الشق الأول من عنوان المقال (مزاج الجماهير) مستعار من مقالة قديمة تعود إلى عام 2003، كتبها الأستاذ الراحل كمال الجزولي، سنستعرض ملخصاً لها في ثنايا هذا المقال.
إن مزاج الجماهير هو الحالة العاطفية والاجتماعية العامة التي تسود بين أفراد المجتمع في فترة زمنية معينة. يتأثر هذا المزاج بمجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والثقافية،ويمكن أن يكون له تأثير كبير على سلوك الجماهير وقراراتهم.
لمزاج الجماهير تأثير سياسي كبير، حيث يمكن أن يوجه سياسات الحكومات ويؤثر على القرارات التي يتخذها السياسيون. لذلك يجب على متخذي القرار السياسي أن يكونوا واعين لمزاج الجماهير وأن يأخذوه بعين الاعتبار عند صياغة سياساتهم. تجاهل هذا المزاج قد يؤدي إلى فقدان الدعم والسند الشعبي.
الأستاذ العلامة الراحل كمال الجزولي تناول في مقاله تأثير المزاج الشعبي على الوعي الاجتماعي والسياسي في السودان، واستعرض تاريخ البلاد ليظهر الفجوة بين المزاج الشعبي ومواقف الأحزاب السياسية. ودعا الأحزاب إلى فهم المزاج الشعبي وأخذه بعين الاعتبار في قراراتها واستراتيجياتها محذراً من أن تجاهله قد يؤدي إلى تباين يؤثر سلباً على الاستقرار والتقدم.
في السياق السوداني الحالي، يعبر مزاج الجماهير بوضوح عن رفض واسع للتقارب أو التعامل مع مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية. هذا المزاج نابع من الأعمال الوحشية والانتهاكات التي ارتكبتها هذه المليشيا بحق الشعب السوداني، مما أدى إلى فقدان الثقة بها ورغبة جماهيرية عامة في عدم وجودها في المستقبل. و لايزال المواطنون يغادرون قراهم ومدنهم فور دخول مليشيا الدعم السريع إليها، متجهين إلى أماكن تواجد الجيش السوداني. هذه الظاهرة تجسد مدى الرعب وعدم الثقة الذي يشعر به المواطنون تجاه مليشيا الدعم السريع، وتعكس في الوقت نفسه ثقتهم بالجيش السوداني كحامٍ ومؤتمن على أمنهم.
إن فهم هذا المزاج الجماهيري هو أمر بالغ الأهمية للقوى السياسية في السودان، إذ يتعين عليها أن تعكس في سياساتها وقراراتها تطلعات ورغبات الشعب السوداني، والعمل على تلبية تطلعاته لضمان استقرار واستمرارية النظام السياسي في البلاد. و مخالفة القوى السياسية لمزاج الجماهير يمكن أن تؤدي إلى عدة أضرار جسيمة، تشمل فقدان الدعم الشعبي، وإنخفاض الشعبية بالتالي عندما تتجاهل القوى السياسية مشاعر وتوجهات الجماهير، فإنها تخاطر بفقدان دعمهم. الجماهير التي تشعر بأن آراءها ومشاعرها غير محترمة قد تتخلى عن دعم هذه القوى. وفي حالة السودان، تجاهل القوى السياسية لمزاج الجماهير الذي يرفض التعامل مع مليشيا الدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى كل هذه الأضرار. لذا على القوى السياسية أن تتعامل بحذر وذكاء مع تطلعات ومشاعر الجماهير لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
الآن هناك مؤشرات وشواهد عديدة تشير إلى أننا نقترب من مفاوضات قد تكون حاسمة. هذه رسالة نوجهها إلى قيادة الدولة والمجتمع الدولي والقوى السياسية من الضروري أن تأخذوا بعين الاعتبار مزاج الجماهير وأن تسعوا إلى التوصل إلى اتفاق يكون مرضياً ومقبولاً لديهم.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٣ يوليو ٢٠٢٤م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع القوى السیاسیة هذا المزاج
إقرأ أيضاً:
السودان: الدعم السريع توسع هجماتها على مناطق بشمال دارفور
أكد الشهود إن قوة مسلحة تتبع لقوات الدعم السريع بقيادة إبراهيم التوم، متمركزة في إدارية أم بادر بمحلية حمرة الشيخ شمال كردفان، شنت هجوما على مناطق “بروش، أم شأوه، حلة جبل، أم قفلة كاجا..
التغيير: الخرطوم
وسعت قوات الدعم السريع هجومها على مناطق محلية أم كدادة 187 كلم جنوب شرق الفاشر عاصمة شمال دارفور، التي يحتمي بها مسلحون يتبعون لجماعة شوقارة المتحالفة مع الجيش السوداني، ما أدى إلى ارتفاع حصيلة القتلى والجرحى وسط السكان المسلحين إلى 35 شخصاً، وفق شهود عيان.
وأكد الشهود لـ” دارفور 24″ إن قوة مسلحة تتبع لقوات الدعم السريع بقيادة إبراهيم التوم، متمركزة في إدارية أم بادر بمحلية حمرة الشيخ شمال كردفان، شنت هجوما على مناطق “بروش، أم شأوه، حلة جبل، أم قفلة كاجا”، وذلك بعد يومين من هجوم مماثل شنته قوة أخرى بقيادة التجاني شمال، على مدينة كبكابية أوقعت عدداً من القتلى والجرحى وسط المقاومة الشعبية والسكان المحليين.
وقال عماد أحمد، المتطوع ببلدة “بروش” لـ” دارفور 24″ إن الهجمات الأخيرة خلفت عدد 29 قتيلا و6 جرحى، فضلًا عن نزوح السكان المحليين من جميع القرى إلى تخوم كردفان وبعض المناطق المجاورة لمدينة أم كدادة.
وأشار إلى أن الهجوم على المنطقة يأتي ضمن خطة الدعم السريع لفرض سيطرتها على مدينة أم كدادة والمناطق التابعة لها، والتي تسيطر عليها جماعة شوقارة المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني.
“جماعة شوقارة” هي مليشيا قبلية كونها القيادي في نظام البشير السابق، عثمان محمد يوسف كبر، إبان حكمه لولاية شمال دارفور، كانت قد سيطرت هذه المجموعة على “أم كدادة” في فبراير 2024م بعد أن قضت على قوة من الدعم السريع كانت تتمركز بالمدينة.
دارفور 24
الوسومحرب الجيش والدعم السريع ولاية شمال دارفور ولاية شمال كردفان