى هجمات كيماوية وبراميل متفجرة مملوءة بأحقاد طائفية، إلى الموت في مخيمات اللجوء بردا وحوعا وحرقا، مرورا بالموت غرقا في بحار ابتلعت أهلنا المهجرين الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت.
استمرّ قطار الثورة السورية في رحلته نحو الربيع المنشود، وسط خذلان دولي وتواطئ على قتل هذا الشعب الذي تم ترك وحيدا أعزل في مواجهة مليشيات طائفية ومرتزقة مأجورين تم استجلابهم هذه المرة بموافقة الوريث القاصر الذي كرر ما قام به الأب قبل أكثر من أربعة عقود ليقوم بالبيع، لكن هذه المرة بيع الوطن كاملا لمشروع فارسي مدمِّر هجّر أكثر من خمسة عشر مليونا وقتل أكثر من مليون شخص ودمر مدنا بأكملها؛ من الموصل إلى أغلبية التراب السوري.
لم تنته قصتنا ولم يدخل اليأس قلب من ركبوا قطار هذه الثورة وخاضوا غمارها وجمحوا في مغامرتها حتى الجنون، ولم يكن ذلك الجنون إلا العمل والتحضير لتحرير سوريا كلها وإنهاء حكم العائلة التي حولت سوريا من بلد كنا نتغنى بالحديث عنه كمهد الحضارات إلى أرض المخدرات.
لم تذهب قوافل الشهداء وتضحيات المعتقلين والمغيبين قسرا سدى، بل كتبت بمداد من دم سفرا خالدا يروي قصة تضحيات شعب عظيم لم يقبل أن تختزل بلاده وتاريخها العريق بعائلة احترفت الإجرام والخيانة وحكمت بمنظومة الظلم والاستبداد
لم تذهب قوافل الشهداء وتضحيات المعتقلين والمغيبين قسرا سدى، بل كتبت بمداد من دم سفرا خالدا يروي قصة تضحيات شعب عظيم لم يقبل أن تختزل بلاده وتاريخها العريق بعائلة احترفت الإجرام والخيانة وحكمت بمنظومة الظلم والاستبداد. وشهد السوريون والعالم أجمع أن قوات الثورة لم تدخل إلى دمشق الفيحاء وحلب الشهباء وحماة أبي الفداء وحمص ابن الوليد على أصوات ونيران المدافع، بل على صوت عبد الباسط الساروت وابتسامة حمزة الخطيب ومشهد انشقاق الشهيد حسين الهرموش، وغيرها من مشاهد الأبطال العظام من بنات وأبناء هذه الثورة التي كان النصر خيارها الوحيد وجزاءها الأكيد.
سوريا تعبر نحو المستقبل وكلنا تفاؤل وأمل بالشعب السوري أن ينهض من جديد وينفض عنه غبار الحرب التي دمرت حجره لكنها لم تدمر إرادته، كلنا أمل أن الشباب الذين خرجوا يوما بالباصات الخضراء وعادوا اليوم محررين لبلدهم سينتقلون مع كل أبناء شعبنا من مرحلة الثورة إلى بناء دولة المؤسسات، فهم أهلنا ونحن أهلهم، وهؤلاء الشباب أشرف من رأس المنظومة ومن معه ممن فروا وتركوا البلاد وكأنهم لم يشربوا يوما من مائها.
سوريا إلى خير بهمة أبطال التحرير وسواعد بنات وأبناء البلد جميعا، فكلنا شركاء في رحلة تأخذنا جميعا إلى ربيع مستدام يزهر فيه الياسمين والجوري من جديد، ويبقى فيه سيف بني أمية ممشوقا ومجردا من غمده يحرس أبناء الوطن جميعا يقظا متوثبا للذود عنهم وحماية ترابهم الذي عشقوه وضحوا من أجله.