سودانايل:
2024-11-08@11:49:17 GMT

حول طبيعة ما حدث في 19 يوليو 1971م

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

في الذكرى ٥٣ لاحداث ٢٩ يوليو

حول طبيعة ما حدث في 19 يوليو 1971م
بقلم : تاج السر عثمان
لا زال الجدل محتدما حول طبيعة ما جري في 19 يوليو 1971 ، حيث يري البعض أن الحزب لم يتجز تقويما له يوضح طبيعته انقلاب أم ثورة ؟ ، ولم يخضعوه لتحليل طبقي، لكن حقيقة الأمر أن الحزب الشيوعي أصدر تقويما لما حدث في 19 يوليو 1971 ، وبمناسبة الذكري 51 لانقلاب 19 يوليو، نعيد نشر هذا المقال:
الوضوح النظري والسياسي لما حدث في 19 يوليو 1971
ثورة ، انتفاضة ، حركة، أم انقلاب؟
أصدرت سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وثيقة بعنوان " 19 يوليو 1971 " بتاريخ يناير 1996 ، شملت تقويما لما حدث في 19 يوليو 1971، جاء ذلك تنفيذا لقرار اللجنة المركزية في دوراتها الأولي بعد انتفاضة أبريل 1985 باعتبار ذلك كان ضمن الواجبات ذات الأسبقية قبل انعقاد المؤتمر الخامس .


أذكر أن السكرتارية أنجزت التقويم في صورته النهائية في اجتماع لها بتاريخ 5 /3/ 1989 ، وهي الصيغة التي نشر بها التقويم ، وفي آخر دورة موسعة للجنة المركزية بتاريخ 13 / 4/ 1989 ، أحاطت السكرتارية الدورة علما أنها أنجزت تقويم 19 يوليو ، وتبقي أن تنجز كل لجنة من اللجنتين اللتين تم تكوينهما لتقويم العملية العسكرية ، والأخرى لتقصي الحقائق حول أحداث قصر الضيافة، التي تضيف إضاءة للتقويم ، لكنها لا تمس جوهره.
كان من المفترض مناقشة التقويم في اجتماع للجنة المركزية ، لكن انقلاب يونيو 1989 قطع ذلك، ودخل الحزب في ظروف السرية المطلقة حيث تعذر عقد اجتماع للجنة المركزية ، واستقر الرأي ، بعد التشاور مع أعضاء اللجنة المركزية المتواجدين ، علي أن يصدر التقويم كما أعدته السكرتارية ، وتنظيم مناقشة له في فروع الحزب ومع الديمقراطيين وأصدقاء الحزب وارساله لكل الأحزاب والمنظمات والصحف التي تضامنت مع الحزب في أيام الردة الكالحة، مع أخذ ملاحظاتها.
وتزامن نزول التقويم مع المناقشة العامة التي فتحها الحزب حول متغيرات العصر، ووجد التقويم حظه في المناقشة العامة ، وتم تلخيص المناقشات في الكتاب الثاني (ب) من كتب التلخيص الختامي للمناقشة العامة ، تحت عنوان " المحور الثالث : استعراض عام موجز للمساهمات حول انقلاب 19 يوليو 1971". كانت عبارة عن تلخيص 24 مساهمة وردت في مجلة الشيوعي ، وقضايا سودانية التي كانت تصدر في الخارج، ومن أفراد في الداخل والخارج".
إضافة لمتابعة السكرتارية بالأسلوب الملائم تنفيذ المهمة التي لم تنفذها لجنتا الجانب العسكري والتقصي حول أحداث قصر الضيافة.
جاءت وثيقة التقويم بعنوان " 19 يوليو 1971" في 79 صفحة ، تناولت 9 أجزاء تفاصيلها كالآتي : -
1- المقدمة ، 2- الوضوح النظري والسياسي حول ثورة ، انتفاضة ، حركة ، انقلاب ، 3- انقلاب نوفمبر 1970 ، 4 – هروب عبد الخالق من المعتقل ، 5- موقف العسكريين وتقديراتهم ، 6- مسلسل الأحداث بعد هروب عبد الخالق ، 7- رأي المكتب السياسي ، 8- بعد وقوع الانقلاب ، 9- التجربة والدروس.
جاء في التقويم تحت عنوان : الوضوح النظري والسياسي حول ثورة ، انتفاضة، حركة انقلاب ما يلي:
" 19 يوليو ليست ثورة وليست انتفاضة ، ولا نستخدم مصطلح " حركة " رغم شيوعه لأنه بلا مدلول سياسي اجتماعي فلا يعبر ولا يشرح. وليس صحيحا ولا دقيقا بالمعيار العلمي أن نسميها "انتفاضة " ، لأن الانتفاضة ليست تحركا عسكريا أو انفجارا جماهيريا عابرا ، ولا هي محصورة في دور ونشاط الطلائع – إنها برغم تعدد الأشكال تتسم بعمق واتساع طابعها الشعبي والعسكري وبالنهوض المتصاعد في حركة الجماهير واستعدادها للمقاومة في لحظة الانعطاف الحاسم من تطور الانتفاضة ، وغير ذلك من شروط ونجاح الانتفاضة أو العصيان المعلومة لكل ماركسي في حالة الانتصار والهزيمة.
19 يوليو انقلاب عسكري نظمته وبادرت بتنفيذه مجموعة وطنية ديمقراطية ذات وزن وتاريخ من الضباط والصف والجنود الذين ارتبطوا بالحركة الثورية وتأثروا بها وشاركوا في نشاطها بقناعة ووعي قبل دخولهم صفوف الجيش ، وواصلوا ارتباطهم بها طيلة فترة حياتهم العسكرية – بينهم أعضاء في الحزب الشيوعي ، وبينهم ماركسيون دون التزام حزبي ، وأغلبهم وطنيون ديمقراطيون.
هذا لا يتناقض أو يراجع تأييدنا ومساندتنا لانقلاب 19 يوليو 1971 ، ونظل ندافع عن مآثره وشعاراته وأهدافه الثورية في وجه مفكري البورجوازية الصغيرة والرجعية وأعداء الثورة السودانية ، ففشل الانقلاب لا ينسخ جوهره الثوري . جاء في دورة نوفمبر 1971 في سياق الحديث عن مغزي 19 يوليو أنها خرجت عن الإطار التقليدي للانقلاب العسكري حين حددت أن سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية هي أساس الحكم في كل المستويات في البلاد ، وأن تنظيم الضباط الأحرار واحد من تنظيمات الجبهة الوطنية الديمقراطية ، وحين ألغت القوانين المقيدة للحريات ، وصفت أجهزة الإرهاب والتجسس ، وأعلنت راية حكم القانون ، واستقلال القضاء ، وحددت معالم الممارسة الديمقراطية كحقوق سياسية وكنظام للحكم .
إن هزيمة الانقلاب لا تنسخ ضرورة تقويم الأسباب التي أدت إلي هزيمته والخسائر التي لحقت بالحركة الثورية ، واستخلاص دروس التجربة لمصلحة تطور الثورة الوطنية الديمقراطية ، لمصلحة توحيد قواها الاجتماعية المتحالفة في جبهة وطنية ديمقراطية ، ومن بينها الوطنيون والديمقراطيون من الجنود والصف والضباط في الجيش وبقية القوات النظامية.
فالانقلاب العسكري كوسيلة وأداة لإحداث تغيير في قمة السلطة يظل انقلابا ، سواء أن اطلق عليه قادته ومؤيدوه " ثورة بيضاء" أو حركة مباركة ، وسواء أسهم في ضرب الحركة الشعبية أو فتح الطريق لتطورها واتساعها أو عمل علي تجميدها.
تقييمنا لأي انقلاب عسكري لا ينحصر في الشعارات والأهداف المألوفة التي يعلنها البيان رقم واحد ، بل يتعداها إلي الظروف السياسية التي وقع فيها الانقلاب والمصالح الطبقية التي يخدمها والتكوين الطبقي والفكري لقادته".
تواصل الوثيقة وتقول " في أدبيات حزبنا منذ الخمسينيات ما يستجلي القضايا النظرية والسياسية حول الفا رق بين دور القوي الوطنية الديمقراطية داخل الجيش في دعم ومساندة وحماية ظهر الحركة الجماهيرية في مسار تطور الثورة الاجتماعية ، وبين الفكر الانقلابي بوصفه التكتيك الذي يخدم مصالح البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في تطور ومنعطفات الثورة ، وفي أدبيات حزبنا أيضا السجل الكامل للصراع الفكري داخل ووسط الحركة الجماهيرية وبين الفكر الشيوعي وفكر البورجوازية الصغيرة الديمقراطية حول الدور الحاسم للحركة الجماهيرية مهما كان وزن العسكريين وثوريتهم ، وحول توازن القوي في لحظة سياسية بعينها ، وحول استقلال حركة الجماهير والحزب الشيوعي والطبقة العاملة ، وحول الديمقراطية كحقوق أساسية وحريات ديمقراطية وعلاقات إنتاج في ظل أي حكومة وطنية ديمقراطية".
إذن كما جاء في الوثيقة " الوضوح النظري والسياسي لا بد منه ، لتصحيح وتدقيق ما نستخدمه من المصطلحات ومدلولها السياسي ، كمدخل للتقييم العلمي الصارم والناقد لتجارب الحركة الثورية ومواقف حزبنا".
خلاصة ما توصل اليه تقويم الحزب لما حدث في 19 يوليو 1971 ، أنه انقلاب عسكري وليس ثورة أو انتفاضة أوحركة.
عليه ليس صحيحا ما أورده البعض أن الحزب لم يصدر تقويما ل 19 يوليو 1971 ، ولم يحدد الوضوح النظري والسياسي لما حدث في 19 يوليو 1971 ، الذي وصفه بأنه انقلاب عسكري كما ورد أعلاه.
كما وصفه المؤتمر الخامس بأنه انقلاب ، وخلص التقرير السياسي المجاز في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي (ص 58- 59)، إلي ضرورة " تشكيل لجنة لتوثيق وقائع الانقلاب بكل تفاصيلها، بما في ذلك ما حدث في بيت الضيافة، وتفاصيل الردة الدموية ضده وضد القوي الديمقراطية، وأن يشمل التوثيق مظاهر التضامن معه ومشاركة الدول الاستعمارية والرجعية مع السلطة المايوية في جرائمها، وان يستكمل الحزب تقييم الانقلاب ويستخلص تجاربه ودروسه، إضافة إلي تقدير دوافع وأهداف انقلاب 19 يوليو وبطولة وجسارة الذين قاموا به، من استشهد منهم ومن بقي منهم علي قيد الحياة، والاشادة كذلك بمآثر النساء والرجال الذين حموا الحزب وكادره أيام الردة الكالحة ". (ص 58-59 ).
كما أكد برنامج الحزب الشيوعي المجاز في المؤتمر الخامس (ص 90 من كتاب وثائق المؤتمر يناير 2009م) " أن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال إلي الاشتراكية لا يتم الا عبر الديمقراطية متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي" ، كما أكد البرنامج رفض نظام الحزب الواحد والنهج الانقلابي للوصول إلي السلطة، وتلك كانت من أهم دروس انقلاب 19 يوليو 1971م.
جاء في دستور الحزب المجاز في المؤتمر السادس : “ يرفض الإرهاب ويتصدى له كفكر وممارسة وكذلك الوسائل الانقلابية المدنية والعسكرية ويعمل علي ترسيخ مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة والاحترام المتبادل بين الأحزاب والقوي السياسية المختلفة ويرفض التعاون مع القوي التي لا تقر الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وحريته في اختيار الطريق الذي يرتضيه.”.
مراجع وهوامش :
1- وثيقة " 19 يوليو 1971 ، إصدار سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني ، يناير 1996 .
2- قضايا سودانية ، العدد (11) ، يوليو 1996، تم في العدد نشر الجزئيين من وثيقة 19 يوليو 1971 الخاصين بالوضوح النظري والسياسي حول ثورة – انتفاضة- حركة انقلاب، والتجربة والدروس
3- التلخيص الختامي للمناقشة العامة ، الكتاب الثاني (ب) ، يونيو 2006 ، احتوى علي تلخيص المساهمات حول انقلاب 19 يوليو 1971 ، ومن ضمن المساهمات التي تمّ تلخيصها تقصى حول أحداث قصر الضيافة.
4- التقرير السياسي المجاز في المؤتمر الخامس ، يناير 2009 .
5- برنامج ودستور الحزب الشيوعي السوداني المجاز في المؤتمر الخامس، يناير 2009. ( ضمن كتاب وثائق المؤتمر الخامس الذي احتوى علي التقرير السياسي والبرنامج والدستور).
6- دستور الحزب الشيوعي السوداني المجاز في المؤتمر السادس ، يوليو 2016 .

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الوطنیة الدیمقراطیة الشیوعی السودانی اللجنة المرکزیة الحزب الشیوعی انقلاب عسکری جاء فی

إقرأ أيضاً:

أنس بوخش يكشف طبيعة العلاقة بينه وبين والدته.. رسالة مؤثر من هالة كاظم

كشف أنس بوخش خلال حلقته ببرنامج معكم مع منى الشاذلي عن العلاقة المميزة التي تجمعه بوالدته رائدة الأعمال هالة كاظم، واشار إلى أن علاقته لها لا تقتصر على علاقة الأم وابنها فقط بل تشمل أيضًا علاقة الابن بإخوته، وعلاقة الصداقة بينهما.

 وقال:" أنا استشير والدتي في كل شيء، سواء في العمل أو الحياة، وهي من المقربين لي".

وأوضح الدور الحقيقي لتربية الأم قائلًا:" لو الأم ما عرفت تربي أولادها بشكل صحيح، لن ينشأوا بشكل سليم الأم هي أساس المجتمع كله.

 وأضاف:" ولا واحد من أخواتي، وأنا بينهم، طلع دلوع أو مرفه بطريقة زايدة، برغم ان عندي 9 أخوات، 8 أولاد وبنت واحدة".

وتحدثت هالة عن حلقتها مع ابنها التي أذيعت قبل فترة وكشف مدى تأثرها بها، مشيرة إلى أنها كانت تجربة عاطفية للغاية، حيث لم تستطيع أن تتماسك وانهمرت دموعها على الفور خلال الحديث عن جوانب من حياتها الشخصية لأول مرة.

 قائلة: "عيطت وغلبتني دموعي أكثر من مرة، وتحدثت عن أشياء خاصة متعلقة بطلاقي وتعبت".

وأوضحت أن حديثها عن والدتها كان مؤثرًا بشكل خاص لأنها لم تتناوله من قبل في اي لقاء ، مشيرة إلى أنها حاولت أن تكون عادلة في سرد الحقائق ولكن مشاعرها كانت أقوى من أن تتحكم فيها. 

وتابعت  قائلة: كنت منهكة جدًا بعد انتهاء الحلقة، لأنني تذكرت ذكريات قديمة ومشاعر مرّرت بها، من أيام الحرمان والزعل إلى الصعوبات والمعاناة، لكن أيضًا لحظات الفرح التي عشتها". 

 

رسالة والدة أنس بوخش للأمهات

ووجهت هالة كاظم رسالة للامهات قائلة:" لا تضيعون الفرصة مع عيالكم وانا هذا الشئ اللي سويته مع عيالي انا ما بغيت اعيش علاقتي انا مع امي أنا بغيت عيالي أول ما يحسون بشيئ يركضون لي ما يهربون مني بدون ما أنا احكم عليهم ازعقلهم ولا اخاصمهم ".

مقالات مشابهة

  • رفض اتفاقية الحكم الذاتي ثم شارك في الانتخابات التي أجريت بموجبها (3- 15)
  • أنس بوخش يكشف طبيعة العلاقة بينه وبين والدته.. رسالة مؤثر من هالة كاظم
  • الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى
  • الحزب الشيوعي رغم العداء تحالف مع اليمين (2 – 15)
  • مواقف الحزب الشيوعي من التحالفات عبر تاريخه (1 – 15)
  • يعادل دبلوم المدارس الثانوية الفنية| دبلوم شرطي لكل من أتم الدراسة بمعاهد معاوني الأمن
  • رئيس الجمعية العربية الأمريكية: الأجندة الديمقراطية صهيونية لتحطيم الأمة العربية
  • محمد صلاح ينضم رسميا لـ الهلال في يوليو المقبل
  • جريدة New Vision الأوغندية تنشر حوارا لوزير الخارجية عن طبيعة العلاقات مع مصر
  • وزير المالية: 40% نموا بالإيرادات العامة خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر الماضيين