احتدّت وتيرة نقد السياسيين والإعلاميين اليمنيين على اتفاق بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي أعلن عنه المبعوث الأممي في اليمن، الثلاثاء، واتهموا الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي بالفشل وتقديم التنازلات للمليشيا دون تحقيق أدنى مكاسب، فيما تعالت الأصوات المطالبة برحيل طرفي الحكم في الشرعية والانقلاب الحوثي لاستغلالهما الحرب على حساب مصالح المواطنين.

أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الثلاثاء، توصُل الحكومة ومليشيا الحوثي الانقلابية، إلى اتفاق من أربعة بنود هي: "إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلًا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميًا وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميًا أو بحسب الحاجة".

بينما نص البندان الثالث والرابع على: "عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية"، وأمّا الرابع فتضمن "البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق".

ارحلوا جميعاً

وأكد سياسيون وبرلمانيون وإعلاميون ومراقبون، في سلسلة تغريدات عقب إعلان الاتفاق، تابعها قسم الرصد في وكالة خبر، أن الاتفاق يعد انتصارا للمليشيا الحوثية، بينما الحكومة الشرعية خرجت خالية الوفاض، واوقعها في فخ الحلول المعقّدة والاستغلال الحوثي، خصوصاً البندين الأخيرين، سيما وسبق للمليشيا إفشال اتفاقات مماثلة عديدة رعتها الأمم المتحدة، أبرزها اتفاق السويد في ديسمبر 2018، يليها اتفاقات في 2022، لكنها لم تنفذ من طرفها اي منها، ومع ذلك لم تتخذ الحكومة اليمنية أو الأمم المتحدة أي موقف تجاه ذلك، وكأن الأمر لا يعنيهما.

النائب في برلمان صنعاء (غير المعترف به) أحمد سيف حاشد، فتح النار على الطرفين بشأن بنود الاتفاق وتحديداً الرابع، قائلاً: "سيتم تنفيذ هذا البند في الواقع ونرى نتائجه عندما يموت آخر مواطن من شعبنا".

وأضاف حاشد، على حسابه في موقع "إكس" عقب إعلان الاتفاق: "هذا البند في الاتفاق يكشف أن جميعهم بلا حياء ولا خجل ولا يضعون وزناً لشعبهم الصابر عليهم تسع سنوات طوال، بل والمدى الذي بلغ بهم استخفافهم به".

النائب حاشد، الذي يقارع بشجاعة -داخل وخارج البرلمان- الفساد والانتهاكات والجرائم الحوثية، ونهب الإيرادات في الوقت الذي ترفض المليشيا دفع مرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها، هاجم المليشيا والحكومة الشرعية معاً، وطالبهما بالرحيل، وهي المطالب التي يرفعها في الغالب الكثيرون بين الفينة والأخرى للفشل في إدارة الدولة والأزمة.

وأكد في تغريدة ثانية: "الشعب لا يحتاج منكم قرارات ولا مساعي ولا مباحثات.. الشعب يريد فقط رحيل جميعكم بعد أن عرف حقيقتكم، وعرف حجم عبثكم وما تنهبون من قوت الجياع".

يُجمع الكثير من السياسيين والإعلاميين اليمنيين على الخسارة المدوية للحكومة ومجلس القيادة في الاتفاق مع الحوثيين.

قال القيادي السياسي، كامل الخوداني، على حسابه في (إكس): إن المسؤولين لم يعلموا بالاتفاق إلا بعد إعلانه، ولذا من الطبيعي إعلان مثل هكذا اتفاق.

ولفت الخوداني إلى أن التنازلات الحكومية لم تنحصر بالتراجع عن قرارات البنك المركزي بعدن فقط، بل رفعت سقف الرحلات من مطار صنعاء الخاضع لمليشيا الحوثي، والتي ترفض السماح لشركة طيران اليمنية بنقل مقرها وايراداتها من صنعاء إلى عدن، بحسب استياء مغردين سياسيين آخرين.

وطالب من محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب المعبقي" تقديم استقالته، احتجاجا على التجاوزات السعودية، واحتراما لقناعات عشرات آلاف اليمنيين الذين خرجوا الأيام الماضية إلى شوارع تعز ومأرب والحديدة، لاعلان تأييدهم قرارات البنك وقياداته.

المحافظ "المعبقي"، استجاب للمطالب الشعبية بالاستقالة، باعتبار الاتفاق يضر بهم ومصالحهم ويخدم الحوثيين، وقدّم استقالته، غير أن مجلس القيادة الرئاسي الذي يرأسه الدكتور رشاد العليمي رفض بالإجماع قبولها، حسب تأكيد مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية لوكالة الأنباء الرسمية سبأ.

توحيد العملة

أمّا رئيس تحرير يومية عدن الغد، فتحي بن لزرق، فقد وجه دعوة لجميع الإعلاميين، عبر حسابه في موقع (إكس)، مضمونها يحث على دعم الاتفاق.

فينظر إلى الاتفاق من زاوية أخرى، يرى فيها أن دعمه مهم لتخفيف حدة التوتر بين مركزي صنعاء وعدن، في ظل الانقسام، وانعكاس ذلك على استقرار قيمة العملة.

وقال ابن لزرق: "أدعو جميع الإعلاميين في بلادنا للتركيز على معيشة الناس ومأكلها ومشربها، هذه القضية من أهم القضايا التي يجب تسليط الضوء عليها"، في إشارة إلى آثار القرارات الأخيرة للبنك المركزي بعدن وفرع صنعاء، على خسائر العملة المتلاحق، وتسبب ذلك بتفاقم معاناة المواطنين.

وأضاف: "نقترب في اليمن من وضع خطير جداً اقتصاديا ومعيشيا، وهو وضع أخطر من وضع اندلاع الحرب ذاتها، ولذلك فالتركيز على معاناة الناس وهي تكافح لأجل توفير لقمة العيش لأطفالها يجب أن تكون القضية الأكثر اهتماما للإعلام والصحفيين".

ويرى المؤيدون للاتفاق، أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين لم تعد تحتمل مزيدا من التفاقم، غير أنهم يشددون على أن تتحمل الأمم المتحدة الراعية للاتفاق مسؤولية إلزام الحوثيين بإنهاء الانقسام النقدي، وإلغاء الحظر المفروض على منشآت النفط والغاز في شبوة وحضرموت منذ أواخر 2022، لاستئناف التصدير.

ومنذ بداية الحرب التي اندلعت في البلاد إثر انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، خسرت العملة أكثر من تسعة أضعاف قيمتها، فيما بلغت الزيادة في أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية والسلع الأخرى، أكثر من 1500 بالمئة.

وحسب تقارير أممية، يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، جراء الحرب، وهناك نحو ثلثي السكان يحتاجون إلى مساعدات.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد اتفاق الرئيس السوري وقائد قسد؟

دمشق- في تطور لافت على الساحة السورية، أُعلن عن اتفاق بين الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، بهدف دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة.

هذا الاتفاق، الذي تم تسريبه إلى وسائل الإعلام قبل أن يصبح معلنا بشكل رسمي، أثار ردود فعل واسعة بين المسؤولين والسكان المحليين، وسط تطلعات لتنفيذه وفق آليات محددة.

وتعليقا عليه، قال غسان السيد أحمد، محافظ دير الزور، للجزيرة نت، إن تنفيذه سيتم عبر تشكيل لجنة مركزية تشرف على لجان فرعية تخصصية في مختلف المجالات، بما فيها الأمن، والعسكر، والصحة، والتربية، وغيرها من القطاعات، على أن يتم تشكيل هذه اللجان سريعا لمباشرة مهامها حتى نهاية العام الجاري، كما نص عليه الاتفاق بين الشرع وعبدي.

توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/SCSgFkN9YK

— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) March 10, 2025

أهمية كبرى

وأكد السيد أحمد أن الوضع الراهن سيبقى كما هو عليه حتى تشكيل اللجان واستلامها مهامها، محذرا "أهالي دير الزور، لا سيما العسكريين، من التوجه إلى مناطق سيطرة قسد، ما قد يعرضهم للاعتقال"، مستشهدا بحادثة سابقة جرت في الأيام الماضية.

إعلان

وأشار المحافظ إلى أن هذا الاتفاق يحمل أهمية كبرى، ليس فقط في كونه إنجازا يوحد سوريا، بل أيضا لأنه "يعيد المكون الكردي إلى دوره الطبيعي في عملية البناء الوطني، باعتباره مكونا أصيلا تربطه بالمجتمع السوري علاقات محبة ومودة، إضافة إلى عوامل الجغرافيا والتاريخ المشترك".

ووفقا له، يتضمن الاتفاق بندا يتعلق بإطلاق سراح بعض المعتقلين من الطرفين قبل نهاية شهر رمضان، وفق ما تم إبلاغهم به من القيادة السياسية في دمشق.

أما فيما يخص الثروات النفطية، فقد أوضح السيد أحمد أن الاتفاق ينص على استمرار توريد المشتقات النفطية من منطقة الجزيرة، الخاضعة لسيطرة قسد، إلى منطقة الشامية، الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، حتى تقدم اللجان المتخصصة رؤية جديدة بشأن آليات الدمج مع الحكومة السورية.

تفاؤل وترقب

من جهته، قال أحمد الهجر، مدير مكتب الشؤون السياسية لمحافظات دير الزور والرقة والحسكة، للجزيرة نت، إن اجتماعا عُقد بين الرئيس السوري وقائد قسد أسفر عن الاتفاق على 8 بنود أساسية.

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد عمل لجنة مكلفة بمتابعة تنفيذ البنود، مكونة من 5 أعضاء من جانب الحكومة السورية، ومن المتوقع أن تشكل قسد لجنة مماثلة بهدف تنفيذ البنود واستلام مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها ضمن وزارة الدفاع السورية.

وحسب الهجر، يمثل هذا الاتفاق تأكيدا على وحدة الأراضي السورية، مشيرا إلى أن المعلومات المتوفرة لدى مكتب الشؤون السياسية تفيد بأن اللجنة المكلفة ستباشر مهامها رسميا قريبا.

على المستوى الشعبي، قوبل الإعلان عن الاتفاق بمزيج من التفاؤل والترقب، حيث خرج الأهالي إلى الشوارع للاحتفال، وقال محمد العبود وهو أحد سكان منطقة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، للجزيرة نت، إن سكان المنطقة أطلقوا العيارات النارية ابتهاجا بعودة سوريا موحدة.

إعلان

أما جاسم العيسى، من أهالي قرية الباغوز، فقد صرح للجزيرة نت بأن الأمور تسير وفق المتوقع، حيث من المنتظر أن تستعيد دمشق سيادتها على جميع الأراضي السورية، "ما سيضع حدا للفساد والرشاوي والتسلط الذي تمارسه بعض مؤسسات قسد على المدنيين".

مرحلة حساسة

في المقابل، أفاد جميل العبار، من أهالي مدينة البصيرة بريف دير الزور الشرقي، للجزيرة نت، بأن قوات قسد باشرت حملة اعتقالات في المنطقة مع تكثيف الحواجز الأمنية وشن مداهمات، بعد عبور عناصر من الحكومة السورية إلى منطقة الشعيطات.

بدوره، قال إسماعيل المناور، من أهالي قرية الدحلة، للجزيرة نت، إن الاتفاق جاء في مرحلة حساسة تمر بها سوريا، خاصة في ظل الأحداث الساخنة التي يشهدها الساحل، لكنه انتقد الجدول الزمني لتنفيذه، معتبرا أن انتظار اللجنة حتى نهاية عام 2025 هو وقت طويل، "لا سيما في دير الزور ذات الطابع العربي، حيث لا تحظى قسد بحاضنة شعبية قوية كما هو الحال في الحسكة، التي تضم عدة قوميات".

منطقة ريف دير الزور الشرقي الواقعة تحت سيطرة قوات قسد (الجزيرة)

في سياق متصل، قال عبد الرحمن الرمضان، من أهالي قرية محيميدة بريف دير الزور الغربي، للجزيرة نت، إن قسد نفذت حملات اعتقال استهدفت عددا من السكان بسبب رفعهم علم الثورة، وآخرين بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي التي عبروا فيها عن فرحتهم بالاتفاق، "ما أثار ضبابية حول موقف بعض الأجهزة الأمنية التابعة لقسد، خاصة جهاز مكافحة الإرهاب والمخدرات، الذي تدخل رغم أنها ليست من اختصاصه".

في غضون ذلك، كشف مصدر مقرب من قسد -رفض الكشف عن هويته للجزيرة نت- عن وجود أحاديث داخلية بين قياداتها تصف الاتفاق بأنه "غير منصف"، وأنها ترى أن قسد تسيطر على الخزان الاقتصادي لسوريا، بما يشمله من ثروات نفطية وزراعية وحيوانية، وهو ما يضعها في موقع قوة خلال أي مفاوضات مع الحكومة السورية.

إعلان

هذا، وحاولت الجزيرة نت الحصول على تصريح من مسؤول في قسد ولم تتم الاستجابة حتى كتابة التقرير.

مقالات مشابهة

  • الحوثي يعلن الحرب ..لا لضبط النفس : صنعاء سترد على الغارات الأمريكية
  • الهادي إدريس يحدد موعد إعلان الحكومة الموازية
  • غارات جوية تستهدف العاصمة اليمنية صنعاء
  • تركيا: نراقب عن كثب اتفاق الحكومة السورية مع قسد
  • ماذا بعد اتفاق الرئيس السوري وقائد قسد؟
  • الحكومة اليمنية تعلن استعدادها لتوفير الوقود بعد حظر استيراده عبر ميناء الحديدة
  • الحكومة: جماعة الحوثي هجّرت ملايين اليمنيين وتتاجر بالقضية الفلسطينية
  • الحكومة اليمنية تطالب بعقوبات صارمة على الميليشيات الحوثية
  • الحكومة اليمنية: سنوفر الوقود لمناطق الحوثيين
  • دعم روسي جديد للمجلس الرئاسي والحكومة اليمنية