ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للحرب على غزة؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
يتفادى دونالد ترامب إعطاء مواقف مفصلة بشأن الحرب على غزة، حتى لا يخسر بعض أصوات الجمهوريين ولكي لا يعطي الفرصة للحملة الانتخابية المنافسة له لتسليط الضوء على مواقفه وحشد جزء الأصوات المناهضة للحرب ضد انتخابه، وهو بذلك يترك إدارة الرئيس جو بايدن لتدفع منفردة كلفة التعامل مع هذا الملف الشائك.
وبينما تتعاظم فرص فوز ترامب في رئاسة الولايات المتحدة، مستفيدا من المحاولة الفاشلة لاغتياله وانسحاب بايدن من المنافسة، يثار التساؤل عن أثر عودته على الصراع الدائر في قطاع غزة، خاصة أن سنوات حكمه السابقة شهدت مساعي حثيثة لتصفية القضية الفلسطينية.
كان ذلك من خلال اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل و4 دول عربية، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إليها، والعمل على تأسيس تحالف إقليمي يجمع إسرائيل بالعديد من الدول العربية، ويتمحور حول الصراع مع إيران.
ولاستقراء موقفه وتأثيره المتوقع، يلزم استحضار مواقفه المعلنة بشأن الحرب وما بعدها، وحصيلة تجربته السابقة، إضافة إلى الوقائع المستجدة بشأن الصراع والتي تشكل محددات لمدى قدرة ترامب على تنفيذ أجندته بشأن القضية الفلسطينية.
موقف ترامب من الحربلا يخفي ترامب موقفه الداعم لحرب إسرائيل في القطاع، ومطالبتها بالإسراع في إنهائها، لأنها تتسبب لها بخسارة معركة العلاقات العامة، كما ورد في مقابلته مع صحيفة "إسرائيل اليوم" بتاريخ 25 مارس/آذار 2024، والتي طالب فيها بإدارة أكثر دهاء للجرائم الإسرائيلية، إذ قال "كل ليلة أرى مباني تسقط على الناس، وقيل إن هذه المشاهد قدمتها إسرائيل من خلال وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأنا أقول: لماذا يقدمون هذا؟ إنها صورة سيئة.. افعلوا ما يتعين عليكم القيام به، لكن لا ينبغي للناس أن يروا ذلك"!
كما أنه تهرب من سؤال مجلة تايم له بشأن ما إذا كان سيحجب المساعدات عن إسرائيل إذا لم توقف الحرب، إلا أنه دعم لاحقا ما أسماه حق إسرائيل بمواصلة "حربها على الإرهاب"، وذلك لدى لقائه بالمانحين اليهود بتاريخ 14 مايو/أيار 2024 وفقا لما سربته صحيفة واشنطن بوست عن ذلك اللقاء.
وأكد ذلك علنا في مناظرته الأولى مع بايدن التي قال فيها إن إسرائيل هي الطرف الذي يريد الاستمرار في الحرب، وأن على بايدن "ترك إسرائيل لتكمل مهمتها، لكنه لا يريد أن يفعل ذلك".
ثم عاد ليتعهد بإنهاء الحرب في خطابه في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن بتاريخ 19 يوليو/تموز 2024، محذرا بأنه "من الأفضل أن يعود الرهائن الإسرائيليون قبل أن أتولى منصبي وإلا سيتم دفع ثمن باهظ".
وعقب اختيار جي دي فانس مرشحا لمنصب نائب له، أعاد التصريحات الأولى لترامب بشأن ضرورة إنهاء الحرب في غزة.
وعلى الرغم من ذلك، فمن المرجح أن يكون التشدد تجاه الفلسطينيين ومناصريهم سمة بارزة لإدارة ترامب، ووفقا لمؤشرات فإنه من بين 20 وعدا قدمها الحزب الجمهوري في برنامجه المعتمد للناخبين الأميركيين، كان الوعد 18 هو "طرد المتطرفين المؤيدين لحركة حماس وجعل حرم جامعاتنا آمنا ووطنيا مرة أخرى".
وفي السياق ذاته، رأى السفير الأميركي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان في مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية أن ترامب يؤيد "انتصارا سريعا وحاسما لإسرائيل.. ويعتقد أن الحرب يجب أن تنتهي عندما تنتصر تل أبيب، وليس قبل ذلك".
كما حذرت ديبرا شوشان، مديرة السياسات في حركة جي ستريت في مقال لها في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، من أن ترامب لم يتعهد برسم خطوط حمراء بشأن الحرب على قطاع غزة، ولم يُظهر اهتماما كبيرا بالأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وأنه ليس من الواضح إذا ما كان سيختار أو سيكون قادرا على تنسيق دفاع متعدد الجنسيات عن إسرائيل، مثلما فعل بايدن عندما هاجمتها إيران في أبريل/نيسان 2024.
ونوّهت إلى أن فانس وصف المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة بأنها "غبية"، مشيرة إلى أن هناك احتمالا ضئيلا في أن يقدم ترامب مساعدات -خاصة دفع المبالغ اللازمة للمساهمة في إعادة إعمار القطاع- نظرا إلى سجله في معاقبة الفلسطينيين بقطع الإغاثات الإنسانية عنهم.
وحذرت الكاتبة، في مقالها، من أن إدارة ترامب وفانس القادمة، حال فازا بالانتخابات، تنذر بالسماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، وفق الخطط التي تسير على قدم وساق في ظل حكومة بنيامين نتنياهو.
وفي مقابلة نشرتها مجلة "تايم" الأميركية في 30 أبريل/نيسان 2024 صرح ترامب بأنه "في وقت ما، كنت أعتقد أن حل الدولتين قد ينجح، والآن أعتقد أن ذلك سيكون صعبا للغاية.. أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية تحقيقه".
وحذر جيريمي بن عامي رئيس منظمة جي ستريت -اللوبي الديمقراطي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة- من أنه "مع وجود ترامب وفانس في البيت الأبيض، فإن اليمين الإسرائيلي سيحظى بدعم كامل من الولايات المتحدة لخيالاته الأكثر جنونا، ومنها الانقلاب القضائي، وضم الضفة الغربية، والمستوطنات في غزة والمواجهات العسكرية مع حزب الله وإيران".
وكان جاريد كوشنر صهر ترامب صرح في 15 فبراير/شباط 2024 بأن حدود غزة ليس بالضرورة أن تبقى ثابتة، بل من الطبيعي أن تتغير، منوها بالأهمية الاقتصادية للواجهة البحرية للقطاع. وردا على سؤال عما إذا كان ينبغي للفلسطينيين أن يكون لهم دولتهم الخاصة، وصف كوشنر الاقتراح بأنه "فكرة سيئة للغاية" و"ستكون في الأساس مكافأة لعمل إرهابي".
وفي حين يدعم ترامب مساعي تحييد وتصفية القضية الفلسطينية، فإنه من المستبعد أن يقبل بأي سلوك إسرائيلي يؤدي إلى توريط الولايات المتحدة في حرب في المنطقة، أو إعاقة تشكل تحالف إقليمي يخفف من العبء الملقى على الولايات المتحدة لحماية مصالحها في المنطقة.
ومما يعزز هذا الأمر النزعة الانعزالية والحذرة في الإنفاق على الحروب البعيدة عن الولايات المتحدة، وهو ما تؤكده التصريحات الحديثة لترامب بشأن تمويل الحرب في أوكرانيا، وهو موقف فريقه اليميني أيضا، إذ كان نائبه فانس واحدا من 15 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ صوتوا ضد حزمة المساعدات الأميركية لإسرائيل في 24 أبريل/نيسان 2024، والتي قاد ترامب، في حينه، حملة لتأخيرها إلى حين إقرار رزمة أخرى تتعلق بالحدود.
محدوديات التنفيذكما أن هناك العديد من العوائق التي تعترض تنفيذ رؤية ترامب بشأن الحرب وما بعدها، ومنها:
مخاطر التصعيد الإقليمي، إذ إن أي سعي إسرائيلي لتوسيع نطاق الحرب يحمل مخاطر عالية على قوات الولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها في المنطقة، وهو ما يترك هامشا محدودا من الفعل لإدارة ترامب، فالأمور على حافة الهاوية بطبيعة الحال. وفي المقابل يبرز تراجع الردع الإسرائيلي وسعي الاحتلال إلى استعادته، خصوصا على جبهة لبنان، وهو ما يتعارض مع توجه الرئيس السابق لتفادي المزيد من الحروب المكلفة. الحقائق المستجدة الناشئة عن عملية طوفان الأقصى، ومنها: تعاظم التأييد الشعبي للقضية الفلسطينية، والذي يشكل عائقا أمام أي مشروع سياسي لتحييدها، كاتفاقات "أبراهام" للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وتفاقم التطرف والانقسام الإسرائيلي الذي يعيق فرص التهدئة والتطبيع. وجود أسرى أميركيين لدى المقاومة في غزة، مع ما يحمله ذلك من تحديات وفرص لعقد صفقة بين المقاومة والإدارة الأميركية. وجود رأي عام عالمي وأميركي داعم لوقف الحرب بأسرع وقت، إذ تشير استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة داتا فور بروغرس بالتعاون مع شركة زيتيو في نهاية شهر أبريل/نيسان 2024 إلى أن أغلبية الناخبين الأميركيين المحتملين ما زالوا يؤيدون وقف إطلاق النار الدائم وتقديم المساعدات الإنسانية في غزة، إذ يؤيد 7 من كل 10 ناخبين محتملين -بما في ذلك أغلبية الديمقراطيين (83%) والمستقلين (65%) والجمهوريين (56%)- دعوة الولايات المتحدة إلى وقف إطلاق نار دائم وخفض التصعيد في العنف في غزة.وختاما، ففي حين يتبنى ترامب توجهات متشددة تجاه الفلسطينيين، تسعى لتصفية قضيتهم، على صعيد دعم العنف الإسرائيلي وتأييد أو التغاضي عن سياسات التهجير والاستيلاء على الأراضي، فإن المستجدات الناشئة منذ السابع من أكتوبر تقلل من قدرته على تنفيذ أجندته هذه دون الانزلاق إلى صراع أوسع يعود بضرر أكبر على المصالح الأميركية، ويخالف إستراتيجية اليمين التي يصعده على أساسها.
وبالمقابل، فإن عدم إيمانه بحل الدولتين لا يبقي للفلسطينيين أساسا للمراهنة على مسار المفاوضات ويعزز الشرعية الشعبية لمسار المقاومة، وينزع مبررات معاداة المقاومة التي تنتهجها العديد من الدول العربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة أبریل نیسان 2024 بشأن الحرب أن الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
"العدل الدولية" تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات بشأن إسرائيل
أذنت محكمة العدل الدولية، الليلة الماضية، للاتحاد الأفريقي، بناء على طلبه، بالمشاركة في الإجراءات الاستشارية بشأن التزامات إسرائيل فيما يتعلق بحضور أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وحسب بيان من المحكمة، وبناء على المادة (66) من النظام الأساسي للمحكمة، قررت القائم بأعمال رئيس المحكمة القاضي جوليا سيبوتيندي، أنه من المرجح أن يكون الاتحاد الأفريقي قادرا على تقديم المعلومات بشأن السؤال الذي قدمته الجمعية العامة إلى المحكمة وبالتالي "يجوز للاتحاد الأفريقي أن يقدم بيانا مكتوبا حول هذه المسألة خلال المهلة الزمنية التي حددها أمر الرئيس أي بحلول 28 شباط الحالي".
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 كانون الأول الماضي، قرارًا يطلب فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن السؤال التالي: ما هي التزامات إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال وعضوًا في الأمم المتحدة، فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة، بما في ذلك وكالاتها وهيئاتها، والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة، في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفيما يتصل بتلك الأرض، وذلك لأغراض، منها ضمان وتيسير إيصال المدد الجوهري لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة، والخدمات الأساسية، والمساعدات الإنسانية والإنمائية، لما فيه مصلحة السكان المدنيين الفلسطينيين، ودعمًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير؟"
وجاء القرار عقب اصدار الكنسيت الاسرائيلية قرارات تعُيق عمل وكالة الأونروا في فلسطين ولا سيما في القدس المحتلة.
يذكر، أن المحكمة كانت أذنت أيضا لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بالمشاركة في الإجراءات الاستشارية.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين شؤون اللاجئين: استهداف المخيمات و"الأونروا" جزء من مخطط تصفية قضية اللاجئين وحقوقهم الثلوج تتساقط على جبل الشيخ ودرجات الحرارة تنخفض دون الصفر الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم ال26 على التوالي الأكثر قراءة "معاريف" تكشف عن دور سلاح البحرية الإسرائيلية بحرب غزة وأهم عملياتها إسرائيل تواصل عدوانها على طولكرم وجنين - أبرز التطوّرات سفراء الاتحاد الأوروبي والعرب يؤكدون رفضهم لدعوات تهجير الغزيين ترقّب في إسرائيل لإفراج حماس غدا عن 3 أسرى لديها في غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025