لجريدة عمان:
2025-04-18@20:10:49 GMT

الصمت العربي المريب

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

لم يحرك العدوان الإسرائيلي على منشآت مدنية يمنية صباح الأحد الماضي ساكنا في العالم العربي، حتى الإدانات المشهورة والتظاهرات الشعبية المهندسة والمحدودة التي كانت تكتفي بها الحكومات العربية في الماضي، والتي كنا نتندر عليها، لم تعد متاحة سوى في عدد قليل من العواصم العربية، وأصبحت محرّمة تماما خاصة في الدول المطبعة مع العدو الصهيوني أو تلك الباحثة عن التطبيع.

ما الذي أوصل تلك الحكومات إلى هذه المرحلة البائسة من الضعف، إلى درجة تجعلها تبلع ألسنتها الطويلة الموجهة فقط ضد مواطنيها ومعارضيها، وتتحاشى تماما إغضاب الصديقين الإسرائيلي والأمريكي، خاصة تلك التي تمتلك جيوش مليونية، وتنفق بسخاء منقطع النظير على الأسلحة الأمريكية والغربية؟

لم تزعج الهجمات التي طالت ميناء الحديدة ومخازن الواردات الغذائية لملايين اليمنيين ولا العنهجية التي سوق بها الإرهابي الصهيوني نتنياهو لها وقوله «إن هذه الضربات أوضحت لأعدائنا أنه لا يوجد مكان لا تصل إليه اليد الطويلة لدولة إسرائيل»، لم تزعج الدول العربية المتحالفة مع إسرائيل، تماما مثلما لم تنزعج من سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين قتلى وجرحى وجوعى نتيجة التطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزة منذ تسعة أشهر أو بالأحرى منذ اندلاع الصراع العربي- الإسرائيلي أي منذ نكبة 1948.

يحق لنا أن نتساءل ونحن نشاهد هذه العنجهية الصهيونية، التي فاقت الوصف، عن سر هذا البرود العربي في مواجهة كل هذه الاستفزازات الصهيو- أمريكية، والصمت المريب المطبق على غالبية الحكومات العربية وكذلك جامعة الدول العربية.

إن البحث عن إجابة لهذا السؤال يتطلب منا أن نراجع الاحتمالات المطروحة سياسيا وإعلاميا، والتي تؤكد جميعها صحة ما يتردد عن دعم بعض الدول العربية إسرائيل بأشكال مباشرة وغير مباشرة دون أي شعور بالخجل، بل وصحة ما يقال عن أن نفس الدول تطالب إسرائيل بعدم إنهاء عدوانها على غزة قبل أن تقضي تماما على أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية في القطاع المنكوب. ويؤيد هذا الاستخلاص استجابة هذه الدول للدعوة الأمريكية الإسرائيلية الخبيثة بتشكيل قوة ردع عربية تتولى مهام إدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب وبعد القضاء على المقاومة.

لم يكن أشد المتشائمين من الواقع العربي الحالي يتوقع أن يأتي اليوم الذي تصمت فيه الدول ووسائل الإعلام العربية عن جرائم الصهيونية العالمية بهذا الشكل المخزي، وأن تفشل هذه الدول في إيصال المساعدات الغذائية والأدوية ومتطلبات الحياة الآدمية إلى غزة في الوقت الذي تقيم فيه جسور الإمدادات إلى العدو الإسرائيلي.

هنا أتوقف قليلا أمام أداء المنصات الإعلامية العربية التي تجاهر بالعداء للمقاومة والتأييد المبطن لعصاب الصهاينة سواء في الولايات المتحدة أو داخل الأراضي العربية المحتلة. لقد ظل الإعلام العربي حتى بعد توقيع أول اتفاق تطبيع عربي مع إسرائيل في العام 1979 ينظر إلى الدولة العبرية كعدو، ولم ينتج عن اتفاقيات السلام العربية- الإسرائيلية التي وقعتها دولتان من دول الطوق العربي سوى سلام بارد لا طعم ولا لون له. وكانت أي محاولة لتقارب فعلي ودافئ تواجه بغضب شعبي وإعلامي. التحول الأكبر تمثل في دخول دول عربية من خارج دول الطوق في مسار التطبيع وتوقيع الاتفاقيات مع إسرائيل وتبادل المصالح والسفراء معها، إرضاء لها وللولايات المتحدة من جانب، والاستعانة بهما في تحجيم الخطر الإيراني المتوهم.

وأميل هنا إلى تبني رؤية نشرها المركز العربي في واشنطن تقول: «إن الحكومات العربية حاولت الاستجابة للأبعاد السياسية والإنسانية والجيو- استراتيجية للحرب في غزة، غير أنها كانت في كثير من الأحيان استجابات متناقضة مع بعضها البعض». لقد كان على الحكومات أن تراهن على خيط رفيع، وتختار بين أربعة اعتبارات مهمة هي: كيفية دعم القضية الفلسطينية، التي يتردد صداها بعمق لدى شعوبها؛ وكيفية القيام بذلك دون تعزيز حركة المقاومة «حماس» وغيرها من الحركات الإسلامية التي تعتبرها معظم الأنظمة العربية تهديدا لها. وكيفية انتقاد الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى لدعمها غير المشروط والمبالغ فيه لإسرائيل لتمكينها من تدمير غزة دون إغضابها أو دفعها إلى تقليص دعمها المالي والأمني الوجودي للعديد من الدول العربية؛ وكيفية تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني مدني أعزل في غزة تُعمل فيهم إسرائيل آلة قتل فتاكة بطريقة إبادة جماعية.

صحيح أن بعض الدول العربية أمام الضغوط الشعبية أو خشية تعرضها لمثل هذه الضغوط قدمت دعما خطابيا ودبلوماسيا لأهل غزة والقضية الفلسطينية الأوسع عبر البيانات والتصريحات والخطب في الهيئات الدولية، فإن هذا الدعم ظل غير محسوس جماهيريا لغياب أي رادع عربي لإسرائيل ووسائل الضغط التي كان يمكن أن تمارسها بعض الدول على إسرائيل كقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفراء الصهاينة وتجميد كل صور التطبيع.

في ظل هذا الوضع بقيت الأنظمة العربية عاجزة عن الحد من الهجمات الإسرائيلية العنيفة على غزة وجنوب لبنان واليمن أو وقفها، أو تزويد أهل غزة بالمساعدات الكافية وضمان دخولها عبر معبر رفح، أو ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.

لقد نسف الكنيست الإسرائيلي ما بنى عليه العرب من وهم السلام الزائف مع العدو الصهيوني بعد أن تبنى مساء الأربعاء الماضي قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس، وهو ما كان مبررا لدى الدول المطبعة للدخول في اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ويمثل رسالة واضحة، تؤكد رفض إسرائيل فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقبلا، أو أي مفاوضات قد تؤدي إلى ذلك». فماذا أنتم فاعلون أيها العرب؟، إنكم - رغم كل الجرائم التي ترتكب بحق إخوانكم في غزة ولبنان واليمن- ما زلتم ترحبون بالعدو، وتتطوعون لدعمه وهو في غنى عنه، وتدافعون عنه في وسائل إعلامكم.

لم يعد الأمر يتحمل هذا البرود في التعامل مع عدو العرب الأول. وليس من الحكمة الآن أن نُدر لإسرائيل خدنا الأيسر بعد أن ضربتنا مرارا على خدنا الأيمن، أو ألا نمنعها ثوبنا بعد أن أخذت رداءنا؟.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدول العربیة مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأنظمة العربية من اتفاقية الدفاع المشترك إلى نزع سلاح المقاومة.. ماذا حدث؟

في كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي في جلسة خُصصت لإحياء الذكرى الأربعين لزيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى الاحتلال الإسرائيلي، صرّح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، بأن العائق الرئيسي أمام توسيع دائرة السلام بين إسرائيل والدول العربية لا يكمن في قادة تلك الدول، بل في الرأي العام العربي.

وقال نتنياهو: "العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تتمثل في قادة الدول المجاورة، وإنما في المزاج العام السائد في الشارع العربي"، مضيفًا أن "الرأي العام العربي تعرض، على مدار سنوات طويلة، لعملية تشويه ممنهجة لصورة إسرائيل، نتج عنها تصور خاطئ ومنحاز يصعب تغييره، تمامًا كما يصعب إزالة الطبقات الجيولوجية المتراكمة".

وأكد نتنياهو أن السلام الحقيقي يتطلب إحداث اختراق في وعي الشعوب العربية، مشيرًا إلى أن "السلام البارد، رغم محدوديته، يظل أفضل من الحرب الساخنة".
أكبر عقبة أمام توسيع دائرة السلام ليست زعماء الدول التي تحيط بنا بل هي الرأي العام في الشارع العربي الذي تعرض على مدار سنوات طويلة لدعاية عرضت إسرائيل بشكل خاطئ ومنحاز. — رئيس وزراء دولة إسرائيل (@Israelipm_ar) November 21, 2017
ولعل الداعي لاستدعاء هذه التصريحات٬ هو ما به صرّح وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأربعاء٬ بأن مصر طرحت، ولأول مرة، شرطًا جديدًا ضمن الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب في قطاع غزة.

وقال كاتس، في تصريح على منصة إكس، إن "المصريين اشترطوا للمرة الأولى نزع سلاح حركة حماس وتجريد قطاع غزة من السلاح كأحد البنود الأساسية للتوصل إلى اتفاق شامل وإنهاء الحرب".
מדיניות ישראל בעזה, אותה מוביל הפיקוד הצה"לי בגיבוי הדרג המדיני, ברורה וחד משמעית:

בראש וראשונה עשיית כל מאמץ להביא לשחרור כלל החטופים במסגרת מתווה וויטקוף, ובניית גשר להכרעת החמאס בהמשך.

עצירת הסיוע ההומניטרי שפוגע בשליטת חמאס באוכלוסייה, ויצירת תשתית לחלוקה באמצעות חברות… — ישראל כ”ץ Israel Katz (@Israel_katz) April 16, 2025


مصر مجرد "وسيط"
وفي رده على هذه التصريحات٬ نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، ما وصفه بـ"الروايات الكاذبة" التي تزعم أن مصر اقترحت نزع سلاح حركة "حماس" في قطاع غزة.

وقال رشوان، في تصريحات تلفزيونية، إن "الأيام الماضية شهدت تداول روايات متعددة حول طرح نزع سلاح حماس، من بينها ما نسب إلى وزير الدفاع الإسرائيلي، وزُعم أنه اقتراح مصري، وهو أمر عارٍ تماماً من الصحة". 

وأكد أن "من يصدق هذه الرواية فعليه أن يصدق كافة روايات إسرائيل"، مشيراً إلى أن الإعلام الإسرائيلي يروّج منذ ثلاثة أيام لمقترح جديد قدمه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتضمن أربعة شروط، من بينها هذا الشرط المزعوم.

وأوضح رشوان أن "الاقتراح الإسرائيلي نُقل إلى مصر خلال اجتماع حضره وفد من حركة حماس، بالإضافة إلى ممثلين عن قطر وتركيا"، مشدداً على أن مصر لا تحتاج إلى إثبات موقفها الداعم للحقوق الفلسطينية. 


حماس ترد
وفي ردهم على تصريحات كاتس٬ أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء أمس الأربعاء، رفض الحركة القاطع لأي مقترح يتضمن نزع سلاحها أو سلاح الفصائل الفلسطينية، مشيرين إلى أن الحركة ستقدم قريباً ردّها الرسمي إلى الوسطاء بشأن الطرح الإسرائيلي الأخير، وذلك بعد التشاور مع باقي الفصائل في قطاع غزة.


وقال القيادي في الحركة، محمود مرداوي، في تصريح نقلته قناة "الأقصى" الفضائية التابعة لحماس، إن "سلاح المقاومة يُعدّ بمثابة الحياة للشعب الفلسطيني، ولا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف"، مشدداً على أن الحركة "لن تدخل في أي مفاوضات تتعلق بسلاحها أو بمن يحمله". 

من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي للحركة، باسم نعيم، في تصريح للقناة نفسها، أن حماس لن تُلقي سلاحها، وأن "المقاومة ستظل مستمرة ما دام الاحتلال قائماً". وأوضح أن "القبول بحلول جزئية مقابل الغذاء والماء، مع استمرار العمليات العسكرية، أصبح من الماضي"، مشيراً إلى أن الحركة مستعدة للتفاوض بشأن صفقة شاملة.

ولعل هذا التناقض في المواقف العربية من المقاومة٬ هو ما أكدته مجلة "الإيكونوميست" في عددها 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ٬ أن العديد من الحكومات العربية يفضلون رؤية نهاية لحركة "حماس"، ويشعرون بالقلق من أن استمرار الحرب في قطاع غزة قد يعرقل خططهم الاقتصادية.

وسلط التقرير الضوء على الاجتماعات الطارئة التي عقدتها كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في العاصمة السعودية الرياض٬ مشيراً إلى أن هذه القمم اتسمت بالكلمات دون اتخاذ خطوات عملية، وواصفاً إياها بأنها كانت مجرد تصريحات دون إجراءات فعلية.

وأشار إلى أن بعض دول الخليج، على سبيل المثال، تأمل في أن تتولى إسرائيل مهمة القضاء على "حماس"، لكنها في الوقت ذاته تخشى من أن يؤدي ذلك إلى إثارة موجات من التطرف داخل بلدانها.


"هنا القاهرة"
وتتناقض المواقف العربية الراهنة مع مواقف الحكومات والأنظمة العربية في فترات احتلال أراضيها وخوضها حروب الاستقلال في منتصف القرن الماضي. 

ففي الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956، وبينما كان المصريون يتجمعون حول أجهزة الراديو في منازلهم، عقب الإعلان عن العدوان الثلاثي على مصر من قبل (بريطانيا وفرنسا والاحتلال الإسرائيلي)، داهمت مروحيات العدو هوائيات الإرسال التابعة للإذاعة المصرية في منطقة "أبو زعبل"، مما أدى إلى انقطاع البث ودخول المواطنين في حالة من الترقب والقلق.

في تلك اللحظة، كانت مشاعر القومية العربية في أوجها، فجاء صوت الإذاعي الشاب عبد الهادي البكار من العاصمة السورية دمشق قائلاً: "من دمشق: هنا القاهرة"، متحديًا العدوان ومعبّرًا عن تضامن عربي صادق مع مصر. وقد شكّلت تلك الكلمات لحظة فارقة، استقرت في وجدان المصريين وذاكرتهم الجمعية، بوصفها رمزًا للوحدة والمساندة العربية في وجه العدوان.



ماذا عن مسافة السكة؟
وإذا كان دعم الشعوب العربية من أجل نيل التحرر من الماضي البعيد٬ فإن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي٬ أكد في آيار/مايو 2014 ٬ التزام مصر بحماية الأمن القومي العربي والخليجي سريعاً إذا استدعت الحاجة. 

وقال: "حينما يتعرض الأمن القومي العربي لتهديد حقيقي ونستدعى فهي مسافة السكة"، في إشارة إلى سهولة إرسال قوات مصرية إلى أي دولة. ولعل تصريح "مسافة السكة؛ إلى الخليج العربي٬ يجعلنا نتساءل عن أسباب عدم تطبيق هذه القاعدة على قطاع غزة المحاصر الذي تفصله عن مصر حدود وضعها سايكس بيكو.


الدفاع العربي المشترك.. حبر على ورق
يبدو أن جميع ما سبق كان من التاريخ٬ ولكن ما تتعرض له فلسطين وقطاع غزة٬ يدفع للسؤال عن اتفاقية الدفاع المشترك٬ أليس من الأولى أن تدفع الدول العربية لرفع العدوان على قطاع غزة٬ بدلا من الحديث عن نزع سلاح المقاومة؟

فمنذ 75 عاما أي في عام 1950، أبرمت سبع دول عربية، هي مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن، اتفاقية "الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي" في العاصمة المصرية القاهرة، لتنضم إليها لاحقاً بقية الدول العربية تباعاً.


وتتضمن الاتفاقية ثلاثة عشر بنداً، تنص في مجملها على اعتبار أي عدوان على دولة موقعة بمثابة عدوان على سائر الدول الأخرى، وعلى أن المساس بأي من هذه الدول يُعد مساساً مباشراً ببقية الأطراف.  

وينص البند الثاني من الاتفاقية على أن "أي اعتداء مسلح يقع على أي دولة متعاقدة أو على قواتها يُعتبر اعتداءً على جميع الدول المتعاقدة، ما يوجب عليها، بموجب حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي، أن تبادر فوراً إلى معونة الدولة المعتدى عليها، واتخاذ جميع التدابير اللازمة، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، لردّ العدوان واستعادة الأمن والسلام".

أما المادة الثالثة، فتؤكد على أهمية التشاور بين الدول المتعاقدة كلما تهددت سلامة أراضي إحداها أو استقلالها أو أمنها، وعلى ضرورة تبادل الخطط وتوحيد المساعي عند وقوع خطر داهم أو تطورات دولية مفاجئة تتطلب استجابة دفاعية ووقائية مشتركة.  

وبموجب هذه الاتفاقية، أُنشئت هيئتان رئيسيتان ضمن منظومة جامعة الدول العربية: مجلس الدفاع المشترك، والمجلس الاقتصادي الذي أعيدت تسميته إلى "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" في عام 1980.


 لم تفعل ولو لمرة واحدة
وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية والسياسية للاتفاقية، فإنها لم تُفعل بشكل كامل ولو لمرة واحدة، رغم أن الاتفاقية تنص صراحة على التزام الدول العربية بالرد على أي اعتداء تتعرض له دولة عربية باستخدام الوسائل العسكرية والاقتصادية.

 إلا أن هذا البند لم يُفعّل في عدد من المحطات المفصلية، كاجتياح الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982، أو الغزو العراقي للكويت عام 1990، واحتلال الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 ٬ فضلاً عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عام 2007 حتى عام 2025.

السيسي يستشهد بها
ورغم عدم استخدام هذه الاتفاقية٬ إلا أن رئيس النظام المصري، تحدث عن إمكانية تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الصومالي٬ حسن شيخ محمود٬ في 12 كانون الثاني/يناير 2024٬ وجاء ذلك في ذروة الإبادة الإسرائيلية على غزة.

وأكد السيسي أن مصر لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال، وذلك بعد أن قالت إثيوبيا إنها ستبحث فكرة الاعتراف باستقلال منطقة "أرض الصومال" ضمن اتفاق سيتيح لأديس أبابا الاستفادة من ميناء بحري.

وقال السيسي: "الصومال دولة بالجامعة العربية، ولها حقوق طبقا لميثاق الجامعة بالدفاع المشترك لأي تهديد لها". وأضاف:" مصر لن تسمح لأحد بتهديدها (الصومال) أو المساس بأمنها... محدش (لا أحد) يجرب مصر ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو طلبوا منها التدخل".

وإذا كان الاستشهاد واستدعاء اتفاقية الدفاع العربي المشترك ممكنا في الوقت الحالي٬ فلماذا كانت فلسطين وغزة استثناء.



كامب ديفيد واتفاقيات أبراهام
يُعزى التردد العربي في الدفاع عن قطاع غزة، فضلاً عن منع الدعم المقدم للمقاومة الفلسطينية، إلى التحولات السياسية التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية المعروفة بـ"كامب ديفيد". 

فقد نصّت هذه الاتفاقية، التي وُقعت في البيت الأبيض بتاريخ 26 آذار/مارس 1979، على إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.  

وجاءت الاتفاقية تتويجاً لاتفاق إطار للسلام أُبرم في منتجع كامب ديفيد الرئاسي بالولايات المتحدة في 17 أيلول/سبتمبر 1978، ووقعها كل من الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، بحضور الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر.  


وقد شكّل توقيع مصر على هذه الاتفاقية أول خرق لموقف الإجماع العربي الرافض للاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي٬ ما انعكس لاحقاً على المواقف الرسمية العربية تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة في ما يتعلق بدعم الكفاح المسلح والمقاومة.

كما وقّع الأردن اتفاقية سلام مع الاحتلال الإسرائيلي في عام 1994، عُرفت بـ"اتفاقية وادي عربة"، وذلك في أعقاب إعلان الاحتلال موافقتها على حل الدولتين مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

هدفت الاتفاقية إلى تقليص فرص تجدد النزاع بين الطرفين، من خلال حلول إقليمية، كان من أبرزها استئجار إسرائيل لأراضٍ حدودية من الأردن لمدة 25 عاماً.


وفي السياق ذاته، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة في مفاوضات لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وأُعلن في 13 آب/أغسطس 2020 عن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في هذا الشأن. 

وبعد أقل من شهر، وتحديداً في 11 أيلول/سبتمبر 2020، أعلنت مملكة البحرين عن توقيع اتفاق مماثل، لتنضم بذلك إلى الإمارات والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة في مراسم التوقيع.

وقد جرى توقيع "اتفاقيات أبراهام" في البيت الأبيض بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2020، برعاية أميركية، بين كل من الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. 

وتنص الاتفاقيات على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الأطراف الموقعة، إضافة إلى اتخاذ إجراءات مشتركة تحول دون استخدام أراضي أي طرف لاستهداف الطرف الآخر.


مقالات مشابهة

  • حركة الجهاد الإسلامي تدين الصمت العربي والدولي إزاء العدوان الأمريكي السافر على اليمن
  • انطلاق فعاليات المنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية في شنغهاي.. والجامعة العربية تطالب بتوجيه الاستثمارات الصينية لدعم دولها
  • غدا.. انطلاق مؤتمر العمل العربي في القاهرة
  • بحضور 18 وزيرًا.. انطلاق مؤتمر العمل العربي في القاهرة غدًا
  • برلماني ينتقد صمت تركيا تجاه التطورات التي تخص شمال قبرص
  • الأنظمة العربية من اتفاقية الدفاع المشترك إلى نزع سلاح المقاومة.. ماذا حدث؟
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية يلتقي رئيس البرلمان العربي
  • رئيس البرلمان العربي يدين المخططات التخريبية التي تستهدف أمن الأردن
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي