جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-19@09:08:18 GMT

السفر وكسر رتابة الحياة

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

السفر وكسر رتابة الحياة

 

مدرين المكتومية

حلاوة الدنيا وحب الاستطلاع والتنقل والمغامرة والتعرف على عادات وتقاليد الآخرين والحديث معهم والاستئناس بآرائهم، كل هذه المصطلحات تمنحك السعادة بمجرد قراءتها، فما بالكم إذ طبقها الإنسان في حياته.

ما أجمل الإنسان عندما ينفتح على ثقافات الآخرين وعاداتهم وتقاليدهم، وما أوحشه عندما يحبس نفسه داخل إطار واحد، وكأنَّ الدنيا ضيقة لا تتسع إلا له، وكأنَّ هذا الكون الفسيح لا يوجد فيه ما يعجبه أو يلفت انتباهه.

إن السفر يمنحنا دائماً متعة اكتشاف أنفسنا أولا واكتشاف طاقاتنا واكتشاف حياتنا الحقيقية، ويعطينا فرصة للتعرف على ذواتنا عن قرب، وفي السفر نجد المساحة الخاصة التي تجعلنا نخرج من كل الضغوط التي نحملها على أكتافنا، ونخرج من إطار التعقيدات والروتين ورتابة الحياة ودائرة الحياة التقليدية التي ندور فيها يومياً دون تغيير.

إننا بحاجة لأن نسافر لأننا وبكل بساطة نستطيع أن نكتشف قيمة المتع الصغيرة، أن نجرب المواصلات العامة بدلاً من ركوب سياراتنا الخاصة، أن نتشارك المقاعد مع غرباء لا نعرفهم، أن نجري بين الازدحامات لنقف في طابور لأحد المقاهي الذي يبيع البوظة، أن نعيش لحظة احتساء فنجان قهوة من أجل المُتعة لا من أجل كسر حاجز الكسل، نحتاج دائمًا أن نرى العالم بحقيقتنا وبما نريده نحن بعيداً عن كل شيء آخر.

كل إنسان منَّا يبحث عن الهرب نحو أماكن جديدة وبعيدة لا يربطه بها أحد، وفي كثير من الأحيان هناك من يهرب ليبدأ من جديد، وهناك من يبحث عن نفسه ويكتشفها، وهناك من أضاع أحدهم وسافر ليبحث عنه، وهناك من يسافر لفترة علاج، وهناك آخرون مهووسون بالسفر، والمشترك في كل ذلك أنَّ من يسافر يرى في نفسه شخصًا آخر مختلفا عن الشخص الذي يعرفه.

إننا نُسافر لأغراض مختلفة، لكننا في النهاية نستمتع باللحظات التي تمر علينا كالحلم، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الدول التي تشعرك وكأنك هارب من لوحة فنية من روعة المكان وخضرته، فبمجرد أن تكون تحت تأثير الطبيعة والبحيرات والطقس الجميل فأنت بالطبع تصبح شخصا آخر يشعر بشعور غريب لا تود أن يغادرك من فرط الراحة والسكينة، وتود لو أنَّ الحياة تبقى بهذا "الرتم" ولا تتغير، تتمنى ألا تخرج من إطار هذه اللوحة الرائعة، فالعالم الروتيني موحش للغاية ومرهق في كثير من الأحيان.

هناك الكثير من الأشخاص ممن يجهلون أنَّ السفر ليس فقط فكرة للرفاهية، وإنما فكرة لعلاج الذات والنفس من الشوائب التي تسطو عليها، وهي فكرة أيضاً للعلاج وتفريغ العقل من كل الضغوط التي يمارسها الشخص على نفسه في هذه الحياة، هي الرحلة العلاجية للكثير من التفاصيل العالقة بالرأس، أعتقد أننا إذا فكرنا بطريقة عميقة نحو الأشياء وبذهن صاف نستطيع أن نختبر مدى قدرتنا على تقديم حلول واقعية وصحيحة، ويمكننا أيضاً أن نقدم لأنفسنا الكثير من الأفكار الإيجابية.

أعتقد أنَّ إيجابية الشخص تأتي من مدى قدرته على تحويل الأشياء لصالحه، ومدى قدرته على أن يُعطي لكل شيء حقه، وعلى قدرته على التكييف مع كل الظروف، ولكن الأهم من ذلك هو قدرته على عمل تحديث مُستمر لحياته بعدة طرق أهمها من وجهة نظري هو طريق السفر.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التهميش بوابة اليأس

إن المواطن البسيط كثير ما يشعر بالتهميش إذا ابتعدت الحكومات عن تحقيق احتياجاته من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم، والإحساس بالتهميش يفتح باب اليأس أمام هؤلاء البسطاء، ويشعر هذا الشخص البسيط أن حقه قد سُلب منه، وأنه يُهان فى كرامته عندما يقف أمام شُرطى أو بلطجى، ويفقد هذا الشخص البسيط قدرته على مواجهة ما يتفرد به مجتمعنا من سيطرة البعض على الأسواق واحتكارها، فى هذا المحل يحضُرنى وصف ما جاء فى المعجم البسيط فى اللغة العربية «الاحتكار» يقرر «حكر فلان حكرأ» يعنى أن لج برائه أستبد بذلك أكد هذا المعجم أن الإحساس بالظلم هو إحساس باليأس وعدم القدرة على الحياة، بهذا الوضع والخوف كل الخوف من هؤلاء البسطاء إذا تركوا ما هم فيه فإن أيدولوجية الغضب تهز أركان أى مجتمع كان هزاً ورجاً يُسمع فى مشارق الأرض ومغاربها، فالغضب لا يخضع لأى تيار سياسى أو تيار مجتمعى للتعبير عن نفسه، لذلك يجب أن نبحث عن طريق لأخراج هذا الغضب قبل أن يكسر كل حواجز الخوف، هذا لن يكون إلا بإبعاد هؤلاء الذين يبررون الإحساس بالذل، والحق يُقال كلنا مسئولون عن ما نحن فيه.
 
لم نقصد أحداً!!
 

مقالات مشابهة

  • الجمعان: ليست النتيجة التي حضرنا من أجلها وهناك تغييرات قادمة
  • محافظ الغربية: التواصل مع المواطنين من أهم أولويات العمل التنفيذي وهناك خططًا تنموية مستمرة لتحسين الخدمات
  • ماكرون: لبنان يعيش لحظة مهمة.. وهناك مناخ من الأمل
  • رابحي: “كنا ننتظر الكثير من إسلام سليماني”
  • بن ناصر:” الانتماء لميلان يعني لي الكثير والفوز بالسوبر بداية جديدة”
  • التهميش بوابة اليأس
  • المراعية : تغيير ممثلي الحكومة في ادارة الفوسفات غير كاف وهناك محاولات تضليل للرأي العام
  • بن ناصر:” الإنتماء لميلان يعني لي الكثير و الفوز بالسوبر بداية جديدة”
  • استطلاع: أمريكييون يشككون في قدرة ترامب على خفض الأسعار
  • الحكومة الإسرائيلية: تزايد احتمالات انسحاب سموتريتش وهناك من يلوح بتفكيكها