بحث تذليل عقبات الاستيراد والتصدير عبر الموانئ العُمانية
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
مسقط - العُمانية
انطلقتْ، أمس، حلقة العمل الأولى من المرحلة الثالثة من حلقات وعيادات جلب الاستثمار، التي تنظمها وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، بعنوان "تعزيز الاستيراد والتصدير عبر الموانئ العُمانية"، بالتعاون مع البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي، والجمعية اللوجستية العُمانية وبمشاركة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والإدارة العامة للجمارك بشرطة عُمان السلطانية والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة.
وتهدفُ الحلقة إلى وضع رؤية مشتركة لاستهداف أسواق عالمية جديدة، وبحث الفرص ورصد التحديات والعوائق المحلية والدولية التي تواجه الاستيراد والتصدير، كما تسلط الضوء على تبسيط الإجراءات، وتعزيز الحوكمة، ورفع كفاءة منظومة الاستيراد والتصدير، إضافة إلى تذليل العوائق التي تواجه الصادرات والواردات العُمانية.
وتضمَّنت حلقة العمل عروضًا مرئية من الجهات ذات العلاقة حول دورها في تعزيز الاستيراد والتصدير، ومناقشة التحديات والفجوات المتعلقة بالاستيراد والتصدير المباشر، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال الاستيراد والتصدير المباشر، والخروج بمبادرات وإيجاد حلول وتقديم مقترحات الاستيراد والتصدير المباشر، ووضع مستهدفات للمبادرة لخمس سنوات قادمة، ومناقشة سياسات وضوابط الاستيراد والتصدير.
وشملت حلقة "تحسين الاستيراد والتصدير عبر الموانئ العُمانية" العيادات الآتية: عيادة الجهات الحكومية التي تبحث مواءمة أهداف الورشة والمبادرات القابلة للتنفيذ، وعيادة الشركات المشغلة والتي تقوم بتحديد التحديات والاستماع للمبادرات المقترحة من الشركات، وعيادة مشتركة لجميع الجهات التي من مهامها فلترة جميع المبادرات وتحديد التي سيتم العمل عليها، وعيادة وضع الخطط التي تقوم بوضع الخطط التفصيلية للمبادرات المتفق عليها وإدراج الخطط التفصيلية في لوحة متابعة الأداء والعمل على متابعة تنفيذها.
وتهدف حلقات وعيادات جلب الاستثمار إلى رفع حجم الاستثمارات الخاصة وتحسين جاذبية القطاع اللوجستي للكوادر الوطنية وتحسين مكانة سلطنة عُمان في مؤشر الأداء اللوجستي العالمي بحلول عام 2025م.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تنامي نفوذ الصين في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأمريكي
ظلت الولايات المتحدة على مدى عقود تتعامل مع أمن خطوط الملاحة العالمية كأمر مفروغ منه، مفترضة أن سفنها التجارية والحربية يجب أن تتحرك بسلاسة عبر بحار العالم.
لكن وفي ظل سيطرة حالة الرضا عن النفس على أمريكا، وسّعت الصين نفوذها البحري لضمان تدفق بضائعها وسفنها بانتظام، في الوقت الذي تطور فيه قدرتها على عرقلة سلاسل الإمداد الأمريكية، إذا أرادت ذلك، بحسب تحليل للباحثين مارك كيندي، وكريستا برزوزوفسكي، نشره مركز "ويلسون" الأمريكي.
ويقول مارك كيندي عضو الكونغرس السابق، ومدير معهد وهبة للمنافسة الاستراتيجية التابع لمركز ويلسون، وكريستا برزوزوفسكي مساعد وزير الأمن الداخلي لشؤون الأمن التجاري والاقتصادي، في تحليلهما إن "التدخل الصيني في عملية شحن عسكرية بأحد موانئ بولندا، يجب أن يكون جرس إنذار للولايات المتحدة من تنامي النفوذ البحري الصيني، الذي لم يعد تهديداً مجرداً للمصالح الأمريكية. فقد أصبح نفوذ الصين في الموانئ والخدمات اللوجستية العالمية حقيقة، يمكن أن تعرقل الاقتصاد الأمريكي وقدرة الولايات المتحدة على حشد قدراتها في حالة حدوث أزمة جيوسياسية".
While recent action securing ports at the Panama Canal is a start, America still has a blind spot to the maritime risks it faces on the high seas. Co-authored with @cmbrzozo. @WahbaInstitute @TheWilsonCenter #MaritimeRiskhttps://t.co/7lZWVtWcYH
— Mark Kennedy (@MarkKennedyUSA) March 6, 2025ويرى المحللان أن الولايات المتحدة ربما تكون القوة العظمى العالمية الوحيدة في التاريخ، التي تبدو راضية بموقف ضعيف بشكل مذهل عندما يتعلق الأمر بالتجارة البحرية. فالصين تمتلك أكثر من 5500 سفينة تجارية عابرة للمحيطات، بينما تمتلك الولايات المتحدة 80 سفينة فقط، كما أن القدرات الضخمة لقطاع بناء السفن في الصين تجعل أمريكا قزماً في هذا القطاع، حيث تعادل قدرة القطاع الصيني 232 مثل الطاقة الإنتاجية لبناء السفن في الولايات المتحدة.
وبينما استثمرت الصين في أكثر من 100 ميناء حول العالم، فإن الولايات المتحدة لا تمتلك سوى عدد قليل من الموانئ الاستراتيجية في العالم.، وحتى داخل حدود الولايات المتحدة نفسها، تسيطر كيانات أجنبية على الغالبية العظمى من الموانئ. وتعتمد الولايات المتحدة بشكل أساسي على شبكة معقدة من الحلفاء والمشغلين الأجانب - بعضهم أصدقاء وبعضهم غير ذلك - للحفاظ على انتظام سلاسل التوريد الخاصة بها.
ولا يقتصر التوسع البحري الصيني على طرق الشحن التقليدية. فبوصفها دولة "قريبة من القطب الشمالي"، سعت بكين بقوة إلى الوصول إلى طريق البحر الشمالي، ونشرت كاسحات الجليد، وبنت شراكات مع روسيا، واستثمرت في مشروعات استغلال ممرات التجارة والموارد الطبيعية في القطب الشمالي. والواقع أن عواقب هذا التمدد بالنسبة لمصالح الغرب ككل واضحة، فالصين تعمل على تأمين طرق بديلة لتجاوز قنوات الشحن التقليدية التي يسيطر عليها الغرب، في الوقت الذي تعمل فيه على زيادة نفوذها على التجارة العالمية.
كما أن سيطرة الصين على الخدمات اللوجيستية البحرية ستكون لها تداعيات عسكرية مباشرة، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية. ففي أي صراع كبير، يمكن أن يعتمد الجيش الأمريكي على خطوط الشحن التجارية لنقل ما يزيد على 90% من احتياجاته، لذلك ستضطر الولايات المتحدة للاعتماد على سفن تحمل أعلام دول أجنبية، في ظل عدم امتلاكها أسطول خاص بها، وهي نقطة ضعف يمكن أن تستغلها الصين بسهولة.
وفي الوقت نفسه، تتمتع الصين بسيطرة رقمية واسعة على الخدمات اللوجيستية العالمية، من خلال تطبيق "لوجينك"، المدعوم من الدولة والذي يقدم خدمة المتابعة اللحظية للشحنات البحرية على مستوى العالم، كما يستخدم التطبيق في المراكز التجارية الرئيسية باليابان وكوريا الجنوبية أوروبا، وهو ما يعطي الصين رؤية واضحة لسلاسل الإمداد، ويمنحها ميزة محتملة في حال نشوب أي نزاعات اقتصادية أو جيوسياسية.
وفي حين حظر الكونغرس على وزارة الدفاع الأمريكية استخدام الموانئ التي تعتمد على تطبيق لوجينك، فإن التجارة الأمريكية مازالت تستخدم هذه الموانئ.
وهذا المستوى من السيطرة يمنح الصين قدرة متزايدة على فرض إرادتها وممارسة الضغط الاقتصادي عند الحاجة، وإعطاء الأولوية لمصالحها الخاصة على مصالح الدول المنافسة، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفائها. على سبيل المثال، تسمح هيمنة الصين على البنية التحتية للموانئ العالمية لها بوضع قواعد ولوائح جديدة للملاحة البحرية الدولية. ومن خلال السيطرة على الموانئ وسلاسل الخدمات اللوجستية المرتبطة بها، يمكن للصين وضع معايير جديدة لرسوم الشحن، والوصول إلى الموانئ، وسياسات الجمارك التي قد تضر بالشركات الأمريكية.
كما يمكن للصين بهذا النفوذ الاقتصادي، أن تضغط على الدول الأصغر حجماً للتوافق مع سياساتها أو المخاطرة باضطرابات التجارة. وإذا تصاعدت التوترات، فقد تعطل الصين الوصول إلى خدمات الشحن، أو تبطئ الخدمات اللوجستية، أو تجمع معلومات استخباراتية عن تحركات الجيش الأمريكي. ويعكس القرار الأخير لوزارة الدفاع الأمريكية بوضع شركة كوسكو الصينية للشحن على قائمة المخاطر التي تهدد الأمن القومي، القلق المتزايد بشأن قدرة الصين المتنامية على التحكم في الخدمات اللوجستية البحرية.
ويرى المحللان كيندي وبرزوزوفسكي أنه رغم حدة الخطر الصيني، ما تزال الاستجابة الأمريكية له هشة وغير متماسكة، حيث تتولى أجهزة حكومية متعددة أجزاء منفصلة من المشكلة الصينية. وتعمل وزارتا الدفاع والنقل بشكل وثيق مع الإدارة البحرية لتأمين الموانئ البحرية الاستراتيجية الأمريكية، وضمان مرونة الخدمات اللوجستية العسكرية، في حين تعمل وزارة الدفاع على إقامة بنية تحتية بحرية جديدة في الفلبين. وتراقب وزارة الأمن الداخلي وخفر السواحل الأمريكي السيطرة الأجنبية على البنية التحتية للموانئ الأمريكية، وخاصة وجود الرافعات الصينية الصنع التي يشتبه في أنها تستطيع جمع المعلومات الاستخباراتية.
واتخذت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة التابعة لوزارة الخزانة، إجراءات أجبرت شركة كوسكو الصينية على بيع حصتها في محطة حاويات لونغ بيتش الأمريكية. وتحقق اللجنة البحرية الاتحادية في ممارسات الشحن غير العادلة الصينية. وفي الوقت نفسه، تعمل جهات مثل وزارة الخارجية ومؤسسة التمويل الإنمائي الدولية الأمريكية على توفير بدائل لاستثمارات الصين في موانئ الدول الأخرى، وإن كانت تفتقر في كثير من الأحيان إلى القوة المالية اللازمة لمواجهة الاستثمارات الضخمة لبكين. كما أنشأ مجلس الأمن القومي قطاعاً جديداً يركز على المخاطر البحرية، إلا أنه لا يزال ناشئاً ويفتقر إلى السلطات اللازمة، لحشد جهود الوكالات الأخرى في اتجاه التصدي لهذه التهديدات.
ويقترح كيندي وبرزوزوفسكي 4 محاور لتستعيد الولايات المتحدة ريادتها البحرية التجارية: أول هذه المحاور هو قيام الحكومة بتحديد الموانئ العالمية الحيوية للمصالح الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، وتطوير القدرة على ضمان استمرار هذه الموانئ محايدة أو تحت سيطرة حلفاء لواشنطن. فالاكتفاء بتحذير الدول الأخرى من استقبال الاستثمارات الصينية لا يفيد. لكن على واشنطن تقديم بدائل قادرة على المنافسة لهذه الدول.
وأما المحور الثاني، فيستهدف التصدي لسيطرة الصين الرقمية على الخدمات اللوجيستية العالمية. فتطبيق لوجينك وغيره من التطبيقات والمنصات المدعومة من الصين يتيح لبكين وصولاً غير مسبوق لبيانات التجارة وأنماط الشحن على مستوى العالم. كما يجب تعزيز القدرات الأمريكية في مجال الأمن السيبراني. وعلى واشنطن دعم تطوير منصات لوجيستيات بديلة للعالم لمنع الصين من جمع البيانات وإمكانية التلاعب بتدفقات التجارة العالمية.
ويرتبط المحور الثالث بضرورة استثمار الولايات المتحدة في تنمية قدراتها البحرية، وتحسين التنسيق مع الدول الحليفة، كما يجب عليها مراجعة نوع الاستثمار المطلوب في القدرات المحلية، وطبيعة التنسيق المطلوب مع الحلفاء، من أجل ضمان امتلاك القدرات المطلوبة في مجال الشحن وبناء السفن.
وأخيراً، على الولايات المتحدة وضع استراتيجية متماسكة للأمن البحري، لضمان التنسيق بين جهود مختلف الوزارات والوكالات، والقدرة على مواجهة هذه المخاطر بسرعة وبطريقة فعالة.