#الدولة_الفلسطينية بين قرارين – د. #منذر_الحوارات
قالت #محكمة_العدل_الدولية إن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني ودعت إلى إنهائه ووقف بناء المستوطنات على الفور، وأصدرت إدانة غير مسبوقة وشاملة للاحتلال، ومن جهة أخرى صوّت الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن باعتبار أن مثل هذه الدولة ستشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل ومواطنيها بحسب نص القرار، هذان نصان لقرارين متناقضين الأول تقوله منظمة أممية والثاني تصدره قوة محتلة، والسؤال أي القرارين يمكن تنفيذه؟
ليس من الصعوبة الإجابة على هذا السؤال فقد أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً سابقاً في العام 2004 يتعلق بالجدار العازل، واعتبرته ينتهك القانون الدولي ودعت إسرائيل إلى هدمه وتعويض السكان، ومنذ ذلك الوقت بقي الجدار والاحتلال ولم يعوض أحد، واصطف القرار إلى جانب عشرات القرارات الأممية التي لا تجد طريقها للتنفيذ، أما قرارات الكنيست فقد أصدرت هذه الأخيرة قرارات بضم القدس والجولان واستمرار الاحتلال وكل هذه القرارات طبقت بحذافيرها رغم أنف المجتمع الدولي وكل قراراته منذ التقسيم في العام 1947 وحتى الآن، بالتالي فمن المجازفة تعليق آمال كبيرة على القرارات الأممية ما لم تكن هناك قوة جادة قادرة على مساندتها، والقوة الوحيدة القادرة على التأثير هي الولايات المتحدة وهذه لم تتخلَ أبداً عن دعم الموقف الإسرائيلي في أي زمن، والآن ونحن على أعتاب دونالد ترامب فإن القرار الأول المتوقع هو معاقبة محكمة العدل الدولية وكذلك الجنايات الدولية.
بالتالي فإن التعويل كثيراً على مثل هذه القرارات ليس أمراً مثمراً في الوقت الحاضر، رغم أهميتها الشديدة كمرجعيّة قانونية يمكن الاستناد إليها في لحظة قوة عادلة ما يزال العالم في انتظارها، ومرد ذلك إلى أن (إسرائيل) هي مشروع محكم الصياغة يجيد استخدام الأدوات المتوفرة لديه ببراعة، فمنذ انطلاقه وبناء أول مستعمرة صهيونية في فلسطين في العام 1978م (بتاح تكفا) لم نعرف عن هذا المشروع سوى التقدم للأمام برغم المحاولات المستميتة لإيقافه، إلا أنه استمرّ في التطور إلى أن انتزع قرار إنشاء الدولة في العام 1947 بقرار دولي، ومنذ ذلك الحين استمرّ بالتقدم باستثناء بعض الانتكاسات أهمها التنازل عن سيناء والتنازل عن بعض أراضي الضفة الغربية، والتي سرعان ما تراجع عنها وبدأ بفرض إجراءات على الأرض تجعل من المستحيل تجاوزها في المستقبل، مما يثبت أنه سائر في مخطط يهدف إلى قطع الطريق على أي فرصة لتحقيق الحلم الفلسطيني.
مقالات ذات صلة الشباب إلى أين ؟ 2024/07/22وإن اعتُبر تصويت الكنيست قراراً وليس قانوناً كما هو الحال بالنسبة لقانون القدس في العام 1980 ولا قانون ضم الجولان عام 1981، إلا أنه مهم من الناحية الإستراتيجية لأنه يفضح التوجهات المستقبلية لدولة الاحتلال بالذات إن من طرح مشروع القرار ليس اليمين المتطرف بل المسمى معتدلاً، وهذا يمثل صفعة باتجاهين للمعتدلين العرب الذين راهنوا على هذا اليمين، وللمحاربين العرب الذين لم تثمر خطواتهم التصعيدية حتى الآن، وربما يحاجج البعض أن قرار وجود فلسطين من عدمه هو في عهدة المجموعة الدولية، وهذا صحيح لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا ترجمة عشرات القرارات الدولية السابقة والتي بات الغبار يعلوها برغم كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في سبيل تحقيق بعضها.
لذلك يبدو من الأجدى النظر إلى هذا القرار واستثماره بطريقة مختلفة وغير تقليدية تستمد كنهها من القواعد التي قامت عليها عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية والتي اتكأت جميعها على مبادلة الأرض بالسلام والاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، بالتالي فإن نسف هذه القاعد ينسف بالضرورة الركن الأساسي الذي قامت عليه بقية الاتفاقيات، لأن الحروب وجولات السلام العربية مع هذه الدولة لم تكن لأجل أراضي تلك الدُول بل كانت لأجل فلسطين، وعندما تسقط فلسطين من معادلة الصراع فإن ذلك يسقط كل شيء، بالتالي فإن مجرد التلويح الجماعي بأن هذه الاتفاقيات ستكون باطلة في حال استمرار هذا التوجه الإسرائيلي سيكون له تأثير كبير ليس لمصلحة الفلسطينيين بل لمصلحة تلك الدول، لأن إسرائيل تتجه لأن تكون شرطي المنطقة وبعد قليل ستهدد سيادة جميع الدول العربية وستمارس العنجهية والتغول عليها واحدة تلو الأخرى، وفي ذلك الوقت، والذي بات قريباً جداً، سنغض الطرف عن مستقبل فلسطين وسنبدأ بالتفكير بمستقبل كل دولة واستقرارها وتلك طامّة كبرى.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الدولة الفلسطينية محكمة العدل الدولية فی العام
إقرأ أيضاً:
صراع محتدم بين منطقَي المقاومة والديبلوماسية.. حزب الله: نخشى تكرار تجربة
في الأيام القليلة الماضية شهد المشهد السياسي اللبناني مبارزة محتدمة بين دعاة اعتماد خيار الضغوط الديبلوماسية سبيلا أوحد لمواجهة إسرائيل، والمتمسكين بمقولة إن المواجهة العسكرية مع هذا العدو أسلوب ثبتت نجاعته في محطات سابقة، ولا يمكن الاستغناء عنه. وكتب ابراهيم بيرم في "النهار": بدا واضحا حجم التباين بين المنطقين في الداخل اللبناني حيال مستقبل الوضع في الجنوب، وهو ما أوحى بمزيد من الاحتدام بينهما في قابل الأيام، خصوصا أن الدولة في حاجة إلى أن تنفي عن نفسها شبهة التقصير والعجز عن تحقيق ما تتعهد به، في حين أن حزب الله المعلن انكفاءه عسكريا يهمه كثيرا أن يبرر احتفاظه بسلاحه وبخيار المقاومة.وفي هذا السياق، لا ينكر الحزب بلسان أحد نوابه حسن عزالدين أنه قرر أخيرا إعلاء الصوت مطالبا الدولة بأن تفي بتعهدات أطلقتها سابقا لناحيتين: الأولى أن تبدي جدية أكبر في الرد على الاعتدءات والخروق الإسرائيلية المتمثلة بالتمدد وبالاعتداءات المتكررة التي تؤدي إلى سقوط المزيد من الشهداء، والثانية أن تقدم دلائل حسية تثبت أن نهج ضغوطها الديبلوماسية سيؤتي ثماره عما قريب.
ويضيف عزالدين لـ"النهار": "بصراحة نقول إن الدولة مقصرة حتى في هذا المجال، إذ إن آخر شكوى قدمت ضد الممارسات العدوانية الإسرائيلية تعود إلى 14 شباط الماضي، وآخر اجتماع دعيت إليه لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف النار يعود إلى ما قبل هذا التاريخ، في حين أن إسرائيل وسعت جهارا مدى النقاط الخمس التي أعلنت أنها ستحتفظ بها على طول الحدود، وكثّفت انتهاكها للقرار 1701 ولاعتداءاتها المتنوعة التي قاربت وفق الإحصاءات الأممية الآلاف". ويتابع: "يحق لنا إثارة الهواجس والمخاوف، فالجنوبيون سبق أن عانوا عدوانية إسرائيل مدى أعوام، رغم أن القرار الدولي 425 نص عام 1978 على انسحاب إسرائيل من الشريط الحدودي. ومع ذلك، أعلنا أخيرا أننا نقف وراء جهود الدولة ونؤازرها لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من جهة ووقف الخروق لسيادتنا من جهة أخرى. والمقاومة ما انطلقت أصلا منذ ذلك التاريخ وتعززت بعد عام 1982 إلا لأن الإسرائيلي ماطل في تنفيذ ذلك القرار، لذا خشيتنا هنا مشروعة أن يلقى القرار 1701 المصير عينه وتستمر معاناة شعبنا".
ورداً على سؤال، يجيب: "لسنا في وارد مطالبة الدولة بتحديد مهلة زمنية لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي، لكننا في المقابل نرفض أن يطالب البعض بنزع سلاح المقاومة وإسقاطها كخيار وكورقة قوة للبنان، والقضم الإسرائيلي المستمر للجنوب السوري دليل على أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لكي تفعل عدوانيتها، فالأمر يحصل على رغم أن سوريا الماضية والحاضرة لم تفتح الحرب على إسرائيل".