التحالف القاتل بين حركة الشباب والحوثيين
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
في الحادي عشر من يونيو، طرحت المخابرات الأمريكية زعما مذهلا، هو أن المتمردين الحوثيين في اليمن يتطلعون إلى التعاون مع حركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، ويناقشون صفقة لتزويد المقاتلين الصوماليين بالأسلحة.
من شأن ذلك الاتفاق المحتمل ـ حسبما تردد ـ أن يوفر أنظمة أسلحة متقدمة لحركة الشباب مقابل عائدات يحتاج إليها الحوثيون بشدة.
وبرغم من أن مسؤولي الولايات المتحدة لم يعثروا على أي دليل مباشر على حدوث تبادل للأسلحة في هذا الوقت، فإن محض إمكانية طرح هاتين المجموعتين خلافاتهما المذهبية جانبا بهدف التعاون جديرة بأن تثير القلق. فحركة الشباب تحاول إقامة حكم جهادي على أرض الصومال. ويقاتل الحوثيون التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وتركز منذ نوفمبر على هجمات بحرية تستهدف السفن التي تعتبرها الجماعة متحالفة مع إسرائيل. ويحذو الحوثيون حذو داعميهم الذين آووا بعض كبار قيادات التنظيم. وبرغم أن فرع تنظيم القاعدة المحلي في اليمن، المعروف باسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية(AQAP)، قد أقام سمعته على محاربة الحوثيين وتكفيرهم، فقد زعم بعض المحللين والمسؤولين التابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي (STC) العام الماضي أن الحوثيين زودوا تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بطائرات مسيرة هجومية ذات اتجاه واحد. ولو صح هذا، فإن توسيع نطاق التعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة ليشمل حركة الشباب لن يكون مفاجئا، حيث أن لدى الجماعتين علاقات طويلة الأمد قادتهما إلى التعاون بل وإلى نقل قدرات تفجيرية في الماضي. وتعتمد مثل هذه التقارير على مزاعم أحدث تفيد بأن الحوثيين بدأوا في تزويد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بدعم عسكري محدود في محاولة لإضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي جنوبي اليمن. إذا ما أبرمت صفقة حقا، فقد تكون نذيرا باستراتيجية حوثية جديدة لتوسيع العلاقات مع جماعات مسلحة أخرى في أنحاء المنطقة، بما يؤجج حملتهم لتعطيل عمليات الشحن العالمية. ولا يبدو أن هذه الحملة في طريقها إلى التباطؤ عما قريب، ولقد أثرت بالفعل على ما يقدر بـ 65 دولة وأجبرت ما لا يقل عن 29 شركة كبرى للطاقة والشحن على تغيير مساراتها. وواقع الأمر أن الحوثيين أطلقوا هجوما صاروخيا وطائرة مسيرة على ناقلة فحم مملوكة لليونان مما أدى في النهاية إلى إغراقها، وذلك بعد يوم واحد فقط من ظهور تقارير المفاوضات بين حركة الشباب والحوثيين على السطح.
بالإضافة إلى ذلك، من شأن الاتفاق أن يمكن الحوثيين من الحصول على رأس مال يمكن أن تستعمله الجماعة في التجنيد وتمويل أنشطتها العسكرية، وهو أمر ازدادت أهميته عن ذي قبل إذ تتعقب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأموال التي تصل إلى الحوثيين من جراء حملتها البحرية. وتمتلك حركة الشباب الأصول المالية اللازمة لدفع ثمن مثل هذا النظام. فوفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، تحصل الجماعة المسلحة على أكثر من مئة مليون دولار سنويا من خلال مصادر تمويل متعددة، من قبيل ابتزاز الشركات والأفراد في الداخل، والضرائب، ورسوم الطرق، والتجارة غير المشروعة، بالإضافة إلى الاستثمار في تجارة الفحم والسكر. فضلا عن ذلك، أثبتت الجماعة أنها محصنة بشكل متزايد من العقوبات الدولية التي تستهدف كبار قادتها ومموليها بسبب العدد الهائل من الكيانات التجارية التابعة لحركة الشباب، وبسبب قدرتها على التعامل بالنقد أو غسل الأموال من خلال شراء الذهب، والرقابة الحكومية المحدودة على القطاع المالي الصومالي.
لكن من شأن اتفاق كهذا أن يكون له في واقع الأمر تأثير سلبي على الحوثيين، الذين حققوا طفرة كبيرة في الدعم على المستويين المحلي والدولي نتيجة لهجماتهم البحرية التي تعد داعمة للفلسطينيين في غزة. على المستوى المحلي، قد يكون التعاون مع جماعة متطرفة أمرا إشكاليا، نظرا لأن الحوثيين أسسوا هويتهم على أساس مكافحة الأيديولوجيات الزاحفة. وقد يؤدي تحول كهذا إلى إشعال نيران استياء طويل الأمد في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بسبب سوء إدارة الجماعة، والتأخر الكبير في دفع رواتب المدنيين، واتساع نطاق القمع. فضلا عن ذلك، فإن شراكة مع منظمة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة ستقوض جهود الحوثيين لتصوير أنفسهم باعتبارهم هيئة الحكم الشرعية في اليمن، ما قد يؤدي إلى قطع دعم طال انتظاره من دول عربية أخرى ومن بعض المتعاطفين في المجتمع الدولي مع الفلسطينيين في ما قبل التوصل إلى اتفاق سلام محتمل مع السعودية.
على أي حال، يؤكد الاتفاق المحتمل أنه برغم أن العقوبات والضربات لأهداف الحوثيين استطاعت إضعافهم، إلا أنهم سيستمرون في إيجاد طرق مبتكرة لتجنب العمليات الهجومية - مثلما تبين بالفعل من خلال جهود الجماعة لتوسيع قواعدها السرية وأنفاقها لإخفاء الأسلحة والناشطين ـ والحصول على الأموال والأسلحة. ومع إدراك أن الحوثيين قد يعتزمون تصدير الأسلحة، ستحتاج التحالفات البحرية الدولية من قبيل عملية (حارس الرخاء) ذات القيادة الأمريكية وقوة عملية أسبيدس الآن إلى التركيز أيضا على السفن المسافرة من الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى منع حركة الشباب من الوصول إلى الأموال التي يمكن استخدامها للدفع للحوثيين من خلال دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية في توسيع الرقابة التنظيمية على النظام المصرفي بالصومال. ويجب أن تشمل مثل هذه الحملة زيادة مراقبة البنوك المملوكة جزئيا للشركات المرتبطة بحركة الشباب، ومصادرة الحسابات المصرفية المرتبطة بالجماعة، وإغلاق المرافق المصرفية الإلكترونية المستخدمة للتعامل مع مدفوعات الضرائب. وينبغي أيضا اتخاذ تدابير إضافية من قبيل تحديد ومداهمة المنازل الآمنة المستخدمة لإخفاء الأموال المجمعة من الضرائب ومنع العاملين من الوصول إلى الأسواق الدولية للذهب والمعادن الثمينة.
إميلي ميليكي المدير المساعد لمبادرة N7 التابعة للمجلس الأطلنطي
ذي ناشونال إنتريست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تنظیم القاعدة حرکة الشباب أن الحوثیین فی الیمن من خلال
إقرأ أيضاً:
قبل تصنيفه كمنظمة إرهابية.. الحوثيون يوجهون تعليمات جديدة للبنوك في مناطق سيطرتهم
شمسان بوست / خاص:
قبل بدء سريان تصنيفها كـ”منظمة إرهابية أجنبية” من قبل الولايات المتحدة، أعلنت جماعة الحوثي رفضها لأي عقوبات دولية على الأفراد والكيانات الخاضعة لها، مشترطة موافقتها المسبقة على أي إجراءات تجميد أو حجز أموال.
وأصدر البنك المركزي اليمني في صنعاء، الخاضع لسيطرة الجماعة، تعميماً يلزم المؤسسات المالية والتجارية بعدم تنفيذ أي عقوبات دولية إلا بأمر من سلطاته القضائية أو وحدة المعلومات المالية التابعة له. كما وجه بمواصلة التعامل مع الأفراد والكيانات المدرجة على قوائم العقوبات الدولية ما لم يصدر قرار داخلي يمنع ذلك.
هذه الخطوة، وفقاً لمحللين اقتصاديين، قد تمثل تحدياً للتصنيف الأميركي وتعرقل أي محاولات لنقل البنوك والمؤسسات المالية من صنعاء إلى عدن، حيث الحكومة المعترف بها دولياً. ويتوقع خبراء أن يلجأ الحوثيون إلى الاستيلاء على البنوك التجارية التي تحاول مغادرة مناطق سيطرتهم، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي في اليمن.
في سياق آخر، كشف تقرير أممي حديث عن استمرار تدهور الأمن الغذائي في البلاد، حيث يعاني 61% من الأسر من صعوبة الوصول إلى الغذاء الكافي، وسط نقص التمويل وتعليق المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين. وتفاقمت الأزمة نتيجة القيود الاقتصادية، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الأسر المتضررة مقارنة بالعام الماضي.
هذه التطورات تزيد من الضغوط على الاقتصاد اليمني، حيث تواجه الشركات والبنوك خياراً صعباً بين الالتزام بالعقوبات الدولية أو التعامل مع سياسات الحوثيين، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة.