السودان.. أزمة الفشل الكلوي تتفاقم وحياة المرضى على المحك
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
مع مرور أكثر من 100 يوم على الصراع في السودان، تزايدت المعاناة الإنسانية بشكل فادح، خاصة ما يتعلق بالتعامل مع الحالات المرضية التي بات مصيرها مهددا، في ظل الوضع الراهن الذي لا تلوح فيه أي آفاق للحل.
وضغط القتال بشكل كبير على مرضى الفشل الكلوي، الذين يعانون من عدم توفر الغسلات والمستهلكات الضرورية لجلسات الغسيل، مما يضع حياتهم على المحك.
ووفق نقابة الأطباء السودانية، فإن المراكز الطبية مخصصة لإجراء الجلسات لنحو 12 ألف مريض فشل كلوي مزمن، بين مراكز حكومية وخاصة، بالإضافة إلى الحالات الحادة بمتوسط 140 ألف عملية غسل شهريا.
خطر كبير
وحدد المركز القومي لأمراض الكلى بوزارة الصحة السودانية تفاصيل الوضع الراهن بالنسبة لمرضى غسيل الكلى في عدد من النقاط:
الموقف الراهن ينذر بخطر كبير، إذ لا يوجد إمداد حاليا يمكن توزيعه على المراكز، مما أدى إلى توقف الخدمة في عدد منها، على أن تتبعها بقية المراكز خلال الأسبوع المقبل.
شحنة معينات طبية تبرع بها الاتحاد العالمي لأطباء الكلى تأخرت إجراءات استلامها بصورة غير مقبولة ولم يوضح الصندوق القومي للإمدادات الطبية سبب ذلك.
نناشد جميع السودانين في الداخل والخارج والمنظمات الدولية والدول الصديقة أن تهب لنجدة مرضى الفشل الكلوي في السودان، والذين يحدق بهم الموت في حال عدم توفر تلك الإمدادات في القريب العاجل.
نناشد أيضا وزراة المالية الاتحادية بتوفير 2.5 مليون دولار لشراء حاجة المرضى من الغسلات والمستهلكات المصاحبة.
وهذا ما ذهبت إليه نقابة الأطباء السودانية، التي شددت على أن الحرب وتداعياتها المستمرة منذ منتصف أبريل، أدت إلى شلل المنظومة الصحية في البلاد وبصورة أكبر في ولاية الخرطوم وولايات دارفور.
وطالبت النقابة كافة الداعمين من كيانات طبية ومنظمات إنسانية بتوفير المعينات الطبية والإنسانية للشعب السوداني، لإنقاذ حياة آلاف المرضى من “الموت الوشيك”.
معاناة صعبة
طه أبو زيد هو واحد من آلاف المرضى الذين يحتاجون إلى الغسيل الكلوي بالسودان الذين يتضررون بشكل فادح من الوضع الراهن.
ويقول لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه يحتاج لـ 3 جلسات في الأسبوع الواحد في مركز خاص بالخرطوم، بيد أن الاشتباكات تحول في بعض الأوقات دون حصوله على علاجه.
ويضيف بأنه بينما يتخوف من مصير الأسابيع المقبلة، تتوارد إليه معلومات عن نقص المستلزمات الطبية الخاصة بالغسيل الكلوي.
ويتابع: “الوضع صعب.. لا يمكن أن يصفه أحد طالما لم يمر بتلك الرحلة الصعبة للحصول على العلاج”.
وشدد على ضرورة تدخل السلطات الصحية لحل الأزمة الراهنة وتوفير المستلزمات اللازمة للجلسات، مضيفا: “استمرار الوضع الراهن يهدد مرضى الغسيل الكلوي. حياتنا على المحك، ولا أحد يلقي بالا بما يحدث لنا من طرفي الصراع”.
“من سيئ إلى أسوأ”
ولا يقتصر على هؤلاء، بل هناك مشكلة أكبر مع حوالى 4500 زارع كلى يتلقون علاجهم عبر مراكز بالولايات ويحتاجون لأدوية بجرعات وفق توقيتات زمنية محددة.
ووصف سكرتير اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء في السودان، عطية عبد الله، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، الوضع الصحي للسودان بأنه “من سيئ إلى أسوأ”، فكلما ازدادت وتيرة العمليات العسكرية واتسعت رقعتها، وازداد عدد الضحايا السودانيين، وبالتالي تأثر النظام الصحي تأثرا مباشرا.
وقال إن كافة الولايات سواءً التي ضمن دائرة الحرب أو البعيدة عنها تعاني بصورة كبيرة، ففي المناطق التي تضرر من الحرب انهار النظام الصحي تماما، خاصة في غرب دارفور وعدد من المدن بالولايات.
سكاي نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الوضع الراهن
إقرأ أيضاً:
جامعة الخرطوم تستأنف مسيرة العطاء
الدكتور الخضر هارون
يثلج الصدر أن كثيرا من مؤسسات التعليم العالي في بلادنا قد حرصت علي ألا يفضي العدوان الغاشم علي بلادنا المتمثل في هذه الحرب الضروس التي اندلعت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ إلى تكليف البلاد ضياع أجيال من بنات السودان وأبنائه وذلك بأن تكيف أوضاعها وفقاً للضرورات بالحفاظ علي الحد الأدني مما يمكنها من الاستمرار عند توقف الحرب. وقد تسارعت الخطى هذه الأيام بعد أن لاحت بشائر النصر، نحو عودة الاستقرار بإنفاذ الخطط الموضوعة لفترة ما بعد الحرب. وفي هذا السياق نقول إنه قد بذلت إدارة جامعة الخرطوم الحالية جهدا كبيرا كبيراً في سبيل بث الحياة في الجامعة إثر الصدمة التي صُدٍمتها البلاد بنشوب الحرب فقد كانت الجامعة من أوائل المؤسسات التي حرصت على دفع المرتبات لمنسوبيها (في غضون شهرين من وقوع الحرب) وخفف ذلك من معاناة الناس شيئاً ما. كما سارعت إلى اعتماد الوسائل الاكترونية لاستئناف التدريس عن بعد وكانت ثمرة ذلك أن تخرجت دفعات من الطلاب متلمسةً طريقها نحو المستقبل وعلى هدى الجامعة سارت بقية الجامعات، حيث افتتحت لها مكتباً في سواكن بشرقيّ السودان واعتمدت نظاماً إلكترونياً مخدوماً مكّن خريجيها ومنسوبيها من الحصول على شهاداتهم التي فقدوها إثر الظروف المعلومة وهكذا صار بمقدور خريجي الجامعة استعادة شهاداتهم و مؤهلاتهم استئنافاً لحياتهم ومضياً في بناء مستقبلهم. كما إنها اعتمدت عدداً من المراكز لامتحان طلبتها داخل السودان وخارجه سابقة نظيراتها التي سلكت هذا الطريق بعد حين. ونسقت مع مؤسسات نظيرة لنقل مكتب خدمات الترجمة إلى بورتسودان فلاقى من النجاح النصيب الوافر خدمةً للبلاد وأهلها وانتظاماً في خدمة المجتمع المستمدة من رسالة الجامعة ومنهاجها .
واستناداً إلى هذا الجهد وانطلاقاً منه فإن وحدة الترجمة تسعى إلى ارتياد آفاقٍ أرحب وساحات أعلى بما يليق بماضيها التليد ويتسق ومستقبلها الزاهر والبلاد تتزيّا بزيّ العافية وتتزيّن بثياب السلام والاستقرار والأمان ماشيةً في درب النهضة وساعيةً في طريق العزً وماضيةً في سبيل النماء والازدهار والمنعة.
ولما كنت ذا صلة بوحدة الترجمة في كلية الآداب إذ استضافتني الوحدة في مشاركات ثقافية ومعرفية كان أهمها مشاركتي في تدشين ترجمة طروحة العالم الجليل الأستاذ الدكتور عبدالله الطيب لنيل درجة الدكتوراة من جامعة لندن في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قبل سنوات خلت. وقد ترجم الطروحة التي تحمل العنوان (أبو العلاء المعري شاعرا) الترجمان الفذ ابن القسم، الأستاذ عبد المنعم الشاذلي ترجمة لو أن شيئا يبلغ حد الكمال لحازت ذاك المرتقي الرفيع. نقول ذلك بمطالعة فاحصة مقارنين فيها بين أصل الرسالة في متنها باللغة الانقليزية وترجمتها إلي العربية. وكنت قد أفردت لذلك مقالة عقيب ذلك التدشين الذي نظمه الأديب الصديق الدكتور الصديق عمر الصديق رئيس مركز عبدالله الطيب والذي أمه لفيف من علماء السودان وأساطين البيان من أبنائه وتناول بالتعليق فيه علي ترجمة الطروحة الأساتذة البروفسور الحبر يوسف نور الدايم والبروفسير التجاني الجزولي المتعافي مدير معهد الخرطوم للترجمة رحمهما الله والبروفسور عبد الله محمد أحمد وجمع غفير من محبي الأدب ضاقت بهم القاعة علي سعتها وشرفته بالحضور الفضلى جوهرة الطيب حرم بروفسور عبدالله الطيب. كما أني قد قدمتُ لاحقاً في مقر الوحدة محاضرة لدارسين للترجمة من القضاة في القسم عن طرائف الترجمات والمترجمين. وصلتي بالترجمة سابقة لذلك كله فقد عملت مترجماً لخمس من السنين ووجدت في رحابها متعة لا توصف وهي مبتدأ للنهضة وسبيل إلى تحقيقها كيف لا وقد فتحت دار الحكمة التي أسسها الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد في بغداد التي كانت عاصمة الدنيا وزينة المدائن فانخرطت في الترجمة فنشأ علم الكلام وحوار الأديان وعلم الأديان المقارن في العصور الحديثة. وقد سرني أن الأستاذ عبدالمنعم الشاذلي قد أنجز مؤخرا مع صديقيه الدكتور مكي بشير مصطفى، كبير المراجعين بقسم الترجمة بمنظمة الأمم المتحدة وعضو هيئة التدريس السابق بجامعة الخرطوم، وخريج وحدة الترجمة والتعريب بجامعة الخرطوم، والدكتور البشير الصادق، الأديب والمترجم بدولة قطر، ترجمة لكتاب مهم للغاية هو قيد الطبع الآن عنوانه (Unstoppable) أو (عزائم لا تقهر) للكاتبة الأمريكية سينثيا كيرسي (Cynthia Kersey) • ومثلما كانت جامعة الخرطوم بادرة للمعارف التطبيقية يوم أن أسسها الغازي المستعمر هيربرت كتشنر حاكم عام السودان وسردار الجيش المصري تخليدا لذكري مواطنه شارلس غردون حاكم عام السودان السابق والمعيّن من قبل خديوي مصر الذي قتله ثوار المهدية عندما تحرر السودان بأسيافهم، باسم (كلية غردون التذكارية) كمدرسة لتخريج العمال المهرة وصغار الكتبة لكنها تطورت عبر الزمن فتبرع رجل البر والإحسان أحمد محمد هاشم بغدادي بتأسيس مدرسة الطب ثم سُمح بتدريس الانسانيات عشرينيات القرن العشرين وهكذا حتي غدت كلية الخرطوم الجامعية ثم جامعة الخرطوم بعد الاستقلال وأسهم خريجوها مع غيرهم من قطاعات الشعب في تحرير البلاد من قيود الاستعمار وتزويد السودان المستقل بالكفاءات في شتي المجالات. وحفاظا علي ميراث هذه المؤسسة الوطنية العريقة في ابتدار المبادرات الخيرة، تبادر اليوم وحدة الترجمة والتعريب وهي تستشرف انتصار البلاد وتحررها من قبضة المؤامرة الاقليمية والدولية التي تضطلع مليشيا الدعم السريع المتمردة والأجيرة بتنفيذها منذ أكثر من عام والخلوص إلى حقبة جديدة من التحرير، بمسعى علمي يفتح الطريق لاستئناف رسالته في ترميم ما خربته الحرب علي السودان وكانت جامعة الخرطوم من أول ضحاياه مبانيَ ومعداتٕ ومكتبات وأجهزة، ومعان تمثلت في وقف الدراسة في ربوعها. فكم سرني أن تفكر وحدة الترجمة والتعريب بهذا المستوى من التفكير الراشد بهذا المسعى الأكاديمي الخدمي مساهمة منها في إعادة إعمار هذه الجامعة، إذ سيذهب الريع المادي كله لهذا البرنامج (دورة الترجمة الفورية) للجامعة دون أن ينال منه أساتذة الوحدة شيئاً. وهي لعمري لفتة وطنية بارعة ما أحوج بلادنا إلى مثلها في هذه الظروف القاسية، وما أجدر أن تنحو هذا المنحى كل الإدارات والأقسام والوزارات في كل الدولة، لينهض كل قادر على دور إيجابي بأدائه. وهذه السطور بعض إعجاب بهذه اللفتة، وبهذا النهج في التفكير والشعور.
سدد الله الخطى وبلغ المقاصد.
abuasim.khidir@gmail.com