موقع النيلين:
2025-03-18@00:26:59 GMT

مزاج الجماهير وحرب السودان

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

الشق الأول من عنوان المقال (مزاج الجماهير) مستعار من مقالة قديمة تعود إلى عام 2003، كتبها الأستاذ الراحل كمال الجزولي، سنستعرض ملخصاً لها في ثنايا هذا المقال.

إن مزاج الجماهير هو الحالة العاطفية والاجتماعية العامة التي تسود بين أفراد المجتمع في فترة زمنية معينة. يتأثر هذا المزاج بمجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والثقافية،ويمكن أن يكون له تأثير كبير على سلوك الجماهير وقراراتهم.

و يشير مفهوم مزاج الجماهير إلى المواقف والآراء المشتركة التي تتبناها فئة كبيرة من الناس تجاه قضية أو موضوع معين.

لمزاج الجماهير تأثير سياسي كبير، حيث يمكن أن يوجه سياسات الحكومات ويؤثر على القرارات التي يتخذها السياسيون. لذلك يجب على متخذي القرار السياسي أن يكونوا واعين لمزاج الجماهير وأن يأخذوه بعين الاعتبار عند صياغة سياساتهم. تجاهل هذا المزاج قد يؤدي إلى فقدان الدعم والسند الشعبي.

الأستاذ العلامة الراحل كمال الجزولي تناول في مقاله تأثير المزاج الشعبي على الوعي الاجتماعي والسياسي في السودان، واستعرض تاريخ البلاد ليظهر الفجوة بين المزاج الشعبي ومواقف الأحزاب السياسية. ودعا الأحزاب إلى فهم المزاج الشعبي وأخذه بعين الاعتبار في قراراتها واستراتيجياتها محذراً من أن تجاهله قد يؤدي إلى تباين يؤثر سلباً على الاستقرار والتقدم.

في السياق السوداني الحالي، يعبر مزاج الجماهير بوضوح عن رفض واسع للتقارب أو التعامل مع مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية. هذا المزاج نابع من الأعمال الوحشية والانتهاكات التي ارتكبتها هذه المليشيا بحق الشعب السوداني، مما أدى إلى فقدان الثقة بها ورغبة جماهيرية عامة في عدم وجودها في المستقبل. و لايزال المواطنون يغادرون قراهم ومدنهم فور دخول مليشيا الدعم السريع إليها، متجهين إلى أماكن تواجد الجيش السوداني. هذه الظاهرة تجسد مدى الرعب وعدم الثقة الذي يشعر به المواطنون تجاه مليشيا الدعم السريع، وتعكس في الوقت نفسه ثقتهم بالجيش السوداني كحامٍ ومؤتمن على أمنهم.

إن فهم هذا المزاج الجماهيري هو أمر بالغ الأهمية للقوى السياسية في السودان، إذ يتعين عليها أن تعكس في سياساتها وقراراتها تطلعات ورغبات الشعب السوداني، والعمل على تلبية تطلعاته لضمان استقرار واستمرارية النظام السياسي في البلاد. و مخالفة القوى السياسية لمزاج الجماهير يمكن أن تؤدي إلى عدة أضرار جسيمة، تشمل فقدان الدعم الشعبي، وإنخفاض الشعبية بالتالي عندما تتجاهل القوى السياسية مشاعر وتوجهات الجماهير، فإنها تخاطر بفقدان دعمهم. الجماهير التي تشعر بأن آراءها ومشاعرها غير محترمة قد تتخلى عن دعم هذه القوى. وفي حالة السودان، تجاهل القوى السياسية لمزاج الجماهير الذي يرفض التعامل مع مليشيا الدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى كل هذه الأضرار. لذا على القوى السياسية أن تتعامل بحذر وذكاء مع تطلعات ومشاعر الجماهير لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

الآن هناك مؤشرات وشواهد عديدة تشير إلى أننا نقترب من مفاوضات قد تكون حاسمة. هذه رسالة نوجهها إلى قيادة الدولة والمجتمع الدولي والقوى السياسية من الضروري أن تأخذوا بعين الاعتبار مزاج الجماهير وأن تسعوا إلى التوصل إلى اتفاق يكون مرضياً ومقبولاً لديهم.

عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٣ يوليو ٢٠٢٤م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع القوى السیاسیة هذا المزاج

إقرأ أيضاً:

تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)

■ عقب دخول الجيش والتشكيلات العسكرية الأخري إلي مدينة ودمدني وتحريرها تم نقل عدد من الجرحي والمصابين إلي مستشفي السلاح الطبي بمدينة القضارف .. داخل عنابر المستشفي كانت هنالك لوحة رسمتها دماء الشجعان الذين شاركوا في معارك التحرير بالمحور الشرقي ..قوات مسلحة .. مخابرات .. مشتركة .. مستنفرون ..براؤون ..ودرع السودان ..

■ كانوا جميعاً يتلقون العلاج من طاقم طبي واحد ويتقاسمون آلام ( غيار) الجروح الصعب .. ويتعاونون في تدبير أمورهم بطريقة مدهشة ..لا تكاد ( تفرز) هذا من ذاك ..

■ أثناء تجوالنا داخل الأقسام المخصصة لجرحي عمليات المحور الشرقي استوقفني شاب في بداية العقد الثالث من عمره .. كان ينادي : يا أستاذ .. يا أستاذ .. ذهبت إليه في الركن الشمالي الشرقي من العنبر برغم جرحه الغائر إلا أن إبتسامة وضيئة غطّت وجهه الصبوح .. علمت أنه من الذين يكرموني بالمتابعة .. قال لي : أنا تابع لدرع السودان .. قلت له : يعني إنتو أولاد كيكل؟! .. قال لي لا .. كيكل دة قائدنا في الحرب .. نحنا أولاد البطانة ..

■ قضيت وقتاً مع ابن البطانة داخل عنبر الجرحي بالسلاح الطبي .. علمت أنه طالب بكلية الهندسة جامعة السودان .. وأنه ليس وحده .. عدد كبير من خريجي وطلاب الجامعات السودانية التحقوا طوعاً بدرع السودان لحماية أهلهم والمشاركة في تحرير وتطهير القري التي دنستها وأستباحتها مليشيات التمرد ..

■ عدد كبير من الذين التحقوا بدرع السودان رجال مال وأعمال وأصحاب مهن وحرف وتجارة تركوا كل مايشغلهم وتفرغوا لتحرير أرضهم وحماية أعراضهم تحت لواء قوات درع السودان .. وبعض هؤلاء سقطوا شهداء ومن بينهم حملة درجات علمية عليا في مقدمتهم من يحمل درجة الدكتوراة في الفيزياء النووية تقبله الله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ..
■ بعيداً عن التدقيق في النوايا وتصنيف المقاصد ومراجعة المواقف والملفات السابقة .. نقول إن تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت وتساهم حالياً في سحق الجنجويد ومليشيات التمرد .. هذه التجارب مجتمعة تستحق الآن التقدير وكامل الإحترام ..

■ يكفي أن هؤلاء الشجعان يقاتلون الآن تحت مظلة الجيش السوداني الذي تعرف قرون استشعاره كيف تدير وترتب أمرها أثناء وخلال وبعد الحرب ..
■ نصرٌ من الله وفتحٌ قريب ..

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية السودان: القوى المدنية مسؤولة عن الحرب.. ومصر المستهدف الرئيس مما يجري حاليًا
  • هيئة حقوقية تطالب بفتح بحث قضائي في مالية جامعة ألعاب القوى التي دمرها أحيزون
  • هكذا عززت تصريحات ترامب الدعم الشعبي الأوروبي لغزة
  • حزب بارزاني:استهداف أمريكا للحوثيين رسالة واضحة لميليشيا الحشد الشعبي وإطاره الحاكم
  • السودان الجديد والدينكاتوكرسي (2-2)
  • تجربة درع السودان وتجارب كل التشكيلات العسكرية التي ساهمت (..)
  • محمود فوزي: تجاوزنا التحديات بفضل الإرادة السياسية والتحالف بين القوى السياسية
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها