رشا عوض 

تتكرر في الاعلام العسكركيزاني هذه الايام فكرة ” ان لا يتحول ما حققه الدعم السريع في الميدان الى مكاسب سياسية او اقتصادية او تقنين لوجوده ضمن المؤسسة العسكرية للدولة”
هذا الكلام يطرح سؤالا منطقيا: لماذا يجب ان تتحول هزائم وتراجعات الجيش في الميدان وفرار جنوده الى دول الجوار الى مكاسب سياسية واقتصادية؟ ما هو المنطق في تجريد المنتصر ميدانيا من اي مكاسب سياسية او اقتصادية واصدار حكم بالغاء وجوده في الدولة نهائيا وفي ذات الوقت يتطلع الطرف المهزوم لتحقيق اقصى المكاسب السياسية والاقتصادية ويرغب في فرض سلطة استبدادية مطلقة تستأصل كل خصومه المدنيين والعسكريين من الدولة السودانية؟
هذه” الرغائبية الطفولية” تعكس مدى الغرور الارعن الذي يتصف به هؤلاء القوم! وهو غرور ممزوج بالغباء!
فهم يعتقدون ان طبائع الاشياء وقواعد المنطق يجب ان تتعطل تماما وتتغير تبعا لمصالحهم ورغباتهم! فهم فوق اي منطق واي قانون!
المنطق الذي يحرم المنتصر من اي مكسب من باب اولى ان يحرم المهزوم وبدرجة اعلى ، اما اذا اردنا وضع اساس اخلاقي متين لتوزيع المكاسب السياسية والاقتصادية في السودان بعد الحرب، بحيث يكون هذا الاساس متعاليا على نتائج الميدان العسكري ومتجاهلا لها ، فيجب ان نتفق على “عملية تاريخية ” لتحويل رصيد الحرب باكمله من انتصارات وهزائم الى الطرف الذي اجبر على دفع فاتورة الحرب التي لم يخترها! الحرب التي اذاقته ويلات الرعب والموت والنزوح والتشرد والجوع والمذلة وفقدان كل عزيز في صراع سلطة وثروة غايته التحكم الانفرادي والمستبد في مصيره! هذا الطرف هو الشعب السوداني! الذي يستحق ان ينال حريته وكرامته في اطار حكم مدني ديمقراطي يحرره من تسلط اي بوت عسكري، سواء بوت الجيش او بوت الدعم السريع او اي مليشيات كيزانية او قبلية، واحد المحطات الرئيسة والمفصلية في هذا الطريق هي اعادة بناء المنظومة العسكرية الامنية في سياق اعادة تأسيس للدولة السودانية ككل، لطي صفحة الحروب وفتح صفحة البناء والتنمية والحرية.


هذا هو المنطق الوحيد المقبول من الناحية الاخلاقية والعقلانية الذي يسمح بمنع تحويل مكاسب الميدان العسكري لرصيد سياسي واقتصادي، وحتى هذا المنطق الاخلاقي لا بد ان ينطوي على قدر محسوب من الواقعية ، بمعنى ان الاطراف المتقاتلة كقيادات وكمقاتلين كي تتوقف عن القتال وتختار السلام تحتاج الى معالجة حكيمة لاوضاعها في اطار تسوية تحقق بعض وليس كل مصالحها ، المهم ان لا يكون ضمن بنود التسوية سيطرة على الحكم تتوكأ البندقية وتعيق اعادة التأسيس، ما عدا ذلك يجب التفاوض الجاد حوله حتى ننجح في اسكات البنادق.
ماذا يحدث لو رفضنا هذا المنطق الاخلاقي؟
مؤكد سوف يشتغل منطق القوة والامر الواقع ، اي منطق ان المنتصر في الميدان العسكري حتما سيحول انتصاره الى رصيد عسكري ورصيد سياسي وقوة اقتصادية ولن يسمح للطرف المهزوم ان يسلبه ذاك الرصيد عبر ابواق اعلامية مشروخة، الوسيلة الوحيدة لتجريد الطرف المنتصر من مكاسبه هي تغيير وضعية الميدان العسكري بحيث ينتصر المهزوم!
وهذا المنطق لن يوقف الحرب في المدى المنظور بل سيؤدي الى استطالتها ومضاعفة تعقيداتها وتبعا لذلك مضاعفة العذاب والمعاناة للمواطنين الابرياء وفتح الباب على مصراعيه لتقسيم البلاد الى مناطق نفوذ متصارعة.
ايقاف الحرب يستوجب ان تتفق كل الاطراف العسكرية والمدنية على استحالة عودة عجلة الزمن الى الوراء وحتمية الانتقال التاريخي الى مربع جديد.

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض

إقرأ أيضاً:

"الرقابة النووية": التشغيل التجاري لـ"براكة" تتويج لجهود كبيرة

أكد كريستر فيكتورسن المدير العام للهيئة الاتحادية للرقابة النووية، أن التشغيل التجاري للوحدة الرابعة لمحطة براكة للطاقة النووية، يأتي تتويجاً لجهود كبيرة، بذلت خلال الأعوام الماضية، منذ تأسيس برنامج الإمارات للطاقة النووية.

وأضاف كريستر فيكتورسن، أنه "في هذه الفترة، راجعت الهيئة تفاصيل المحطة من اختيار الموقع والتشييد والاختبارات، وصولاً للتشغيل، لضمان أن المشغل ملتزم بكافة المتطلبات الرقابية لضمان سلامة المجتمع والبيئة".
وأكد أن "الهيئة تواصل دورها الرقابي في التفتيش على المحطة، أثناء مرحلة التشغيل لضمان تطبيق كافة الشروط".
وقال إن "الهيئة تفتخر بوجود خبراء إماراتيين في الطاقة النووية، الذين لعبوا دوراً حيوياً في ترخيص المحطة منذ البداية، مثل المشاركة في العمليات التفتيشية التي تغطي الأمان النووي، والأمن النووي، وحظر الانتشار النووي"، مشيراً إلى أن نسبة الإماراتيين في الهيئة يمثل أكثر من77% من القوى العاملة.
ومع بدء التشغيل التجاري للوحدة الرابعة، تعتزم الهيئة القيام بمهامها الرقابية والتفتيش لضمان أمان وأمن المحطة النووية في إطار مهامها لحماية المجتمع والعاملين والبيئة.
وتؤكد الهيئة على التزام شركة نواة للطاقة، المشغل، بكافة المتطلبات الرقابية للبدء في هذه المرحلة المهمة.
ويأتي هذا الإنجاز نتيجة قيام الهيئة بأنشطة رقابية مكثفة، تشمل التفتيش والرقابة باستمرار لضمان أمن وسلامة محطة الطاقة النووية.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. الحسناء “لوشي” ترد على سخرية الجمهور من قصتها مع الدعامة: (عاملين فيها رجال أنزلوا الميدان وكامل الحب لجيشنا وربنا ينصرنا على الجنجويد وحثالة المجتمع)
  • إصابة شخص برش خرطوش في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بطما بسوهاج
  • حاكما عجمان ورأس الخيمة والشيوخ يحضرون أفراح الكندي والغرير
  • الحية: العالم وصل لقناعة بشأن الطرف المعطل للوصول لاتفاق
  • "الرقابة النووية": التشغيل التجاري لـ"براكة" تتويج لجهود كبيرة
  • تطوير إصبع اصطناعي لاستعادة وظائف كف اليد
  • ممدوح عيد: تتويج بيراميدز بالكأس في وقت قصير أمر ليس سهلًا
  • النَّكف: سلاح القبيلة العُرفي الذي تتنازعه أطراف الحرب باليمن
  • العميد طارق الهادي: لم أتوقع غدر “حميدتي” الذي تبدل بعد زيارة فولكر بالجنينة
  • جنرال إسرائيلي متقاعد: الذي ينهار ليس حماس وإنما إسرائيل