الخرطوم- تبادل السودان وإيران سفيريهما بعد قطيعة استمرت أكثر من 8 سنوات، وسط تساؤلات حول المصالح التي يحققها استئناف علاقات الدولتين، على خلفية التعاون العسكري السابق بينهما، مما يثير مخاوف بالمنطقة تخشى من تحويل البلاد إلى مسرح للصراعات الإقليمية مما يزيد من تعقيد الأزمة التي تعيشها حسب مراقبين.

واعتمد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان -أول أمس الأحد- أوراق حسن شاه حسيني سفيرا ومفوضا إيرانيا فوق العادة لدى الخرطوم التي سمت سفيرا جديدا في طهران، وقد ودع البرهان سفيره عبد العزيز حسن صالح.

وتأتي الخطوة بعد قطيعة دبلوماسية استمرت منذ يونيو/حزيران 2016، عندما أعلن الرئيس المعزول عمر البشير قطع العلاقات مع إيران على خلفية اقتحام سفارة السعودية في طهران.

السفير حسيني تعهد ببذل قصارى جهده لتعزيز علاقات التعاون مع الخرطوم (الصحافة السودانية) علاقة طبيعية

من جانبه وصف مسؤول بالخارجية السودانية تبادل السفراء بين بلاده وطهران بأنه أمر طبيعي بعد استئناف العلاقات بين الجانبين، مؤكدا أن هذه العلاقة ليست موجهة ضد أي طرف.

وفي حديث للجزيرة، يوضح المسؤول السوداني -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- أن بلاده قطعت علاقتها مع إيران تضامنا مع السعودية التي استعادت علاقتها مع طهران بوساطة صينية وتبادل البلدان السفراء، وكذلك فعلت دول أخرى بالمنطقة.

من جهة أخرى، يضيف المسؤول أنه لا توجد أي اتفاقات أمنية وعسكرية جديدة بين الخرطوم وطهران، ولكن ذلك لا يمنع شراء أسلحة من أي دولة بما في ذلك إيران، لأنه أمر مشروع ولا تمنعه الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي لا تحظر على الدول الحصول على الأسلحة للدفاع عن سيادة البلاد واستقرارها.

وقال وكيل الخارجية السودانية حسين الأمين، في تصريح صحفي، إن البرهان رحب بالسفير الجديد لإيران وعدّ ذلك إيذانا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات بين البلدين.

من جانبه، قال السفير الإيراني إن تقديم أوراق اعتماده يأتي في إطار التوافق المشترك بين البلدين بشأن تبادل السفراء وترقية العلاقات الثنائية.

وتعهد حسيني ببذل قصارى جهده من أجل تعزيز علاقات التعاون مع السودان، مجددا دعم بلاده للسيادة الوطنية ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت الخارجية السودانية استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد اتصالات رفيعة المستوى بين البلدين جرت قبلها بأشهر، حيث اتفقا على إعادة عمل السفارات وتبادل الوفود الرسمية لبحث سبل تطوير التعاون المشترك.

وزار وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق طهران في فبراير/شباط الماضي، التقى خلال زيارته الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كأول مسؤول سوداني يزور طهران منذ القطيعة.

تعاون عسكري

وتحدث تقرير إسرائيلي حديث عن قلق بشأن اعتماد البرهان أوراق اعتماد السفير الإيراني الجديد، وقال بحسب وكالة سبونتيك "التخوف لدى إسرائيل هو أن إيران ستستخدم الموانئ في بورتسودان لمراقبة البضائع القادمة إلى إيلات وقناة السويس".

ووفق التقرير، فإن حليفا مثل السودان سيسمح لطهران بالوصول إلى البحر الأحمر وإنشاء ميناء بمدينة بورتسودان من شأنه أن يسمح لإيران بمراقبة حركة المرور البحرية في المنطقة ومراقبة البضائع القادمة إلى إسرائيل.

وتتهم إيران من قبل دول غربية بمساندة الجيش السوداني في حربه، وذلك بتوفير الأسلحة النوعية، لا سيما الطائرات المسيرة التي كان لها دور في تقدمه في أم درمان ومناطق أخرى بالعاصمة.

وقبل قطعها، كانت العلاقات بين الخرطوم وطهران وثيقة، وكانت إيران مصدرا للأسلحة إلى الخرطوم منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون في الصناعات العسكرية والدفاعية.

ونقلت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير سابق لها عن مسؤولين غربيين أن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع "مهاجر 6″ مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، وذكرت أن "أقمارا صناعية التقطت في يناير/كانون الثاني الماضي صورا لطائرة "مهاجر 6″ الإيرانية في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، وهي خاضعة لسيطرة الجيش".

السلاح وليس الأيديولوجيا

من جهته يرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن جوهر العلاقات بين السودان وإيران -التي بلغت ذروتها في عهد الرئيس البشير- كانت أيديولوجية وسياسية للتقارب الفكري بينهما.

ويعتقد ميرغني -في تصريح للجزيرة نت- أن البشير عندما قطع العلاقات مع طهران كان في ذلك رجاء التقارب مع السعودية أكثر من دوافع القطيعة مع طهران.

وعندما استعادت السعودية علاقتها مع إيران لم يكن للسودان مانع من تبني الخطوة ذاتها، لكن السبب الرئيسي حاليا هو العزلة التي يعاني منها السودان بجانب رغبته في الحصول على أسلحة نوعية وخصوصا المُسيرات، وليس للعلاقات أي بعد أيديولوجي حسب المتحدث ذاته.

ويضيف المحلل السياسي أن دول المنطقة تراقب بحذر تبادل السفراء بين السودان وإيران ولا تعترض على ذلك لكونها سبقت السودان في التطبيع مع طهران، لكنها تخشى استغلال الأخيرة للأوضاع في السودان ومحاولة إيجاد موطىء قدم على سواحل البحر الأحمر تعزز به وجودها جنوبه.

وفي المقابل، يقول الباحث في الشؤون الآسيوية خالد عبد الله -للجزيرة نت- إن تقارب السودان مع إيران يأتي في إطار توجهه شرقا بعدما شعر بالخيبة إزاء الولايات المتحدة والدول الغربية.

وسبق ذلك توثيق علاقاته مع روسيا التي زارها مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني 3 مرات خلال الفترة السابقة، وكذلك زار بورتسودان في أبريل/نيسان الماضي ميخائيل بوغدانوف المبعوث الرئاسي الروسي نائب وزير الخارجية الذي رافقه خبراء في شتى المجالات.

ويرى الباحث أن السودان يحتاج إيران ليس في التعاون العسكري فحسب، بل في توفير المحروقات والأسمدة بأسعار تفضيلية، و"الإسفلت" في رصف الطرق التي دمرتها الحرب، كما لطهران خبرات وشركات يمكن أن تساهم في إعادة إعمار البنية التحتية السودانية بعد توقف الحرب وسداد كلفتها عبر التبادل التجاري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخارجیة السودانی السودان وإیران العلاقات بین مع إیران مع طهران

إقرأ أيضاً:

فيلق القدس يؤكد عزم إيران الرد على اغتيال هنية.. هذه محددات نوعية الهجوم

شدد مسؤول العمليات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، محسن شيزاري، على تمسك طهران بالرد على اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية في طهران، موضحا أن "فترة انتظار الرد قد تكون طويلة حتى تتوفر الظروف المناسبة".

وقال شيزاري في حديث مع صحيفة محلية، الأربعاء، إن "رد فعل إيران سيكون بالتأكيد مختلفا ولا ينبغي تحديد طبيعة رد الفعل هذا".

وأضاف أن "نوعية وطريقة الرد الإيراني تعتمد على الظروف والأوضاع التي يمكن أن تحقق أهدافنا"، مشيرا إلى أن "التفكير وضبط النفس (بشأن تأخر الرد) يمكن أن يتواصل إلى حين توافر الظروف والمجال والوضع، حتى يكون ردنا الساحق يليق بالشهيد هنية".


والأسبوع الماضي، شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على عزم بلاده الرد على اغتيال هنية في العاصمة طهران، موضحا أن رد طهران سيكون "حاسما ومحسوبا".

وقال وزير الخارجية الإيراني إن طهران لا تسعى إلى "زيادة التوتر" في الشرق الأوسط "ومع ذلك، فإنها لا تهابه"، مشيرا إلى أن "الرد على العمل الإرهابي الذي قام به الكيان الصهيوني في طهران أمر حتمي".

وتأتي التصريحات الإيرانية، في أعقاب تنفيذ حزب الله هجوما واسع النطاق على دولة الاحتلال الإسرائيلي ردا على اغتيال القيادي العسكري البارز لدى الحزب اللبناني، فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.

ومنذ اغتيال الشهيد هنية في طهران في نهاية شهر تموز /يوليو الماضي، توعدت إيران بالرد بقوة على دولة الاحتلال الإسرائيلي. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قال إن "هذا الكيان أعد لنفسه أيضا عقابا شديدا".


كما قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، إن "العدو (دولة الاحتلال) سيدرك أنه أخطأ في حساباته (في اغتيال هنية) عندما يتلقى الرد الحاسم"، مشيرا إلى أن "الكيان الصهيوني صنع لنفسه مستنقعا من النيران، وسيقع في المستنقعات التي حفرها".

وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي، شددت على لسان وزير خارجيتها يسرائيل كاتس، على أن "تل أبيب لا تتوقع من التحالف بقيادة الولايات المتحدة، صد هجوم إيراني عليها فقط، وإنما مهاجمة أهداف مهمة في إيران" أيضا، وذلك في ظل تأهب إٍرسرائيلي لهجوم محتمل من إيران.

مقالات مشابهة

  • تقرير: إيران سلّمت روسيا صواريخ بالستية.. وواشنطن تعلّق
  • مخاوف من الإحجام عن الزواج في إيران.. وخامنئي يتدخل شخصيا
  • هل اقتربت إيران من إنتاج القنبلة النووية؟ خبراءٌ يتحدّثون!
  • هل أصبحت إيران قريبة من القنبلة النووية؟
  • ولاية الخرطوم تقرر تسليم المركبات التي تم جمعها من شوارع أمدرمان لأصحابها
  • هدى رؤوف.. إيران ودعم الدور الحوثي في البحر الأحمر
  • اشتعال الحرب في السودان من جديد وتصاعد القصف الجوي والمدفعي بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • إيران تُطلق سراح ثلاثة ناشطين في مجال حقوق العمال
  • فيلق القدس يؤكد عزم إيران الرد على اغتيال هنية.. هذه محددات نوعية الهجوم
  • بسبب صور كهذه.. إيران تستدعي سفير أستراليا في طهران.. لماذا؟