كذبة بيع الفلسطينيين لأرضهم 2/2
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
نواصل الحديث الذى بدأناه فى المقال السابق عن كذبة بيع الفلسطينيين لأرضهم، ذلك أنه لما اشتد ساعد اليهود بالسلاح والتدريب والتعضيد البريطاني، قاموا بمحاولتهم الثالثة وهى الوصول إلى أهدافهم عن طريق القوة، وظهرت هذه المحاولة بجلاء فى اعتداءات اليهود أعوام 1929 و1939 و1947 وغيرها. ولكن عرب فلسطين على قلة وسائلهم، صدوهم ببسالة وهزموهم شر هزيمة فى جميع المعارك، رغم مساعدة الإنجليز لهم وحشدهم القوات العسكرية البريطانية بقيادة مشاهير
قوادهم، كالجنرال دل والمارشال ويفل وغيرهما لكسر شوكة عرب فلسطين.
الفلسطينيون لم يفرطوا فى أراضيهم
لا صحة لهذه التهم، التى يروجها الأعداء من يهود ومستعمرين، فإن العطف الذى بدأ من مصر وسائر الأقطار العربية على قضية فلسطين، والحماسة الشديدة لها، والتنادى لنصرتها والاستماتة فى سبيل الذود عنها، أقلق هؤلاء الأعداء، فشرعوا ينشرون الأراجيف ويذيعون الإشاعات الباطلة عن أهل فلسطين، ويرونهم بمختلف التهم، تشويهًا لسمعتهم وتنفيراً لإخوانهم العرب منهم، وصرفاً لهم عن مناصرتهم. وكانت التهمة الأولى أن أهل فلسطين باعوا أراضيهم، وتمتعوا بأثمانها ثم جاءوا اليوم يدعون ويلًا وثبورًا، فهم أحق باللوم لما فرطوا فى أوطانهم.
والحقيقة تخالف ذلك كل المخالفة، فإن الفلسطينيين قد حرصوا على أراضيهم كل الحرص، وحافظوا عليها رغم الإغراءات المالية الخطيرة من قبل اليهود، ورغم الضغط الاقتصادى عليهم بمختلف الوسائل من قبل الإنجليز. ومنذ تأسس المجلس الإسلامى الأعلى، الذى انتخبه الفلسطينيون لإدارة المحاكم الشرعية والأوقاف والشئون الإسلامية فى فلسطين عام 1922، قام بأعمال عظيمة لصيانة الأراضى من الغزو اليهودي، فمنع بواسطة المحاكم الشرعية التى كان يشرف عليها، بيع أو قسمة أى أرض كان للقاصرين نصيب فيها، وكذلك اشترى المجلس من أموال الأوقاف الإسلامية كثيراً من الأراضى التى كانت عرضة للبيع، وأقرض كثيرين من أصحاب الأراضى المحتاجين قروضاً من صناديق الأيتام ليصرفهم عن البيع. وكان يعقد مؤتمراً سنوياً من العلماء ورجال الدين، لتنظيم وسائل المقاومة لليهود، الطامعين فى الأراضى.
وقد بذل المجلس الإسلامى الأعلى مبالغ طائلة فى سبيل إنقاذ الأراضي، واشترى بعض القرى برمتها، كقرية دير عمرو وقرية زيتا، التى بذل فى سبيل إنقاذها وحدها نحو ٥٤٠٠٠ جنيه، وكالأراضى المشاعة فى قرى الطبيبة وعتيل والطيرة، وبذل جهوداً عظيمة وأقام قضايا فى المحاكم فى هذه السبيل، ووفق فى اقناع كثير من القرى ببيع أراضيها إلى المجلس الإسلامى الأعلى، وجعلها وقفاً على أهلها.
وكذلك قام بعض المؤسسات والمنظمات العربية، كصندوق الأمة الذى بذل جهدا كبيرا فى سبيل إنقاذ كثير من أراضى البلاد، اشترى بعضها بالمال، وأنقذ بعضها بإجراءات إدارية وقضائية، كأراضى البطيحة، لعرقلة البيع وحماية حقوق المزارعين، وبعقد الاجتماعات وتوزيع النشرات.
وما يزيد على ذلك أن تقارير حكومة الانتداب البريطاني، التى كانت ترفع سنوياً إلى لجنة الانتداب فى عصبة الأمم بجنيف، كانت تذكر دائماً أن السبب فى قلة انتقال الأراضى إلى اليهود هو المجلس الإسلامى الأعلى وغيره من المؤسسات العربية.. وللحديث بقية.
محافظ المنوفية الأسبق
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فى سبیل
إقرأ أيضاً:
تعزيز التعايش السلمي .. مؤتمر بـ المغرب بحضور مدير مكتبة الإسكندرية
شارك الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية فى المؤتمر الدولي والذي نظمته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالعاصمة المغربية الرباط تحت عنوان "الوئام بين أتباع الديانات: تعزيز التعايش السلمي"، لمناقشة دور الدين في بناء المجتمعات السلمية، وسبل مواجهة تحديات تعزيز التعايش والحوار بين أتباع الأديان كأداة لحل النزاعات.
عقد المؤتمر بالشراكة مع اللجنة الحكومية للشؤون الدينية بأذربيجان وبمشاركة خبراء ومختصين من مصر وأذربيجان وليبيا والسنغال.
فى البداية أشاد الدكتور أحمد زايد بالدور الذى تلعبة ال "إيسيسكو" فى نشر ثقافة التسامح من خلال ما يسمى ب "سفراء السلام"، وقال أننا نحتاج فى عالمنا المعاصر إلى التأكيد على نشر مبادىء السلام والتسامح والعدل والتبادلية والحوار والاحترام المتبادل، والعمل على أن تكون السعادة هى الهدف الأساسى للإنسان وليس الظلم والقهر والتطرف الذى نشهده فى عالم اليوم بسبب الفهم الخاطىء للدين.
وأكد الدكتور زايد خلال مشاركته فى الجلسة الأولى للمؤتمر على أهمية الحديث عن الوئام بين أتباع الديانات فى العالم المعاصر الذى يعانى فيه الإنسان من حالة من عدم اليقين والشعور بالخطر وتفشى التطرف والغلو وانتشار الحروب والصراعات التى تجعل الإنسان المعاصر يعيش فى خطر، مشيرًا إلى أهمية الدور الكبير للدين، لأن الكثير من أتباع الأديان يميلون للتشدد وبعض الحركات تميل إلى إستخدام الدين لتحقيق مصالحها وأهدافها، وتنحرف بالدين عن أهدافه السامية. وأضاف أن النتيجة لكل هذا هى دخول العالم كله فى موجة من التطرف وضياع المبادىء العامة والفضيلة، وهو ما ينعكس فى دخول المجتمعات نتيجة لذلك من حالة من التشظى وعدم اليقين، مؤكداً على أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه الأديان السماوية، وتناول فى كلمته الطريقة التى يمكن أن تتوافق الأديان فيما بينها وأهمية أن تتلاقى فيما بينها بناء على الخبرات والتجارب الحية، ومنها تجربة الأزهر الشريف والعلاقات الحميمية التى تربط المسلمين بالمسيحيين فى مصر، من خلال الفهم الوسطى للدين، والدعم الكبير الذى تلقاه الكنيسة من قبل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى ومن قبل الدولة المصرية بشكل عام.
النموذج المصري
وأضاف زايد أنه لابد من تكرار النموذج المصرى الذى يؤسس على المشترك بين الثقافات المختلفة وما بين أتباع الديانات المختلفة، وأكد أنه علينا أن ننشىء أجيالًا جديدة تأخذ على عاتقها فهم الدين بشكل مختلف عن الأجيال السابقة وأن ترى الأديان معين على العمل والانجاز والحضارة وبناء المعرفة والقيم الفاضلة، وأنها تشجيع على التسامح واحتواء الآخرين الذين يعيشون معنا فى بيئة مشتركة، وقال أن هذا طريق عملى لبناء علاقات جيدة تبادلية بين أتباع الديانات المختلفة، مشيرأ الى أهمية ألا تكون هناك وصاية من أصحاب دين على آخر، أو من جماعة على جماعة، وأن يفتح باب الاجتهاد لأطياف المثقفين والعلماء لكى يدلى كل بدلوه وليس فقط العاملين فى المؤسسة الدينية، وإنما أيضا من خارجها.