يواصل الروائي والكاتب المصري وليد علاء الدين، سلسلة ورش "اقتناص الخيال"، التي انطلقت قبل سنوات من مكتبة الإسكندرية في مصر، وطافت عدداً من المدن العربية بينها: أبوظبي، ودبي، ومسقط، ثم عادت حديثاً إلى مدينة الإسكندرية مُجدداً ضمن فعاليات النسخة التاسعة عشرة من "معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب".

"اقتناص الخيال" هي ورشة تفكير مشترك حول الكتابة الإبداعية، وقد جرى تخصيص أحدث تلك الورش بمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب لمراجعة الكتاب الذي يحمل الاسم نفسه، مع المشاركين في الورشة، استعداداً لصدوره قريبا عن دار الشروق، وهي الورشة الرابعة التي يعقدها وليد علاء الدين تحت هذا العنوان في مكتبة الإسكندرية.

وتقوم ورشة "اقتناص الخيال" على منهج التفكير المشترك في المفاهيم والمصطلحات وإعادة النظر فيها وإعادة تعبئتها بوعي جديد لتفكيك العقبات التي تحول دون القدرة على استخدام الكتابة الأدبية وسيلة تعبير عن الخيال.

وقد تحوّلت تلك السلسلة من الورش إلى بودكاست عبر منصة 24 الإخبارية الإماراتية، حيث كان لها نصيب كبير من اهتمام جمهور البودكاست.

وخلال تلك الورشة التي أقيمت ضمن فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، وما سبقها من ورش، نجح وليد علاء الدين في أن يحوّل تلك الجلسات إلى حلقات نقاشيّة حول الكتابة وكيفية تخطي عقباتها، وتناول الاستراتيجيات المساعدة على البدء في الكتابة، مع التركيز على المساحة الواقعة بين رغبة الإنسان في التعبير عن ذاته وقدرته على تحويل هذه الرغبة إلى منتج تتم مشاركته مع الآخرين.

ويرى الروائي والكاتب المصري وليد علاء الدين، أن كلمة الموهبة هي كلمة "ملغزة"، مفضلا استبدالها بكلمة مقدرة، ويصف الكتابة الأدبية بـ "فخ جمالي"، كونها تتوسل الجمال من أجل تحقيق متعة القارئ، وهي بذلك تختلف عن الكتابة البحثية، ويعتبر أن معادلة الكتابة الإبداعية تقوم على الرغبة التي تدفع الإنسان للتعبير عنها، ثم المقدرة على التعبير، ومن ثم اختبار تلك المقدرة الذي أكد أنه اختبار مستمر ولا ينتهي إلا بتوقف الكاتب عن الكتابة.

ويؤمن "علاء الدين" بأن عدم الثقة في الخيال هي من معوقات الكتابة الإبداعية، ويعتقد بأن "الخيال" كلمة ملغزة - أيضاً - مثلها مثل الموهبة، ويراها بمثابة صندوق أفكار الكاتب، وهو أساس التواصل بين البشر، وأكد على أن خيال الكاتب هو بضاعته التي يتشاركها مع الآخرين.

ويُشدد وليد علاء الدين على أن "طريق النجاح في الكتابة الإبداعية هو التفكير العلمي، وأن الأدب والكتابة يقومان على المعرفة والعلم، بعكس ما كان ينسب دائماً إلى قوى غيبية، وأن انتظار الموهبة والوحي الأدبي لا يصنع كتابة إبداعية".

وينصح "علاء الدين" عبر أحاديثه بسلسلة ورش "اقتناص الخيال"، من يرغب في البدء بالكتابة الإبداعية باقتناص خياله والتدرب على ذلك باستخدام الأدوات اللازمة، ويُبيّن أن كل شيء يبدأ بالملاحظة "وهي أولى العتبات لتغذية الخيال". وإن هناك عدة طرق وخطوات لتنمية الكتابة الإبداعية مثل تسجيل الأفكار صوتياً قبل كتابتها، وما سماه السطو المعلن وهو النسج على منوال كاتب مفضل أو طريقة كتابة مفضلة إلى حين افتراع طريق خاص في الكتابة، ويرى بأن ذلك تقليد بهدف التدرب وليس سرقة.

ووليد علاء الدين، شاعر وكاتب مسرحي وروائي وفنان تشكيلي مصري، استطاع أن يزاوج بين ألوان شتى من الإبداع، بجانب عمله في مجال الصحافة الثقافية، وانشغاله بهموم التراث لسنوات طوال خلال عمله مديرًا لتحرير مجلة "تراث" التي تصدر عن هيئة أبوظبي للتراث، واهتمامه الحالي باللغة وقضاياها، وحضوره الدائم في الكثير من الندوات والفعاليات المعنية بالثقافة والآداب والفنون في دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم العربي. وهو حاصل على ماجستير الصحافة من كلية الإعلام جامعة القاهرة. ويعمل بالصحافة الثقافية العربية منذ عام 1996، نُشرت أعماله ورسومه في عديد الصحف والمجلات والمنصات الإلكترونية العربية.

صدر له 14 كتابا تنوعت بين الشعر والمسرح والرواية والمقالة وأدب الرحلة، منها في الشعر: "تردني لغتي إلي"، و"تفسر أعضاءها للوقت"، وفي المسرح: "البحث عن العصفور"، الحاصلة على جائزة الإبداع العربي، و"72 ساعة عفو" الحاصلة على جائزة ساويرس الثقافية، و"مولانا المقدم"، و"وشي في وشك". وفي أدب الرحلة "خطوة باتساع الأزرق" وفي الرواية: "ابن القبطية"، و"كيميا"، و"الغميضة"، إضافة إلى عدد من الكتب في مجال النقد الأدبي والثقافي.

يُذكر أن الدورة التاسعة عشرة من "معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب"، الذي استضاف ورشة "اقتناص الخيال"، يتواصل تستمر حتى الثامن والعشرين من شهر يوليو الجاري، بمشاركة 77 دار نشر مصرية وعربية، حيث يُقام على هامش المعرض برنامج ثقافي متكامل يقدم وجبة ثقافية دسمة تشمل مجموعة كبيرة من الفعاليات التي تتجاوز 160 فعالية تتونوّع ما بين بين ندوات ومحاضرات، وورش عمل ومؤتمرات، وتتنوع في محاورها بين: التاريخ، والأدب، والذكاء الاصطناعي، والصناعات الإبداعية، والدراما المصرية، والكتابة بكل فنونها، والإعلام، والشباب، والمرأة، والطفل، والعلاقات المصرية الثقافية، والنشر، وذلك بمشاركة أكثر من 600 مثقف ومفكر وأديب وإعلامي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الکتابة الإبداعیة مکتبة الإسکندریة ولید علاء الدین

إقرأ أيضاً:

شهادات عن الراحل عبد الرحمن عرنوس بمهرجان المسرح التجريبي

انطلقت اليوم أولى ندوات محور "رد الجميل" الذي يقيمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثون دورة الدكتور علاء عبد العزيز، وبرئاسة الدكتور سامح مهران، وكانت الندوة عن الراحل الدكتور عبد الرحمن عرنوس، وأدارت الندوة الدكتورة أسماء يحيي الطاهر عبد الله، وبمشاركة كلاً من الدكتورة هنادي عبد الخالق، والدكتور علاء حسني، والمخرج حمدي حسين.

واستهلت الدكتورة أسماء يحيي الطاهر، حديثها قائلة: هذه الجلسات التي يقيمها المهرجان للشخصيات المؤثرة التي لم تحضر زمن السوشيال ميديا والتوثيق لذلك حرمنا من معرفة تجاربهم الثرية، فسلسلة رد الجميل مهمة جدا من وجهة نظري، واليوم نتحدث عن واحد من أهم الشخصيات وهو الدكتور عبد الرحمن عرنوس الذي كان يقدم العاب مسرحية مختلفة تخرج خارج إطار المسرح التقليدي وهذا مهم للأجيال المسرحية الموجودة أن تعرف كل الأساتذة الذين أثروا فينا، ليصبح ميراثهم حاضراً حتى وقتنا هذا.

د. هنادي عبد الخالق: صاحب فضل في تركيبتنا الشخصية أكثر من الأكاديمية

ومن جانبه قالت الدكتورة هنادي عبد الخالق، من مصر: الدكتور عبد الرحمن عرنوس هو صاحب فضل علينا في تركيبتنا الشخصية أكثر من التركيبة الأكاديمية، جعل لدينا مساحة حرية أكبر وكان دائما يعمل على كسر الخجل كحاجز للإبداع، هذا الرجل كان مؤثر في كل شيء في حياتنا، وكان يتبع منهج تفجيري وليس تلقيني، ولم يحب أن نصبح نمطيين وهو كان صاحب التجريب في مدرستنا حتى في محاضراته وكان يتبع أسلوب صادم في التعامل معنا.

وتابعت: أما الجوانب العلمية الرائعة فهو كان يعتمد على منهج "الضولوصونية" وهو مزيج الضوء والصوت واللون وكيف يكون مثير للمثل والمتلقي وكان دائما يشكل الفراغ بشكل مختلف تماما، وكان دائما يقول لنا أستاذ حاسس بإيه؟، ويقولها في لحظة غريبة وهي لحظة الصدمة، كان يرصد التغير ويدركه وكان يتعمد أن يرصد الممثل هذا التغير وكان يرتبط بجمهور من الشعب من الطوائف البسيطة وكسر داخلي حواجز كثيرة وتعمد أن يعلمنا أن الإنسان العادي من الممكن أن يكون مبدع أكثر مني، وكان دائماً يتعامل مع جسم الإنسان، نتعرف على التكوين العضلي العصبي للإنسان فكان التمثيل بالنسبة له ينطلق من الجسم وليس الكلمة، كان يعمل في القاعة الدائرية في المعهد بالأربع اتجاهات وهذا الأمر كان جديد بالنسبة لنا كيف نستخدم جغرافية المكان وكان دائماً يستخدم الشموع كمثير للإنتباه.

د. علاء حسني: تربيته في بور سعيد لها أثر كبير في تشكيل وجدانه وآفاقه الواسعة

ومن جانبه قال الدكتور علاء حسني: "إذا تحدثنا عن الراحل عبد الرحمن عرنوس إنسانيا سنجد أن هذا الرجل كان يعشق الحياه وهو نبته من هذه الأرض، اعتقد أن شخص تربى في المدن الساحلية مثل بور سعيد الذي نشأ فيها عرنوس يكون لديه أفق واسع وانطلاقة مثل انطلاقة الطير ويكتسب صفات وتركيبة خاصة جدا يكون متمرد وحر وهذه صفات الدكتور عرنوس هو فنان تلقائي من الدرجة الأولى وكان فلسفته في محراب الفن البعد عن الأطر العادية وكان يحب الإلتحام بالجمهور، وكان له تأثير كبير حتى أنني تعلمت منه قبل أن أراه وكان لدي اشتياق لمقابلته، له لغة متفردة كانت تثير في أنفسنا الضحك أحيانا والغرابة أحياناً.

واستعرض الدكتور علاء حسني، رسالة الدكتوراه للدكتور عبد الرحمن عرنوس عن دراسة المختبرات المسرحية وتطورات فن الممثل كان إشراف الأستاذ الدكتور سناء شافع، وكان دكتور عرنوس يهمه الخروج من الأطر التقليديه، وأعتمد في رسالته على بعض الأسئلة منها: هل هناك علاقة بين المختبرات المسرحية وتطور الممثل، وهناك بعض الوصايا التي أطلقت عليها وصايا عرنوسية وهي: لا ننكر العيب، اكسر خجلك، وماذا بعد؟، شيل الصراصير اللي في دماغك، شد السيفون، اصنع نفسك، بلاش المكياج اللي تحت جلدك، أنا مش عايز حد يحبني ولا يكرهني يهمني الناس ماتنسانيش، وتجربة دكتور عرنوس ينقصها التوثيق فأتمنى أن يقوم تلاميذه بذلك.

المخرج حمدي حسين: تجربة عرنوس ثرية تعلمت منها الكثير وتستحق التوثيق

وقال المخرج حمدي حسين: "في عام 89 قدمت إدارة المسرح تجربة نوادي المسرح، وكان ميزانيتها 1000 جنيه للعرض الواحد، و300 جنيه للنشرة والتي كانت تقدم بواسطة آلة كاتبة، وفي يوم بالهناجر ووجدت شخص يبلغني أن الدكتور عرنوس يبحث عني وأنا لم يسبق لي أن رأيته من قبل، وفي أول لقاء تناقشنا كثيراً وأخذني معه لمكانه المفضل، وأخذ يحدثني عن تجربة "أولاد البحر"  من الصيادين بعد تهجير أهل بور سعيد، وجعلني أرى كل مدخراته من أعمال وذكريات.

وتابع : "وهنا قررت أنا أقدم عدد النشرة عن عبد الرحمن عرنوس، وذهبنا بالفعل دار نشر وطلب مننا 600 ل 800 جنيه في حين ميزانيتنا 300، وساهم عرنوس حينها ب500 جنيه وقمنا بتوزيع  النسخ كلها، وطلب منا سعد أردش مقابلتنا لعمل نفس التوثيق له وبالفعل قدمنا العدد الثاني لسعد أردش وبعده الدكتوره ملحة إبراهيم، فمختبر الدكتور عرنوس كان منهجه قائم على السيكودراما وكان يضعك أمام الشمعة مع المزيكا لتبدأ بإسترجاع كل ذكرياتك منذ الطفولة، وهذا كان يحدث مع الهواه فكان له تأثير مختلف، فتجربة عرنوس تستحق كل التحية وتستحق التوثيق. 

مقالات مشابهة

  • الفلسفة والأدب بين إدراك الحقيقة ونسج الخيال 1
  • حماية العقول.. من فاقديها ١-٢ (السرقات الأدبية أنموذجًا)
  • أرض العجائب.. لابلاند مدينة من وحي الخيال (صور)
  • الكتابة في زمن الحرب (41)
  • مايان السيد تنتهي من تصوير فيلمها الجديد "ولنا في الخيال حب"
  • شهادات عن الراحل عبد الرحمن عرنوس بمهرجان المسرح التجريبي
  • “أدبي أبها” ينظم اللقاء السادس ضمن برنامجه “كاتب .. وما وراء الكتابة”
  • صدور رواية شارميست ضمن أعمال الفائزين بالمسابقة الأدبية بقصور الثقافة
  • صدور رواية «شارميست» ضمن أعمال الفائزين بالمسابقة الأدبية بقصور الثقافة
  • ابن فؤاد المهندس يكشف عن موقف عاطفي لوالده مع علاء ولي الدين.. فيديو