لا جدوى منها.. لماذا تتصاعد الانتقادات لانتخابات الرئاسة الجزائرية؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
مع اقتراب موقع الانتخابات الرئاسية المحددة في 7 سبتمبر المقبل، توالت الانتقادات من المعارضة الجزائرية للعملية الانتخابية، إذ نشر 11 معارضا جزائريا بارزا، رسالة مفتوحة الأحد، تدين "المناخ الاستبدادي" المحيط بالانتخابات، وتدعو إلى انتقال ديمقراطي واسع.
وقالت الرسالة، التي وقع عليها سياسيون ومحامون وأكاديميون معروفون، إن الانتخابات المقبلة "عملية لا جدوى منها"، مشيرة إلى أن "غياب الحريات يجعل من المستحيل إجراء انتخابات نزيهة".
وشددت الرسالة على أن السياسة الأمنية التي تنتهجها الحكومة الجزائرية استعدادا للانتخابات "لا تزال تقمع إرادة الشعب".
وفي ظل حكم الرئيس عبد المجيد تبون، شهدت حرية التعبير تراجعا، كما يقول خبراء، إذ يواجه الصحفيون وعناصر المعارضة عقوبة السجن وإغلاق وسائل الإعلام المنتقدة لتمويل الإعلانات التي تعتمد عليها الحكومة للاستمرار، وفق أسوشيتد برس.
وقدم تبون، الخميس، طلب ترشحه لولاية ثانية في الانتخابات مدعوما من أحزاب الأغلبية البرلمانية المكونة من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء، إضافة إلى النواب المستقلين.
وانتُخِب تبون، عام 2019، بعد حصوله على 58 في المئة من أصوات الناخبين، خلفا للرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، الذي اضطر إلى الاستقالة بضغط من الجيش والحراك الشعبي.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الجزائرية، توفيق بوقاعدة، أن "انتخابات سبتمبر متعددة من حيث تعدد المرشحين وتنوع اتجاهتهم وبرامجهم، لكنها مع ذلك تفتقر إلى المنافسة الحقيقة"، مشيرا إلى أن تبون يعد أفضل المرشحين حظوظا انتخابية.
وقال بوقاعدة لموقع الحرة إن "هناك قناعة لدى كثير من الناخبين بضرورة استمرار تبون من أجل مواصلة برنامجه، ولتجنب الدخول في مراحل سياسية غير معلومة الاتجاهات، ولذلك لا اعتقد أن السلطة مضطرة لتزوير الانتخابات، أو التلاعب في نتيجتها".
وأشار إلى وجود حرية كبيرة للناخب في اختيار ما يريد من المرشحين أو مقاطعة الانتخابات، مضيفا أنه "لا يوجد عقاب سياسي أو اجتماعي بناء على هذا الأساس، على الرغم من أن السلطة تراهن بشكل كبير على ضرورة تسجيل مشاركة مرتفعة في الانتخابات، لتغطية نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات السابقة".
ومع ذلك، لفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن "عددا من المرشحين يتحدثون عن وجود تضييق وعمليات اغتيال معنوي وتشويه لسمعة بعض المرشحين لدى الناخبين"، مما أثر على حصول بعضهم على الأصوات المطلوبة لنيل بطاقة الترشح في الانتخابات.
ويفرض القانون على كل مرشح جمع 50 ألف توقيع من المواطنين المسجلين ضمن القوائم الانتخابية من 29 ولاية على الأقل، بحيث لا يقل عدد التوقيعات من كل ولاية عن 1200 توقيع، أو تقديم 600 توقيع فقط من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية.
اختفاء شخصيات من المشهد السياسي الجزائري.. استقالة نهائية أم انسحاب ظرفي؟ لم يستهو الحراك السياسي الذي تعرفه الجزائر، هذه الأيام، تزامنا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، الكثير من الشخصيات الوازنة في المشهد المحلي، حيث فضلت الانزواء والبقاء بعيدا عن مجريات الأحداث.وبدوره، يرى المحلل السياسي الجزائري، حسين جيدال، أن الانتخابات المحددة في سبتمر "عملية شكلية" يجريها النظام احتراما للشكليات المتعارف عليها دوليا، مشيرا إلى أن "النظام الجزائري إذا لم يكن مضطرا، لما أقدم عليها".
وقال جيدال لموقع الحرة، "لا يوجد تنافس نزيه في الانتخابات، بدليل أن عددا من المرشحين المحسوبين على بعض الأجنحة داخل النظام، جرى منعهم من الترشح، مثل لويزة حنون وزبيدة عسول، على حد قوله.
وفي 13 يوليو، أعلنت زعيمة حزب العمال الجزائري، لويزة حنون، التي كانت قد سُجنت 9 أشهر في أعقاب انطلاق احتجاجات الحراك الشعبي عام 2019، سحب ترشحها ومقاطعة الانتخابات الرئاسية.
وقالت حنون في بيان قرأته على موقع الحزب على فيسبوك "أعلن رسميا عدم مشاركة الحزب في المسار الانتخابي المتعلق بالرئاسيات المقبلة".
وأضافت أن المشاركة "لا تعكس بأي شكل من الأشكال أي أوهام حول طبيعة الاقتراع، بالنظر إلى الإطار التشريعي التقهقري واللاديموقراطي (..) بالإضافة للظروف السياسية العامة التي تتميز بغلق المجالين السياسي والإعلامي".
وبعد انسحاب حنون من السباق، لا تزال امرأتان ترغبان في الترشح للرئاسة، هما سعيدة نغزة، رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، وزبيدة عسول، المحامية الناشطة في الدفاع عن الحريات، وفق فرانس برس.
وأشار المحلل السياسي الجزائري، إلى أن الانتخابات تجري في أجواء من القمع وغياب الحريات، لافتا إلى أن "مجرد انتقاد النظام على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يضعه صاحبه في السجن".
وأضاف قائلا "لا أحد يستطيع انتقاد النظام الجزائري، لأن الانتقاد في مفهوم النظام تهجم ومساس بالسيادة الوطنية وتآمر على الدولة، ولذلك فإن الصحفيين المستقلين بين مسجون، أو ممنوع من الكتابة والحديث".
واتهمت منظمة العفو الدولية، الخميس، السلطات الجزائرية بتصعيد "قمعها للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي على مدى السنوات الخمس الماضية، من خلال استهداف الأصوات المعارضة الناقدة، سواء كانت من المحتجين أو الصحفيين أو أشخاص يعبّرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأظهر تصنيف لمنظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية، في مايو الماضي، تراجع الجزائر 3 مراكز في العام 2024 في مقياس حرية الصحافة، لتحتل المرتبة 139 من أصل 180 دولة.
وأعربت "مراسلون بلا حدود" في تصنيفها، عن أسفها لـ"تعرض وسائل إعلام مستقلة لضغوط" وتعرّض صحفيين لـ"تهديدات واعتقالات" "لمجرد ذكر الفساد أو انتقاد قمع التظاهرات".
"الإشراف التشاركي" على الانتخابات.. هل يضمن مصداقية الرئاسيات في الجزائر؟ دعا رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات (هيئة عمومية)، محمد شرفي، الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين لرئاسيات سبتمبر المقبل والمجتمع المدني، إلى "الإشراف التشاركي على الانتخابات" من خلال انخراط كل الأطراف في تنظيم وإجراء ذلك الاقتراع.ويلفت جيدال إلى أن المعارضة الحقيقية غائبة عن المشهد السياسي في الجزائر، مشيرا إلى أن هناك "معارضة ديكورية"، وهي جزء من النظام "مثل حركة مجتمع السلم، التي شاركت في السلطة لأكثر من 30 عاما"، وفق قوله.
وكان رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، عبد العالي حساني، أول من قدّم ترشحه للانتخابات الرئاسية، الخميس الماضي.
وأضاف المحلل السياسي أن "هناك أحزابا تدور في فلك النظام، وهي صوت من أصوات الأجنحة بداخله، كما أن هناك أحزابا لا تعارض النظام العسكري، وإنما تعارض الحكومات التنفيذية، مثل القيادة الحالية لجبهة القوى الاشتراكية".
وتابع قائلا "المعارضون الحقيقون جرى الزج بهم في السجون، أو أنهم ممنوعون من الحديث، مثل كريم طابو، وناشطي الحراك الذين يهدفون لتغيير طبيعة النظام إلى نظام ديمقراطي حقيقي".
وكان الأمين الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، قدّم ملف ترشحه للانتخابات، قائلا إنه تمكن من جمع التواقيع المطلوبة للترشح "رغم العوائق العديدة والمناخ غير المساعد على العمل السياسي".
وفي 13 مارس الماضي، قضت محكمة جزائرية، بالسجن 6 أشهر، مع وقف التنفيذ، على المعارض السياسي كريم طابو، الذي يرأس حزب الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي المعارض غير المرخص من السلطات، بتهم عدة بينها "التحريض على التجمهر" و"القذف".
ويشير بوقاعدة إلى أنه "لا يوجد صوت معارض في الفضاء السياسي العمومي، وهناك صوت يمجد إنجازات الرئيس تبون والأحزاب التي تمثله أو تدعمه"، داعيا إلى توفير هامش للمنافسين لطرح أفكارهم للناخبين".
وبدوره يشير جيدال إلى أن الانتخابات السابقة كان فيها نوع من الانفتاح والتنافس بين أجنحة النظام التي دفعت بعدد من المرشحين، مضيفا أن "الانتخابات الحالية افتقرت حتى للانفتاح والتنافس بين أجنحة النظام".
وبالإضافة إلى تبون وحساني وأوشيش، قدّم طارق زغدود، وهو رئيس حزب صغير (التجمع الجزائري)، بالإضافة إلى شخصين غير معروفين هما سالم شعبي والعبادي بلعباس ملفات ترشحهم، وفق فرانس برس.
وستعلن قائمة المرشحين الذين قبلت ترشيحاتهم، في 27 يوليو، على أن تبت المحكمة الدستورية في الطعون المحتملة في 3 أغسطس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الانتخابات من المرشحین إلى أن
إقرأ أيضاً:
لم يتحملوا الانتقادات.. المجلس العسكري في مالي يقيل رئيس الوزراء
أقال المجلس العسكري في مالي الأربعاء الحكومة ورئيسها المدني شوغل كوكالا مايغا، بعدما انتقد الأخير السلطات العسكرية.
وذكر مرسوم وقعه رئيس المجلس العسكري الجنرال آسيمي غويتا وتلاه الأمين العام للرئاسة ألفوسيني دياوارا عبر التلفزيون الرسمي، أنه "تم إنهاء مهام رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة".
وتأتي إقالة مايغا بعد 4 أيام من توجيهه انتقادات علنية نادرة للمجلس العسكري السبت، أعرب فيها عن أسفه لإبعاده عن اتخاذ القرارات، منتقدا عن الضبابية التي تخيم على ما يسمى بالفترة الانتقالية الحالية.
وفي الأسبوع الماضي، قال مايغا إنه لم يكن هناك نقاش بشأن تأجيل الانتخابات داخل الحكومة وإنه علم بقرار المجلس العسكري من وسائل الإعلام. وأضاف مايغا للصحفيين يوم السبت "كل هذا يحدث في سرية تامة، دون علم رئيس الوزراء".
وقال مصدر مقرب من مايغا لوكالة "رويترز" إن تعليقاته أثارت توترات مع المجلس العسكري، مما أجبره على تأجيل اجتماع لمجلس الوزراء كان مقررا أمس الأربعاء.
كما هاجم مايغا عدم تنفيذ المجلس العسكري الحاكم وعده بتنظيم انتخابات خلال فترة انتقالية مدتها 24 شهرا من أجل العودة إلى الحكم الديمقراطي.
وكان يُنظر إلى مايغا الذي عينه الجيش عام 2021 بعد الانقلاب الثاني خلال عام، على أن لديه قدرة محدودة على العمل في ظل هيمنة الجيش.
وفشل المجلس العسكري الذي يقود مالي في ظل أزمة عميقة ومتشابكة منذ عام 2020 في الوفاء بالتزامه إعادة السلطة إلى مدنيين منتخبين في مارس 2024. ولم يتم تحديد موعد جديد لتسليم السلطة.
ومرارا وعد الحكام العسكريون، الذين سيطروا على السلطة في انقلابين متتاليين في عامي 2020 و2021، بإجراء انتخابات في فبراير لكنهم أرجأوا التصويت إلى أجل غير مسمى لأسباب فنية.
ودافع مايغا بشدة عن المجلس العسكري في مالي في الوقت الذي انتقدت فيه دول الجوار بغرب إفريقيا والحلفاء الدوليون تعاون المجلس مع مرتزقة روس وتأجيل الانتخابات بشكل متكرر.
وبموجب القانون، سيتعين على خليفة مايغا تشكيل حكومة جديدة بالتشاور مع الرئيس المؤقت أسيمي غويتا.
وقبل تعيينه رئيساً للوزراء في عام 2021، شغل مايغا منصب وزير التجارة في مالي في عهد الرئيس الأسبق أمادو توماني توري ووزير الاقتصاد الرقمي في عهد الرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا.
كان مايغا أيضاً زعيم ائتلاف المعارضة الذي قاد الاحتجاجات ضد كيتا قبل الإطاحة به.