تقرير.. التيار الصدري يقرر عدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
أغسطس 8, 2023آخر تحديث: أغسطس 8, 2023
المستقلة/- يثير توجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى عدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقررة في الثامن عشر من ديسمبر المقبل خيبة أمل في صفوف أعضاء تياره والأنصار.
وانقضت الأحد المهلة التي حددتها المفوضية العليا للانتخابات في العراق لتسجيل التحالفات.
وأعلنت المفوضية في وقت سابق أن 281 حزبا وكيانا سياسيا سُجلت للمشاركة في الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات)، مشيرة إلى وجود 87 حزبا قيد التأسيس.
ويثير تفويت التيار الصدري لمهلة التسجيل جدلا واسعا بين من يرى أن الصدر حسم أمره باتجاه المقاطعة لدوافع سياسية تتعلق به وخشية التدخل الأجنبي في الاستحقاق، وآخرون يقولون إن الزعيم الشيعي لن يسمح بخضوع الحكومات المحلية لجماعات الإطار التنسيقي.
في المقابل يوجد رأي ثالث يقول إن الانتخابات لن تجرى في موعدها وسوف تؤجل إلى العام المقبل، مما لا يستدعي الاستعجال عن إعلان المشاركة أو المقاطعة.
ولم يقدم الصدر حتى لأقرب المقربين إليه من داخل التيار موقفا واضحا حيال المشاركة في الاستحقاق من عدمه ما يعكس عدم تقدير واهتمام برأي تلك القيادات.
ويقول مراقبون إن هذا هو الوضع السائد في التيار الصدري منذ نشأته، لكنه لم يتضح بجلاء إلا بعد أن تضاربت النوازع بين الانسحاب من الحياة السياسية وبين العودة إليها.
ومع انقضاء المهلة التي حددتها المفوضية العليا للانتخابات لتسجيل التحالفات السياسية، بقيت نافذة واحدة أمام التيار الصدري وهي قوائم المرشحين التي ستبقى مفتوحة لمدة أسبوع.
ويقول نشطاء سياسيون إن امتناع الصدر عن التحالف مع أيّ طرف كان متوقعا لدى القوى المدنية المناهضة لسلطة جماعات “الإطار التنسيقي”، لأن “التيار” لم يتصل بأحد منها من أجل التشاور.
ويلفت النشطاء إلى أن تحالف “قوى التغيير الديمقراطية”، التي يتصدرها الحزب الشيوعي العراقي، “غسلت يديها” من الصدر بعد تجربة أولى لم تسفر عن أيّ نتيجة إيجابية لها، لأن الصدر لا يتشاور مع أحد في قراراته، ولا يهتم بآراء الآخرين حتى ولو كان في حاجة إلى دعمهم. وهو يفضل الهزيمة له ولغيره على المشاركة مع أيّ طرف.
وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ أبريل 2013. وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.
وانسحب التيار الصدري من العملية السياسية في البلاد في 29 أغسطس من العام الماضي، بعدما طالب الصدر من نواب كتلته تقديم استقالاتهم من البرلمان، الأمر الذي مهّد السبيل لخصومه في الإطار التنسيقي لتولي السلطة من دون منازع، وذلك بعد أن احتل مرشحون تابعون لجماعات الإطار، جاؤوا في المرتبة الثانية، مقاعد النواب المنسحبين من التيار الصدري في انتخابات أكتوبر 2021.
ويقول مراقبون سواء قرر التيار الصدري المشاركة، من خلال الجزء المتبقي من مهلة التسجيل للمرشحين، أم لا فإنه يفتقر إلى العزيمة بسبب تردد الصدر في مجمل القضايا السياسية الأخرى، الأمر الذي يُبعده عن تطلعات الناخبين، كما أنه اختار أن يخسر الزخم الذي يترافق مع إجراءات التسجيل والتحضيرات التي تترافق مع الإعداد للانتخابات مما يعني أنه اختار جبهة الخسران شارك أم لم يشارك.
وتعمل القوى المدنية المختلفة على حشد قدراتها من أجل كسب مواقع في المجالس المحلية بالنظر الى أهميتها. وهي تتطلع إلى كسر نفوذ الأحزاب الطائفية في المحافظات الجنوبية على وجه الخصوص. أما المحافظات السنية فإنها تشهد منافسات بين قوى قديمة وأخرى جديدة، وتأمل الأخيرة بأن تحظى بفرصة لكسر القوالب التي هيمنت على السياسات المحلية، والتي يقودها محمد الحلبوسي رئيس البرلمان وخميس الخنجر رئيس تحالف السيادة.
وقال القيادي في “جبهة الإنقاذ” أثيل النجيفي في تغريدة “إن انتخابات مجالس المحافظات القادمة هي أول فرصة للمحافظات المحررة لإبداء رأيها في وضعها الإداري والسياسي منذ 10 أعوام، بل فرصتها هي الأفضل منذ الاحتلال”.
ومثلما قدم انسحاب التيار الصدري من البرلمان السلطة لجماعات الإطار التنسيقي على طبق من ذهب، فإن تردده وتعثره يمكن أن يقدما المجالس المحلية لهذه الجماعات نفسها على طبق من فضة.
وقال النائب عن ائتلاف “دولة القانون” فراس المسلماوي إن “التحالفات غير ثابتة حتى الآن، وإن هناك حركة مكوكية ومتسارعة وتنسيقا وتفاهمات واجتماعات مع أغلب الكتل السياسية”.
وأضاف المسلماوي أن “الإطار التنسيقي سينزل بأكثر من قائمتين لانتخابات مجالس المحافظات، وأن قانون الانتخابات يدعم القوى المتوسطة بشكل كبير”. وتوقع أن تسفر “الانتخابات عن تغييرات في إدارة المحافظين بنسبة كبيرة جداً”.
أما القوى المدنية فإنها تسعى إلى استقطاب ليس الجمهور العريض في المحافظات التي ظل يغمرها الفقر والبطالة وتدني الخدمات فحسب، وإنما استقطاب الناخبين الجدد أيضا من مواليد العامين 2004 و2005، الذين تقول مفوضية الانتخابات إن عددهم يصل إلى مليون و800 ألف ناخب.
نقلا عن صحيفة العرب اللندنية
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: انتخابات مجالس المحافظات الإطار التنسیقی التیار الصدری
إقرأ أيضاً:
الحشد يصيب البرلمان العراقي بالشلل.. هل ينهيه تدخل إيران؟
منذ نحو شهر كامل يشهد مجلس النواب العراقي شللا تاما، وذلك بسبب انقسام حاد داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، حيال قانون الخدمة والتقاعد الخاص بهيئة الحشد الشعبي، التي يرأسها فالح الفياض، وسعي أطراف إطارية لإقالته من منصبه مقابل أخرى رافضة.
وتصّر مليشيا "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، وائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، على تمرير القانون في البرلمان مع الإبقاء على شرط السن التقاعد (60 عاما)، لإزاحة الفياض من رئاسته قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وفي المقابل، تضغط كتلتي "بدر" بقيادة هادي العامري، و"العقد الوطني" بزعامة الفياض نفسه، على استثناء رئيس "الحشد" من شرط العمر، حتى يحتفظ الأخير بمنصبه، ولو لمدة سنة واحد أو إعطاء الصلاحية إلى رئيس مجلس الوزراء العراقي بالتمديد له.
اللجوء لإيران
وعلى ضوء النزاع الحاصل داخل الإطار التنسيقي، ولأن الجبهتين الرافضة للفياض والمتمسكة به، لا تستطيع إكمال النصاب القانوني داخل البرلمان، وإقرار القانون بالصيغة التي تريدها، لجأ الفياض إلى طهران طالبا منها التدخل، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وقالت قناة "الرابعة" العراقية، الأربعاء، إن "الفياض لجأ إلى طهران شاكيا قادة الإطار التنسيقي إلى أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي أكبر أحمد يار، محاولا استغلال نفوذه الإقليمي، للتدخل بشكل مباشر والضغط على الأطراف الرافضة له داخل الإطار".
وأجرى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، الثلاثاء، مباحثات مع مسؤولين إيرانيين، لم يجر الإعلان عنها مسبقا، وتحديدا مع وزير الخارجية، عباس عراقجي، وأمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني وممثل المرشد الايراني الأعلى علي خامنئي، علي أكبر أحمد يار.
وعلمت "عربي21" من مصادر سياسية خاصة، طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "زيارة فالح الفياض جاءت بعد يوم من جلسة حامية بين أطراف الإطار التنسيقي وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي، بسبب قانون الحشد الشعبي، الذي لم يتم التوصل إلى حلّ حتى الآن".
وأكدت المصادر أن "احتدام الصراع والاشتباك اللفظي كان بين منظمة بدر بقيادة هادي العامري، وبين جماعة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، لأن تطبيق القانون بوضعه الحالي معناه إحالة الآلاف من قادة الحشد الشعبي إلى التقاعد، وهؤلاء غالبيتهم من بدر".
وعن موقف السوداني من الأزمة، أوضحت المصادر أن "الفياض بطبيعة الحال هو الأقرب إليه، ويُنظر إليه من باقي أطراف إطارية على أنه حليفه المحتمل في الانتخابات المقبلة، لكن موقفه السوداني داخل الإطار ضعيف كونه لا يمتلك كتلة برلمانية كبيرة".
وأكدت المصادر أن "الفياض ذهب يستنجد بإيران والحصول على تأييد منها يبقيه في منصبه على الأقل إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، ومن غير المعلوم حصلوه على تأييد، خصوصا أن الأطراف الأخرى هي قريبة منها أيضا، سواء الخزعلي أو المالكي".
"خلاف طاحن"
من جهته، وصف الباحث في الشأن العراقي، سعدون التكريتي، أن الخلاف داخل الإطار التنسيقي بأنه "طاحن"، وقد يصل إلى تكسير العظام بين الأطراف المتنازعة على رئاسة الحشد الشعبي، قبل الانتخابات البرلمانية، وذلك لأسباب عديدة، ولاسيما المالية منها.
وأوضح التكريتي في حديث لـ"عربي21" أن "الاستماتة على تمرير قانون الحشد الشعبي، يعود إلى عاملين أساسيين، الأول الحصول على منصب رئيس الهيئة والمناصب القيادية الأخرى داخل المؤسسة، وهذا يقود إلى العامل الثاني، وهو التحكم بالأموال المخصصة للتشكيل العسكري".
وأشار الباحث إلى أن "ميزانية الحشد الشعبي تصل إلى 3 مليار دولار سنويا، ونحن الآن في بداية سنة مالية جديدة، بالتالي كل الأموال هذه تحت تصرف رئيس الهيئة أولا، والقيادات العليا ثانيا، بالتالي تستغل بشكل كبير في مرحلة الانتخابات، وتلعب دورا كبيرا في إرادة عناصر الحشد".
وبيّن التكريتي، أن "الحشد تعداده يصل إلى أكثر من 250 ألف عنصر، وهؤلاء مع عائلاتهم يشكلون رقما كبيرا للقوى السياسية الشيعية تحديدا من أجل التنافس على كسب أصواتهم، بالتالي موضوع الخلاف داخل الإطار التنسيقي ليس شيئا اعتباطيا".
وتوقع التكريتي أن "تتدخل إيران لإيجاد حلّ وسط بين الأطراف المتنازعة داخل الإطار الشيعي، خصوصا مع وجود تحدي أمريكي يضغط باتجاه تفكيك الفصائل المسلحة، وربما حتى الحشد الشعبي يشمله الأمر، لذلك المصلحة الإيرانية تقتضي ربما التهدئة والتوصل لحل يخمد الخلافات".
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث السابق باسم الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن "الهدف الأساسي من القوانين الجدلية هو توسيع رقعة المساحة الانتخابية للنواب أو للكتل السياسية، وهذه مشكلة، فلم تستطع الكتل السياسية مغادرة هذا المشهد منذ انتخابات 2005 وإلى اليوم".
ونقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية عن الهلالي، أن "هذه المشكلة تحتاج إلى معالجة وهذه تتم من خلال الضغط الجماهيري الكبير وبدونه سوف تستأثر الكتل السياسية بشكل كبير بالمشهد السياسي وتوظف العملية السياسية وأموال الدولة العراقية لمصالح بناء عوائل رؤساء الكتل السياسية".
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، المحسوب على الإطار التنسيقي، حيدر البرزنجي، خلال مقابلة تلفزيونية الأربعاء، أن "60 ألف عنصر من الحشد الشعبي ضمن الإدارة المركزية سيصبحون خارج الخدمة بسبب قانون المنتظر إقراره في البرلمان".
وأشار البرزنجي إلى أن "هناك حديثًا عن تفكيك الحشد الشعبي من الداخل"، لافتا إلى أن "بعض القوى السياسية (لم يسمها) مستعدة للتضحية بالحشد بسبب خصومتها مع رئيس الوزراء، بل إن هناك تحالفا يراد له ألا يستمر".
وتشكل الحشد الشعبي عام 2014، من أكثر من 70 مليشيا شيعية، بأمر من المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، ضمن ما يسمى بـ"فتوى الجهاد الكفائي"، وذلك من أجل مجابهة تنظيم الدولة الذي اجتاح البلاد في وقتها وسيطر على ثلث مساحته.
وفي عام 2016، صوت البرلمان العراقي على اعتبار الحشد الشعبي قوة رسمية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة، وذلك وسط مقاطعة من القوى السنية للجلية اعتراضا على القانون، الذي وصفوه في وقتها "نسف للشراكة الوطنية"، كونه يعزز حضور المليشيات في المشهد العراقي.