إعدام جماعي يلوح في الأفق: أسر المختطفين تتحدى وحشية الحوثي!
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
إعدام جماعي يلوح في الأفق: أسر المختطفين تتحدى وحشية الحوثي!.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
“لغة الأفق والاغتراب: الديناميكيات الثقافية في صراع الرؤى” للدكتور فرانسيس دينق
إبراهيم برسي
دائمًا ما كنت أعتقد أن صراع الرؤى هو مرآة للهوية المنقسمة بين الظلال والنور أو أنه رحلة استثنائية يأخذنا فرانسيس دينق نحو قلب الهوية السودانية، تلك الهوية التي تقف على حافة التمزق بين ظلال الماضي الثقيل ونور المستقبل المرتقب.
إنه كتاب لا يقتصر على كونه دراسة أكاديمية عن الصراع بين الشمال والجنوب، بل هو عمل فلسفي إنساني يستنطق الروح السودانية، محاولًا كشف الطبقات التي تغطيها وتشوهها، بحثًا عن نواة النقاء الأولى.
دينق لم يكتب عن السياسة بمعناها المباشر، بل كتب عن الإنسان بوصفه ساحة المعركة الحقيقية. فـ”الرؤية”، كما يقدمها الكتاب، ليست مجرد تصور فكري أو ثقافي، بل هي انعكاس للروح الجماعية، تلك التي تقف في مواجهة مصيرها بانقسام عميق بين الولاء للتاريخ السوداني الإفريقي والتمسك بأسطورة الانتماء العربي.
دينق يكتب عن الهوية وكأنها كائن حي، يتنفس، يعاني، ويموت. الهوية السودانية ليست ثابتة، بل هي كائن في حالة صراع دائم، تتصارع فيه القوى الثقافية والدينية والسياسية.
في كل صفحة من الكتاب، نجد أنفسنا أمام مرآة تعكس ذلك الصراع بين ما نحن عليه وما نريد أن نكون.
أما الجنوب في سرده، فهو ليس مجرد جغرافيا، بل هو رمز للذات المكبوتة التي تُقصى قسرًا من الحكاية الوطنية. الشمال، في المقابل، هو الذات المهيمنة التي تكتب الرواية وفق شروطها، مما يعمق شعور التهميش والاغتراب في الذات الجنوبية.
ربما أعظم ما قدمه الكتاب هو تفكيك الاغتراب السوداني بوصفه تجربة وجودية.
السوداني، كما يصوره دينق، هو شخص يعيش في جسد لا يتصالح مع روحه.
الهوية ليست مكانًا آمنًا بل هي ساحة حرب، وكل فرد فيها هو “شريك متشاكس” يحاول التوفيق بين جذور لا يعترف بها وواقع يرفضه. إنه صراع أوديب الذي يبحث عن الأب الحقيقي لكنه يخشى مواجهته، وعنترة الذي يمزق صورته في المرأة لكنه لا يستطيع التخلي عنها.
لغة دينق ليست وصفية فقط، بل هي حوارية تفتح أفقًا للقارئ للتأمل.
الكتاب يبدو وكأنه لا يريد أن يقدم إجابات بقدر ما يريد أن يثير الأسئلة. اللغة هنا ليست وسيلة بل غاية في ذاتها، فهي تعكس تعقيد الصراع من خلال تراكيبها الغنية التي تمزج بين السرد الأكاديمي والحميمية الأدبية.
في النهاية، يدعو الكتاب إلى التصالح مع الذات السودانية كخطوة أولى نحو التصالح مع الآخر.
الحل الذي يقدمه دينق ليس سياسيًا فحسب، بل هو روحي أيضًا. إنه يدعو السودانيين إلى تبني “رؤية جديدة” ترى في الاختلاف قوة، وفي التنوع ثراءً، وفي الماضي درسًا لا قيدًا.
وعلى الرغم من أن الكتاب يظل يعالج قضايا هوية السودان في إطار ثقافي وجغرافي، إلا أن فكرته الأساسية تتجاوز حدود الواقع السوداني وتفتح الأفق لقراءة أعمق حول التصالح مع الذات ومع الآخر في سياقات مختلفة.
“صراع الرؤى” ليس مجرد كتاب عن السودان، بل هو نص إنساني عالمي يتجاوز حدوده الجغرافية ليخاطب كل هوية تواجه صراعًا داخليًا. إنه لوحة أدبية فلسفية مرسومة بكلمات دينق، كل كلمة فيها هي لون، وكل جملة هي ضوء وظل، تضيء لنا طريقًا نحو فهم أعمق للذات، وللآخر، وللحياة ذاتها.
zoolsaay@yahoo.com