معالجة الفقر: ليس مجرد كتاب.
صدر للدكتور عبدالرحمن الخضر كتاب (معالجة الفقر: مدخل للتنمية فى السودان (تشخيص ومساهمة فى اساليب المعالجة) ، وجاء الكتاب فى 4 ابواب و ما يزيد عن 400 صفحة وتضمن 30 جدول احصاءات ومقارنات ، ومع أن الكتاب احتوى على دراسة مفاهيمية فى بابه الأول ، إلا أنه فى اجماله بمثل عصارة تجربة عملية ، ويمكن القول انها (خطة) أو (مشروع عمل) استصحب تجارب محلية وأممية وانسانية ، ولاحظت أن الكتاب قارن تجارب دول مثل (الصين وبنغلاديش والبرازيل) وهى دول كثيفة السكان وشحيحة الموارد نسبيا مقارنة بالتعداد السكاني ونحن فى السودان عندنا (قلة فى السكان وسعة فى الموارد الطبيعية) ونؤسس حياتنا على عقيدة التعاون و تقليد مجتمعية تكافلية.

.

-انطلق المؤلف من مفهوم (أن معالجة الفقر هو عتبة نتوسل بها إلى التنمية الواسعة التي لا تستثني احد وتوجهه ولا موضوعا متعلقا بها فى هذا البلد الحبيب) ..

-ومع أن تأليف الكتاب فى غالبه تم داخل سجن كوبر (حيث تم إعتقال الدكتور الخضر فى مايو 2019م وحتى مايو 2023م ) ، وتم تحديث بعض البيانات بعد ذلك ، فإنه تباعد عن الاستغراق فى الشواهد النظرية وركز على التجارب العملية والانسانية ، وهذا عنصر قوة الكتاب ، فهو ليس ترفا فكريا أو استعراض أكاديمي وانما (رؤية متماسكة) ..

هذا الكتاب:
– هو تصويب للنقاشات والحوارات إلى نطاق ارتكاز فى خدمة الانسان ورفاهه بدلا عن الدوران فى التجاذبات الصفرية ، ومؤلفه رغم دوره السياسي إلا أن غايته كانت وما زالت خدمة الوطن والمواطن ، هذا مبتدأ الفعل السياسي ومنتهاه وقد وجدت ذلك ملهما وصائبا..

– وهو حصاد تجربة عملية ، من مواطن ورجال أعمال ومعتمد مخافظة زاخرة بالخيرات ثم وزير ووالى لأكثر ولايات السودان ارتباطا بحياة الناس (القضارف ولاية الانتاج) و الخرطوم ولاية تحقيق الكفاية وضخامة الاستهلاك) ، وهو نماذج عملية ، وفوق قيمته العلمية والمعرفية فهو خلاصة تجارب ماثلة..

– هو تجسيد لكيفية توظيف الوقت وتطويع الظروف بما يحقق الفائدة ، ورغم طبيعة السجن والظلم فإن دكتور عبدالرحمن وظف كل ذلك لما يخدم الناس ، وكان بإمكانه أن يكتب عن تجربة الحبس ودراما السجون وكيد المتآمرين وذلك أدب معروف وسير مبذولة ومرغوبة فى اسواق النشر وبين القراء ولكنه اختار الميل إلى ما ينفع الناس والمجتمع..

وكما اشار المؤلف فى مقدمة الكتاب ( أن هذا البحث يمثل رصدًا ومحاولة لوضع رؤية تلملم جهودًا كثيرة قامت بها الحكومات المتعاقبة خاصة حكومة الإنقاذ، في العشرين عاما الأخيرة من عمرها .. والأمل معقود على تطوير هذه الرؤية والاستفادة منها من أي ممن تتاح لهم فرصة صناعة القرار في بلدنا الحبيب أو من الباحثين المهتمين بالموضوع أو الدارسين ولا يلزم الاستئذان في ذلك . ].
[فالبحث جهد المقل في بحر متلاطم من المعلومات والرؤى .. وهو محاولة لوضع لبنة للمعالجة آمل أن يبني عليها الآخرون )

انه كتاب جدير بالقراءة وجدير بالوقوف عنده للتطبيق وجدير برفوف المكتبات الاكاديمية ، وقليل فى نموذجه..
حيا الله الدكتور عبدالرحمن الخضر وبارك الله في جهده وعمله..

ابراهيم الصديق على
23 يوليو 2024م

Arwa Abd Elrhman

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مجرد رقم

عندما نطوي عامًا في رحلة أعمارنا القصيرة، فإنه يمضي بذكرياته الأليمة وتفاصيله البائسة ومشاهده العبثية، بانتظار سنةٍ أخرى جديدة، تحمل في طياتها تحقيق آمال وطموحات.. لكنها تظل معلقة بتصحيح المسار وعدم تكرار أخطاء الماضي.
على امتداد سنوات طويلة، كنا نعتقد أننا اقتربنا كثيرًا من فَهْم المعنى الحقيقي للحياة، لكن الواقع البائس، الذي يستعصي على الإدراك، أثبت يقينًا أن نظرتنا ستظل قاصرة، خصوصًا عندما تحاصرنا أفكار سلبية من كافة الاتجاهات، مصحوبة بهبوط حادٍّ في الروح المعنوية.
ورغم أن الحياة تستمر دائمًا، بأوجاعها ومراراتها وقسوتها، ولا تقف لأحدٍ أو عند أحدٍ، إلا أن الكثيرين يخشَوْنَ التقدم في العمر، وهم في ذلك ربما لا يُدركون أن العُمر لا يُقاس بعدِّ السنين، ولكن بعدَّاد المشاعر، وعليهم أن يعيشوا دائمًا بدوافع متجددة، والابتعاد عن الانزواء مع الأفكار المُحْبِطة أو مخالطة المُحْبِطين.
وبما أن العمر ليس سوى مجرد رقم، فإن لكل سنٍّ حكمها وتجاربها.. وفوائدها أيضًا، خصوصًا حين يُدرك الإنسان ـ ولو متأخرًا ـ مدى رغبته في تحقيق ما لم يستطع إنجازه، على مدار أعوام فائتة، واختباره أشياء جديدة، لم تتوفر له فيما مضى من عمره.
لذلك، عندما يتقدم الإنسان في العمر، تنضج خبراته الحياتية بشكلٍ كافٍ، بعد تراكم الذكريات بـ«حلوها ومرها»، ليكتشف بسهولة، كم أن الحياة قصيرة، ولا تستحق كل ما يفعله من أجلها، وعليه أن يحاول جاهدًا الاستفادة منها، بتأمل محطاتٍ لم يستغلها في حياته، وأمنيات لم يحققها يومًا ما.
نتصور أن كل مرحلة من مراحل العُمر، تكون مختلفة في تفاصيلها عمَّا سبقتها من مرحَلَتي «ليس بالإمكان»، و«لو كنتُ أستطيع»، خصوصًا عندما تُلقي بظلالها على الصحة العامة، والفكر والسلوك، والأولويات، أو قابلية المرونة والتغيير، وكذلك القدرة على مواجهة أعباء الحياة، وتحويل الغضب إلى طاقة إيجابية.
اللافت أنه بين فترة وأخرى، ينتاب الإنسان شعور بأن كل شيئ حوله توقف، أو انتهى تمامًا، لكن ذلك الإحساس ربما يكون بداية حقيقية لمرحلة جديدة من حياته، خصوصًا أن قسوة الأيام ومرارتها لن تستمر إلى الأبد.
وبما أن كل مرحلة في العُمْر، تحمل أبعادًا إنسانية واجتماعية وسلوكية مختلفة، إلا أن «السعادة» كمعنى وحالة، تظل أجمل غاية قد يحققها الإنسان، لأنها أهم وأثمن الكنوز، رغم تشابك مفهومها المعقد مع القناعة والرضا والرفاهية.
أخيرًا.. يظل الإنسان نابضًا بالحيوية والشباب، طالما لديه القدرة على أن يحلُم، لكنه يتداعى بالشيخوخة عندما يبدأ مرحلة استحضار الذكريات، وهنا يجب النظر إلى ما مرَّ من العمر، من زاويةٍ أكثر تفاؤلًا، بأنه مجرد رقم، أو بداياتٍ فقط لما هو آتٍ، حتى لا نشعر ببلادة الوقت، ونعيش مرحلة شيخوخةٍ مبكرةٍ، لا علاج لها سوى انتظار الموت.
فصل الخطاب:
يقول «جبران خليل جبران»: «أجمل ما في التقدم بالعمر، أنه كلما كبرت عامًا يجعلك تستصغر أمورًا كثيرة كانت تستهلك طاقتك ومشاعرك يومًا ما، وأن النضوج يجعلك تُعيد ترتيب الأشياء».

[email protected]

مقالات مشابهة

  • طلب إحاطة بشأن توقف إنشاء محطة معالجة المياه بكفر صقر
  • تعاون مصري صيني في القطاع الزراعي وإنتاج المحاصيل الاستراتيجية
  • البحوث الزراعية والصين يبحثان آفاق التعاون المشترك
  • بنت الشاطئ.. عائشة عبدالرحمن صاحبة النهضة النسائية بدمياط
  • مجرد رقم
  • غضبة البرهان ابعد من مجرد الرد
  • (خلو بالكم) مجرد هدنة في لبنان
  • أخفت الصندوق داخل ملابسها .. سيدة تنفِّذ عملية سرقة بطريقة احترافية .. فيديو
  • فوز جديد لسيدات “الخضر” أمام الأوغنديات
  • 5 أدوات لتحسين جودة الصور بتقنية الذكاء الاصطناعي