الجزيرة:
2024-09-07@03:43:53 GMT

جولة في شوارع غزة.. مهن مولودة وأخرى مفقودة

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

جولة في شوارع غزة.. مهن مولودة وأخرى مفقودة

غزة- عاثت الحرب فسادا في وجه غزة، فتبدلت ملامح المدينة، والتبست على أبنائها الذين ومن فرط حبهم لها خلقوا ألف طريقة لتعينهم على البقاء في قلبها، كما أنهم تحايلوا على بعض أحلامهم التي نسفتها إسرائيل، فأجّلوها إلى أن تحط الحرب أوزارها لتُبنى من جديد، وقرروا التعايش مع سواها ولو بشكل لا يشبههم، معتنقين المقولة السائدة "الشغل مش عيب".

مرّت الجزيرة نت بشكل عشوائي على الباعة في سوق الصحابة المركزي بمدينة غزة، ففوجئنا بأن معظم الباعة من أصحاب الشهادات الجامعية، وقد دفعتهم الحرب لامتهان أشغال خلقتها لهم، فكانت جديدة على السوق، وكانوا هم أيضا حديثي عهد بها.

فهنا مهندس يبيع أفلاما وألعابا إلكترونية، وهذا محاسب يقف على نقطة لتبريد المياه، وذلك مبرمج يضع أمامه بسطة لبيع المعلبات، "اضطررنا لهذا ولا خيارات أخرى" يقولون للجزيرة نت، التي رصدت بعضا من قصصهم.

ظروف فرضتها الحرب

حوصر الممرض حسن لأسبوعين، ولفظه الموت من بين فكيه خلال اقتحام الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي وحصاره. ويقول للجزيرة نت: "لن أفكر بالعودة لعملي ممرضا خلال الحرب، ورفضتُ العمل بالمستشفى الأهلي، لأني على يقين أنه لا حصانة للكوادر الطبية على الإطلاق، وقررت أن أُقيت عائلتي من خلال بيع خبز مقلي بنكهات، يراه الناس بديلا للمقرمشات التي لم يذوقوها منذ بدء الحرب".

ويجلس بجواره المهندس خليل، الذي يتجمّع الشبان حوله لشراء الأفلام والمسلسلات والألعاب الإلكترونية. وقال للجزيرة نت: "أنا خريج هندسة حاسوب، ودُمرت شركتي الخاصة، ومللت من الجلوس في المنزل، فقررتُ أن أقدم شيئا مختلفا في ظل انقطاع الإنترنت، واعتماد الناس على الشرائح الإلكترونية أو نقاط الإنترنت".

إعلان في نقطة بيع أفلام ومسلسلات وألعاب إلكترونية في ظل انقطاع الإنترنت عن أهالي القطاع (الجزيرة)

للأمام قليلا يفترش مواطنون على اختلاف أعمارهم الرصيف، هذا يحمل حاسوبا ويدرس مع زميله، وتلك تتحدث بمكالمة فيديو مع ابنها المغترب، وهذه فتاة تقوم بعملها في مواقع التسويق الرقمي.

تدركُ حينها أنك في نقطة تبيع الإنترنت بالساعة مقابل عدد من الشواكل. يقول صاحب نقطة الإنترنت: "هذا أكثر شيء مطلوب هذه الأيام، خصوصا بعد بدء الفصل الإلكتروني لطلبة الجامعات، حيث لم يعد المكان كافيا ليفترش الناس الرصيف".

بعد كل 50 مترا تطويها في شوارع غزة، تجد نقطة لشحن البطاريات والهواتف، وأخرى لتبريد الماء، وهي نقاط لجأ الناس إليها في ظل انقطاع الكهرباء معتمدين على الطاقة البديلة، كذلك نقاط إصلاح الدراجات الهوائية، التي تصدّرت وسائل المواصلات في ظل تضاعف أسعار المحروقات وعزوف السائقين عن العمل.

الحدّاد أبو باسم قرر العمل ببيع الحطب بعد تدمير الاحتلال لورشتي الحدادة الخاصتين به (الجزيرة) مهن جديدة

يجلس الخمسيني أبو جواد وأمامه بسطة لبيع السجائر المعدة يدويا. "هل عملت بهذه المهنة من قبل؟" سألته الجزيرة نت، فيجيب: "لا، كنت سائق أجرة، واليوم لا أستطيع شراء السولار، وتضررت سيارتي التي كنت أعيل بها عائلتي، فاضطررت لبيع السجائر".

ويلجأ المدخنون لشراء السجائر من النقاط الموزعة على مفترقات الشوارع والطرق العامة، والتي ينتجها الباعة من بعض المكونات المتوفرة لديهم، في ظل ارتفاع سعر السجائر ووصول سعر العلبة الواحدة منها إلى 50 دولارا أميركيا.

وبينما خلقت الحرب مهنا جديدة على أصحابها وعلى سكان مدينة غزة، يتحايل البعض على مهنهم القديمة بشيء يشبهها، فمنذ عام 1985 يعمل أبو باسم حدادا في ورشتين له بمدينة خان يونس جنوب القطاع، لكن الجيش الإسرائيلي أحرقهما ودمر منزله، فقرر أن يبيع الحطب وهي المهنة الأقرب لمهنته التي يحب.

يقول أبو باسم للجزيرة نت: "إن الحطب صار بديلا عن غاز الطهي، لذا فإن الإقبال على شرائه صار ضرورة"، ويقول وهو يمسك المنشار بيده، ويتصبب عرقا وهو يقصّ الأخشاب لعدم توفر الكهرباء لتشغيل المقص الآلي: "مستعد أن أموت وأبقى أعمل بالحدادة، التي تعلمتها من جدي وعلمتها لأولادي، وهي الشيء الوحيد المتبقي لي ولهم بعدما خسرنا كل شيء".

ساري افتتح محل خياطة بعد النزوح الخامس وتدمير الاحتلال لمنزله ومركزه الخاص (الجزيرة)

أما بالنسبة للخياط ساري الذي نزح 5 مرات، كان أول ما حمله في آخر نزوح له هو آلات الخياطة التي اشتراها حديثا، بعدما دمر الاحتلال مركز الخياطة الذي أنشأه قبل 15 عاما.

وعلى الرصيف وبينما كان ساري يرقّع خروق كومة ملابس أمامه، قال: "مهنتي عزيزة عليّ وأنا أحبها، حتى إني استدنت المال لأتمكن من الوقوف مجددا والعودة لممارستها".

وعن طبيعة المهام التي يقوم بها خلال الحرب، أوضح أنها مهام جديدة، تتركز على رقع الملابس وإصلاح الأقمشة التالفة الخارجة من تحت الأنقاض، وتصغير مقاساتها بما يتناسب مع أجساد الناس الهزيلة من سوء التغذية. وأضاف: "جاءتني سيدة اليوم حوّلتُ لها غطاء رأسها لبنطالين لأبنائها، فقد دمر الاحتلال بيتها وفقدت فيه كل ملابسهم".

ويبدو موضوع انقطاع الكهرباء هو التحدي الأكبر أمام ساري وأمثاله ممن يحاولون فتح مشاريع صغيرة يقتاتون منها وعائلاتهم، فصار العمّال يلجؤون للطاقة الشمسية رغم تكاليف تركيبها وصيانتها الباهظة.

الصيدلي محمود المصري افتتح صيدليته في خيمة جنوب قطاع غزة (الجزيرة) تطويع الظروف

وبينما كان الرصيف هو المساحة التي وجدها ساري لممارسة عمله خياطا، فإنه أيضا كان الخيار الوحيد للصيدلي محمود المصري لينصب عليه خيمته ويفتتح صيدلية بدائية يمارس فيها مهنته التي يحب.

فمن صيدلية مركزية في بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، إلى نقطة طبية في رفح أقصى جنوبه، عمل فيها متطوعا مدة 5 أشهر، إلى صيدلية بخيمة على الرصيف المقابل لمجمع ناصر الطبي ولمناطق تجمع النازحين في خان يونس.

استخدم المصري خبرته وعلاقاته في الوصول لمستودعات الأدوية، التي سلمت من بطش آلة الحرب في جنوب القطاع، وتمكن من تحصيل الأدوية التي يُقبل عليها المرضى بكثافة. ويقول للجزيرة نت: "ما أفعله ليس مشروعا استثماريا، ولكنها محاولة مني لاستغلال علمي وخبرتي بما يخدم أبناء شعبي الذين يعانون في حرب الإبادة".

ويلفت المصري إلى أن الناس في مراكز النزوح بحاجة ماسة لشراء الأدوية وليس في جيبهم ثمنها، كما أنه يصف الحالة المأساوية للمرضى في مجمع ناصر الذين يدخلون صيدليته، وهم يحملون أكياس البول والدم لتلقّي الإبر العلاجية، لعدم قدرة المستشفى على إعطائهم إياها، نظرا لاكتظاظ الإصابات والجرحى على أسرة المستشفى.

ويبوح المصري بشعوره وهو يرى زملاءه ومدرسيه، وهم يقفون أمام البسطات لبيع العصائر الباردة، فيصفهم قائلا: "هو مزيج من شعور بالإحباط من الحال الذي صرنا إليه، وشعور آخر بالإصرار على مواصلة العيش ومحاولة التعايش مع هذا الواقع".

يعض المحاصرون داخل بقعة النار على حياتهم بالنواجذ، ويتمسكون بأحلامهم المولودة أصلا في حصار مطبقٍ عليهم مستمر منذ 18 عاما، لم تنجح خلالها إسرائيل في تقييد أحلامهم ووأد أمنياتهم، المتمثلة بوطن آمن وعيش كريم، كما يُجمعون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

أسماء الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة للكيان المحتل

#سواليف

انضمت #بريطانيا إلى قائمة من #الدول التي علقت أو قيدت #صادرات_الأسلحة لإسرائيل على خلفية #الحرب في #غزة والمخاوف من إمكان استخدام تلك الأسلحة في انتهاك القانون الإنساني الدولي.

وجاء قرار بريطانيا إثر انتهاء مراجعة تراخيص الأسلحة المصدرة إلى إسرائيل والتي طلبها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بعيد توليه منصبه في بداية يوليو الماضي.

وعلى الرغم من أن بريطانيا تشكل جزءا صغيرا فقط من مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، فقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار، قائلا إنه “مع أو بدون الأسلحة البريطانية سننتصر في هذه الحرب”.

مقالات ذات صلة خنازير برية تهاجم قطيع أغنام في لواء الكورة / فيديو 2024/09/05

وهذه أبرز الدول التي علقت أو قيدت صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

بريطانيا

قالت بريطانيا الاثنين، إنها ستعلق فورا حوالى 30 من أصل حوالي 350 ترخيصا لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل من بينها مكونات مستخدمة في الطائرات العسكرية وطائرات الهليكوبتر والطائرات المسيرة بالإضافة إلى العناصر المستخدمة لاستهداف الأرض.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن قرار الحد من التراخيص جاء نتيجة المخاوف من احتمال استخدام العتاد العسكري في انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

ويشمل الحظر الجزئي عناصر “يمكن استخدامها في النزاع الحالي في غزة” بين إسرائيل وحركة حماس، وفق ما أوضح الوزير.

#إيطاليا

أعلنت إيطاليا في أواخر العام الماضي أنها توقفت عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، رغم أن بعض صادرات الأسلحة استمرت.

وقالت الحكومة الإيطالية إنها ستلتزم بالطلبات الحالية بشرط عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين، وفقا لوكالة رويترز.

وكانت إيطاليا ثالث أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل بين عامي 2019 و2023، حيث بلغت 0.9 في المئة من واردات إسرائيل خلال تلك الفترة، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

#إسبانيا

قالت وزارة الخارجية الإسبانية في فبراير إن البلاد لم توافق على أي مبيعات أسلحة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر.

ومع ذلك، أفادت صحف محلية بأن صادرات الأسلحة التي تمت الموافقة عليها قبل الحرب أُرسلت إلى إسرائيل بعد اندلاع الحرب.

#هولندا

أمرت محكمة الحكومة الهولندية بوقف تصدير أجزاء من طائرات” F-35″ إلى إسرائيل بسبب المخاطر الواضحة لانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وذلك ردا على دعوى قضائية قدمتها منظمة أوكسفام نوفاب واثنتان من مجموعات حقوق الإنسان الأخرى.

وستنظر المحكمة العليا هذا الأسبوع في الاستئناف الذي قدمته الحكومة الهولندية ضد القرار.

#بلجيكا

في فبراير، علق إقليم والونيا في بلجيكا رخصتين لتصدير البارود إلى إسرائيل، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية، وذلك على خلفية قرار صادر من محكمة العدل الدولية يطلب من إسرائيل بذل المزيد من الجهود لتفادي سقوط مدنيين في غزة.

#كندا

قالت وزارة الخارجية الكندية في مارس إن البلاد لم توافق على أي تصاريح لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ 8 يناير وأن التوقف سيستمر حتى تتمكن من ضمان “الامتثال الكامل” من قبل إسرائيل لضوابط التصدير، مبينة أن التصاريح الممنوحة قبل 8 يناير ستظل سارية.

كذلك مرر مجلس العموم الكندي في مارس قرارا غير ملزم يقضي بوجوب وقف أي تفويض آخر لنقل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • طبيب أمريكي عائد من قطاع غزة: دمار شامل لحق بالقطاع جراء الحرب
  • الهواري: المجتمعات التي تمتلئ بالأمل قادرة على تحقيق حاجاتها بالسعي والعمل
  • ولاية الخرطوم تقرر تسليم المركبات التي تم جمعها من شوارع أمدرمان لأصحابها
  • معبر باب الهوى يفرض شرط جواز سفر ساري الصلاحية لزيارة سوريا
  • كيف يري جولدمان ساكس و«ستاندرد تشارترد» أسعار الفائدة في اجتماع المركزي المصري اليوم
  • ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟
  • أسماء الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة للكيان المحتل
  • تعرف على قائمة الدول التي أوقفت تصدير الأسلحة لإسرائيل
  • قائمة الدول التي علقت أو قيّدت تصدير الأسلحة لإسرائيل
  • رصف شوارع الجيزة الداخلية بـ«الإنترلوك» تسهيلا لحركة سير المواطنين