من هجوم الحديدة إلى غارة عدلون.. إسرائيل تستدرج توسعة الحرب!
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
بوتيرة تصاعدية مناقضة لكلّ ما يحكى عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يفترض أن تنعكس على مختلف جبهات القتال المفتوحة، حملت الأيام القليلة الماضية تطورات "نوعية" على خط المواجهة بين العدو الإسرائيلي ومحور المقاومة، بدءًا من اليمن مع تسجيل أول هجوم إسرائيلي من نوعه على الإطلاق استهدف مدينة الحديدة، وصولاً إلى لبنان، مع الغارة العنيفة التي استهدفت ما قيل إنه مخزن ذخيرة في عدلون.
فإذا كان صحيحًا أنّ إسرائيل نفذت خلال العقود الماضية، العديد من الهجمات العابرة للحدود ضدّ ما تعتبرها "أهدافًا مشروعة"، بمعزل عن الموقع الجغرافي، إلا أنّ الهجوم على ميناء الحديدة، وإن جاء ردًا على تصعيد جماعة الحوثي ضدّها، وقد وصل إلى ذروته من خلال الهجوم على تل أبيب قبل أيام، إلا أنّه يُفهَم في السياق العام، تصعيدًا نوعيًا وغير مسبوق، ولا سيما لما ينطوي عليه من دلالات يجوز وصفها بـ"الحربية بامتياز".
ويسري الأمر نفسه على غارة عدلون، التي بدت بحدّ ذاتها تطورًا خطيرًا في سياق المواجهة المفتوحة مع "حزب الله"، حتى إنّ البعض صنّفها على أنّها "الأعنف" منذ بدء الاشتباكات بين الجانبين، وهو ما تجلى في حالة الذعر التي أثارته بين السكان مع الانفجارات التي توالت في أعقابها، وهو ما يطرح السؤال عن ماهية المخطط الإسرائيلي في هذه المرحلة، وما إذا كانت تل أبيب "تستدرج" فعلاً توسعة الحرب، أو ما اصطلح على وصفه بـ"وحدة الساحات"...
"رسائل" هجوم الحديدة
مع أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تفرّع عنها من جبهات قتال عابرة للحدود، شهدت على ما يخطر ولا يخطر على البال على مرّ أكثر من تسعة أشهر من المواجهات، مع كلّ ما حملته من مجازر مروّعة ومآسٍ إنسانية، إلا أنّ الهجوم الإسرائيلي المباشر على مدينة الحديدة اليمنية شكّل برأي كثيرين، "منعطفًا خطرًا" في مسار المواجهة، ولو أنّه بدا في الظاهر ومن الناحية العملية، "ردًا" على تصعيد جماعة الحوثي، من خلال الهجوم على تل أبيب.
يقول العارفون إنّ العدو الإسرائيلي أراد من خلال هذا الهجوم توجيه أكثر من "رسالة"، أولها إلى جماعة الحوثي بطبيعة الحال، مفادها أنّ أيّ تصعيد من جانبها سيُقابَل بتصعيد مضاد، بلا قواعد اشتباك ولا أسقف ولا خطوط حمراء، ولا سيما أنّ هناك انطباعًا بأنّ دخول الحوثيين على خط المواجهة أزعج الإسرائيليين منذ اليوم الأول لما عُرِف بـ"حصار" البحر الأحمر، وصولاً إلى هجوم تل أبيب الذي فاجأهم، وأحرجهم إلى حدّ بعيد.
لكن أبعد من "الرسائل" الموجّهة للحوثيين أنفسهم، يتحدّث العارفون عن رسائل توجّهها إسرائيل من خلال هجوم الحديدة، لسائر القوى في المنطقة، بدءًا من إيران، التي تتهمها بالوقوف خلف عمليات جماعة الحوثي، وصولاً إلى "حزب الله" في لبنان، وذلك في سياق "الحرب النفسية" المستمرّة مع الأخير، في رسالة يتوخّى منها الإسرائيلي القول إنّه لا يخشى "توسعة الحرب"، وهو مستعدّ لمثل هذا السيناريو، بل إنّه يكاد "يستدرجه"، إن جاز التعبير.
"خطورة" غارة عدلون
في السياق نفسه، جاءت الغارة الإسرائيلية على بلدة عدلون، التي قيل إنّها استهدفت مخزن أسلحة وذخيرة لـ"حزب الله"، من دون أن يؤكد الأخير هذه المعلومات، محمّلة بالدلالات "الخطيرة"، بدءًا من نوعية الاستهداف "الثقيل"، والذي يكاد يكون غير مسبوق، بالنظر إلى حساسيّة الأمر بالنسبة للحزب، وصولاً إلى ما يمكن أن ينطوي عليه من "خرق" لا يمكن الاستهانة به، على المستوى الاستخباراتي والتجسسي، إن صحّ التعبير.
لكنّ "خطورة" غارة عدلون تتجلّى أيضًا في الرسائل الإسرائيلية الكامنة خلفها، إذ تُظهِر الإسرائيلي مرّة أخرى يتجاوز قواعد الاشتباك غير المُعلَنة، بل الخطوط الحمراء، علمًا أنّ هذه الغارة جاءت بعيد ما صُنّفت "مجزرة الجميجمة" التي نجمت عن استهداف إسرائيل مبنى من ثلاثة طوابق، وقد أتت للمفارقة بعد يوم واحد من تهديد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بضرب مستوطنات جديدة في حال واصل الإسرائيلي استهداف المدنيين.
وإذا كان هناك من يفهم عنصر "الاستفزاز" الواضح في التكتيك الإسرائيلي، على أنّه محاولة لجرّ "حزب الله" إلى "توسعة الحرب"، فإنّ العارفين بأدبيّات الأخير يؤكدون أنّ الحزب لن يقع في الفخّ، مع ثباته في المواجهة "المضبوطة" حتى إشعار آخر، وجهوزيته في الوقت نفسه للحرب "إن فُرِضت عليه"، علمًا أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنه "قرن القول بالفعل" حين ضرب بالفعل في الأيام الأخيرة مستوطنات كان قد حيّدها سابقًا، ردًا على الغارات الإسرائيلية.
تستدرج إسرائيل "توسعة الحرب" من غزة إلى اليمن مرورًا بلبنان، في سياق غير مكتمل المعالم، بحسب ما يقول كثيرون، في ظلّ قراءات متضاربة للموضوع. ثمّة من يرى أنّ إسرائيل تريد "تسخين الجبهات" بالفعل، لكن من دون أن تتحمّل مسؤولية "الطلقة الأولى"، إن جاز التعبير. وثمّة من يرى في المقابل، الأمر "رفعًا للسقف" فقط لا غير، لتوظيفه في المفاوضات، في ظلّ انطباع بأنّ أحدًا لن ينجرّ إلى "الحرب الشاملة"، وهنا بيت القصيد!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جماعة الحوثی توسعة الحرب غارة عدلون حزب الله من خلال تل أبیب
إقرأ أيضاً:
“بدا وكأن إسرائيل اقتربت من الزوال”.. ما دلالة تصريحات نتنياهو عن 7 أكتوبر؟
#سواليف
اعتبر محللون سياسيون أن #تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو حول الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصف فيها الهجوم بأنه “تهديد وجودي” لإسرائيل، تُعد تحولًا هامًا في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، وهو بمثابة اعتراف من نتنياهو بفشل حكومته في التعامل مع الحدث المفاجئ، الذي شكل صدمة كبيرة للدولة العبرية.
وأشار المحللون اليوم السبت، إلى أن هذا الاعتراف “يعكس عمق الأزمة التي واجهتها إسرائيل ويُعتبر نقطة تحول في فهم إسرائيل لأمنها واستراتيجياتها العسكرية، ما يبرز حجم التهديد الذي لحق بالدولة الصهيونية خلال تلك الهجمات”.
تصريح غير مسبوق
مقالات ذات صلة الخبير الفلكي مجاهد: عيد الفطر في الأردن الاثنين 2025/03/29في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا إن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث لأول مرة بوضوح عن أن ما جرى في السابع من أكتوبر شكّل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وهو ما يتناقض مع التقديرات الإسرائيلية السابقة التي سبقت ذلك اليوم”.
وأضاف القرا، أن “أهمية هذا التصريح تكمن في أن نتنياهو يسعى إلى امتصاص موجة الاحتجاجات المستمرة ضده، خاصة فيما يتعلق برفضه الاعتراف بفشله في التعامل مع الأحداث”
وتابع “رغم أنه لا يزال يُلقي باللوم على قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، مدعيًا أنه لم يكن على علم مسبق بما سيحدث، إلا أن آخر اتهاماته شملت رئيس جهاز ” #الشاباك ” رونين بار، زاعمًا أنه كان على علم بهجوم #حماس منذ الساعة الخامسة والنصف صباحًا، أي قبل أقل من ساعة من بدء العملية، وكان بإمكانه اتخاذ إجراءات للتصدي لها جزئيًا على الأقل”.
وأشار القرا إلى أن “التطور الأبرز هو أن نتنياهو بدأ يتحدث عن السابع من أكتوبر باعتباره “فشلًا إسرائيليًا”، وهو أمر لم يكن يصرّح به في السابق؛ إذ كان يصف ما حدث بأنه مجرد “ضربات” تعرضت لها #إسرائيل. أما الآن، فهو يقرّ بوجود تهديد وجودي، ما يحمل دلالات سياسية وعسكرية كبيرة”.
وتساءل القرا: هل سيتجه نتنياهو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية استجابةً للمطالب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف؟ أم أنه سيواصل ربط هذا الملف بنهاية الحرب، مما قد يكون جزءًا من استراتيجيته لإطالة أمدها؟
وأكد القرا أن “هذا الاعتراف الإسرائيلي يعزز رؤية المقاومة والفصائل الفلسطينية، التي اعتبرت أن السابع من أكتوبر كان بمثابة ضربة قاصمة للمشروع الصهيوني في #فلسطين”.
وأضاف أن “التهديد الوجودي الذي واجهته إسرائيل كان من الممكن أن يتفاقم في حال انخراط جبهات أخرى في #المعركة، أو لو قامت المقاومة بدفع المزيد من وحداتها النخبوية إلى عمق الأراضي المحتلة، متجاوزةً نطاق “غلاف غزة”.
وأوضح القرا أن “هدف المقاومة من العملية لم يكن السيطرة الدائمة على المستوطنات، بل كان يتركز على القضاء على (فرقة غزة)، المسؤولة عن إدارة المواقع العسكرية المحيطة بالقطاع، والسيطرة على بعض المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، بهدف أسر جنود وضباط ومستوطني تلك المناطق”.
وختم القرا بقوله، إن “تصريحات نتنياهو الأخيرة تعكس مخاوفه المستمرة من إمكانية تكرار سيناريو السابع من أكتوبر، مع احتمالات تطوره إلى مستوى أكثر خطورة في المستقبل”.
ثغرات خطيرة
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة “الأمة” بغزة، إياد القطراوي، أن تصريح رئيس #حكومة_الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي قال فيه إن السابع من أكتوبر 2023 “بدا وكأن إسرائيل اقتربت من الزوال”، “يعكس حجم الصدمة والخطورة البالغة التي واجهتها إسرائيل خلال تلك الهجمات”.
وأضاف القطراوي، في حديثه لـ”قدس برس”، أن “الهجوم المفاجئ والمعقد الذي نفذته حركة حماس عبر الحدود مع غزة في ذلك اليوم، شكل حدثًا غير متوقع تمامًا، مما أدى إلى حالة من الفوضى والذعر داخل إسرائيل، وجعل نتنياهو يشعر بأنه يواجه تهديدًا وجوديًا حقيقيًا للدولة الصهيونية”.
وأشار إلى أن هذا التصريح “يعكس إدراك نتنياهو بأن إسرائيل تعرضت لأكبر تهديد منذ تأسيسها، حيث كشف الهجوم عن ثغرات خطيرة في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وأثار تساؤلات عميقة حول قدرة إسرائيل على حماية حدودها وأمن مواطنيها من عمليات مباغتة مماثلة في المستقبل”.
وتابع القطراوي قائلًا: إن تداعيات هذا الهجوم دفعت إسرائيل إلى إعادة تقييم سياساتها الأمنية، ومراجعة استراتيجياتها في التعامل مع قطاع غزة. وما هذه الحرب المسعورة التي تشنها اليوم على غزة، من إبادة بحق الأبرياء وتدمير شامل للحياة، إلا محاولة لرد الصدمة وكسر إرادة الفلسطينيين، التي هزت الوجود الصهيوني وزعزعت قناعته باستمرارية دولته”.
واختتم بالقول: إن تأثير هذه الأحداث على إسرائيل سيكون طويل الأمد، وسيظل كابوسًا يطاردها، إذ تدرك أن أي غفلة أو تقاعس مستقبلي قد يكلفها وجودها ذاته”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الخميس الماضي، إن الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جعل إسرائيل تبدو وكأنها في طريقها للزوال.
وأضاف نتنياهو في كلمة ألقاها خلال مؤتمر حول “معاداة السامية” في #القدس المحتلة، أن الهجوم الذي وصفه بـ”المذبحة” قد فاجأ إسرائيل، مشيرًا إلى أن العديد من الناس ظنوا أن الدولة اليهودية ما هي إلا “بيت عنكبوت هش”.
وسبق أن ألقى مسؤولون في حكومة نتنياهو اللوم على “الشاباك” في الإخفاقات التي أدت إلى مقتل مئات الإسرائيليين وأسر العشرات خلال الهجوم.
واتخذت الحكومة الإسرائلية الأسبوع الماضي قراراً بالإجماع، يقضي بإقالة رئيس الجهاز رونين بار، في خطوة أثارت انتقادات واسعة، فيما أعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية تعليق القرار في انتظار مراجعة الاستئنافات التي قدمت إليها ضد عزله.