صادق مجلس النواب، قبل قليل، بالأغلبية على مشروع القانون 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، بعد نقاش طويل بين الحكومة وفرق المعارضة والأغلبية حيث تم رفض أغلب التعديلات التي قدمتها المعارضة والتي أثار بعضها جدلا، لاسيما ما تعلق بضرورة تنفيذ الحجز على حسابات الجماعات المحلية بناءا على الأحكام القضائية الصادرة ضدها.

وحضي مشروع القانون بموافقة 104 نائبا، فيما عارضه 35 نائبا، لتتمكن الحكومة بذلك من تمرير هذا القانون الذي عمر طويلا في مجلس النواب.

وكان وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، قد أكد اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن وزارة العدل حرصت على المشروع باعتماد منهجية تشاركية واسعة استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموع المتدخلين في الحقل القضائي.

وقال وهبي، خلال جلسة عمومية خصصت للدراسة والتصويت على مشروع القانون، إن الوزارة عملت على ملائمة مواد المشروع مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ومبادئ حقوق الانسان، وعي ا منها بأهمية تنزيل الالتزامات التي يفرضها الدستور، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب المرتبطة بضمان الحريات والحقوق.

وأبرز أن قانون المسطرة المدنية يجسد في هذا المضمار المدخل الأساسي لممارسة حق التقاضي أمام المحاكم من أجل اقتضاء الحقوق، بما يستدعي تنظيم العلاقة بين المواطن والعدالة، لتحقيق الأمن القانوني للمواطنين أفراد ا وجماعات.

وأشار الوزير إلى أن هذا المشروع يشكل في أساسه تجسيدا للإرادة الملكية السامية التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه التاريخي لـ 20 غشت 2009، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، حيث دعا جلالته إلى « الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما يقتضي تبسيط وشفافية المساطر، والرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام ».

وأضاف أن المشروع تضمن تنزيلا لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة التي تستهدف فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم، والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، وتحسين آليات التنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة.

وأبرز وهبي أن هذا المشروع ينسخ قانون المسطرة المدنية الساري النفاذ الذي ترجع صيغته الأصلية إلى سنة 1913، مشيرا إلى أنه مر بعدة محطات عرف خلالها مجموعة من التغييرات، من أهمها محطة التعريب والتوحيد والمغربة لسنة 1965، ومحطتا الإصلاح اللتان ترجعان إلى سنتي 1974 و2011، ثم تعديلات سنتي 2019 و2021.

واعتبر في هذا الصدد أن تلك التعديلات أصبحت متجاوزة بالنظر إلى التغييرات الهيكلية والجوهرية التي عرفها مرفق القضاء والعدالة بالمملكة بعد دستور 2011، بحيث أصبح من الضروري فتح ورش مراجعة قانون المسطرة المدنية وفق معطيات دستورية وتشريعية لم تكن قائمة من قبل.

وسجل الوزير أن مشروع القانون شكل مناسبة سانحة للاستدلال على تميز التجربة الديمقراطية المغربية، حيث حظي بتفاعل وتعاون إيجابي من طرف أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، لافتا إلى أن مناقشة تعديلات الفرق النيابية سجلت لأول مرة في تاريخ هذا المجلس أكثر من 1160 تعديلا على نفس مشروع القانون المطروح للمناقشة.

وأكد أن الحكومة تفاعلت إيجابيا مع مجموع هذه التعديلات وناقشتها الواحد تلوى الآخر، حيث قبلت 256 تعديلا كليا، و65 تعديلا جزئيا، مشيدا « بهذا التمرين الديمقراطي الذي أصبح جزءا من عمل هذه المؤسسة الدستورية وسمة تميز السلطة التشريعية ببلادنا ».

وفي معرض تفاعلها مع عرض الوزير، نوهت فرق الأغلبية بالتزام الحكومة باستكمال ورش إصلاح منظومة العدالة ودعم الاستقلال المؤسساتي الكامل للسلطة القضائية عبر تخصيص اعتمادات مالية وتنزيل الخريطة القضائية الجديدة للمملكة وتعزيز البنية التحتية لمرفق العدالة، وكذا تطوير وتحيين الترسانة التشريعية، معتبرة أن النقاش الذي رافق مشروع قانون المسطرة المدنية « طبيعي وصحي » بالنظر لمكانته في الترسانة القانونية.

واعتبرت أن مشروع القانون ينسجم مع القواعد الدستورية ومبادئ حقوق الإنسان والنجاعة القضائية، مسجلة أنه عمد إلى إقرار عدد من المبادئ التي استقر عليها العمل القضائي وتواترت في شأنها اجتهادات محكمة النقض، واعتمد مجموعة من القواعد الإجرائية التي تراعي خصوصية الواقع المغربي وفق صياغة قانونية سلسة وواضحة تسهل فهم النصوص ومقاصد المشر ع.

كما نوهت إلى أن المشروع يقدم الأجوبة على مجمل الإشكاليات الكبرى المطروحة منذ آخر مراجعة جوهرية لهذا النص الأساسي سنة 1974، مبرزة أنه لم يعرف منذ ذلك الوقت أي تعديل جوهري بالشكل الذي يتضمنه اليوم مشروع القانون رقم 02.23.

من جهتها، سجلت فرق ومجموعة المعارضة أن مراجعة قانون المسطرة المدنية شكلت واحدة من أهم المطالب المجتمعية، بصفته حاجة ملحة نظرا لحجم المستجدات التي عرفتها الحياة العامة و »قصور » التعاطي الإجرائي الحالي معها، مؤكدة أن أهمية مشروع القانون لا تقاس بعدد المواد التي يتضمنها، بل بمدى ترجمتها للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالعدالة، ومدى قدرة المشروع على تنزيل مقتضيات الدستور والملاءمة مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: قانون المسطرة المدنیة مشروع القانون إلى أن

إقرأ أيضاً:

الضمان والبرلمان.. تحالف وعلاقة مهمة.!

#الضمان و #البرلمان.. #تحالف و #علاقة_مهمة.!

خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي/ #موسى_الصبيحي

هناك مصلحة مباشرة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بانتخاب مجلس نيابي كفؤ في المرحلة القادمة، فمن المُرجّح أن تشهد السنوات الأربع القادمة تعديلات مهمة وحسّاسة على قانون الضمان الاجتماعي، طبعاً لا أتحدث عن مشروع القانون المعدّل لقانون الضمان الذي أقرّه مجلس الوزراء الشهر الماضي ودفع به إلى ديوان التشريع، وسيُعرض على مجلس النواب القادم قريباً، فهذا القانون لم يتضمن سوى (16) مادة فقط، ولكني أعني أن الحكومة ومؤسسة الضمان ستكونا مُضطرّتين خلال الفترة القادمة (سنة / سنتان) إلى إجراء تعديلات جوهرية على قانون الضمان لتفادي أي عجز مُحتَمل في المركز المالي للمؤسسة.

من المهم جداً أن يكون المجلس النيابي القادم مليئاً بالخبرات والكفاءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية والحزبية ومزيجاً من البيروقراط والتكنوقراط، من اليمين، واليمن الوسط، واليسار، واليسار الوسط، فلكل من هؤلاء رأيه واتجاهه إزاء قانون اجتماعي اقتصادي حيوي مثل قانون الضمان يمسّ حياة الناس بصورة مباشرة. فربما استطاع البرلمان القادم (النواب والأعيان) أن يُخرِجوا قانون ضمان توافقياً مُحكَماً يدعم أهداف الحماية الاجتماعية والاستدامة المالية والتأمينية لمؤسسة الضمان.

مقالات ذات صلة الأردن.. 10755 حالة سرطان عام 2022 2024/09/06

مطلوب من مؤسسة الضمان أن تُفكّر من الآن بأسلوب تعاملها مع مجلس النواب العشرين، وأن تضع خطة للتواصل مع النواب وعقد جلسات نقاشية معهم، وإطلاعهم على أوضاع المؤسسة التأمينية والمالية والاستثمارية، وما تواجهه من تحديات، تمهيداً لأي تعديلات موسّعة قادمة، دون شك، على قانون الضمان، قد لا تكون تعديلات شعبية في الغالب. وفي نفس الوقت عليها أن تُشكّل علاقات وثيقة مع البرلمان تسخّرها لحماية “الضمان” من التدخّلات الضارّة والسياسات المؤذية لاستدامة نظامها التأميني.!

مقالات مشابهة

  • الضمان والبرلمان.. تحالف وعلاقة مهمة.!
  • تعرف على عقوبة عدم تركيب الملصق الإلكتروني طبقًا لقانون المرور
  • اقرأ بالوفد غدا: نقدم رؤيتنا في قانون الإجراءات الجنائية لصالح المواطن المصري
  • مجلس النواب ينظم ندوة علمية لمناقشة مشروع قانون إنشاء هيئة وطنية للطوارئ والأزمات والكوارث
  • الوفد ينتصر لحرية الصحافة ويرفض المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية.. والبرلمان يستجيب
  • "حماة المال العام" يحتجون أمام البرلمان على مشروع قانون جنائي يمنعهم من التبليغ على الفساد
  • هل دخلت المرجعية على خط ازمة قانون الأحوال الشخصية؟.. الإطار: سيُمرر بالتوافق أو بدونه - عاجل
  • هل دخلت المرجعية على خط ازمة قانون الأحوال الشخصية؟.. الإطار: سيمرر القانون بالتوافق أو بدونه - عاجل
  • «تشريعية النواب»: مشروع «الإجراءات الجنائية» دستور جديد للحقوق والحريات في مصر
  • «المحامين» تصدر بيانا ثانيا تعليقا على آخر مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية