عربي21:
2025-01-23@05:50:51 GMT

العدوان على اليمن واحتضار الأمن العربي

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

يعزز العدوان الاسرائيلي الأخير على ميناء الحديدة اليمني، فرضية فقدان النظام الرسمي العربي لأمنه المشترك منذ عقود طويلة، ويعزز أيضاً من أزمة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ومع شعوب عربية تراقب بقهرٍ ما يجري، فالعدوان المستمر على غزة وعلى الشعب الفلسطيني يبقى المقياس الثقيل لهذا الأمن المُزعزع تحت ضربات العدوان والاحتلال الإسرائيلي فلا مواقف عربية قوية تدين العدوان أو تهدد بالتصدي له.



ولم يعد خافياً أن ثمة أزمة حقيقية تعصف بالواقع القلق لأمن المنطقة جراء سياسات غطرسة الاحتلال وجرائمه، واتخاذ جل النظام الرسمي العربي لشعار أمنه الداخلي واستقرار بقاءه على سدة الحكم كأولويات أضاعت فيها أدوارها، وقزمت من سياساتها لحدود فقدان القرار والدور معاً تاركا محله مساحة من الفراغ الذي يسمح لطيران المحتل بالتحليق ألاف الكيلومترات ليقصف مدينة عربية، والإكتفاء ببعض التعليمات لجيوشه بضبط حدود المحتل ومراقبة جرائم الإبادة المتواصلة في غزة وبقية أرض فلسطين، فراغ أسس لاختراق السيادة وتهديد الأمن القومي والوطني و بالعبث المستمر بأمنه المائي والاقتصادي والجغرافي والديمغرافي.

تحليق طيران الاحتلال المسافة الطويلة من جنوب النقب محملاً بقنابل التدمير نحو ميناء الحديدة اليمني،  تختلف عن واقعة هجمة المسيرات التي أطلقتها طهران رداً على قصف قنصليتها في دمشق، ففي الواقعة الأولى كان هناك "نخوة" عربية تمثلت بتشغيل المضادات العربية والطيران لصد هذه الصواريخ والمسيرات قبل وصولها لإسرائيل في نيسان الماضي وبالتشارك مع دول غربية.

ويتضح من واقعة العدوان الاسرائيلي على اليمن أن سكة الارتداد العربي عن أمنه، وفي تبني ذرائع صهيونية تسمح لها بالعدوان على أمنها وانتهاك سيادتها، كان لها تأثير شديد على خطوة توسيع العدوان الاسرائيلي في المنطقة العربية ليشمل اليمن، والتهديد بقدرة اسرائيل ضرب أي هدف بالمنطقة وفي أي عاصمة عربية تفكر بمساندة الشعب الفلسطيني.

تحليق طيران الاحتلال المسافة الطويلة من جنوب النقب محملاً بقنابل التدمير نحو ميناء الحديدة اليمني، تختلف عن واقعة هجمة المسيرات التي أطلقتها طهران رداً على قصف قنصليتها في دمشق، ففي الواقعة الأولى كان هناك "نخوة" عربية تمثلت بتشغيل المضادات العربية والطيران لصد هذه الصواريخ والمسيرات قبل وصولها لإسرائيل في نيسان الماضي وبالتشارك مع دول غربية.غياب التنديد العربي بالعدوان على اليمن، سبقه مديح اسرائيلي أمريكي "للنخوة" التي أظهرتها جيوش ومنظومات أمنية عربية للدفاع عن المحتل، وسبقها أيضاً مواقف لإجماع عربي يقف خلف عدوان المحتل على غزة لإنهاء ظاهرة المقاومة في غزة واجتثاث حركة "حماس" وعمل عربي بمقولة أن النخوة العربية السائدة إن كانت بمصارعة المحتل أو دعم الفلسطيني إنما هي غريبة عن أصالة النظام العربي ، وأن طهران هي التي تحرك ضمائر وقلوب العرب والمسلمين، للتعبير عن رفضهم للمحتل واستعدادهم لمواجهته وأصبحت شماعة التغلغل الايراني بالمنطقة معلقة على حبلٍ مشترك يربط تل أبيب بعواصم عربية وغربية، وهي التي تدفع ضحايا المستعمر الصهيوني لمقاومته، هذه الدونية البشعة من التزوير والشيطنة للفلسطينيين ومقاومتهم ولشعوب عربية تعمل عليها أنظمة عربية بجيوشها وأمنها ووسائل إعلامها وتقدم لمراكز بحث غربية وأمريكية النصائح والذرائع لضرب المقاومة الفلسطينية وتطلب منها تقديم المعونات العسكرية التي تساعد بعض الأنظمة على تشدبد قبضتها القمعية على شوارعها ومجتمعاتها.

ومهما كانت مخيلة السياسي على درجة عالية من الاتساع، لم يكن أحد يجرؤ للذهاب في مخيلته إلى الحد الذي وصل اليه واقع حال أمن العرب وسياساتهم، والذي أدى إلى اختلال الموازيين التي مكنت المحتل الاسرائيلي من أن يكون اللاعب "الرئيسي" على هذا الصعيد، فغاراته المتكررة على السيادة السورية وعدم رد النظام على العدوان واستيعاب رسائله القائلة بأنها تستهدف ميليشيا ايران في سوريا وغير معنية بإسقاط النظام، وبالتالي كيفية هضم النظام لدوره ودور آلته العسكرية مؤشر واضح عن الاتجاه الذي يسلكه بخصوص أمن وسلامة نظامه ووجوده على كرسي الحكم، ولا يختلف كذلك الجوار الفلسطيني في مصر مع غزة والتي ركلت اسرائيل كامب ديفيد بقدميها المحتلة لمحور فلاديلفيا مع حالات عربية كثيرة، تكتفي بدور ووظيفة تلقي التعليمات الاسرائيلية والأمريكية لنفس السبب الذي يعزز الأدوار العربية بمواقف التفرج و اللا مبالاة بأمنها وأمن شعوبها طالما هي تمارس مهام القمع والقهر لها.

العوامل المشتركة للأمن العربي كانت أولوياته خلق عدو مشترك ( الارهاب) بعيدا عن المستعمر الصهيوني وإرهابه وجرائمه، لذلك فإن المخيلة العربية القارئة لمجريات العدوان على غزة واليمن ولبنان وسوريا وفلسطين، والمواقف العربية منه ومن تداعياته، تعني بشكل واضح تنازلاً نهائياً عن دورها الأمني لصالح انفراد الاحتلال الاسرائيلي بهذا الدور وهو ما تسعى اليه الادارة الأمريكية بما يشكل الصورة الأنصع لارتباك وتخبط عربي مستمر منذ عقود الى الزمن الراهن، فالدور الأمني العربي المسلوب والمزور يدفع بالمخيلة العربية الى البحث عن المعادل الحقيقي على الأرض في المقاومة المتأصلة عند شعب فلسطين لمواجهة المحتل وسياساته والتصدي لجرائم ابادته، فاحتضار الأمن العربي أمام المستعمر الصهيوني وجعل ذراعه طويلة وطائراته تجوب الأجواء العربية وتلقي على مدنها حمم الموت .

لكن يبقى السؤال الذي لا يحير عقل العربي عن  جيش وأمن العرب، إلى متى يستمر هذا الاطمئنان الصهيوني "لنخوة" جيوش عربية؟

بعض الأجوبة غير المكتملة في ثورات عربية مغدورة اختبرت جيوشها وأمنها على أجسادٍ عربية، وبعضها الآخر محفوظ في صدور وسواعد المقاومين للمحتل في غزة وبقية مدن فلسطين، وفي الوجدان العربي المشتعل رغم مقاومته محاولات اطفاءه بنخوة عربية لنجدة المحتل، وهي تذكرنا بواقعة العدوان على مفاعل تموز العراقي وتدميره عام 1981، وتذكرنا بكاريكاتير حبيب حداد في مجلة المستقبل حينها لسؤال عربيين بعضهم عن وجهة طائرات الاحتلال حينها بوجود طائرات التجسس الأمريكية "الأواكس" التي كانت اشترتها السعودية آنذاك وقيل الكثير عن مزاياها في الكشف والمتابعة والرصد، فيجيب عربي تلك الأيام بلسان المتصهينين اليوم عن الطائرات " طالعة من بيت أخويا رايحة لبيت الجيران".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحديدة اليمني الإسرائيلي قصف إسرائيل اليمن قصف رأي الحديدة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان على

إقرأ أيضاً:

21 يناير خلال 9 أعوام.. 103 شهداء وجريح في 3 جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن

يمانيون../
أوغل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، في الحادي والعشرين من يناير خلالَ عامي: 2016م، و2017م، في ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، وسفك الدم اليمن، واسترخاص حياة عشرات المدنيين، وتدمير الأعيان المدنية، مستهدفاً بغاراتِه الوحشية منازل المواطنين وأحد المساجد وطواقم طبية وإعلامية ومسعفين بمحافظة صعدة، ومنشأة رأس عيسى النفطية بالحديدة وعمالها.

أسفرت هذه الغارات الوحشية، عن 47 شهيداً، بينهم أطفال ونساء، وأسرة بكاملها، ومصور قناة المسيرة هاشم الحمران و56 جريحاً، وتدمير عشرات المنازل وأحد المساجد، ومنشأة نفطية، وخسائر وأضرار في الممتلكات والمعدات بالملايين، وترويع الأهالي، في 3 مجازر جماعية تهز الإنسانية.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

21 يناير 2016..54 شهيداً وجريحاً بينهم مصور المسيرة هاشم الحمران بغارات العدوان على صعدة:

في الحادي والعشرين من يناير 2016م، ارتكب العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية، جديدة، بغاراته المستهدفة لمنازل المواطنين وأحد المساجد ومسعفين، وطواقم الإعلام، في مدينة ضحيان مديرية مجز، محافظة صعدة، أسفرت عن 26 شهيداً بينهم مصور قناة المسيرة، هاشم الحمران، و28 جريحاً، ودمار واسع ومشاهد صادمة، ونزوح عشرات الأسر، وبكاء وصراخ للأطفال والنساء، وترويع الآمنين.

قبل الغارات كان أهالي مدينة ضحيان، يعيشون حياتهم الطبيعية، وكل بعد حالة، وفي لحظة مشؤومة حلق طيران العدوان في سماء المنطقة، ملقياً غاراته الوحشية على منازل المواطنين، ومسجدهم، حولها إلى دمار على رؤوس ساكنيها، فهرع الأهالي إلى المكان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحضر طاقم قناة المسيرة، ليصور مشاهد المجزرة المروعة، لكن طيران العدوان عاود باستهداف الجميع في مشهد مأساوي يندى له جبين الإنسانية، وارتقت أرواح جديدة نحو باريها، وزادت قائمة الشهداء، وتضاعفت معاناة من سلم من جرحى الغارات السابقة، وتحول المسعفون إلى مستغيثين لمن يسعفهم.

يا لها من جريمة وحشية، وغارات لا ترحم، ولا تفرق بين مدني وعسكري، ولا كبير ولا صغير، وكل ما يدب على أرض صعدة بات هدفاً لها، دون أي رادع قانوني أو إنساني، هنا الأشلاء والدماء والجثث، والدمار والدخان والغبار، ومشاهد حشر لقيامة، دفنت الأحياء تحت الأنقاض، وغدرت بكل من وصل إلى المكان أو بقربه بعد الغارات الأولى، مستبيحة لدماء وأرواح بريئة.

صرخات من هنا وهناك واستنجاد، لكن لا مجيب، من يقترب من الجثث يرصده الطيران وتباشره الغارات بصواريخها وقنابلها الفتاكة، هنا رجل قطعت قدمه وذراعه، ينادي ابنه الصغير يا صلاح، وجريح بجواره ينادي إسعاف أسعفونا، لا مجيب، سوى صوت أب مقهور ينادي لفلذة كبده، فيقال له هذا ابنك، هذا رأسه، هل هذا هو صلاح، فيزيد البكاء ويجثوا عليه ليحتضن أشلاء مقطعة ومعالم وجه بريء مضرج بالدماء، إنها مشاهد قاسية لا تتحملها فطرة الإنسان، ولا يصدقها عاقل أن مرتكبها يدعى خادم الحرمين الشريفين!

هنا جريح آخر ينتشله اثنان من المسعفين منادين لسيارة على بعد أمتار، وما أن يصلون إليها ويضعون الجريح عليها، حتى يستهدفهم الطيران للمرة الثالثة، بغارة أزهقت رواح الجريح ومسعفيه وسائق السيارة، وبات الاقتراب من المكان أشبه بالانتحار، يتوارى المواطنون، خلف ما بقي من الجدران وتحت الأشجار، ويترك الجرحى والشهداء على مسرح الجريمة دون منقذ، إلا من تسلل زحفاً دون أن يرصد حركته الطيران! إنها الإبادة المتعمدة لشعب يمني أبى الركوع والخنوع لسياسة الغزاة والمستعمرين، وقوى الاستكبار العالمي.

بعد ساعات غادر الطيران سماء المنطقة بعد أن أفرغ كامل حمولته، وارتفعت أعمدة الدخان وألسنة النيران إلى عنان السماء، وبات غير قادر على معرفة المشاهد تحتها، فوجد الأهالي فرصتهم لإنقاذ أهاليهم والبحث عنهم بين الدمار، وتجميع أشلائهم، أحد الجرحى يقول أنا في حلم ذهنوني من الحلم، هذا كابوس، فزعوني، أبي قده نتاف أي “أشلاء “، يا قهر قلبي عليك يا والدي”.

وهذا مسعف آخر وصل إلى جوار جثة أخيه يقول، يا لله هذا أخي أحمد يا رجال عينوني أجمعه إنه مقطع، فيهرع الأهالي كل يأخذ ما وجده أمامه، إلى بطانية.

زميل الشهيد الإعلامي هاشم الحمران من فوق دمائه المسفوكة يقول : “هذه دماء زميلي هاشم، الطيران استهدف الكادر الإعلامي والصحي والمسعفين والمواطنين، ومن مكان استشهاد مصورنا العزيز، نؤكد أننا في سبيل الله، وفي سبيل إيصال الحقيقة؛ ومن أجل الحرية والكرامة، ومن أجل أن نرفع صورة المستضعفين إلى العالم، سنلحق بزميلنا هاشم الحمران ، ونحن على دربه مهما كانت التضحيات.

إلى ذلك كان في المدينة جامع عمار بن ياسر، وبجواره منزل أحد المواطنين، دمرته الغارات، ومحت معالمه، وأبادت أسرة من 4 شهداء بينهم طفلة وطفل، و4 جرحى، يقول، أخوهم الناجي “والله لن تهزوا فينا شعرة، ولن تركعونا مهما كان حجم إجرامكم”.

أم ناجية تنادي المسعفين أخرجوا بنتي من بين الدمار، غيروا علينا يا خلق الله، بنتي نازل تحت الدمار، اسمعوا صوتها، وبجوارها أطفال صغار مضرجين بدماء علت وجوههم، يبكون وينادون والدهم الشهيد، وأمهم الجريحة، تبتهل وتتوسل إلى الله أن ينقذ بنتها التي لا تزال حية تحت، وتنادي لمن يرفع من فوق جسدها الدمار.

مدينة ضحيان عمها الحزن ووصل القهر إلى كل أسرة، فالنساء يبكين على فراق أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن، والأطفال يتموا، وتشيع الجاثمين، في مشهد جماعي، لمجزرة لن تمحى من ذاكرة اليمنيين، ويبدأ الناجون بإعداد قوافل الرجال والمال دعماً وإسناداً للجبهات، وفاء لدماء شهدائهم ودفاعاً عن المستضعفين من الرجال والنساء والأطفال.

استشهاد وجرح 54 مدنياً بينهم أطفال ونساء، بغارات سعودأمريكية، داخل منازلهم جريمة حرب وإبادة جماعية ضد الإنسانية في اليمن، تضع النظامين المجرمين، أمام محكمة الجنايات الدولية والعدل الدولية، كمجرمي حرب، وتدعو كل أحرار العالم والمنظمات الإنسانية والحقوقية والجهات القانونية، والأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة لوقف العدوان ورفع الحصار، وتحقيق العدالة لأسر وذوي الضحايا.

إن جريمة كهذه وموثقة بكل التفاصيل عبر مشاهد حية مصورة لطيران العدو المحلق في السماء ولحظات الاستهداف، والانفجار، ومشاهد الضحايا، والدمار، وأصواتهم وصرخاتهم، وأشلائهم، ودمائهم، لهي دليل كامل تضع نفسها على طاولات محكمة الجنايات الدولية، لتقوم بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية، ويعتبر التأخر عن ذلك وصمة عار في جبين الأمم المتحدة والإنسانية جمعاء، ودليل دامغ لتخلف هذه المؤسسة الدولية عن القيام بواجبها.

21 يناير 2016..41 شهيداً وجريحاً في جريمة حرب لغارات العدوان على منشأة رأس عيسى النفطيةبالحديدة:

وفي جريمة حرب ثانية من اليوم والعام ذاته، استهدف العدوان السعودي الأمريكي، منشأة رأس عيسى النفطية في مديرية الصليف، محافظة الحديدة، بغاراته الوحشية المباشرة، أسفرت عن دمار هائل، و16 شهيداً، و25 جريحاً، واحتراق عشرات القاطرات، وخزانات الوقود، ومشاهد مهولة لتصاعد ألسنة النيران، وأعمدة الدخان، ورائحة تفحم جثث العمال والمواطنين الأبرياء.

يفر من نجا من الموت بخطوات سريعة من وسط الدخان الكثيف، والنيران المشتعلة، أمتار عشرية، خشية من امتداد وتوسع النيران، النابعة من تفجر خزانات الوقود، ومن يحاول الاقتراب يجد نفسه أمام محاولة نتيجتها صفرية، كمن يكب نفسه في الجحيم.

على ذاك الساحل الرملي يجد المسعفون جثة مرمية على الأرض هي لآخر واحد لم تدركه ألسنة اللهب، لكن الدخان والرعب نال منه وفتك به، حتى فقد وعيه وتوقفت ضربات قلبه، فيقول أحدهم، أين الإسعاف حصلت جثة لا أدري هل صاحبها حي أو ميت، يرد عليه الآخر، إن شاء الله حي، اسعفوه سريع”.

ساعات مرت وفرق الإطفاء، والدفاع المدني، تعمل بكل طاقاتها، ونيران الجريمة لا تزال تتقد، وما إن خفت ظهرت جثث ذائبة، لم يبق منها غير مشهد الجماجم فوق رماد العظام والأعصاب والمنصهرة، في سواد داكن، تخرج من أسفل فص الجمجمة وبين الرقبة نار حمراء، وعلى مقربة منها بقايا هياكل حديدية لقاطرات الوقود، تحولت إلى رماد، وخردة.

وما إن تقترب أكثر من عمق المنشأة، فأمامك لا شيء هنا، وكلّ ما كان فقد أثره، أنهته الغارات والنيران، وحولته إلى عدم، من يبحث عن قريبه أو زميله أو أخيه أو ابنه، يعود بحفنة رماد، في كيس، يشيعها الأهالي، لاسم دون جسم، أرعبت الأطفال والنساء، وأدمت قلوبهم، وأفقدتهم الأمل بالحياة، وهزت الإنسانية، أمام عدوان غاشم يتعمد الإبادة للمدنيين، وتدمير المنشآت والأعيان المدنية، عن سابق إصرار وترصد، ودون أي اعتبار للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والإنسانية.

صورة لثلاثة هياكل عظيمة على الأرض امتدت لتحمي نفسها من النيران والدخان وكانت على وجوهها، لكن انتشار الوقود والنيران المستعرة، أذابتها، وما إن تلمس بعضها تتحول إلى رماد، تعجز عن التقاط وصلة منها، فيما يظهر كوب زجاج ظل بجوارها سالم الهيكل، أسود الشكل، إنها نيران جريمة سعودية أمريكية بحق الإنسانية.

أحد الجرحى يقول من فوق سرير المستشفى: “ضرب الطيران وعادني خارج، سمعت الضربة قبل ما أدخل الهنجر، فهربت سريعاً، وأصبت بحروق وكسور، وما صدقت أني عايش، الحمد لله، زملائي الذي كانوا داخل ما خرج منهم أحد ، كلهم استشهدوا، وتفحموا، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

بدوره يقول شاهد عيان: “هذه منشأة شركة النفط برأس عيسى، ومن فيها كلهم عمال، وجثث كثيرة تفحمت، أصحاب القاطرات بعضم تفحموا فوقها، هذا ظلم واستهتار، لا أحد كان يتوقع أن يحصل هذا، حسبنا الله ونعم الوكيل، هذه طرف قدم أحد العمال فيما جسده الباقي رماداً، وهذه هياكل عظمية فقط أمام العالم يشاهدها، لعمال، أبرياء مدنيين، لا ذنب لهم”.

ويتابع “أين هي حقوق الإنسان؟ أين هي الأمم المتحدة من هذه الإبادة المتعمدة؟ من يحاسب المجرمين يا عالم؟ من يحمي المدنيين، والمنشآت المدنية في اليمن؟”.

21 يناير 2017..5 شهداء و3 جرحى في جريمة حرب لغارات العدوان على منزل المواطن الشلبي بصعدة:

وفي العام 2017م، من اليوم ذاته، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة جديدة، إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفاً هذه المرة، منزل المواطن أحسن الشلبي في منطقة آل مغرم، مديرية باقم الحدودية، محافظة صعدة، بغاراته الوحشية، المباشرة، أسفرت عن 5 شهداء بينهم طفلان وامرأة، و3 جرحى، وتدمير المنزل بشكل كامل، وأضرار في ممتلكات ومنازل الأهالي المجاورة، وموجة نزوح لعشرات الأسر من مآويها، وترويع النساء والأطفال، ومضاعفة المعاناة.

أسرة الشلبي، كانت تعيش حياتها المعتادة وفي لحظة حلق طيران العدوان السعودي الأمريكي، فوق سماء المنطقة، ملقياً بقنابله المتفجرة وصواريخه المدمرة على سقف منزلهم الذي تحول إلى مقبرة جماعية لكل من فيه، فهرع الأهالي لانتشال الضحايا، ولم يجدوا غير طفل وحيد جريح ، فعاود الطيران قصف المسعفين مرة ثانية وثالثة، وما إن وصل الطفل إلى المستشفى حتى فارق الحياة، وتبخر الأمل لأسرة بكاملها.

يقول أحد الأهالي: “العدوان السعودي الأمريكي، استهدف أسرة كاملة، ما بقي منهم غير هذا الطفل الوحيد، وصلنا إلى هنا واستشهد، وكل ما حاولنا إنقاذهم يتم ضرب المسعفين، ثلاث مرات يستهدف المنزل، المرة الأولى أهل البيت، والثانية والثالثة المسعفين، أي إجرام هذا؟ وأية وحشية، هؤلاء 3 أطفال شهداء، طلعناهم بعد الغارة الأولى، وجت الغارة الثانية وكانت أمهم تنقذ معنا بخيرة، فاستشهدت، ودفنت أنا تحت الأنقاض، وطلعوني، وبعدها جت الغارة الثالثة وجرح عدد من المسعفين، ولكن هذا لن يزيدنا إلا أيماناً وتصديقاً”.

استهداف غارات العدوان لمنزل مواطن وإبادة أسرة بكاملها، وجرح المسعفين، وتعمد الاستهداف ومعاودة التحليق والغارات المتكررة، جريمة حرب وإبادة مكتملة الأركان، وعن قصد وترصد، تضع نفسها أمام العالم، وعلى طاولة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن ومحكمة الجنيات الدولية والعدل الدولية، وكل المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية، لينهضوا بمسؤولياتهم، ويسارعوا بوقف العدوان ورفع الحصار على الشعب اليمني، وحماية المجتمع البشري والقيم الإنسانية المشتركة، من وحشية قوى الهيمنة والاستكبار العالمي.

مقالات مشابهة

  • حركة الجهاد تندد بعمليات القتل والتهجير التي يمارسها العدو في جنين
  • الجهاد الاسلامي تندد بعمليات القتل والتهجير التي يمارسها العدو في جنين
  • من اليمن إلى سوريا.. ردود فعل عربية ودولية على تنصيب ترامب رئيسا لأمريكا
  • 21 يناير خلال 9 أعوام.. 103 شهداء وجريح في 3 جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • قريباً في اليمن: مدينة سماء الخليج العربي تستعد لإطلاق تربينات الرياح
  • سوريا الجديدة: كيف تعيد ترتيب أوراق المغرب العربي؟
  • الرئاسة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبها
  • بنك اليمن والكويت: قصة نجاح للتعاون الاقتصادي العربي
  • أمل عمار تشارك في احتفالية اليوم العربي لكبار السن بمقر الجامعة العربية
  • اليمن في قلب النظام العالمي الجديد