طولكرم- "على الاحتلال أن يعلم أن في مخيم طولكرم رجال صناديد، لم ولن نتراجع.."، ظهرت هذه الكلمات في فيديو مصوّر على لسان عدد من عناصر المقاومة الفلسطينية المسلحة بالمخيم الواقع شمال الضفة الغربية، قبل أن تباغتهم طائرة إسرائيلية مسيّرة بقصف 3 منهم واغتيالهم إضافة إلى 3 مدنيين بينهم نساء، صباح اليوم الثلاثاء.

وشنت قوات الاحتلال، منتصف الليلة الماضية، عملية عسكرية واسعة على مخيم طولكرم للاجئين، حيث توغلت عشرات المركبات والجرافات العسكرية إلى المدينة والمخيم، وجرَّفت الشوارع ودمرت البنية التحتية بالكامل.

وأعلن لاحقا عن اغتيال كل من محمد عوض (30 عاما) وهو قائد كتائب شهداء الأقصى "كتيبة الثأر والتحرير" في المخيم، ومحمد بديع (29 عاما)، وأصغرهم أشرف نافع الملقب "إزكيهم" (18 عاما) من كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ، إضافة إلى استشهاد 3 مدنيين بينهم نساء.

يقول رئيس اللجنة الشعبية في مخيم طولكرم فيصل سلامة للجزيرة نت، إن الاغتيال تزامن مع اقتحام الاحتلال للمخيم، حيث اتخذ عددا من المنازل نقاطا عسكرية، في محاولة لمحاصرة المقاومين، و"تم استهدافهم بدم بارد بعد عملية رصد وتصوير جوي".

حالة نضالية

عاش المقاومون الثلاثة حياتهم كاملة في المخيم وتلقوا تعليمهم في مدارسه، وكانوا شهودا على جرائم سابقة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق مخيمهم ورفاقهم في النضال. وهم أيضا أبناء وأقارب أسرى وشهداء، لا سيما المقاوم أشرف نافع الذي سُمي تيمنا بعمه الذي استشهد إبان انتفاضة الأقصى عام 2002.

وضمن عملها المتواصل ضد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، سعت إسرائيل لإنهاء حالة نضالية شرسة باتت تتصدّرها منطقة طولكرم تحديدا، وكان آخرها نشر كتائب القسام مقاطع فيديو، الاثنين، تظهر استهداف جنود الاحتلال والمستوطنين عبر عمليات إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة خلال الأيام الماضية، كان أبرزها "عملية رامين" شرقي المحافظة.

واستمرارا لتلك الحالة، فجّر مقاومون صباح اليوم عبوة ناسفة بجرافة عسكرية من نوع "دي 9"، فأعطبوها وأصابوا طاقمها، حسب مقطع مصور بثته المقاومة عبر مواقع التواصل.

وتعكس هذه العمليات المصورة وغيرها تطورا ملحوظا في العمل العسكري المقاوم بالضفة، وهو حال يؤرق قوات الاحتلال، وفق مراقبين، خاصة بعد مقتل ضابط إسرائيلي أواخر يونيو/حزيران الماضي بتفجير عبوة ناسفة في مدينة جنين شمالا، حيث خرجت الدعوات من قيادات إسرائيلية عسكرية وسياسية لاغتيال المقاومين جوا عبر المسيّرات وبالقصف المباشر.

اللجوء للمسيرات

يقول الباحث بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع للجزيرة نت إن "الخسائر التي تلقتها إسرائيل بفعل عمليات المقاومة الأخيرة كانت سببا في استهداف المقاومين بالقصف عبر المسيرات وعلى نطاق واسع".

ورغم استخدام الاحتلال لتلك المسيرات سابقا ضد المقاومة، فإن ذلك كان محدودا ومقيدا بإجراءات معينة، وفق مناع. وهو ما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت للتصريح قبل يومين وخلال اجتماعه بقادة الجيش برفع الحظر عن استخدام المسيرات.

من جهته، يرى اللواء المتقاعد والخبير الأمني الفلسطيني يوسف شرقاوي، أن الاحتلال "بات عاجزا" عن مواجهة حالة المقاومة بنموذجها المتطور، وأنه اعترف وعلى لسان خبراء عسكريين "بجرأة المقاومة وشدتها وخاصة في طولكرم"، وأنه ورغم عدم مقارنة حجم المقاومة الفلسطينية مع قدرات الاحتلال العسكرية إلا أنها "تبقى نوعية".

ويقول شرقاوي للجزيرة نت إن قلق الاحتلال من تطور المقاومة هو الذي دفع غالانت للسماح للطيران الإسرائيلي بالإغارة على المقاومين، معتبرا أن هذا "دليل عجز الاحتلال على الأرض، وأن الاقتحامات أصبحت خطرة عليه، وبالتالي لا يمكن مكافحة هذا العمل إلا بالطيران".

الجيل الناشئ وتعلقه بالمقاومة يعد إحدى المعضلات التي يواجهها الاحتلال في الضفة الغربية (مواقع التواصل) استهداف النموذج

وباتت المقاومة المسلحة وخاصة في مخيمات جنين وطولكرم نموذجا يبنى عليه، حسب مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات. ويقول للجزيرة نت إن هذا النموذج يقوم على 3 مرتكزات:

أولها أنه لم يعد حكرا على فئة معينة، بمعنى أن أجيالا ومجموعات تتابع وتواصل وتطور مقاومتها، ورغم تصفية الاحتلال لأشخاص وقيادات فاعلة، فإن كتائب المقاومة سرعان ما تتعافى وتستكمل جهدها. والمرتكز الثاني يكمن في وعي وإدراك الجيل الشاب المقاوم بأن أدوات النضال التقليدية لم تعد قادرة على إيقاع خسائر بصفوف الاحتلال، مما يدفعه لنماذج الجديدة. كما وفّرت حالة الإلهام النفسي والمعنوي الذي خلفته الحرب على غزة الدافع لدى الشبان المنخرطين بالمقاومة المسلحة.

وكل ذلك يعيد إلى الأذهان التجربة الفلسطينية في الانتفاضات السابقة، التي انتقلت فيها المواجهة من الأدوات البسيطة كالحجر والسكين كأسلحة إلى تنفيذ تفجيرات.

ويجزم بشارات بأنه أمام هذا التسارع في تطوير شكل المقاومة بات الاحتلال عاجزا عن إنهاء هذا النموذج، وأن التحدي الأكبر لديه الآن هو محاصرته حتى يبقى داخل جغرافيا محددة، وهي مخيمات الشمال تحديدا، حيث إن انتقاله إلى باقي مناطق الضفة يعني خلق مواجهة مفتوحة مع الاحتلال.

وبالمقابل يتحدى المقاومون وبكل الطرق لنقل نموذجهم إلى جغرافيا فلسطينية متعددة لإرباك حسابات الاحتلال، وبالتالي توقع بشارات أن المواجهة بين العقول الفلسطينية لتطوير أدوات المقاومة وبين الاحتلال الذي يسعى لإنهائها بكل الطرق، آخذة في التصاعد والتوسع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال ينسحب من مدينة طولكرم ومخيميها بعد عدوان واسع استمر ثلاثة أيام

الثورة نت/..

انسحب جيش العدو الصهيوني، صباح اليوم الخميس، من مدينة طولكرم ومخيميها شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد ثلاثة أيام متواصلة من الاقتحام والعدوان.

وأظهرت مشاهد عقب انسحاب جيش العدو الدمار الكبير الذي لحق بالشوارع والبنية التحتية في مخيمي طولكرم ونور شمس بالإضافة لشوارع المدينة.

وشهد الاقتحام خلال الأيام الماضية اشتباكات عنيفة خاضها المقاومون الفلسطينيون في طولكرم ومخيميها، واستهدفوا آليات الاحتلال بالعبوات الناسفة.

وكان جيش العدو الصهيوني، قد اقتحم مدينة طولكرم صباح الثلاثاء الماضي بعدد كبير من الآليات العسكرية ترافقها جرافات، وذلك بعد انسحابه بعدة ساعات إثر اقتحام سابق.

وانتشرت قوات العدو الصهيوني في محيط مستشفيي الزكاة وثابت ثابت وفي عدة أحياء بالمدينة ومخيم طولكرم، فيما دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة عصر أمس الأربعاء واقتحمت مخيم نور شمس.

وتخلل العملية العسكرية الصهيونية الأخيرة على طولكرم، اغتيال المقاومين رامي حاتم محمد عباس، ونور حسن زايط، اللذين تحصنا داخل أحد المنازل في ضاحية ذنابة جنوب شرق طولكرم، إضافة لاستشهاد الفتى محمد كنعان برصاص قناص صهيوني وإصابة والده بجراح خطيرة.

وخلّف الاقتحام الصهيوني لطولكرم ومخيماتها دمارًا واسعًا بالبنية التحتية من تدمير وتجريف للشوارع وضرب لخطوط المياه الرئيسية التي تزوّد المخيمات، إضافة لفصل التيار الكهربائي نتيجة استهداف المحولات الرئيسية، ما ضاعف من معاناة السكان.

وأسفر العدوان الصهيوني على الضفة الغربية إعلان جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية واسعة على شمال الضفة في 28 أغسطس الماضي، عن استشهاد 39 شهيدًا وأكثر من 140 مصابًا.

مقالات مشابهة

  • نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر
  • المجاهدين الفلسطينية: الاحتلال خلف دمار في جنين وطولكرم بحجم فشله أمام المقاومة
  • ‏وكالة الأنباء الفلسطينية: الجيش الإسرائيلي يعيد اقتحام مدينة طولكرم ويحاصر مستشفى ثابت الحكومي
  • شاهد آثار الدمار الذي خلفه جيش الاحتلال في مدينة طولكرم ومخيمها خلال عمليته العسكرية
  • جيش الاحتلال ينسحب من مدينة طولكرم ومخيميها بعد عدوان واسع استمر ثلاثة أيام
  • اشتباكات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال بمخيم نور شمس في طولكرم
  • القسام: أوقعنا جنودا إسرائيليين قتلى وجرحى في طولكرم
  • الاحتلال يحاصر منزلا في ضاحية اكتابا شرق طولكرم
  • اعلام العدو: مقتل جندي وإصابة 5 بمعارك مع المقاومة الفلسطينية في جنين
  • مصدر بالمقاومة الفلسطينية : مزاعم العدو تجنيد 3000 مقاتل محض افتراء لعدوان جديد