التقارب بين السودان وإيران.. عودة للماضي أم مصالح مستجدة؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
الخرطوم- تبادل السودان وإيران سفيريهما بعد قطيعة استمرت أكثر من 8 سنوات، وسط تساؤلات حول المصالح التي يحققها استئناف علاقات الدولتين، على خلفية التعاون العسكري السابق بينهما، مما يثير مخاوف بالمنطقة تخشى من تحويل البلاد إلى مسرح للصراعات الإقليمية مما يزيد من تعقيد الأزمة التي تعيشها حسب مراقبين.
واعتمد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان -أول أمس الأحد- أوراق حسن شاه حسيني سفيرا ومفوضا إيرانيا فوق العادة لدى الخرطوم التي سمت سفيرا جديدا في طهران، وقد ودع البرهان سفيره عبد العزيز حسن صالح.
وتأتي الخطوة بعد قطيعة دبلوماسية استمرت منذ يونيو/حزيران 2016، عندما أعلن الرئيس المعزول عمر البشير قطع العلاقات مع إيران على خلفية اقتحام سفارة السعودية في طهران.
من جانبه وصف مسؤول بالخارجية السودانية تبادل السفراء بين بلاده وطهران بأنه أمر طبيعي بعد استئناف العلاقات بين الجانبين، مؤكدا أن هذه العلاقة ليست موجهة ضد أي طرف.
وفي حديث للجزيرة، يوضح المسؤول السوداني -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- أن بلاده قطعت علاقتها مع إيران تضامنا مع السعودية التي استعادت علاقتها مع طهران بوساطة صينية وتبادل البلدان السفراء، وكذلك فعلت دول أخرى بالمنطقة.
من جهة أخرى، يضيف المسؤول أنه لا توجد أي اتفاقات أمنية وعسكرية جديدة بين الخرطوم وطهران، ولكن ذلك لا يمنع شراء أسلحة من أي دولة بما في ذلك إيران، لأنه أمر مشروع ولا تمنعه الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي لا تحظر على الدول الحصول على الأسلحة للدفاع عن سيادة البلاد واستقرارها.
وقال وكيل الخارجية السودانية حسين الأمين، في تصريح صحفي، إن البرهان رحب بالسفير الجديد لإيران وعدّ ذلك إيذانا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات بين البلدين.
من جانبه، قال السفير الإيراني إن تقديم أوراق اعتماده يأتي في إطار التوافق المشترك بين البلدين بشأن تبادل السفراء وترقية العلاقات الثنائية.
وتعهد حسيني ببذل قصارى جهده من أجل تعزيز علاقات التعاون مع السودان، مجددا دعم بلاده للسيادة الوطنية ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت الخارجية السودانية استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد اتصالات رفيعة المستوى بين البلدين جرت قبلها بأشهر، حيث اتفقا على إعادة عمل السفارات وتبادل الوفود الرسمية لبحث سبل تطوير التعاون المشترك.
وزار وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق طهران في فبراير/شباط الماضي، التقى خلال زيارته الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كأول مسؤول سوداني يزور طهران منذ القطيعة.
تعاون عسكريوتحدث تقرير إسرائيلي حديث عن قلق بشأن اعتماد البرهان أوراق اعتماد السفير الإيراني الجديد، وقال بحسب وكالة سبونتيك "التخوف لدى إسرائيل هو أن إيران ستستخدم الموانئ في بورتسودان لمراقبة البضائع القادمة إلى إيلات وقناة السويس".
ووفق التقرير، فإن حليفا مثل السودان سيسمح لطهران بالوصول إلى البحر الأحمر وإنشاء ميناء بمدينة بورتسودان من شأنه أن يسمح لإيران بمراقبة حركة المرور البحرية في المنطقة ومراقبة البضائع القادمة إلى إسرائيل.
وتتهم إيران من قبل دول غربية بمساندة الجيش السوداني في حربه، وذلك بتوفير الأسلحة النوعية، لا سيما الطائرات المسيرة التي كان لها دور في تقدمه في أم درمان ومناطق أخرى بالعاصمة.
وقبل قطعها، كانت العلاقات بين الخرطوم وطهران وثيقة، وكانت إيران مصدرا للأسلحة إلى الخرطوم منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون في الصناعات العسكرية والدفاعية.
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير سابق لها عن مسؤولين غربيين أن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع "مهاجر 6″ مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، وذكرت أن "أقمارا صناعية التقطت في يناير/كانون الثاني الماضي صورا لطائرة "مهاجر 6″ الإيرانية في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، وهي خاضعة لسيطرة الجيش".
من جهته يرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن جوهر العلاقات بين السودان وإيران -التي بلغت ذروتها في عهد الرئيس البشير- كانت أيديولوجية وسياسية للتقارب الفكري بينهما.
ويعتقد ميرغني -في تصريح للجزيرة نت- أن البشير عندما قطع العلاقات مع طهران كان في ذلك رجاء التقارب مع السعودية أكثر من دوافع القطيعة مع طهران.
وعندما استعادت السعودية علاقتها مع إيران لم يكن للسودان مانع من تبني الخطوة ذاتها، لكن السبب الرئيسي حاليا هو العزلة التي يعاني منها السودان بجانب رغبته في الحصول على أسلحة نوعية وخصوصا المُسيرات، وليس للعلاقات أي بعد أيديولوجي حسب المتحدث ذاته.
ويضيف المحلل السياسي أن دول المنطقة تراقب بحذر تبادل السفراء بين السودان وإيران ولا تعترض على ذلك لكونها سبقت السودان في التطبيع مع طهران، لكنها تخشى استغلال الأخيرة للأوضاع في السودان ومحاولة إيجاد موطىء قدم على سواحل البحر الأحمر تعزز به وجودها جنوبه.
وفي المقابل، يقول الباحث في الشؤون الآسيوية خالد عبد الله -للجزيرة نت- إن تقارب السودان مع إيران يأتي في إطار توجهه شرقا بعدما شعر بالخيبة إزاء الولايات المتحدة والدول الغربية.
وسبق ذلك توثيق علاقاته مع روسيا التي زارها مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني 3 مرات خلال الفترة السابقة، وكذلك زار بورتسودان في أبريل/نيسان الماضي ميخائيل بوغدانوف المبعوث الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية الذي رافقه خبراء في شتى المجالات.
ويرى الباحث أن السودان يحتاج إيران ليس في التعاون العسكري فحسب، بل في توفير المحروقات والأسمدة بأسعار تفضيلية، و"الإسفلت" في رصف الطرق التي دمرتها الحرب، كما لطهران خبرات وشركات يمكن أن تساهم في إعادة إعمار البنية التحتية السودانية بعد توقف الحرب وسداد كلفتها عبر التبادل التجاري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخارجیة السودانی السودان وإیران العلاقات بین مع إیران مع طهران
إقرأ أيضاً:
خامنئي يدعو قطر إلى الإفراج عن أموال إيران المحتجزة
دعا المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الأربعاء، إلى عدم الانصياع للضغوط الأمريكية والعمل على الإفراج عن عائدات النفط الإيرانية المحتجزة لدى الدوحة، مضيفاً أن "طهران لا تزال تتوقع مثل هذا الإجراء من قطر"، وفق ما نقلته وكالة "بلومبرغ".
وقال خامنئي في اجتماع مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يزور طهران، إن قطر "دولة صديقة وشقيقة، على الرغم من وجود قضايا مبهمة".
وبحسب "بلومبرغ"، أشار على وجه التحديد إلى المدفوعات الكورية الجنوبية مقابل النفط الإيراني التي تمت قبل عدة سنوات، والتي تم تجميدها لاحقاً في حسابات مصرفية في كوريا الجنوبية بعد أن شددت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى العقوبات على طهران.
يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قد مهدت الطريق في سبتمبر (أيلول) 2023، لإعادة العائدات إلى إيران، عبر عدد من الدول بما في ذلك قطر، كجزء من صفقة تبادل السجناء.
وأصدر وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، في ذلك الوقت، إعفاءً يسمح للبنوك الألمانية والإيرلندية والقطرية والكورية الجنوبية والسويسرية بتحويل الأموال إلى إيران دون المخاطرة بانتهاك العقوبات الأمريكية.
#Iran’s Khamenei Tells Qatar to Transfer Oil Funds Blocked by US
Money from South Korea oil purchases still being held in Doha
Khamenei met with Qatar’s emir during visit to Tehran#ootthttps://t.co/A8f4ovWsmO
وأشار خامنئي إلى تصريحات أمير قطر حول قضايا المنطقة، وقال "إننا نعتبر دولة قطر، بلداً صديقاً وشقيقاً، رغم أن قضايا مبهمة، بما فيها إعادة مستحقات إيران من كوريا الجنوبية والتي نُقلت إلى قطر، لا زالت محتجزة، ونعلم أن العقبة الرئيسية لتنفيذ الاتفاق بهذا الشأن، هي أمريكا".
واعتبر خامنئي، أن "العقبة الرئيسية التي تمنع حكومة قطر من إعادة الأموال إلى طهران هي عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وسياسة الضغط القصوى التي ينتهجها ضد إيران".
Leader of the Islamic Revolution Ayatollah Seyyed Ali Khamenei has told Qatar’s Emir Sheikh Tamim bin Hamad Al Thani that expansion of ties with neighboring states is Iran's definitive policy. pic.twitter.com/vvi0Gn1TO4
— Mehr News Agency (@MehrnewsCom) February 19, 2025 ضغوط ترمبوأبلغ خامنئي الشيخ تميم، أن قطر يجب ألا تنتبه للضغوط من الولايات المتحدة لحجب العائدات، وفقاً لوكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، معرباً عن أمله في أن تخدم الاتفاقات التي تم التوصل إليها في طهران، مصلحة البلدين.
وأضاف قائلاً: "لو كنا مكان قطر، لما أعرنا اهتماماً للضغوط الأمريكية، وكنا سنعيد هذه المستحقات إلى الطرف المقابل"، مشدداً على أن إيران لا تزال تتوقع مثل هذا الإجراء من قطر.
If we were in Qatar's place, we wouldn't pay attention to the pressures brought by the US and would return Iran's assets. We continue to expect Qatar to do this.
— Khamenei.ir (@khamenei_ir) February 19, 2025وكان ترامب قال خلال حملته الانتخابية إن "سياسة بايدن بعدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط أضعفت موقف واشنطن وشجعت طهران، ما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال وزيادة مساعيها النووية ونفوذها من خلال الجماعات المسلحة".
وارتفعت صادرات إيران من النفط الخام، إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات في عام 2024، إذ وجدت طهران طرقاً للالتفاف على العقوبات الصارمة التي استهدفت إيراداتها.
وحققت صادرات النفط الإيرانية، إيرادات بلغت 53 مليار دولار في عام 2023، و54 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. كما أظهرت بيانات "أوبك" أن الإنتاج خلال 2024 سجل أعلى مستوياته منذ 2018.