أثناء سفرهم حول العالم عام 1972 تعرض قارب عائلة روبرتسون لهجوم من الحيتان فوجدوا أنفسهم عالقين لأسابيع على طوافة صغيرة، وأجبروا على شرب دم السلاحف وقتل أسماك القرش واستخدام الحقن الشرجية لترطيب أجسادهم، في معركة قاسية من أجل البقاء على قيد الحياة.

بدأت قصة عائلة روبرتسون -كما سردها سيمون هاتنستون على صفحات غارديان- عندما سمع دوغلاس روبرتسون (18 عاما) صوتا قويا صاحبه رفع مركبهم الشراعي "لوسيت" فوق البحر، فصرخ "ما هذا؟ لا بد أننا نغرق"، ثم نظر إلى والده فاكتشف أن الماء بلغ كاحله، ثم نظر من فوق كتفه فرأى "3 حيتان أوركا، الأب والأم والطفل بينها، وكان رأس الأب مفلوقا وهو ينزف بشدة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"هذا ما ينبغي لها فعله كي تفوز".. واشنطن بوست: تريثوا في اختيار هاريسlist 2 of 2بوليتيكو: هاريس قد لا تكون طوق النجاة المطلوب لغزةend of list

التفت الشاب إلى والده الذي بلغ الماء ركبتيه وقد أدرك أن الحيتان هاجمت المركب الشراعي، فقال دوغال "اتركوا السفينة، نحن نغرق"، "نتركها إلى أين؟" فأشار دوغال إلى المحيط، وهو بالفعل يعني ذلك، بعد أن كانت العائلة أبحرت قبل 17 شهرا.

دوغال قبطان سابق متميز، ترك البحرية التجارية في الخمسينيات ليبدأ حياة جديدة بعد أن اشترى مزرعة ألبان وأسس أسرة مع زوجته ليندا، ولكن حياة البحر ظلت تسكنه، وبعد مرور 20 عاما كان يشعر بالملل ولا يجد لحياته معنى، حسب الكاتب.

كانت الحياة بطيئة ومملة، وأبرز حدث يومي هو ظهور عربة لأخذ الحليب الذي أنتجته أبقارهم إلى مانشستر، وفي أحد الأيام تبع اثنان من أطفاله العربة إلى المزرعة المجاورة حيث توقفت لالتقاط المزيد من الحليب، فسأل نيل والده: هل هذه هي مانشستر؟ فقال "إلى هذا الحد يمكن أن يكون أطفالي أغبياء؟"، وهذا ما أدى إلى اعتقاده بأن أطفاله تضرروا بسبب تربيتهم الريفية".

أفراد عائلة روبرتسون لدى سفرهم من فالموث (صورة أرشيفية من الإعلام البريطاني) ببساطة أحب ذلك

قرر دوغال أن هناك شيئا واحدا يجب فعله: التخلص من المزرعة وشراء يخت، وإخراج الأطفال من المدرسة، والإبحار حول العالم لتعليمهم الحياة، قال لهم ذلك ولكنه ببساطة أحب أن يفعل ذلك.

انطلقوا في يناير/كانون الثاني 1971، وكانت آن أكبر الأطفال فقد كانت تبلغ من العمر 18 عاما ودوغلاس 16 عاما، أما التوأم نيل وساندي فيبلغان 11 عاما، فكانت السنة الأولى رائعة، من إنجلترا إلى البرتغال إلى جزر الكناري، فمنطقة الكاريبي وجزر الباهاما وميامي عبر قناة بنما، ثم إلى جزر غالاباغوس.

أمضوا نحو 6 أشهر في ميامي للعمل على كسب المال لدعم الجزء التالي من رحلتهم، وهناك قررت آن ترك رحلة الإبحار، لكنهم التقطوا راكبا جديدا في بنما هو المحلل المالي روبن وليامز (23 عاما) الذي وافق على دفع سعر رمزي وتعليم الأطفال اللغة الإنجليزية والرياضيات مقابل سفره حول العالم.

كانوا في رحلة مدتها 45 يوما إلى جزر ماركيساس بجنوب المحيط الهادي عندما صدمتهم الحيتان، فطلب دوغال من دوغلاس رمي الزورق والطواف في البحر، مما أدى إلى كارثة أخرى"، فلم يبق لهم إلا الطوافة بعد أن غرق الزورق، وأدرك دوغلاس أنهم محاطون بنحو 20 من الحيتان.

ألقى دوغلاس الطوافة في الماء وبدأت في التمدد وشرع ينقل عائلته إليها، وكان آخر من وصل إليها وهو يقول لنفسه "هذا هو الأمر يا دوغلاس، هذه هي الطريقة التي ستموت بها، سوف تأكلك الحيتان القاتلة".

وسرعان ما أدرك الركاب مدى اليأس الذي كان عليه الوضع، كانوا على بعد مئات الأميال من الأرض ومعهم طوافة وزورق غمرته المياه، وكان لديهم من المياه والطعام ما يكفي لمدة 10 أيام، ولكنهم لم يصلوا إلى الأرض خلال 10 أيام.

كانت ليندا هي التي عبرت عما كانوا يفكرون فيه جميعا، قالت "دوغال، هل سنموت أم أن لدينا فرصة؟"، لم يعرف دوغال الجواب، فسأل دوغلاس: في حال تمكنا من إعادة القارب إلى العمل هل ستوافق على التجديف لمسافة 250 ميلا للعودة إلى جزر غالاباغوس وإطلاق ناقوس الخطر؟ فرد دوغلاس بالنفي "لا أستطيع، إنها مهمة حمقاء، على أي حال أفضّل أن أموت هنا معك على أن أموت وحدي".

قطع العهود

أعادت الأسرة تقييم الوضع "قطعنا تعهدات لبعضنا، أهمها أننا لن يأكل بعضنا بعضا، سنموت بهدوء إذا كان الأمر كذلك، وسنبحث عن سفينة إنقاذ، ستكون هذه أفضل فرصة لنا للخروج من هذا الوضع"، ثم اتجهوا نحو منطقة الركود، حيث تلتقي الرياح التجارية الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية وهم يعتقدون أنهم يمكنهم العثور على مياه الأمطار العذبة هناك.

وبعد 6 أيام اكتشف التائهون سفينة، وكانت معهم قنبلتان مظليتان و3 قنابل يدوية، فقلت "يا أبي، أطلق الشعلة على السفينة وليس في الهواء"، ثم فقدوا فرصة الإنقاذ "كان الأمر مدمرا، وبكينا".

لم تبق لديهم سوى 4 أيام من المياه المعلبة، وكانوا يحصلون على ما تبقى من الطعام، وذات يوم قفزت سلحفاة على الطوافة، فقلت "أبي، يمكننا أن نأكل هذه"، ولكنهم وجدوا صعوبة بالغة في قتلها، ثم دخلوا أسبوعهم الثاني وكانوا يعانون من الجوع، وعندما جاءت سلحفاة أخرى ذبحوها وشربوا دمها "كنا نظن أننا قد نكون قادرين على العيش على السلاحف".

وصلوا إلى حالة الركود بعد 12 يوما وانتظروا المطر أياما "ومع مرور الأيام أصبحت الطوافة أسوأ فأسوأ، وقد أحدثت سمكة ثقوبا فيها كانت تتسرب منها المياه، وأصبنا بالدمامل إذ كنا غارقين طول الوقت في الماء".

بعد 17 يوما على الطوافة أمطرت السماء بغزارة وجمعوا الماء وملؤوا الحاويات وغنوا وفرحوا، كان دوغلاس هو المجدّف الرئيسي، وكان دوغال القائد والأم هي التي تتولى الرعاية، أما روبن فكان متحدثا لا يسكت، فحافظ على معنويات الجميع مرتفعة من خلال أحاديثه المبهجة.

أما التوأم "فقد أبقونا صادقين بشأن تقنين الطعام والماء، كنا نفعل ذلك من أجلهم، أقسمت أمي وأبي أن عليهما إعادتهما إلى المنزل، ومع حطام الطوافة تم نقلهما إلى الزورق الصغير".

بعد 5 أيام نفد الماء، فكان يمسكون بأسماك الدورادو ويمصون ما في جسدها من الرطوبة، قبل أن يدركوا أن أسماك القرش تتبعهم، وبالفعل قبضوا على سمكة قرش وقطعوا رأسها و"أكلناها وشعرنا بالارتياح".

مرت 5 أسابيع، ولا توجد حتى الآن أي إشارة على الإنقاذ، ولكن الأسرة نجت بلحم القرش المجفف والمياه العذبة من مقل وفقرات الدورادو

سفينة الإنقاذ

مرت 5 أسابيع ولا توجد حتى الآن أي إشارة على الإنقاذ، ولكن الأسرة نجت بلحم القرش المجفف والمياه العذبة من مقل وفقرات الدورادو "كنا نتحدث عما سنفعله عندما نصل إلى المنزل، فقال روبن إنه سيعمل في فندق لأنه لا يريد الابتعاد عن الطعام مرة أخرى، وقلت "سأذهب إلى البحر"، فقالت والدتي "حسنا، أنت في البحر"، فقلت "نعم، ولكنني سأذهب إلى البحر بشكل صحيح"، وأرادت أمي العودة إلى الحياة الزراعية، أما دوغال فقال إنه لن يفعل ذلك أبدا.

وفي يوم 23 يوليو/تموز 1972 كانت العائلة تتحدث عن افتتاح مقهى في أحد الأيام عندما صاح دوغال "هناك سفينة، قم برفع الجسور"، فقال "دوغلاس، أعد القارب، لدينا مشعلان إلى اليسار، الأمر يستحق الفرصة، إنها تقترب حقا".

كانت سفينة صيد يابانية في طريقها إلى قناة بنما "أشعل دوغال الشعلة وأمسكها حتى عرف أن القبطان رآه ولكن طاقمه ظن أنهم قراصنة، وفي النهاية وافق القبطان على تغيير المسار بمقدار 20 درجة لإلقاء نظرة، فأشعل دوغال الشعلة الثانية، لكنها فشلت، ولكن السفينة أدركت أنهم ليسوا قراصنة عندما رأوا امرأة وطفلين على متن الزورق.

وفي غضون 10 دقائق كانت السفينة بجانبهم وألقت لهم بحبل، وتم إنقاذهم بعد 38 يوما، وعادت العائلة إلى منزلها في منطقة بيك، وهناك انفصل دوغال وليندا بعد عام "لأنهما أدركا ما فعلاه بالعائلة، شعرا أنهما عرّضانا لمثل هذا الخطر".

كتب دوغال كتابا من أكثر الكتب مبيعا، وكسب ما يكفي من المال لشراء يخت لنفسه ومزرعة لليندا، ثم خطط لإكمال رحلته حول العالم، لكنه توقف في اليونان وبقي هناك، ويعيش على قاربه، ثم ذهب روبن للعمل في مجال التمويل وبدأ التوأم في الدراسة، أما دوغلاس فدخل البحرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات حول العالم إلى جزر

إقرأ أيضاً:

8 ملفات حرجة كانت على طاولة مباحثات السيسي وأردوغان

الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم إلى أنقرة بدعوة من نظيره التركي رجب طيب أردوغان هي الأولى من نوعها منذ وصوله إلى السلطة. وهي تدشن صفحة جديدة في علاقات البلدين بعد قطيعة دامت أكثر من عقد إثر أحداث 30 يونيو 2013.

تتوج هذه الزيارة سلسلة من خطوات تخفيف التوتر بين البلدين شهدتها الأعوام القليلة الماضية، وهي اللقاء الرابع بين الرئيسين، فقد زار أردوغان القاهرة في فبراير الماضي. وقبلها التقى الرجلان في 2022 في الدوحة خلال افتتاح بطولة كأس العالم، ثم في قمة العشرين في نيودلهي في سبتمبر 2023، ثم في القمة الإسلامية الطارئة بالرياض في نوفمبر من العام نفسه.

وفي يوليو 2023 خطت تركيا خطوة هامة لإنهاء القطيعة، فرفعت التمثيل الدبلوماسي مع مصر إلى مستوى السفراء، تلا ذلك زيارة وزير خارجيتها هاكان فيدان إلى القاهرة في أغسطس الماضي، للتحضير للزيارة المرتقبة للرئيس المصري.

ملفات الزيارة

جاء السيسي إلى تركيا حاملا ملفات حيوية تتعلق بالمصالح المشتركة للبلدين، يتوقع مناقشتها ضمن اجتماعات مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، الذي تم تدشينه خلال زيارة أردوغان إلى القاهرة. ويعد إنهاء التوترات السياسية التي استمرت عقدا بين البلدين أبرز هذه الملفات.

التحول في مواقف البلدين يتيح فرصا جديدة لتعاونهما سياسيا واقتصاديا، وهو ما يبدو رغبة مشتركة لدى البلدين في الوقت الحاضر إزاء التهديدات الإقليمية المحيطة.

أولا: غزة
ملف غزة يحتل بلا شك مكانة بارزة على طاولة المباحثات، فالطرفان يسعيان إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، وضمان انسحاب إسرائيل من غزة، وتسهيل إدخال المساعدات الدولية، التي قال الرئيس التركي في مؤتمره الصحفي اليوم مع الرئيس السيسي أن بلاده قدمت نحو 32٪ من إجماليها.
وتتشارك تركيا ومصر الرؤية بخصوص الحل النهائي للقضية الفلسطينية، الذي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وتُعد مصر طرفاً أساسياً في مفاوضات وقف العدوان الإسرائيلي، وهي تسعى لحشد دعم دولي للتخلص من الضغوط الإسرائيلية المستمرة على معبر صلاح الدين الحدودي. وفي المقابل، تعتبر تركيا شريكًا مهمًا في جهود إعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب.
ومن المتوقع أن تطلب القاهرة من أنقرة استغلال علاقاتها الوثيقة بحركة حماس لدفعها إلى مزيد من المرونة في مفاوضات وقف الحرب، ولا سيما فيما يتصل بالانسحاب الإسرائيلي من غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، وذلك للتغلب على تعنت حكومة نتنياهو، التي تسعى لمواصلة الحرب والمفاوضات إلى أجل غير مسمى. ثانيا: سد النهضة والقرن الإفريقي
يمثل هذان الملفان أهمية قصوى لمصر، وهي تتطلع إلى دعم تركي فعّال فيهما، بما لها من نفوذ متزايد في منطقة القرن الإفريقي، اقتصاديا وعسكريا في إطار مساعيها لمنافسة القوى الإقليمية والدولية كالصين والدول الغربية.
أبرمت تركيا اتفاقيات عسكرية مع جيبوتي في فبراير 2023، كما تملك قاعدة عسكرية كبيرة في الصومات، هي الثانية من حيث الحجم خارج أراضيها. كما أنها لعبت دوراً محورياً في دعم حكومة آبي أحمد في إثيوبيا، خلال الصراع مع جبهة تحرير شعب تيغراي. عندما أمدته بطائرات بدون طيار، ساعدت الجيش الإثيوبي على استعادة السيطرة على زمام الأمور.
هذا الحضور التركي يعزز رغبة مصر في طلب دعم أنقرة في ملف سد النهضة. فالسيسي قد يناقش مع أردوغان إمكانية الوساطة بين مصر وإثيوبيا لحل الخلاف حول ملء السد وتشغيله دون مراعاة لاحتياجات مصر المائية. فمصر باتت تشعر بنفاد الصبر إزاء السياسة الإثيوبية المتعنتة، ما دفعها مؤخرا إلى إرسال قوات عسكرية إلى مقديشو لحماية مصالحها الإقليمية.
ستسعى مصر أن توضح لتركيا موقفها الرافض لأي هيمنة أجنبية على البحر الأحمر، باعتباره ممراً حيوياً للتجارة العالمية الذي تشكل قناة السويس جزءاً أساسياً منه. وفي هذا السياق، تأتي المساعي الإثيوبية الحثيثة، منذ أن أصبحت دولة حبيسة في عام 1993، للحصول على منفذ بحري، وكان أحدث هذه المحاولات عبر جمهورية أرض الصومال، مما دفع مصر إلى اتخاذ خطوات عسكرية لحماية مصالحها الاستراتيجية في تلك المنطقة. ثالثا: ليبيا
كان الملف الليبي واحداً من أبرز مصادر الخلاف بين البلدين. مصر دعمت قوات المشير خليفة حفتر التي تسيطر على الشرق الليبي، في حين كانت تركيا تدعم حكومة الوفاق الوطني في غرب ليبيا بقيادة فايز السراج، ثم حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة. استمر هذا الصراع فترة طويلة، حيث رأت القاهرة أن حفتر يمثل الاستقرار في مواجهة الفوضى المسلحة التي اجتاحت ليبيا، فيما اعتبرت أنقرة أن دعم الحكومة المعترف بها دولياً هو السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار.
لكن الوضع تغير اليوم. وأصبح الخلاف حول الملف الليبي في طريقه للحل. أكد السيسي وأردوغان خلال المؤتمر الصحفي المشترك على ضرورة إخراج الميليشيات الأجنبية من ليبيا، وهو ما يعكس توافقاً جديداً بين البلدين حول ضرورة إعادة الاستقرار لليبيا.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تفاهمات أوسع بين البلدين حول هذا الملف، حيث بدأتا في توحيد جهودهما لدعم استقرار ليبيا ومنع تسلل الجماعات الإرهابية عبر الحدود. وبعدما كانت مصر تعتمد على دعم حفتر لتحقيق الأمن على حدودها الغربية، تبدو اليوم أكثر انفتاحاً على التعاون مع تركيا لإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية واستعادة سيادتها. رابعا: غاز المتوسط
كان هذا أحد أكثر الملفات حساسية بين البلدين. فمصر أسست منتدى غاز شرق المتوسط بالتعاون مع قبرص واليونان، وهو ما اعتبرته تركيا استفزازاً لها، وإجهاضا لمحاولاتها لترسيم الحدود البحرية لتعظيم استفادتها بثروات الغاز في شرق المتوسط، ولا سيما أنها تعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز لتلبية احتياجاتها.
وبدأت مصر وتركيا في الأشهر الأخيرة مفاوضات لإعادة ترسيم الحدود البحرية بينهما. بهدف إنهاء الخلاف حول مناطق التنقيب عن الغاز، مع فتح الباب أمام إمكانية انضمام تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون بين دول المنطقة في مجال الطاقة.
وتسعى القاهرة لأن تكون مركزاً إقليمياً لتصدير الغاز عبر منشآت التسييل في دمياط وإدكو، وهو ما قد يتحقق بالتعاون مع تركيا، التي تستورد 90% من احتياجاتها من الغاز. ولذلك فإن التعاون في هذا المجال سيفتح آفاقاً جديدة للبلدين، ويخفف الاعتماد المصري على الغاز الإسرائيلي، الذي توقفت إمداداته بسبب الحرب على غزة. خامسا: السودان
مع تصاعد الأزمة السودانية في أبريل 2023، اتخذت تركيا موقفًا داعمًا للشرعية بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي استقبلته في أنقرة في سبتمبر من نفس العام، وقد تكون دعمته عسكرياً ببعض الطائرات المسيرة، إلا أن مصر وتركيا اليوم اليوم يتفقان على أهمية حل الأزمة السودانية بالطرق الدبلوماسية، وهما تسعيان للتعاون في دعم المساعي الدولية والأممية لحل النزاع الذي يؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة بأسرها. سادسا: الدفاع والطائرات المسيرة
الملف الدفاعي يحتل حيزًا هامًا في المباحثات بين السيسي وأردوغان، حيث أظهرت الحروب الأخيرة أهمية الطائرات المسيرة في تحقيق الأهداف العسكرية. وقد برزت تركيا كدولة رائدة في تصنيع تلك الطائرات، التي كان لها دور حاسم في تغيير مسار عدة نزاعات، من أبرزها خلال الحرب الروسية الأوكرانية، حيث زودت أوكرانيا بمسيرات "بيرقدار".
وفي إطار سعي مصر لتنويع مصادر تسلحها، باتت مهتمة بشراء الطائرات المسيرة التركية من طرازات "بيرقدار  TB2" و"بيراقدار أقنجي"، وقد زار رئيس الأركان المصري تركيا في أبريل الماضي للاطلاع على الإمكانيات الدفاعية التركية. كما تشارك تركيا حالياً في معرض مصر الدولي للطيران والفضاء، الذي يقام في العلمين، مما يعكس تطور التعاون الدفاعي بين البلدين. سابعا: التعاون الاقتصادي
على الجانب الاقتصادي، وقّعت مصر وتركيا خلال اليوم الأول للزيارة 17 اتفاقية، ما يعكس الاهتمام الكبير بملف التعاون الاقتصادي بين البلدين. ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فقد بلغت صادرات مصر إلى تركيا 2.8 مليار دولار خلال عام 2023، بينما وصلت صادرات تركيا إلى مصر إلى 3.8 مليار دولار في نفس العام. وتسعى الدولتان إلى زيادة حجم التبادل التجاري ليصل إلى 15 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الخمس القادمة.
وتعتبر تركيا الشريك التجاري الأكبر لمصر في إفريقيا، وساهمت اتفاقية التجارة الحرة، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2007، في تعزيز حجم التجارة بين البلدين، ودمج الصناعات التركية والمصرية، ما يساعد على الوصول إلى أسواق أوروبا وإفريقيا عبر اتفاقية الكوميسا. ثامنا: التعليم والصحة
في مجال التعليم، تُعد مصر واحدة من أكبر الدول التي تضم أقساماً لتعليم اللغة التركية في جامعاتها، ويتوقع أن تبحث الزيارة تعزيز التعاون الأكاديمي بين البلدين عبر زيادة في المنح التركية للطلاب المصريين، والتعاون مع الجامعات التركية لتأسيس كلية تكنولوجيا مصرية-تركية بالتعاون مع جامعة الزقازيق.
وفي مجال الصحة، تم الاتفاق في فبراير 2023 بين وزير الصحة المصري والسفير التركي بالقاهرة على تأسيس مستشفى تركي مصري بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى التعاون في مجال زراعة الأعضاء والتدريب الطبي المشترك.

هكذا، تتضح معالم التعاون بين مصر وتركيا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والدفاعية، في خطوة تعكس تحولا إيجابيا في العلاقات الثنائية، بعد سنوات من الخلافات. ويبشر المستقبل بمزيد من التقارب المثمر، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويسهم في استقرار المنطقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • سائحان مسنان يحتفلان بزفافهما في أعماق البحر بالغردقة
  • زفاف تحت الماء.. عروسان تشيكيان يحتفلان بزفافهما في قاع البحر الأحمر بالغردقة
  • موقع أمريكي: واشنطن تخوض حربا باليمن منذ 20 عاما.. لكن الحوثيين مازالوا قادرين على خنق البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • «فرح تحت الماء».. سائحان مسنان يحتفلان بزفافهما في أعماق البحر بالغردقة
  • محامٍ : العقود الشفوية عند البيع والشراء لا يعمل بها إذا كانت فوق الـ 100 ألف .. فيديو
  • 8 ملفات حرجة كانت على طاولة مباحثات السيسي وأردوغان
  • بيت في أعماق البحر الأحمر
  • كنعاني: العالم يسَمع صوت تحطم عظام الكيان الصهيوني عالياً وبوضوح
  • ما هي الحطمة؟.. أزهري يكشف دلالتها من القرآن الكريم
  • بوقعيقيص: لولا البعثة الأممية “ناكلوا بعضنا” فنحن لم نبلغ سن الرشد بعد