أوضح عدد من أعضاء مجلس الشورى أن اليمن، بتعدد أطرها وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تواجه تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات جوهرية مستدامة؛ وأن تحقيق الاستقرار السياسي يتطلب تحقيق التوافق والتمثيل الشامل لكافة الأطراف والأطر السياسية والقبلية والمجتمعية، وتسخير كافة الموارد والثروات المكتشفة والتي ستُكتَشَف، في سبيل التغيير الجذري وبناء الدولة التي تليق بأهداف ثورة الـ 21 من سبتمبر، وبأبناء شعب الإيمان والحكمة اليمانية في ظل المسيرة القرآنية .

.كما تحدث أعضاء مجلس الشورى وعدد من المراقبين لـ”الثورة” عن أهمية وأبعاد التغيير الجذري في كافة مؤسسات الدولة .. التفاصيل في سياق الاستطلاع الآتي:

استطلاع/ أسماء البزاز

البداية مع الدكتور أحمد الأشول -عضو مجلس الشورى الذي أكد أهمية التغييرات الجذرية لبناء الدولة المدنية الحديثة، وفى هذه المرحلة الحساسة من تاريخ بلادنا، وقال: إن الوقت قد حان للنظر بجدية في التغييرات الجذرية التي يحتاجها بناء الدولة وفق الأسس الثورية بهويتها الإيمانيّة، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا.

وأضاف الأشول : إن اليمن ، بتعدد أطرها وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، تواجه تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات جوهرية مستدامة ؛ فتحقيق الاستقرار السياسي يتطلب تحقيق التوافق والتمثيل الشامل لكافة الأطراف والأطر السياسية والقبلية والمجتمعية الوطنية، وتسخير كافة الموارد والثروات المكتشفة والتي ستُكتَشَف في سبيل التغيير الجذري وبناء الدولة التي تليق بأهداف ثورة الـ21 من سبتمبر، وبأبناء شعب الإيمان والحكمة اليمانية في ظل المسيرة القرآنية .

وتابع الأشول : ويتبع الاستقرار السياسي، الثبات في الوضع الاقتصادي، ويتطلب هذا الأمر تعزيز الاستثمارات وخلق فرص العمل للشباب المتسلح بالهوية الإيمانيّة كونهم أبرز عناوين التغيير الجذري .

مؤكدا أهمية التركيز على تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد والمفسدين .

وأضاف : ويجيء الجانب الأمني بمثابة صمام أمان للاستقرار السياسي ولثبات وتعزيز الوضع الاقتصادي؛ ذلك أن تعزيز قدرات القوات الأمنية وإحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء الوطن، لهو من الضرورة بمكان للمضي قدمًا في عملية التغيير الجذري والبناء .

ويرى أن تحقيق هذه التغييرات يتطلب التزامًا جادًّا من كافة الأطراف المعنية بذلك في الداخل، وباستقلالية عما يسمى بـ”المجتمع الدولي ومنظماته”، وإلا فإن لعب أي دورٍ خارجي أكان مباشرًا بخبرائه ومخابراته أم بأدوات محلية في قبضة الخارج، فمن شأن ذلك الهدم، لا البناء والجمود الكلي لا التغيير الجذري .

مبينا أن شعبنا بات على موعدٍ مع وعد قائده، وأضحى يرتقب ثورة الثورة في التغيير الجذري الشامل نحو بناء الدولة المدنية والعادلة.

طموحات شعبية :

من جانبه يقول نايف حيدان عضو مجلس الشورى : مما لا شك فيه أن طموحات وأحلام الشعب اليمني في التغيير للأفضل قد أصيبت من قبل بخيبة الأمل بعد محاولات وتضحيات، فكانت النتائج تأتي عكسية ولا تتحقق هذه الأحلام والطموحات بالتغيير.. فعلى سبيل المثال خرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه في ١١ فبراير بثورة عارمة وعنيفة لأجل تحقيق حلم التغيير للأفضل ولكنه صدم بمشروع صغير استحوذ على هذا الحلم ووظف الثورة لمشروعه الخاص والصغير والبعيد عن طموحات وأحلام اليمنيين .

وقال : لقد تواصل العنفوان والحراك الثوري ليتوج بثورة ٢١ سبتمبر كآخر حلم ومحاولة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني من العيش بكرامة وعزة ومواطنة متساوية تسودها العدالة والأمن والحرية، ورغم اصطدام هذا الحلم بمؤامرة كبيرة وخطيرة جاءت مشتركة من الداخل ومن خارج الحدود، إلا أن الحلم مازال قائما وطموحات الشعب اليمني نراها اليوم تتحقق حتى وإن أخذت جانباً بطيئاً، فلظروف المرحلة حكمها وقوة المؤامرة واتساعها من الداخل والخارج له جانب كبير ومهم في تأخير وعرقلة تحقيق هذا الحلم، إضافة إلى جانب مهم أجَّل تنفيذ هذا المشروع الثوري إلى اليوم وهو التفرغ لمواجهة خطر الغزو والاحتلال والتصدي له بكل قوة.

وتابع حيدان : ورغم استمرار المؤامرة بطرق مختلفة وبأساليب متعددة، إلا أن الإرادة الثورية والشعبية أقوى من كل هذه المؤامرات وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة وما عبَّر عنه قائد الثورة في خطابه بذكرى المولد النبوي حول هذه التغييرات، يعتبر الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الحلم الشعبي وأيضا تجديد قائد الثورة الحديث عن التغيير الجذري والتصحيح في مؤسسات الدولة وتحديدا في الجانب القضائي كأولوية مهمة، دليل واضح على أن الجدية والإرادة لدى القيادة الثورية والسياسية متوفرة وأن التغيير قادم لا محالة وإنما فقط مسألة وقت لا غير .

ونوه حيدان بإن هذا التغيير لا يخيف ولا يقلق غير الغارقين والمبحرين في مجاري الفساد ومن لا هم لهم غير مصالحهم الشخصية البعيدة عن الهم الشعبي والوطني وأن التغيير القادم سيجلب الخير لليمن ككل وستعم الفرحة والسعادة كل محافظات الجمهورية اليمنية وسيخرج الشعب فرحا ومؤيدا بتحقيق هذا الحلم الذي انتظره كثيرا وقدم التضحيات الجسام لأجله .

موضحا أن محاربة الفساد والتغلب عليه واختيار الشخصيات الوطنية النزيهة الكفؤة لتحمل المسؤولية يعد انتصاراً كبيراً لا يقل أهمية عن الانتصارات التي سطرها ويسطرها رجال الرجال في مختلف الجبهات العسكرية .

تحولات فارقة :

الشيخ/ محمد بن غالب ثوابة- عضو مجلس الشورى قال: إنه وفي مرحلة تحوّل فارقة، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطابه بمناسبة المولد النبوي 12ربيع1445ه‍ المرحلة الأولى من التغيير الجذري بتشكيل حكومة كفاءات مبنية على الشراكة الوطنية، وإنهاء حالة الركود والترهّل في مؤسسات الدولة، وإصلاح منظومة القضاء وتصحيح الاختلالات.

وقد جاء الإعلان كمطلب شعبي وضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية والمرحلة القادمة لإحداث معادلات إدارية واقتصادية موازية للتحولات الكاسرة في المجال العسكري وبما يمكن مؤسسات الدولة من القيام بدورها في توظيف الموارد الوطنية وتنميتها والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار وبناء الدولة اليمنية الحديثة وبما يمكن من توفير العيش الكريم لشعبنا العزيز، وذلك يمثل أهداف ثورة21من سبتمبر المباركة.

وقال ثوابة : إن التغيير يستند إلى 4 مبادئ أساسية، وهي: الشراكة الوطنية والشورى، والوحدة، وتحمّل المسؤولية وفقاً لتكامل الأدوار، في الحكومة والقضاء.

ويرى ثوابه أنه يمكن تشكيل حكومة مصغرة مبنية على الشراكة الوطنية في تحمّل المسؤولية بعيداً عن الترضيات والمحسوبيات، ويجري العمل فيها على تقليص التضخّم الحاصل، بدمج بعض الوزارات، وإلغاء بعض المؤسسات، بما يساعد في ترشيد الإيرادات المتواضعة، وتسخيرها بما يصبّ في خدمة الوطن والمواطن.

وقال إنه من المعوّل أن يحدث ذلك التغيير الأمل لدى المواطنين، لأن المواطن تهمه في النهاية النتيجة.

وأضاف أن اليمنيين رغم كلّ ما نالهم، ماضون في مسار تصحيح وبناء دولتهم التي ينشدونها والتي قدموا من أجلها التضحيات الجسام.

معتبرا أن هذا الإعلان هو بمثابة نقطة تحوّل إدارية تضاف إلى سلسلة التحوّلات السياسية والعسكرية التي حقّقتها الثورة، يزيد من فرص نجاحها الدعم الشعبي الكبير الذي شاهده العالم في السبعين وفي معظم المحافظات اليمنية والذي مثل استفتاء شعبيا لبيان التغيير الجذري، حيث لدى أبناء الشعب الثقة بخيارات القيادة، بل يرونها “السر” في بناء اليمن الجديد الحرّ المستقل القوي، ولا شك ان هذا المشروع لن يتحقّق بين عشية وضحاها.

وقال إن مسار التغيير يتطلب مراحل متعاقبة ومتقاربة حتى يكون لها الأثر في حياة المواطن، كما انه لن يحدث التغيير المنشود إذا لم تتم مكافحة الفساد بشكل جدي وإزالته بشكل نهائي، وفي هذه المرحلة الحساسة جدا من حياة شعبنا العظيم وفي ظل تصعيد غير معهود من قبل تحالف العدوان، خصوصا ما يتعلق بحياة الناس الاقتصادية والمعيشية بهدف ثني الموقف الوطني عن مساندة ومؤازرة اخواننا في غزة وفي فلسطين كموقف مبدئي ثابت، وقد شاهد العالم الحشود المليونية غير المسبوقة في ميدان السبعين والمحافظات والتي مثلت استفتاء شعبياً وتفويضاً للقيادة بمواجهة التصعيد بالتصعيد ضد العدو السعودي كتأييد عملي للموقف المعلن لقائد الثورة.

مرحلة تاريخية :

من ناحيتها تقول سمية الغالبي -منسقة الفعاليات والإعلام في الهيئة النسائية الثقافية العامة محافظة حجة: إن التغييرات الجذرية هي مطلب شعبي مهم وكان قد سبق وأوضح السيد القائد سبب تأخرها.

صحيح أننا في مرحلة حساسة جداً ولكن من المهم تصحيح الوضع الداخلي ليكون للنصر قيمة وإلا فما قيمة الانتصارات العسكرية في ظل وجود المفسدين؟.

وقالت الغالبي : العالم اليوم يتطلع إلى دولة اليمن بأنها الدولة التي حققت انتصارات كبرى لم يحققها الروس ولا الصين، والعالم الإسلامي ينظر إليها كمخلّص له من واقعه السيئ، بل فهي نفس الرحمن الذي أخبر عنه النبي الخاتم صلوات الله عليه وآله.

وأضافت : موقف حكيم بل يعد تحصيناً للجبهة الداخلية التي لطالما عبث بها العدو اللوبي الصهيوني، وما كشفت عنه وسائل الإعلام من إنجاز أمني كبير لجهاز المخابرات وفضح خلايا وشبكات جاسوسية تابعة للعدو، زاد من الضرورة الملحة في سرعة تنفيذ هذا القرار كونه مطلباً شعبياً هاماً.

وتابعت : المواطن اليمني صاحب تجربة قاسية مع عدة أنظمة وعانى لعقود من الحرب وأمله في القيادة المتمثلة بالسيد القائد – يحفظه الله – كبير بأن يحدث تغييراً شاملاً تقوم على أساسه الدولة العادلة من جديد كما قامت سابقاً على يد جده الإمام الهادي إلى الحق.

مبينة القول: نحن في مرحلة تاريخية فاصلة تنسلخ فيها أقنعة العملاء والخونة والمتلاعبين بثروة هذا الشعب والمشاركين في قتل وتشريد وهدم كل مقدرات الشعب والمتلاعبين بثورته وأهدافها السامية التي ضحى من أجلها الشهداء إلى الدولة العادلة التي تحفظ أمن وسلامة الوطن وترتقي بها لتكون النموذج الذي يجسد قول الله تعالى {ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُم فِي ٱلأَرضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلمَعرُوفِ وَنَهَواْ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ} (الحج:٤١).

الكرامة :

من جانبها تستهل طيبة الكبسي -كاتبة وثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة محافظة ذمار، حديثها بقوله تعالى : “ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَـمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.

وأضافت : ان التزامنا العملي بتوجيهات الله عز وجل وتوصيات السيد القائد (يحفظه الله) كفيلة بأن تجعلنا خير أمة أخرجت للناس، ففي خطاباته ما يزكي أنفسنا ويبني واقعنا إيمانياً وعلمياً وعملياً بشكل صحيح وما يؤهلنا لنبني دولة إسلامية قوية تبقى لآخر أيام الدنيا.

وتابعت الكبسي : عندما نأتي إلى التغييرات الجذرية وأهميتها في بناء الدولة، نجد أنه لا بد منها حتى يتسنى للشعب اليمني العيش بكرامة واكتفاء ذاتي في كل المجالات، لأن الأعداء يحاربوننا بكل الأشكال، يعني هناك عدوان أمريكي وبريطاني ومواجهة مع الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي وهناك أعوان موالون له من العرب ومن البلد الذين يعملون ضد شعبنا العزيز في كل المجالات .

مبينة اننا نعيش مرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، وينبغي التعاون والتفاهم الشعبي للمتطلبات اللازمة لمسار التصحيح والتغيير والسعي لتطهير مؤسسات الدولة؛ لأن وضع الوزارات ومختلف الجهات الرسمية ملغم بالعناصر التي تعمل على الإفشال وعلى الإخفاق والإعاقة وتعمل أيضاً على الإفساد للأمور ودورها يخدم أعداء الله وأعداء هذا الشعب وأعداء هذه الأمة وخير شاهد على ذلك شبكة التجسس التي تعمل مع الكيان الصهيوني منذ زمن بعيد والشعب مكبل لا يعرف من هي الدولة وما واجبها وكيف تكون في خدمة الشعب وليس خدمة أمريكا وإسرائيل، فنحمد الله على نعمة القائد الرباني الذي اخرج هذا الشعب المغلوب على امره من ظلمات الجاهلية جاهلية الموالاة لأعداء الله ولاية أمريكا وإسرائيل، إلى موالاة الله ورسوله ( صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).

رؤية وطنية :

من ناحيته يقول عبدالواحد الشرفي- عضو مجلس الشورى : تأتي أهمية التغييرات الجذرية التي أعلن عنها قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي في ذكرى المولد النبوي الشريف وأكد عليها مطلع السنة الهجرية بكونها ترتكز على رؤية وطنية مبنية على الهوية الإيمانية والوطنية، وأنها تأتي لتلبي مطالب الشعب في بناء الدولة اليمنية المنشودة وإصلاح الهيئات والمؤسسات والنهوض بها إلى مستويات أفضل وتحسين الأداء المؤسسي والخدمي المتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين في مجالات المياه النقية والتعليم والصحة والطرقات وغيرها من الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن وتأثر بتدني مستوياتها خلال سنوات العدوان والحرب على بلادنا والحصار الذي مازال قائما، فضلاً عن ضرورتها في إصلاح بيت العدالة القضاء والذي يعاني ويكتوي من اختلالاته أبناء الشعب منذ عقود ماضية.

وأوضح الشرفي أن التغييرات الجذرية تعد مطلبا شعبيا ملحا وضروريا في هذه المرحلة الراهنة، لتكوين نواة للدولة اليمنية المبنية على العدالة والمساواة والشورى، دولة لكل اليمنيين تتجاوز كل الأطر المناطقية والمذهبية والعنصرية، وتحافظ على هوية الشعب الإيمانية وتؤسس للشراكة السياسية والوطنية الحقيقية، وتجسدها في على أرض الواقع ليكون المواطنون شركاء في البناء والتنمية وهي من أهم ركائز السلام التي تفوت الفرصة على أعداء الوطن تحقيق أهدافهم السيئة في تفتيت عرى أبناء الوطن الواحد وتمزيق يمننا الحبيب والقضاء على مقدراته ونهب ثرواته وخيراته.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: التغییرات الجذریة عضو مجلس الشورى التغییر الجذری مؤسسات الدولة الشعب الیمنی قائد الثورة بناء الدولة هذه المرحلة هذا الحلم

إقرأ أيضاً:

صناعة سلام السودان هو التحالف من أجل الشعب، لا من أجل النخبة

زهير عثمان

عادة بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان تتطلب نهجاً جديداً يختلف جذرياً عن النماذج السياسية السابقة التي غالباً ما تميزت بالصفوية والبعد عن تطلعات الشعب. فالحاجة الملحة اليوم هي إلى تحالف يقوم على أسس وطنية حقيقية، يكون فيه الهدف الأساسي هو إنقاذ السودان من شبح الحرب والتمزق الذي بات يهدد وجوده كدولة واحدة موحدة, وفي سياق الحديث عن إعادة بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان، من المهم أن نؤكد على نقطة جوهرية وهي أننا، كسودانيين، فقدنا الثقة في الطبقة السياسية التقليدية. لقد كفرنا بالساسة الذين طالما كانوا يسعون وراء السلطة والمناصب دون أن يكون لديهم رؤية حقيقية لمستقبل البلاد أو اهتمام بمصالح الشعب. الأحزاب التقليدية ببرامجها القديمة أثبتت فشلها في تلبية تطلعات السودانيين، بل وزادت من تعميق الأزمات من خلال صراعاتها الداخلية والسعي الدائم للمناصب على حساب المصلحة الوطنية.
لقد انتهى هذا العهد، ولم يعد هناك مجال لمن يسعون للسلطة فقط دون تقديم حلول عملية للأزمات التي تعصف بالبلاد. السودانيون اليوم بحاجة إلى قيادة جديدة، قيادة تنبثق من رحم المعاناة التي أفرزتها الحرب، قيادة تعرف حق المعرفة حجم التحديات التي تواجه السودان وتملك الإرادة السياسية والأخلاقية للتصدي لها. الحرب، على قسوتها، تخلق قادتها. هذه القيادات ليست بالضرورة من النخب التي تعودنا عليها، بل من صفوف الشعب، من أولئك الذين يواجهون المعاناة يومياً ويعلمون جيداً معنى الوحدة والعدالة والتضحية.
نحن نحتاج إلى قادة يفهمون أن السلطة ليست هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة. لقد حان الوقت لإنهاء هيمنة النخب السياسية التقليدية والانتقال إلى عهد جديد يقوده أبناء هذا الشعب، ممن يؤمنون بوحدة السودان وحقه في العيش بسلام. فقط من خلال هذا التحول الجذري يمكن للسودان أن يخرج من دوامة الحرب والتقسيم ليخطو نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
أول وأهم خطوة في بناء هذا التحالف الوطني هي تجاوز النماذج التقليدية التي غالباً ما كانت تُبنى على تحالفات نخبوية تخدم مصالح ضيقة ولا تعبر عن التطلعات الحقيقية للمواطنين. النخب السياسية في السودان غالباً ما انشغلت بالحفاظ على مواقعها في السلطة أكثر من انشغالها بتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. هذه التحالفات أظهرت محدودية قدرتها على التأثير في المشهد العام، حيث غابت الجماهير الفاعلة عنها، مما جعلها غير قادرة على مواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد.
. العودة إلى القاعدة الشعبية
يجب أن يكون التحالف الجديد ممثلاً حقيقياً لكل فئات الشعب السوداني، من مختلف الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم مؤتمرات شعبية في مختلف أنحاء البلاد، تشارك فيها مختلف القوى السياسية والمدنية، إلى جانب ممثلين عن الشباب والنساء والفئات المهمشة. يجب أن تستند هذه المؤتمرات إلى حوار مفتوح وشفاف حول القضايا الرئيسية التي تهم السودانيين، مع التركيز على إيجاد حلول عملية وفعالة لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار.
التركيز على التربية والتعليم
إعادة بناء السودان تبدأ من الإنسان السوداني نفسه. يجب أن يكون للتربية والتعليم دور أساسي في هذا التحالف. تطوير نظام تعليمي شامل يركز على بناء جيل جديد يحمل القيم الأخلاقية الأصيلة مع فهم عميق للعلوم الحديثة والتكنولوجيا، هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشرق للسودان. هذه الأجيال يجب أن تكون قادرة على حكم البلاد بفعالية وشفافية، مستندة إلى معايير أخلاقية قوية، ومتسلحة بالمعرفة العلمية.
مقاومة محاولات التفرقة
السودان اليوم يواجه تحديات خطيرة تهدد وحدته. يجب أن يكون التحالف الوطني الجديد قوياً في مقاومة أي محاولات لتقسيم البلاد، سواء كانت تلك المحاولات تأتي من الداخل أو الخارج. ينبغي توحيد الخطاب الوطني، وتعزيز فكرة الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لأي تحرك سياسي. على السودانيين أن يدركوا أن قوتهم تكمن في وحدتهم، وأن أي مشروع لتقسيم البلاد لن يخدم سوى أعداء السودان.
قيادة من القاعدة لا من القمة
التحالف الوطني الذي يحتاجه السودان اليوم يجب أن ينبثق من القاعدة، وليس من قمة هرم السلطة. القيادة يجب أن تكون نتاجاً لإرادة شعبية حقيقية، وليس نتيجة لتوافقات نخبوية. هذه القيادة يجب أن تكون قادرة على الاستماع لمطالب الجماهير والتفاعل معها بشكل مباشر ومستمر. كما يجب أن تتحلى بالشفافية والنزاهة، وأن تكون مسؤولة أمام الشعب عن أي قرارات تتخذها.
استثمار في الموارد البشرية
بدلاً من التركيز فقط على الموارد الطبيعية مثل النفط، يجب أن يكون الإنسان السوداني نفسه هو محور الاهتمام. الاستثمار في تطوير المهارات والكفاءات البشرية هو المفتاح لتحويل السودان إلى دولة حديثة وقوية. يجب دعم المشاريع التي تهدف إلى تنمية المهارات وتوفير فرص عمل للشباب، وتعزيز دور المرأة في المجتمع، وضمان تعليم جيد للجميع.
البعد عن الخطاب التصادمي
يجب أن يتجنب التحالف الوطني الجديد الخطاب التصادمي والاستقطابي الذي يزيد من تعميق الانقسامات. بدلاً من ذلك، يجب أن يسعى إلى بناء جسور من الثقة بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية في السودان. هذا يتطلب تواصلاً مستمراً مع جميع الأطراف، ومحاولة فهم مخاوفهم وهواجسهم، والعمل على تقديم حلول ترضي الجميع.
العمل على أرض الواقع
وأخيراً، يجب أن يتحول هذا التحالف الوطني إلى قوة فاعلة على أرض الواقع. يجب أن يعمل على تقديم حلول ملموسة للأزمات التي يواجهها السودان، مثل تقديم مبادرات لوقف إطلاق النار، وتنظيم حملات لإعادة الإعمار، وتوفير الدعم للمتضررين من الحرب. فقط من خلال العمل الجاد والمستمر يمكن لهذا التحالف أن يكسب ثقة الشعب ويحقق الأهداف المرجوة.
يتطلب بناء تحالف وطني سياسي لوقف الحرب في السودان رؤية واضحة وشجاعة، قائمة على تمكين الشعب السوداني بكل فئاته، واستعادة دوره الفاعل في تقرير مصيره. إذا تم تحقيق ذلك، فإن السودان سيكون قادراً على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والانتقال إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • في إطار "التغيير الجذري".. محكمة حوثية تدشن مرحلة "التطهير العرقي" بإعدام مدير قسم شرطة وستة أفراد
  • قائد الثورة يدعو لخروج مليوني متميز غدا وفاء للرسول وفلسطين
  • قائد الثورة: لن نخذل الشعب الفلسطيني أبدا و اهتمام الشعب اليمني المتميز بالمولد النبوي يجسد انتماءه الإيماني
  • قائد الثورة: الأمة بحاجة للعودة إلى شخصية الرسول.. اليمن مستمر في دعم الشعب الفلسطيني والرد قادم
  • رئيس مجلس الشورى اليمني ”بن دغر” يبعث برقية لنظيره السعودي
  • بري إلتقى مدير مكتب السيستاني وهنأ رئيس مجلس الشورى السعودي
  • صناعة سلام السودان هو التحالف من أجل الشعب، لا من أجل النخبة
  • المهندس “بالقاسم حفتر” يناقش مشاكل الجنوب مع أعضاء مجلس النواب
  • بحضور بن حبتور.. رئيس الوزراء يكرم عددا من أعضاء الحكومة السابقة
  • النهج المتوازن بين التغيير الجذري والإصلاح التدريجي