معرض بورسعيد للكتاب يحتفي بالمنجز الروائي البورسعيدي
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مساء أمس، ضمن فعاليات معرض بورسعيد السابع للكتاب، المنعقد حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة بعنوان «المنجز الروائي البورسعيدي»، شارك فيها كل من الروائيين إبراهيم صالح، سامح الجباس، السعيد صالح، سمية الألفي، منى الجبريني وأدارها الناقد الدكتور أحمد يوسف عزّت.
وقد استهلّ الدكتور أحمد يوسف عزت الندوة بالحديث عن «المنجز الروائي البورسعيدي» قائلًا: «إنه كان متحمسًا للحديث عن الرواية في بورسعيد، وأن الأمر قد بدأ من لدن الحكائين الأوائل الذين كانوا يسترسلون في الحديث عن فائض البحر، وبركاته ومغامرات الصيد، ويستجلبون التراث والفلكلور، ويربطون الزمان بالمكان في وحدة عنيفة الجمال.
وقد استمرّت امتدادات الشاطئ الحكائية زمنًا طويلًا، وصولًا إلى الروائي قاسم مسعد عليوة وهو يصول ويجول في مدارات الإنسان، وعلاقته بالجغرافيا ومسارب التاريخ، إلى أن أوجز مشواره الروائي الكبير برواية تُعد من عيون الأدب الروائي المصري، وتلمح فيها أطياف حيّ ابن يقظان ألا وهي رواية "الغزالة".
ولقد رأينا الراحل المبدع محمد عبده العباسي القمري ابن نوّات الصيد، ومواسم رقص الشباك على صفحة الموج، وهو يبدع لبلدته الأثيرة بإرسالات من سرده الأعظم في روايتي "زمن البحر" و"التوفيقي"، كما رأينا الكاتب والسارد زكريا رضوان وهو يقدم روايته التجريبية المتفردة "عبّادي" وهو أحد أشهر أحياء بورسعيد القديمة.
ولقد رأينا الشاعر الحداثي المتفرد إبراهيم أبو حجة، وهو يختتم مسيرته الأدبية المتميزة؛ برواية شديدة الإبداع عن تداعيات أحداث يناير ألا وهي رواية: "سماء بلون الشفق"، وكذلك شاعر الفصحى، الأديب المتفرد السيد الخميسي وهو شاعر جليل، يكتب روايتيه البديعتين "البشروش"، و"الفرائس"».
كما قدم الشاعر أسامة عبد العزيز مبدعًا في كتابته لرواية "نوافذ مهشمة"، وكذلك راهب المسرح المصري، عباس أحمد وهو يبدع في إحدى فرائد السرد الروائي في العصر الحديث ألا وهي رواية "البلط".
تلا ذلك تقديم مجموعة من الروائيين شهاداتهم والحديث عن تجاربهم الإبداعية الروائية، بدأت بالروائي إبراهيم صالح صاحب رواية "رحال" التي ليست مجرد سيرة من حكايات عن أسفار؛ وإنما هي عمل سردي يجسد نموذجين من الواقع المجتمعي الذي نعيشه: نموذج الشخصية الكلاسيكية والمحافظة الذي ترسبت بداخله معظم قيم وأفكار، وعادات الطبقة المتوسطة من المجتمع المصري، والنموذج الآخر المقابل الشخصية المتفتحة المنطلقة المتخطية لكافة الحدود، والتقاليد على الرغم من انتمائها لذات الطبقة.
العمل الذي يقدم صراعًا ما بين عالمين متباينين لشخصيتين تنتميان إلى ذات المجتمع وذات الطبقة؛ ولكن الهوة شاسعة بينهما وتثير عددًا من التساؤلات منها: هل الحب قادر على هزيمة ما جبلت عليه النفوس، وغرزته البيئة في الشخصية وترسب داخلها؟ وهل الحب قادر على أن ينجينا من أنفسنا التي في العديد من الأحيان تدفعنا إلى حافة التهلكة؟ وهل السباحة بعيدًا عن كل الحدود والأعراف والتقاليد المجتمعية هو الصواب المطلق؟
وتحدث الروائي سامح الجباس صاحب روايتي "رابطة كارهي سليم العشي" و"بوستة عزيز ضومط" عن تجربته الإبداعية قائلًا: إنني في اختياراتي في الكتابة أؤمن بأشياء عديدة، منها أنه ليست وظيفة الفن أن يدخل من أبواب مفتوحة؛ ولكن أن يفتح أبوابًا مغلقة، وهذا هو الطريق الذي اخترته من البداية.
وأعرب الكاتب عن فرحته بمعرفة أن روايته "رابطة كارهي سليم العشي" مازالت تُقرأ وتثير الجدل بعد ثلاث سنوات من صدورها، موضحا أن الكتابة بالنسبة له تحمل شقين، الأول: هو قيمة الكلمة سواء أكانت منطوقة، أو مكتوبة خاصة حيث إنه يؤمن بمقولة الكاتبة إيميلي ديكنسون "بأن الكلمة حين تُقال تبدأ رحلتها في الملكوت".
وأوضح أن الكتابة هي فعلٌ شخصيّ وذاتيّ، ينبع من أعماق صاحبه، وأنه يتبع إحساسه الشخصي في الكتابة. وسأله المحاور أحمد يوسف عزت عن كيفية اختياره لأفكاره في الكتابة، هل تخضع لخطة واضحة ومتسلسلة يتبعها أم أن الأفكار تناديه؟ فأجابَ بأن الفكرة هي من تناديه أو يقابلها بين الطرقات لتستهويه، وتجذبه للبحث والكتابة عنها، مثل شخصية عزيز ضومط التي دخلت الرواية أثناء كتابة الفصل الأول.
وقال الروائي السعيد صالح: إنه يجب أن يقرّ أنه من الروائيين الذين يكتبون الرواية الحديثة، التي تأثرت بالأشكال الفنية المختلفة، فقد أخذت الرواية الحديثة من الشعر: الحكي الشعري، وشعرية الكلمة، والوصف الدقيق للأشياء، ومن القصة القصيرة: كثافة اللغة، ومن المسرح: الحوار، ومن الموسيقى البولوفونية: (تعدد الأصوات) ومن السينما: المونتاج بأنواعه، والفلاش باك والتناوب، ومن علم النفس تقنية تيار الوعي بأدواته من مونولوج داخلي وخارجي وهذيان، وأحلام وتداعي حرّ.
وقمنا بفتح فضاء الزمان والمكان، بحيث ينكسر التحديد القاسي لمجرى الأحداث، وقد اعتمدت كتاباته على التوثيق والتسجيل، وقد تناول مجموعة من القضايا مثل: الحرية، الحب، الاعتناء بالآخر، ودعا الجمهور إلى قراءة أحدث رواياته "التركة الفرنسية".
وقالت الروائية سمية الألفي: إن أعمالها دائمًا ما تدعو إلى التماسك الأسري والاجتماعي، وقد ركّزت في روايتها "ميدان التحرير يخرج من الكافيتريا" على قضية الأسرة، وما يمكن أن يزعزع استقرارها وثباتها، وكيف أن هذا العمل يهتم بالأحوال المصرية في أعقاب ثورة يناير، وما آل إليه المجتمع من فساد اجتماعي وأخلاقي وانتشار للمخدرات، ففي هذا العمل شخصيات واقعية نراها في كل موضع، وفيها الكثير من البؤس والحرمان الذي طال جموع المصريين. فهذه الرواية لبنة في جدار الأعمال، التي تناولت أثر الثورة على البسطاء، والمهمشين الذين تفاءلوا بها.
واختتمت الندوة الروائية منى الجبريني في كلمتها؛ التي أوضحت فيها تأثرها الكبير بالأدب الإنجليزي، وبخاصة مسرحية "ماكبث" للكاتب الإنجليزي شكسبير التي تأثرت بأسلوبه في الكتابة عن النفس البشرية وصراعاتها، مما جعلها تهتم بعلم النفس، ويظهر هذا جليًا حتى في عناوين روايتيها "دائرة الهوس" و"صرخة أخيرة".
أعتبر الكتابة تجربة ممتعة على المستوى الشخصي، وأحاول توصيل هذا الشعور للقارئ، وتعتبر الفترة السابقة التي كتبت فيها، وهي عشر سنوات هي تدريب على العناصر الروائية.
وقد كتبت روايتي الأخيرة "صرخة أخيرة" وأنا أحاول نقل المتعة إلى القارئ، وعن تفاعلها مع المجتمع الثقافي حولها، فإن لها صالون خاصًا تجمع فيه الكتّاب، وأنه يجب أن يتواجد الكاتب حول مجموعة من الكتّاب؛ كي يستطيع أن يثري تجربته الأدبية وينفع المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معرض بورسعيد الهيئة المصرية العامة للكتاب وزير الثقافة الثقافة الدکتور أحمد فی الکتابة
إقرأ أيضاً:
حاكم الشارقة يوقع أحدث إصداراته في معرض مسقط الدولي للكتاب
وقع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، المنجز التاريخي الجديد وأحدث إصداراته «البرتغاليون في بحر عُمان، أحداث في حوليات من 1497م إلى 1757م»، الصادر عن منشورات القاسمي.
جاء ذلك خلال زيارة سموه صباح اليوم الخميس، فعاليات الدورة الـ 29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يقام تحت شعار «التنوع الثقافي ثراء الحضارات» وذلك في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
رافق سموه خلال الزيارة كل من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، ومعالي خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني العماني، ومعالي محمد بن نخيرة الظاهري سفير الدولة لدى سلطنة عُمان الشقيقة، وعبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وأحمد بن ركاض العامري الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، ومحمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وطارق سعيد علاي مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وعدد من كبار المسؤولين.
وكان في استقبال سموه كل من صاحب السمو السيد سيف بن جلندي بن سيف آل سعيد، ومعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، ومعالي الدكتور عبدالله بن محمد السعيدي وزير العدل والشؤون القانونية، ومعالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومعالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية.
وعرج صاحب السمو حاكم الشارقة على جناح محافظة شمال الشرقية في سلطنة عُمان ضيف شرف المعرض، مستمعاً سموه من محمود بن يحيى الذهلي محافظ شمال الشرقية، شرحاً حول مشاركة المحافظة وما يبرزه الجناح من عادات وتقاليد وموروث شعبي تتمتع به المحافظة، مشاهداً سموه مادةً مصورةً تناولت بيئة محافظة شمال الشرقية ولقطات من التنوع التضاريسي التي تتميز به المحافظة.
وتسلم سموه من محافظ شمال الشرقية منحوتة تذكارية بعنوان «عتبة الباب»، والمستوحاة من العمارة العُمانية، كما تقبل سموه عدداً من الهدايا التذكارية والإصدارات والإهداءات من الجهات المشاركة في المعرض، تقديراً وتثميناً لزيارة سموه المعرض والجناح.
وتجول سموه في أروقة المعرض الذي يشارك به 35 دولة و674 دار نشر، متعرفاً سموه على مشاركة وكالة الأنباء العمانية ووزارة الإعلام العمانية، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العمانية، ملتقياً سموه المثقفين والأدباء المشاركين في المعرض.
ووقع صاحب السمو حاكم الشارقة أحدث إصداراته «البرتغاليون في بحر عُمان، أحداث في حوليات من 1497م إلى 1757م»، الذي يضم 21 مجلدًا، باللغة العربية ومثلها باللغة الإنجليزية، وتتراوح صفحات المجلد الواحد بين 400 و600 صفحة بمجموع كلي يصل إلى 10500 صفحة، ويحوي كل مجلد مجموعة من الوثائق والرسائل، الذي بلغ مجموع الوثائق في الحولية 1138 وثيقة، جمعت من جميع مراكز الوثائق في العالم.
ويأتي سرد الكتاب حسب التسلل الزمني، إذ يحوي كل مجلد من المجلدات على أحداث جرت في كل سنة، مرتبة في صورة حوليات، ولكل مجلد من تلك المجلدات، دليل للبحث عن المعلومات المطلوبة في آخر كل مجلد، بالإضافة إلى الهوامش لتلك الوثائق، ولا يقتصر المنجز التاريخي الجديد على إيراد الرسائل فحسب، بل يضم كتبًا كاملة ومؤلفات نادرة لمؤلفين برتغاليين تنشر للمرة الأولى.
ويُعد «البرتغاليون في بحر عمان أحداث في حوليات من 1497م إلى 1757م» كنزا تاريخيا لا يقدر بثمن، حيث يرصد أحداثًا تاريخية مهمة وحيوية دارت وقائعها في بحر عمان، حيث كان بحر عمان شاهدًا على تحركات الأساطيل البرتغالية وهي تشق طريقها إلى الهند، وتذكر جميع الأحداث والمعارك التي وقعت في تلك الفترة التي تمتد إلى 260 سنة.
ويميط هذا السفر اللثام عن حقائق تاريخية تذكر للمرة الأولى، مع تحقيق علمي رصين، ودراسة مستفيضة موثقة بالأدلة، وبجهود حثيثة وسعي دؤوب تَمَكّن صاحب السمو حاكم الشارقة من إنجاز هذا العمل التاريخي.
وقد سلك صاحب السمو حاكم الشارقة في هذه الحولية النادرة منهجًا فريدًا، حيث استطاع سموه اقتناء مجموعة كبيرة من المخطوطات البرتغالية والهولندية والبريطانية، وقد استغرق جمع تلك الوثائق والمخطوطات مدة طويلة من الزمن، وقد مرت هذه الوثائق بمراحل من العمل العلمي بدءًا من فرزها حسب السنوات وتصنيفها، ثم ترجمتها من البرتغالية القديمة ثم إلى البرتغالية الحديثة ثم إلى الإنجليزية ومنها إلى العربية.
وتأخذ مجلدات هذا السفر «البرتغاليون في بحر عمان أحداث في حوليات من عام 1497م إلى عام 1757م» القارئ في رحلة مع الزمن يقف على ما شهدته تلك الفترة من وقائع وأحداث سطرتها أقلام البرتغاليين في مراسلاتهم وخطاباتهم ومؤلفاتهم، وتتجلى أمام الباحث طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والظروف والأحوال التي شهدتها منطقة بحر عمان في تلك الفترة.
كما تكشف هذه الوثائق عن الأطماع البرتغالية في الخليج العربي، وتبين أساليبهم الرامية إلى إضعاف اقتصاد عُمان من خلال الاتفاقيات التي كانت تعقد بين البرتغاليين وسلاطين الهند التي كان من ضمن بنودها «أن لا تتعاونوا مع العرب في عمان، ولا تفتحوا مجالًا للتجارة معهم».
ويعد هذا المنجز التاريخي الجديد إضافة نوعية وإثراءً قيمًا للمكتبة العربية والعالمية، حيث يقدم معلومات وحقائق تاريخية ظلت لقرون حبيسة الأرفف والأدراج.
وتُعد الحوليات مؤلّفات تاريخية، يسجّل من خلالها المؤرخ التاريخي الوقائع والأحداث مرتبة زمنيًّا حسب السنوات، بادئًا بعبارات محددة لسنة وقوع تلك الأحداث التاريخية، كأن يقول: «وفي مطلع سنة كذا»، أو «ثم دخلت سنة كذا»، وعادة ما يكتب في أحداث كل عام عبارة «ثم دخل العام...»، وعند ورود الحدث في نفس السنة، يشار إليه بعبارة «وفي العام نفسه» أو «في السنة نفسها» أو «تذكر السنة أو العام».
وتخضع الحوليات لتعاقب السنين ودورانها، متضمنة وقائع سياسية، واقتصادية، ودينية، واجتماعية، يصف فيها المؤرخ مواقع وأمكنة جرت فيها تلك الأحداث بتفاصيلها الدقيقة مكانيًّا وزمانيًّا.
وبهذا تتميّز الحوليات بإيضاح المعنى الدقيق والفهم العميق للأحداث التاريخية الرئيسة.
وهو منهج اعتمده المؤرخون في الإسلام في سرد قصص وأخبار من سبق من الأمم، وممّن كان له السبق في هذا التصنيف المؤرخان الكبيران، الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الكوفي، وأبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي.
وتكون الحوليات على نوعين، الأول يسلك مسلك سرد الأحداث في سنة من السنوات دون التقيد بذكر منطقة معينة أو مكان معين، والثاني يتناول أحداث منطقة معينة وفق تسلسل زمني دقيق، فالحوليات مجموعة من الأحداث والوقائع المتفرقة والأخبار المتنوعة، يتمّ سردها بشكل متتابع، يسهل على الباحث والقارئ تناولها ومتابعتها. وتلخّص لهما السِّيَر والقصص المختلفة في أماكن متعددة وفق أزمنة طويلة.