سودانايل:
2025-01-22@14:50:33 GMT

سقوط العواصم وما يعقبها من عِبر وقواسم؟

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

إبراهيم سليمان

يقولون التاريخ يعيد نفسه، وينساب في نفس مجراه، ليحدث ذات الأثر على الذين يقفون على شواطئه، واللبيب من يعتبر، من تكرار جولاته، والغبي من ينظر للحدث كل مرة، في بلاهة أو مكابرة. مفهوم التكرار التاريخي عقيدة، كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم. لكن العبارة الشائعة هي "التاريخ يعيد نفسه"، وهناك من الفلاسفة من يرى أنه لا يمكن اعتبار ذلك صحيحًا تمامًا في دورات دون مدة الدورة الكونية.

وقيل يمكن أن تُحدث التكرارات التاريخية من نوع "التشابه البارز" شعورًا "بالتقاء" أو "برَجع الصدى" أو وهم سبق الرؤيا. مثال ذلك القول المنسوب للشيخ فرح ود تكتوك عن عمار ثم سقوط الخرطوم: "الخرطوم تتعمّر إلى سوبا ثم تفكك طوبة طوبة".
يشير جي دبليو ترومف إلى أن معظم المفاهيم الغربية عن التكرار التاريخي تدل ضمنًا على أن "الماضي يعلمنا دروسًا من أجل الأفعال المستقبلية" - ويعني ذلك "أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر..."
وعندما وصل إسماعيل باشا إلى مدينة سنار، خرج إليه السلطان بادي السادس مبايعاً في 12 يونيو 1821م فدخلها في اليوم التالي من دون مقاومة. وبذلك سقطت السلطنة الزرقاء التي تأسست في عام 1504م في يد الاحتلال التركي بسقوط عاصمتها سنار. أي بعد 317 عاماً من الحكم.
وعندما سقطت الفاشر في يد التجريدة الإنكليزية ــ المصرية في مايو 1916م، بسقوطها، انهارت آخر مرحلة من مراحلة سلطنة دارفور المتقطعة والتي بدأت منذ 1603م أي بعد استمرار امتد إلى 289 سنة بعد استقطاع 24 سنة فترة الاحتلال التركي (1874 ــ 1898)
استمر الاحتلال التركي للبلاد حتى 26 يناير 1885م حين تمكن الإمام محمد أحمد المهدي من تحريرها بعد حصار استمر لعشر أشهر، بتحرير الخرطوم سقطت التركية السابقة، أي بعد 64 عاماً من الاحتلال.
في صبيحة 2 سبتمبر 1898م في معركة كرري، سقطت البقعة أمدرمان في يد الاستعمار الإنجليزي ــ المصري، وسقطت معها الدولة المهدية، في مرحلتها الثانية، دولة الخليفة عبدالله ود تورشين. واستمرت الدولة السودانية تحت الاحتلال الإنكليزي ــ المصري، إلى أن رفع علم الاستقلال في ضحى يناير 1956م لتبدأ دولة ـــ 56 المستقلة. أي بعد 58 عاماً من الاستعمار.
والتاريخ كان صارماً في مواعيده، ففي 15 أبريل 2023م، سقطت الخرطوم كعاصمة لدولةــــ 56 في أيدي قوات الدعم السريع، تدشيناً لبداية دولة حديثة، لم تتشكل ملامحها بعد، أي بعد 67 عاماً.
ما يلاحظ هنا، أن التاريخ يعيد نفسه في المشهد السياسي السوداني الحديث، بوتيرة شبه ثابتة، منذ الغزو التركي للبلاد، وتشكيل حدوده قبل انفصال الجنوب ما بين 6 إلى 7 عقود، وفي كافة مراحل تشكيل الدولة السودانية "الحديثة"، ومكوناتها من السلطنات والمماليك، متى ما سقطت عاصمة الدولة، سقطت معها الدولة تلقائياً.
لذا، بسقوط القيادة العامة للجيش، والقصر الجمهوري، ومجلس الوزراء، في صبيحة 15 أبريل 2023م، في أيدى قوات الدعم السريع، سقطت دولة ـــ 56 فعلياً، وتم التأكيد على هذا السقوط، بهروب قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى البحر الأحمر، في أغسطس 2023م كآخر حاكم لدولة ــ 56، وما عقب ذلك لا يعدو أن تكون تفاصيل.
ومهما كانت نهايات الحرب الدائرة الآن، لا نظن أن صيرورة التاريخ تسمح بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، فالعواصم، كقطع البلور، إن تصدعت، من المحال إعادتها إلى طبيعتها. فليتوقف، من يناطحون التاريخ في مجراه الطبيعي. فالتاريخ عنيد.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 159//

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أی بعد

إقرأ أيضاً:

باسل عادل: الدور التركي في الأزمة السورية يعكس رغبتها في إعادة إحياء الدولة العثمانية

أكد الدكتور باسل عادل، رئيس حزب الوعي ومؤسس ورئيس كتلة الحوار، على أن الدور التركي في الأزمة السورية يعكس رغبتها في إعادة إحياء الدولة العثمانية. 

وأشار إلى أن غياب الأسد رغم اختلافنا مع طريقه حكمه للسوريين خلق فراغًا سياسيًا وأمنيًا في سوريا، مما يجعلها عرضة لمخاطر داخلية وخارجية، واشار ان تنظيما اسلاميا مسلحا اصبح يمتلك دوله سوريا الان و هذا مصدر خطوره كبيره علي دول الجوار ، فضلا عن انه من الممكن ان تكون دوله مركز و مصدر لتصدير القوي الاسلاميه الراديكاليه لكل المنطقه.

وتابع: “فضلا عن التماهي المدهش لجماعه انصار الشام بقياده احمد الشرع من النظام الصهيوني في اسرائيل والسكوت عن تدمير مقدرات الجيش العربي السوري و الذي يعتبر تاريخيا الجيش الاول لمصر، وشدد على أهمية العمل الجماعي لإيجاد حلول مستدامة للأزمة”.

جاء ذلك خلال  جلسة نقاشية لحزب الوعي تحت عنوان "قراءة في المشهد السوري ودور مصر المحوري"، بحضور نخبة من السياسيين والخبراء.

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة يعزي هاتفياً الرئيس التركي بضحايا حريق فندق في بولو
  • سقوط طائرة مروحية غربي ايران
  • «أروقة دولة بني العباس».. محمد شعبان ينقب في خبايا التاريخ بحكايات الناس والشوراع
  • منصور بن زايد يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع السفير التركي
  • منصور بن زايد والسفير التركي يبحثان العلاقات الثنائية
  • منصور بن زايد يستقبل السفير التركي لدى الدولة
  • باسل عادل: الدور التركي في الأزمة السورية يعكس رغبتها في إعادة إحياء الدولة العثمانية
  • المزروعي يستعرض علاقات التعاون مع السفير التركي
  • رفع العلم التركي على القنصلية العامة بحلب للمرة الأولى منذ 12 عاماً!
  • رئيس الدولة يمنح السفير التركي وسام زايد الثاني من الطبقة الأولى