معهد إسرائيلي: مجرد وجود محادثات مصالحة فلسطينية خسارة لـ”إسرائيل”
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
الجديد برس:
أكد معهد “دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي أن الطريق إلى المصالحة بين حركتي فتح وحماس “طويل”، لكن “إسرائيل” تخسر بمجرد وجود المحادثات بينهما.
وأشار المعهد الإسرائيلي إلى أن الاجتماعات في بكين، إلى جانب دعم الصين في الأمم المتحدة، “تمنح حماس الشرعية”، الأمر الذي سيجعل من الصعب على “إسرائيل” التوصل إلى نوع من التسوية “في اليوم التالي” في غزة من دون تدخل المنظمة.
وأكد أن “إضفاء الشرعية على حماس هو خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل، ويجب ألا تتجاوزه في صمت”، لافتاً إلى أنه “يجب على إسرائيل أن تعبر عن استيائها عبر القنوات المقبولة، عندما تتصرف الصين بصورة واضحة ضد مصلحة إسرائيلية أساسية”.
“إسرائيل” في موقف صعب
وفي السياق، رأت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أنه إذا وافقت الفصائل الفلسطينية على مزيد من الوحدة تحت إشراف الصين، “فقد يضع ذلك إسرائيل في موقف صعب”.
وقالت إن “حماس تستغل الاجتماعات في الصين من أجل شق طريقها نحو دور أكبر في الضفة الغربية، مع الاستمرار في النظر إلى السابع من أكتوبر كونه انتصاراً”، لافتةً إلى أن “من المهم أن نلاحظ أن بكين لم تدن حماس صراحةً بسبب هجوم السابع من أكتوبر”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “هدف السابع من أكتوبر، في نظر الدول التي تدعم حماس، هو جلب حماس إلى السلطة في الضفة الغربية”، موضحةً أن “هدف إسرائيل، منذ عام 2007، هو إبقاء غزة والضفة الغربية منفصلتين، وعزل حماس في غزة”.
وأكدت أن “الحرب منذ أكتوبر لم تسفر عن هزيمة حماس أو إبعادها عن السلطة في غزة، ولهذا السبب فإن اجتماعات بكين مهمة”، مشيرةً إلى أنه “في غياب هزيمة حماس، سوف تستمر في الاستفادة من الدعم من بكين وأنقرة وطهران والدوحة، من أجل تنمية قوتها والسعي لدورٍ إقليمي أكبر”.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن “حماس لم تُعزل بسبب الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر، بل إنها تعززت في بعض النواحي، موضحةً أن “اجتماعات بكين كانت مثالاً على هذه القوة والنفوذ”.
دور متنامٍ للصين
من جانبها، أشارت مجلة “التايم” الأمريكية إلى أن مسألة الوحدة السياسية الفلسطينية (بموجب اتفاق بكين) قد تؤدي إلى “تعقيد التخطيط لهيكل القيادة في غزة بعد الحرب”.
ورأت المجلة الأمريكية أن الاتفاق يؤكد الدور المتنامي الذي تؤديه الصين في الدبلوماسية في الشرق الأوسط.
يأتي ذلك بعد أن وقعت الفصائل الفلسطينية، في وقتٍ سابق الثلاثاء، على “إعلان بكين”، لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وفاق وطني وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، في الحفل الختامي لحوار المصالحة بين الفصائل الذي عُقد في بكين بين 21 و23 يوليو الجاري.
وشدد البيان، الذي صدر في ختام لقاء 14 فصيلاً فلسطينياً، في العاصمة الصينية بكين، على ضرورة تحقيق وحدة وطنية شاملة تضم كل القوى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: السابع من أکتوبر إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
عبر الوسائط الرقمية طبيب غزي يعزز الوعي بالقضية الفلسطينية في الصين
بكين– لم يكن في مخيلة الطبيب الفلسطيني محمد وليد يونس المقيم في الصين -الذي نشط على منصات التواصل الاجتماعي الصينية للحديث عن معاناة شعبه ونقل الصورة الصحيحة عن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة– أن يصبح حسابه الشخصي محط اهتمام شعبي وإعلامي واسع، بعدما بات مصدر الأخبار الأهم لملايين الصينيين للوقوف على الرواية الفلسطينية للأحداث.
وفي حديثه للجزيرة نت عن تجربته بتعريف الشعب الصيني بما يدور في فلسطين، قال يونس إنه "مع بداية هذه الحرب الهمجية على شعبنا في قطاع غزة بدأت بالنشاط على منصات التواصل للحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني ونقل الصورة الصحيحة عمّا يحدث هناك، بعيداً عن سردية الإعلام الغربي التي كانت تسيطر ولها اليد العليا في بعض مواقع التواصل الصينية".
وتختلف تطبيقات التواصل بالصين عن نظيرتها "الغربية" التي يستخدمها الناس حول العالم ومنهم الفلسطينيون والعرب عموما، مثل واتساب وفيسبوك وإكس ومحركات غوغل وغيرها، فللصين منظوماتها الإلكترونية والتقنية المستقلة، ولا يمكن الوصول لهذه التطبيقات داخليا إلا بعد تفعيل تطبيق "في بي إن" وهو أمر لا يلتفت إليه كثيرون.
صفحة الطبيب محمد يونس على ويبو (مواقع التواصل) نقل السردية الفلسطينيةولا يصل إلى الشعب الصيني كل ما يظهر في وسائل التواصل والمواقع الإخبارية حول العالم. وباستقراء المواقع المحلية يلاحظ غياب جهة مؤسساتية، فلسطينية أو عربية، مختصة ومهتمة بالقضية تنقل "السردية الفلسطينية" على حسابات نشطة ومؤثرة على وسائل التواصل الصينية.
ويعد الحساب الشخصي للطبيب القادم من غزة أنشط حساب شخصي في مواقع التواصل الصينية للتعريف بقضية بلاده. وقضى يونس في الصين 11 عاما، أكمل خلالها دراسة الصينية والطب، ثم عاد إلى غزة لبعض الوقت، وقبل اندلاع الحرب الدائرة حاليا بشهر قُدر له أن يغادر القطاع الفلسطيني متجها إلى الصين ليواصل دراسة الماجستير بمدينة شيآن.
وشرح يونس تجربته قائلا "توجهت إلى منصة ويبو (تماثل إكس) مؤسسا حسابي الشخصي، وجميع المحتوى الذي أنشره فيها بالصينية، وفي البداية واجهت صعوبات، ولكن مع الأيام بدأت أعداد متابعي الحساب تتضاعف حتى أصبح عدد الزيارات الشهرية لحسابي تتعدى 30 مليوناً، وأصبحت أتلقى آلاف الرسائل المختلفة يومياً".
إعلانومقابل هذا، هناك عدد من الحسابات الإسرائيلية الرسمية وشبه الرسمية الموثقة والنشطة التي تقدم "الرواية الإسرائيلية" بالصينية، في وسائل التواصل الصينية، حيث سعت منذ بداية الحرب إلى صناعة رأي عام متعاطف مع الإسرائيليين، وأحيانا نشر أخبار معينة تستهدف الجمهور الصيني دون غيره كما يقول الدكتور يونس.
وإلى جانب ذلك، يشير يونس إلى وجود أشخاص يشنون حملات للنيل من أي حساب أو صفحة تقدم الرواية الفلسطينية، بالتوازي مع نشر السردية الغربية التي تتم ترجمتها والتعاطي معها من وجهة نظر رسمية صينية ناقدة، أو بتعليقات عامة الصينيين عليها.
تغيير وعي الصينيينوعما إذا حدث تغير في وعي الصينيين بالقضية الفلسطينية، يقول يونس -والذي يترأس حاليا الاتحاد العام لطلبة فلسطين بالصين- إنه في مرحلة ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان كثيرون لا يعرفون عن فلسطين سوى اسمها، ككثيرين في منطقة شمال شرق آسيا بسبب "طبيعة الحياة وظروفها وعدم ارتباطهم بوسائل التواصل الموجودة حول العالم مما يجعلهم في عُزلة نسبية عمّا يحدث في العالم".
أما في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فقد حدث تحول جذري –حسب تحليل يونس- إذ ركزت إسرائيل جهدها لتسيطر على الرأي العام الصيني وتظهر بدور الضحية وتصف الفلسطينيين بالإرهابيين".
وهذا ما دفعه إلى أن يوجه جهوده في هذه المرحلة لتفنيد الرواية الإسرائيلية ودحضها والتوعية بالتاريخ الصحيح لما يحدث في فلسطين، وطرح مواضيع وشخصيات تاريخية كان لها أثر على القضية، وفاجأت الصينيين عند معرفة معاناة الشعب الفلسطيني التي تمتد عقودا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وبعد فترة من تقديم هذا المحتوى بالصينية، يقول الطالب والطبيب الغزي إنه "في هذه المرحلة بدأت أتلقى الكثير من الرسائل التي تدعمني، خصوصاً أن حسابي هو الوحيد لشخص فلسطيني يتحدث عن وضع فلسطين وغزة، وبالتالي أتيحت للناس فرصة للتعرف على القضية الفلسطينية من وجهة نظر لم يعتادوا عليها مسبقاً، حيث كانت القنوات الإخبارية فقط هي من تتناول الأخبار وبالتأكيد لا يمكنها أن تشرح معاناة الفلسطينيين بشكل كامل".
منزل عائلة الطبيب يونس الذي طاله القصف الإسرائيلي ودمره (مواقع التواصل) ربط تاريخيولأن نقل المشهد وتقريبه لا يكفي له مجرد نقل الأخبار اليومية، يذكر الدكتور يونس -الذي تلقى خبر استشهاد والدته وشقيقه بقصف على منزل عائلته في ثاني شهور الحرب وهو بالصين- أنه قام بطرح أفكار وأحداث تاريخية ومناقشتها وربطها بتاريخ الشعب الصيني الذي عانى من الاستعمار الياباني لنحو 14 سنة.
إعلانوأضاف أنه بهذا الطرح والربط استطاع أن يصل لفئة أكبر من المجتمع الصيني وخصوصاً الشباب الذين تعاطوا مع الموضوع بشكل إيجابي وبدؤوا البحث أكثر في عمق القضية الفلسطينية، وقال "هناك منهم من بدأ بالنشر والتحدث عن فلسطين بشكل يومي، ومن بدأ باتخاذ خطوات عملية لمساعدة الشعب الفلسطيني كإقامة الندوات وجمع التبرعات وغيرها".
وتتابع الأثر في نشر الوعي بين الصينيين، وفي فبراير/شباط الماضي، حيث عُقد مؤتمر بحضور دولي حول الصحة العامة، وتلقى الطبيب الغزي يونس دعوة للمشاركة، وأوضح أنه أثناء الاستراحة استوقفته امرأة إسرائيلية "وحدث بيننا حوار قصير لكنه كان حادا، فقمت بعدها بصياغته في مقال أسميته حواري مع بروفيسورة إسرائيلية في الصين".
وأضاف "لم أتوقع الانتشار الواسع والصدى الذي سيحققه هذا المقال، لكنه كان نقطة تحول لدى كثير من الناس بشأن تفاصيل كانت غائبة عنهم، فقد حقق المقال ما يقارب 500 ألف قراءة، ونشر على صفحات أخرى كثيرة وحول إلى مقاطع فيديو".
وتلقى يونس بعد هذا المقال الحواري اتصالات عديدة لإجراء مقابلات والتحدث أكثر عن القضية الفلسطينية من نحو 13 قناة ووسيلة إعلامية صينية رسمية، واليوم تخطت مقاطع الفيديو في حسابه الشخصي بالصينية حاجز 18 مليون مشاهدة.
من التعاطف إلى الإغاثةوإلى جانب هذا النشاط الإعلامي، يقوم الاتحاد العام لطلبة فلسطين بالصين على نشر الوعي ومن ذلك إنتاج المقاطع المصورة والمشاركة في المناسبات والبرامج الثقافية بمختلف المدن لتوعية الشباب الصيني بالقضية الفلسطينية، وقد كان الدعم الواضح من قبل فئات مختلفة للقضية الفلسطينية ملموسا، فهي "إنسانية" بالنسبة للملايين منهم وتلامس قلوبهم، حتى أصبحت "من البحر إلى النهر.. فلسطين ستكون حرة" الجملة الأكثر تردداً عبر وسائل التواصل الصينية، حسبما يشرح الدكتور يونس.
إعلانوقام الاتحاد الطلابي بأكثر من 70 حملة من حملات "أغيثوا غزة" أطلقها شبابه بالتعاون مع مبادرات من مواطنين صينيين، وذلك منذ بداية الحرب لمساعدة أهل غزة في كافة المجلات ومنها تكيات الطعام، والطرود الغذائية، وكسوة الشتاء، ودعم التعليم، وسقيا الماء، والتخفيف عن الأطفال وغيرها.
ويبرز هذا التعاطف والتجاوب مع غزة والفلسطينيين ما طرأ من تغيير على وعي الصينيين، بعدما كانت الحقائق الأساسية للصراع غائبة عنهم قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعده، وهو ما أسهم بدوره في توضيح الأمور لكثير من الصينيين الذين لم يعودوا يشعرون بأن المشهد الفلسطيني "معقد ولا يمكن فهمه" بل صار بالنسبة لهم حدثا واضح المعالم.