سودانايل:
2025-03-11@20:00:00 GMT

سقوط العواصم وما يعقبها من عِبر وقواسم؟

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

إبراهيم سليمان

يقولون التاريخ يعيد نفسه، وينساب في نفس مجراه، ليحدث ذات الأثر على الذين يقفون على شواطئه، واللبيب من يعتبر، من تكرار جولاته، والغبي من ينظر للحدث كل مرة، في بلاهة أو مكابرة. مفهوم التكرار التاريخي عقيدة، كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم. لكن العبارة الشائعة هي "التاريخ يعيد نفسه"، وهناك من الفلاسفة من يرى أنه لا يمكن اعتبار ذلك صحيحًا تمامًا في دورات دون مدة الدورة الكونية.

وقيل يمكن أن تُحدث التكرارات التاريخية من نوع "التشابه البارز" شعورًا "بالتقاء" أو "برَجع الصدى" أو وهم سبق الرؤيا. مثال ذلك القول المنسوب للشيخ فرح ود تكتوك عن عمار ثم سقوط الخرطوم: "الخرطوم تتعمّر إلى سوبا ثم تفكك طوبة طوبة".
يشير جي دبليو ترومف إلى أن معظم المفاهيم الغربية عن التكرار التاريخي تدل ضمنًا على أن "الماضي يعلمنا دروسًا من أجل الأفعال المستقبلية" - ويعني ذلك "أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر..."
وعندما وصل إسماعيل باشا إلى مدينة سنار، خرج إليه السلطان بادي السادس مبايعاً في 12 يونيو 1821م فدخلها في اليوم التالي من دون مقاومة. وبذلك سقطت السلطنة الزرقاء التي تأسست في عام 1504م في يد الاحتلال التركي بسقوط عاصمتها سنار. أي بعد 317 عاماً من الحكم.
وعندما سقطت الفاشر في يد التجريدة الإنكليزية ــ المصرية في مايو 1916م، بسقوطها، انهارت آخر مرحلة من مراحلة سلطنة دارفور المتقطعة والتي بدأت منذ 1603م أي بعد استمرار امتد إلى 289 سنة بعد استقطاع 24 سنة فترة الاحتلال التركي (1874 ــ 1898)
استمر الاحتلال التركي للبلاد حتى 26 يناير 1885م حين تمكن الإمام محمد أحمد المهدي من تحريرها بعد حصار استمر لعشر أشهر، بتحرير الخرطوم سقطت التركية السابقة، أي بعد 64 عاماً من الاحتلال.
في صبيحة 2 سبتمبر 1898م في معركة كرري، سقطت البقعة أمدرمان في يد الاستعمار الإنجليزي ــ المصري، وسقطت معها الدولة المهدية، في مرحلتها الثانية، دولة الخليفة عبدالله ود تورشين. واستمرت الدولة السودانية تحت الاحتلال الإنكليزي ــ المصري، إلى أن رفع علم الاستقلال في ضحى يناير 1956م لتبدأ دولة ـــ 56 المستقلة. أي بعد 58 عاماً من الاستعمار.
والتاريخ كان صارماً في مواعيده، ففي 15 أبريل 2023م، سقطت الخرطوم كعاصمة لدولةــــ 56 في أيدي قوات الدعم السريع، تدشيناً لبداية دولة حديثة، لم تتشكل ملامحها بعد، أي بعد 67 عاماً.
ما يلاحظ هنا، أن التاريخ يعيد نفسه في المشهد السياسي السوداني الحديث، بوتيرة شبه ثابتة، منذ الغزو التركي للبلاد، وتشكيل حدوده قبل انفصال الجنوب ما بين 6 إلى 7 عقود، وفي كافة مراحل تشكيل الدولة السودانية "الحديثة"، ومكوناتها من السلطنات والمماليك، متى ما سقطت عاصمة الدولة، سقطت معها الدولة تلقائياً.
لذا، بسقوط القيادة العامة للجيش، والقصر الجمهوري، ومجلس الوزراء، في صبيحة 15 أبريل 2023م، في أيدى قوات الدعم السريع، سقطت دولة ـــ 56 فعلياً، وتم التأكيد على هذا السقوط، بهروب قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى البحر الأحمر، في أغسطس 2023م كآخر حاكم لدولة ــ 56، وما عقب ذلك لا يعدو أن تكون تفاصيل.
ومهما كانت نهايات الحرب الدائرة الآن، لا نظن أن صيرورة التاريخ تسمح بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، فالعواصم، كقطع البلور، إن تصدعت، من المحال إعادتها إلى طبيعتها. فليتوقف، من يناطحون التاريخ في مجراه الطبيعي. فالتاريخ عنيد.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 159//

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أی بعد

إقرأ أيضاً:

دستور دولة (تأسيس) الإفتراضية

ما كنت أود التعليق على دستور دولة (تأسيس الشفشافية) الإفتراضية الذي تم التوقيع عليه قبل أيام في العاصمة الكينية نيروبي بين مليشيا الجنجويد المتمردة المجرمة الإرهابية و المتمرد عبد العزيز آدم أبكر هارون و آخرين (تمومة جرتق) و الوليد مادبو الذي كان يؤم المصلين في مسجد منظمة الدعوة الإسلامية بمقرها في الرياض ، برعاية بريطانية إماراتية و مشاركة الرئيس الكيني (وليام روتو) قاتل الأطفال و الشريك التجاري لزعيم المليشيا الهالك حميدتي في سرقة و تهريب ذهب السودان إلى دبي كما ذكر ذلك نائبه كيثوري كينديكي في لقاء تلفزيوني أجري معه قبل حوالي أسبوع ، و ذلك لعدة أسباب أبرزها :
١/ أن هذا الدستور بني على باطل و ما بني على باطل فهو باطل !!

٢/ أنه دعا إلى حل القوات المسلحة و إحلالها بقوات المليشيا و حركة عبد العزيز !!
٣/ أن الدولة التي سيتم تأسيسها و الحكومة التي سيتم تكوينها بناءاً على هذا الدستور هي مجرد أوهام و أحلام و أنا دائما لا أميل إلى التعليق على الأوهام و الأحلام !!

٤/ الفقرة أدناه و التي اقتطفتها من تقرير شبكة قناة الجزيرة لخصت دستور تأسيس ، و كما يقول المثل (الجواب يكفيك عنوانه) :

(و نص دستور تأسيس على أن السودان دولة علمانية ، ديمقراطية ، لا مركزية ، ذات هوية سودانية ، تقوم على فصل الدين عن الدولة ، و كذلك فصل الهويات الثقافية و العرقية و الجهوية عن الدولة) !!
و هنا تبرز الأسئلة الآتية :
ـ هل يعرف عبد الرحيم دقلو و محمود إبراهيم موسى مادبو و بعض قادة الإدارة الأهلية الذين شاركوا في مؤتمر تأسيس معنى دولة علمانية ؟؟
ـ و هل يعرفون معنى فصل الدين عن الدولة ؟؟

ـ ما هو تعريف الهوية السودانية التي ستبنى عليها دولة تأسيس الإفتراضية الشفشافية ؟؟
ـ كيف تنشأ دولة بعيداً عن الهويات الثقافية لسكانها ؟؟

خلاصة القول أن هذا الدستور الوهمي هو تعبير عن مانفسنو حركة المتمرد عبد العزيز آدم أبكر هارون الذي قال عنه عبد الرحيم دقلو بأن مليشته تقاتل بذات المانفستو الذي ظل عبد العزيز يناضل من أجله لأكثر من 40 سنة ، و هو أيضاً ترجمة للإتفاق الموقع بين حمدوك عب الله حمدوك عندما كان رئيس وزراء مع عبد العزيز في أديس أبابا في الثالث من سبتمبر 2020 ، و هو أيضاً يعبر بوضوح عن مضمون الإتفاق الإطاري الذي كان سبباً رئيسياً لإشعال الحرب !!
و في نهاية الأمر فإن دستور تأسيس سيظل حبراً على ورق و لن يقف على ساقين و لن يجد له مناصراً أو مؤيداً إلا الذين تم حشدهم في قاعة جومو كنياتا بنيروبي بحفنة من الدولارات و زجاجات الويسكي !!

سوار
8 مارس 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برلماني: التاريخ لن ينسى تضحيات الشهداء وستظل ذكراهم نبراسًا للأجيال
  • النائب حازم الجندي: التاريخ لن ينسى تضحيات الشهداء وستظل ذكراهم نبراسًا للأجيال
  • مصر تعلن الموعد الفلكي لعيد الفطر في العواصم العربية والإسلامية
  • مؤشّرات تراجع مكانة الدولة العبرية
  • ولاية الجزيرة تشرع في ترحيل رعايا دولة الجنوب المخالفين لشروط الإقامة
  • والي الخرطوم
  • وزير الخارجية التركي: نواصل مكافحة تنظيم الدولة واجتماعنا وضع خطة تشمل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الإرهاب
  • ولاية سودانية تشرع في ترحيل رعايا دولة الجنوب المخالفين لشروط الإقامة
  • صفحات من التاريخ في 9 رمضان.. فتوحات ومعارك ونضال ضد الاستعمار
  • دستور دولة (تأسيس) الإفتراضية