لجريدة عمان:
2024-09-07@04:02:19 GMT

الصمت العربي المريب

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

لم يحرك العدوان الإسرائيلي على منشآت مدنية يمنية صباح الأحد الماضي ساكنا في العالم العربي، حتى الإدانات المشهورة والتظاهرات الشعبية المهندسة والمحدودة التي كانت تكتفي بها الحكومات العربية في الماضي، والتي كنا نتندر عليها، لم تعد متاحة سوى في عدد قليل من العواصم العربية، وأصبحت محرّمة تماما خاصة في الدول المطبعة مع العدو الصهيوني أو تلك الباحثة عن التطبيع.

ما الذي أوصل تلك الحكومات إلى هذه المرحلة البائسة من الضعف، إلى درجة تجعلها تبلع ألسنتها الطويلة الموجهة فقط ضد مواطنيها ومعارضيها، وتتحاشى تماما إغضاب الصديقين الإسرائيلي والأمريكي، خاصة تلك التي تمتلك جيوش مليونية، وتنفق بسخاء منقطع النظير على الأسلحة الأمريكية والغربية؟

لم تزعج الهجمات التي طالت ميناء الحديدة ومخازن الواردات الغذائية لملايين اليمنيين ولا العنهجية التي سوق بها الإرهابي الصهيوني نتنياهو لها وقوله «إن هذه الضربات أوضحت لأعدائنا أنه لا يوجد مكان لا تصل إليه اليد الطويلة لدولة إسرائيل»، لم تزعج الدول العربية المتحالفة مع إسرائيل، تماما مثلما لم تنزعج من سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين قتلى وجرحى وجوعى نتيجة التطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزة منذ تسعة أشهر أو بالأحرى منذ اندلاع الصراع العربي- الإسرائيلي أي منذ نكبة 1948.

يحق لنا أن نتساءل ونحن نشاهد هذه العنجهية الصهيونية، التي فاقت الوصف، عن سر هذا البرود العربي في مواجهة كل هذه الاستفزازات الصهيو- أمريكية، والصمت المريب المطبق على غالبية الحكومات العربية وكذلك جامعة الدول العربية.

إن البحث عن إجابة لهذا السؤال يتطلب منا أن نراجع الاحتمالات المطروحة سياسيا وإعلاميا، والتي تؤكد جميعها صحة ما يتردد عن دعم بعض الدول العربية إسرائيل بأشكال مباشرة وغير مباشرة دون أي شعور بالخجل، بل وصحة ما يقال عن أن نفس الدول تطالب إسرائيل بعدم إنهاء عدوانها على غزة قبل أن تقضي تماما على أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية في القطاع المنكوب. ويؤيد هذا الاستخلاص استجابة هذه الدول للدعوة الأمريكية الإسرائيلية الخبيثة بتشكيل قوة ردع عربية تتولى مهام إدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب وبعد القضاء على المقاومة.

لم يكن أشد المتشائمين من الواقع العربي الحالي يتوقع أن يأتي اليوم الذي تصمت فيه الدول ووسائل الإعلام العربية عن جرائم الصهيونية العالمية بهذا الشكل المخزي، وأن تفشل هذه الدول في إيصال المساعدات الغذائية والأدوية ومتطلبات الحياة الآدمية إلى غزة في الوقت الذي تقيم فيه جسور الإمدادات إلى العدو الإسرائيلي.

هنا أتوقف قليلا أمام أداء المنصات الإعلامية العربية التي تجاهر بالعداء للمقاومة والتأييد المبطن لعصاب الصهاينة سواء في الولايات المتحدة أو داخل الأراضي العربية المحتلة. لقد ظل الإعلام العربي حتى بعد توقيع أول اتفاق تطبيع عربي مع إسرائيل في العام 1979 ينظر إلى الدولة العبرية كعدو، ولم ينتج عن اتفاقيات السلام العربية- الإسرائيلية التي وقعتها دولتان من دول الطوق العربي سوى سلام بارد لا طعم ولا لون له. وكانت أي محاولة لتقارب فعلي ودافئ تواجه بغضب شعبي وإعلامي. التحول الأكبر تمثل في دخول دول عربية من خارج دول الطوق في مسار التطبيع وتوقيع الاتفاقيات مع إسرائيل وتبادل المصالح والسفراء معها، إرضاء لها وللولايات المتحدة من جانب، والاستعانة بهما في تحجيم الخطر الإيراني المتوهم.

وأميل هنا إلى تبني رؤية نشرها المركز العربي في واشنطن تقول: «إن الحكومات العربية حاولت الاستجابة للأبعاد السياسية والإنسانية والجيو- استراتيجية للحرب في غزة، غير أنها كانت في كثير من الأحيان استجابات متناقضة مع بعضها البعض». لقد كان على الحكومات أن تراهن على خيط رفيع، وتختار بين أربعة اعتبارات مهمة هي: كيفية دعم القضية الفلسطينية، التي يتردد صداها بعمق لدى شعوبها؛ وكيفية القيام بذلك دون تعزيز حركة المقاومة «حماس» وغيرها من الحركات الإسلامية التي تعتبرها معظم الأنظمة العربية تهديدا لها. وكيفية انتقاد الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى لدعمها غير المشروط والمبالغ فيه لإسرائيل لتمكينها من تدمير غزة دون إغضابها أو دفعها إلى تقليص دعمها المالي والأمني الوجودي للعديد من الدول العربية؛ وكيفية تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني مدني أعزل في غزة تُعمل فيهم إسرائيل آلة قتل فتاكة بطريقة إبادة جماعية.

صحيح أن بعض الدول العربية أمام الضغوط الشعبية أو خشية تعرضها لمثل هذه الضغوط قدمت دعما خطابيا ودبلوماسيا لأهل غزة والقضية الفلسطينية الأوسع عبر البيانات والتصريحات والخطب في الهيئات الدولية، فإن هذا الدعم ظل غير محسوس جماهيريا لغياب أي رادع عربي لإسرائيل ووسائل الضغط التي كان يمكن أن تمارسها بعض الدول على إسرائيل كقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفراء الصهاينة وتجميد كل صور التطبيع.

في ظل هذا الوضع بقيت الأنظمة العربية عاجزة عن الحد من الهجمات الإسرائيلية العنيفة على غزة وجنوب لبنان واليمن أو وقفها، أو تزويد أهل غزة بالمساعدات الكافية وضمان دخولها عبر معبر رفح، أو ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.

لقد نسف الكنيست الإسرائيلي ما بنى عليه العرب من وهم السلام الزائف مع العدو الصهيوني بعد أن تبنى مساء الأربعاء الماضي قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس، وهو ما كان مبررا لدى الدول المطبعة للدخول في اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ويمثل رسالة واضحة، تؤكد رفض إسرائيل فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقبلا، أو أي مفاوضات قد تؤدي إلى ذلك». فماذا أنتم فاعلون أيها العرب؟، إنكم - رغم كل الجرائم التي ترتكب بحق إخوانكم في غزة ولبنان واليمن- ما زلتم ترحبون بالعدو، وتتطوعون لدعمه وهو في غنى عنه، وتدافعون عنه في وسائل إعلامكم.

لم يعد الأمر يتحمل هذا البرود في التعامل مع عدو العرب الأول. وليس من الحكمة الآن أن نُدر لإسرائيل خدنا الأيسر بعد أن ضربتنا مرارا على خدنا الأيمن، أو ألا نمنعها ثوبنا بعد أن أخذت رداءنا؟.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدول العربیة مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟

إنجلترا – انضمت بريطانيا إلى قائمة من الدول التي علقت أو قيدت صادرات الأسلحة لإسرائيل على خلفية الحرب في غزة والمخاوف من إمكان استخدام تلك الأسلحة في انتهاك القانون الإنساني الدولي.

وجاء قرار بريطانيا إثر انتهاء مراجعة تراخيص الأسلحة المصدرة إلى إسرائيل والتي طلبها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بعيد توليه منصبه في بداية يوليو الماضي.

وعلى الرغم من أن بريطانيا تشكل جزءا صغيرا فقط من مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، فقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار، قائلا إنه “مع أو بدون الأسلحة البريطانية سننتصر في هذه الحرب”.

وهذه أبرز الدول التي علقت أو قيدت صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

بريطانيا

قالت بريطانيا الاثنين، إنها ستعلق فورا حوالى 30 من أصل حوالي 350 ترخيصا لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل من بينها مكونات مستخدمة في الطائرات العسكرية وطائرات الهليكوبتر والطائرات المسيرة بالإضافة إلى العناصر المستخدمة لاستهداف الأرض.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن قرار الحد من التراخيص جاء نتيجة المخاوف من احتمال استخدام العتاد العسكري في انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

ويشمل الحظر الجزئي عناصر “يمكن استخدامها في النزاع الحالي في غزة” بين إسرائيل وحركة الفصائل الفلسطينية، وفق ما أوضح الوزير.

إيطاليا

أعلنت إيطاليا في أواخر العام الماضي أنها توقفت عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، رغم أن بعض صادرات الأسلحة استمرت.

وقالت الحكومة الإيطالية إنها ستلتزم بالطلبات الحالية بشرط عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين، وفقا لوكالة رويترز.

وكانت إيطاليا ثالث أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل بين عامي 2019 و2023، حيث بلغت 0.9 في المئة من واردات إسرائيل خلال تلك الفترة، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

إسبانيا

قالت وزارة الخارجية الإسبانية في فبراير إن البلاد لم توافق على أي مبيعات أسلحة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر.

ومع ذلك، أفادت صحف محلية بأن صادرات الأسلحة التي تمت الموافقة عليها قبل الحرب أُرسلت إلى إسرائيل بعد اندلاع الحرب.

هولندا

أمرت محكمة الحكومة الهولندية بوقف تصدير أجزاء من طائرات” F-35″ إلى إسرائيل بسبب المخاطر الواضحة لانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وذلك ردا على دعوى قضائية قدمتها منظمة أوكسفام نوفاب واثنتان من مجموعات حقوق الإنسان الأخرى.

وستنظر المحكمة العليا هذا الأسبوع في الاستئناف الذي قدمته الحكومة الهولندية ضد القرار.

بلجيكا

في فبراير، علق إقليم والونيا في بلجيكا رخصتين لتصدير البارود إلى إسرائيل، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية، وذلك على خلفية قرار صادر من محكمة العدل الدولية يطلب من إسرائيل بذل المزيد من الجهود لتفادي سقوط مدنيين في غزة.

كندا

قالت وزارة الخارجية الكندية في مارس إن البلاد لم توافق على أي تصاريح لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ 8 يناير وأن التوقف سيستمر حتى تتمكن من ضمان “الامتثال الكامل” من قبل إسرائيل لضوابط التصدير، مبينة أن التصاريح الممنوحة قبل 8 يناير ستظل سارية.

كذلك مرر مجلس العموم الكندي في مارس قرارا غير ملزم يقضي بوجوب وقف أي تفويض آخر لنقل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

 

المصدر: “واشنطن بوست”

مقالات مشابهة

  • أوبك: السعودية وروسيا بين الدول التي وافقت على تمديد تخفيضات إنتاجها الطوعية الإضافية بمقدار 2.2 مليون ب/ي
  • “الإمارات” تترأس الدورة الـ 114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي
  • الإمارات تترأس الدورة الـ 114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية يدعو الأعضاء لدعم الأسر المتضررة من العدوان الإسرائيلي في غزة والضفة
  • ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟
  • سلام يلقي كلمة لبنان في جامعة الدول العربية في القاهرة
  • الجامعة العربية تؤكد الدعم العربي لموقف مصر الرافض لوجود القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا
  • قائمة الدول التي علقت أو قيّدت تصدير الأسلحة لإسرائيل
  • الإمارات: دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية كبير في تعزيز العمل العربي المشترك
  • الجامعة العربية تدعو مجلسها الاقتصادي لوضع خطط للتخفيف من آثار العدوان الإسرائيلي على غزة