عبد الله مخلص.. مؤرخ فلسطيني بحث عن قبور الصحابة والأنبياء
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
عالم ومؤرخ ومترجم فلسطيني، وُلِد عام 1878، وتُوفي عام 1947، كتب الكثير في الصحف السياسية والمجلات الأدبية، ولشغفه بالتاريخ الإسلامي جمع مكتبة قليلة النظير في فلسطين، ومعظمها من الكتب العربية الإسلامية التي عني بها كبار المستشرقين، وقد توسّع في الدراسات الأثرية الإسلامية والمسيحية.
المولد والنشأةوُلِد عبد الله مخلص في 27 ديسمبر/كانون الأول 1878 قرب مدينة حلب شمالي سوريا، لعائلة تعود أصولها إلى مدينة الحديدة في اليمن.
والده محمد كان ضابطا في الجيش العثماني، ووالدته من أسرة حصيرجي.
هاجر والده إلى فلسطين، ونشأ الطفل عبد الله في مدينة جنين بالضفة الغربية، ثم نُقل الوالد من جديد إلى حيفا وانتقلت معه الأسرة، ولم يكن الطفل آنذاك قد تجاوز الرابعة من عمره.
الدراسة والتكوينعكف عبد الله مخلص على تحصيل العلم بنفسه، فراح يتردد على كبار العلماء في مدينة نابلس، كالشيخ حسن هاشم مفتي المدينة آنذاك، والشيخ داود هاشم عضو محكمة الاستئناف الشرعية في القدس، والشيخ عبد الله صوفان الحنبلي وغيرهم، فتردد على دروسهم ومجالسهم العلمية.
وتعلّم في هذه المجالس وغيرها من المجالس العلمية الأخرى -إلى جانب اللغة العربية– اللغتين التركية والفارسية.
عبد الله المخلص كان مسؤولا في إدارة سكك حديد الحجاز (غيتي) التجربة الأدبيةبدأ عبد الله مخلص عام 1909 كتابة المقالات في الصحف السياسية والمجلات الأدبية، كمجلة المقتبس لصاحبها محمد كرد علي، ومجلة النفائس العصرية لصاحبها خليل بيدس.
كما كتب في مجلة المجمع العلمي العربي في دمشق، ومجلة الزهراء في القاهرة، ومجلة الكشاف في بيروت.
انتُخب عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق، وشغل منصب مدير الأوقاف الإسلامية في القدس، وكان له نشاط ملموس في التنقيب والبحث.
ومن ذلك تحقيقه في مقام عمرو بن العاص في فلسطين، وما فعله من أمر تحقيق ضريح يوسف -عليه السلام- في "بلدة بلاطة" بضاحية نابلس، وتحقيقه في أمر جب يوسف -عليه السلام- أيضا.
وفي ذلك يقول في أحد مؤلفاته "فاستنتجت من هذا وذاك أن دعوى وجود جب يوسف بين طبرية وصفد وقصر يعقوب وجسر يعقوب وبيت الأحزان ومخاضة الأحزان في تلك النواحي، ومغارة يعقوب في صفد قد تداولتها الألسن بعد الحروب الصليبية، واستثمرها رجال الحرب والسياسة للمصلحة الوطنية بعد أن ألبسوها ثوبا من الدين".
ويضيف "وإذا جاز أن يكون ليعقوب بيت فيجب أن يكون في نابلس أو ما إليها، وإنك لتجد مسجدا في نابلس يُسمى الخضراء، وفيه مغارة يقال لها بيت حزن يعقوب، وكذلك فيها مسجد الأنبياء، مسجد أولاد يعقوب، ونابلس على كل حال موطن يعقوب وأقرب المدن إلى جب يوسف، الذي قررنا أنه في دوثان بالاستناد إلى نص التوراة وإلى تحقيق المحققين".
وقد كان لعبد الله مخلص نشاط في الترجمة، ويتضح ذلك في ترجمته عن التركية كتاب "سيرة الفاتح"، الذي يتحدث عن حياة السلطان محمد الثاني لكاتبه نامق كمال.
وكان له أيضا نشاط في النقد الأدبي، مكنه من تحليل الأدب على أساس طبقي، ودعاه إلى مهاجمة نظرية الفن للفن، وفكرة النقد للذوق الموهوب.
دير راهبات القلب المقدس حيث حاول عبد الله مخلص تأمين مكتبته الخاصة (الصحافة الفلسطينية) الوظائف والمسؤولياتعمل عبد الله لأول مرة موظفا في بلدية قضاء جنين عام 1893، ثم أصبح أمينا لصندوق البلدية عام 1896، ثم عُين كاتبا في فرع المصرف الزراعي بلواء نابلس.
وبعد عامين ترأس أمانة الصندوق في المصرف، ومن بعدها أصبح مدير محاسبة الفرع المذكور في جنين، ثم انتقل إلى قضاء صور عام 1906، واستقال من عمله في المصرف الزراعي عام 1907، وعُيّن في فرع الاستثمار التابع لإدارة سكة حديد الحجاز في حيفا.
أُقيل عبد الله مخلص من منصبه في إدارة سكة حديد الحجاز في 13 آذار/ مارس 1914، بعد أن نشب خلاف بينه وبين المدير العام الألماني لهذه الدائرة، الذي كان يدعى "ديكمن".
ويعود أصل الخلاف إلى رغبة المسؤول الألماني في أن يأتي بجميع لوازم السكة الحديدية من المعامل الألمانية فقط، بينما كان عبد الله يصرّ على ضرورة اللجوء إلى طرق المناقصة لشراء هذه اللوازم.
بعد عامين ترأس الفرع فعمل على تأليف جمعية تدافع عن مصالح العاملين باسم "جمعية تعاون موظفي سكة الحديد"، ولكنها لم تستمر، وعمل أيضا في التجارة بسوق حيفا.
ثم عُين مديرا للأوقاف الإسلامية بمدينة القدس عام 1938، كما انتُخب عضوا في المجمع العلمي العربي، ونشر في مجلته عدة أبحاث تاريخية عام 1927.
في أوائل سنة 1938 عُيّن عبد الله مخلص مديرا للأوقاف العامة الإسلامية في فلسطين، وظل في منصبه هذا حتى مايو/أيار 1944 حين فُرضت عليه الاستقالة.
مكتبته في حي الشيخ جراحبعد إقالته من إدارة الأوقاف الإسلامية، انصرف عبد الله مخلص بشكل كامل إلى التأليف والكتابة، وإلى تقديم الدروس والأحاديث في الإذاعة الفلسطينية.
كما انكب على جمع ما أمكنه من المخطوطات والمطبوعات النفيسة، حتى غدت مكتبته الخاصة في منزله في حي الشيخ جراح مكتبة قليلة النظير في فلسطين.
وكان منزله يحفل بالعلماء الذين كانت تدور بينهم مناقشات علمية غنية لم ينقطع عن المشاركة فيها، على الرغم من مرضه، حتى في السنة الأخيرة من حياته.
عندما اضطرب حبل الأمن في مدينة القدس بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم في نوفمبر/تشرين الثاني 1947، خشي عبد الله مخلص على مكتبته الثمينة، وكان بيته في حي الشيخ جراح مجاورا لحي مئا شيعاريم اليهودي.
أصبح التفكير بإنقاذ مكتبته شغله الشاغل، وقرر نقلها إلى دير راهبات القلب المقدس، مقابل المستشفى الفرنسي في القدس، لكن القوات الصهيونية قصفت فيما بعد الدير فانهار، وظلت مكتبته تحت الأنقاض.
كان عبد الله مخلص مؤرخا وعالم تراث في المقام الأول، ومفكرا عقلانيا يرفض الخرافات، وتميّزت كتاباته بالموضوعية، وكان جريئا في الدفاع عن رأيه حتى لو خالف الأفكار السائدة. كما كان ديمقراطيا محبا للحرية، مناهضا للاستبداد والإقطاع والطائفية، ونصيرا للمرأة ولنيلها حقوقها الإنسانية.
كتاب مئذنة الجامع الأبيض في الرملة من مؤلفات عبد الله المخلص (الجزيرة) مؤلفاتهكتب:
تاريخ المسجد الأقصى، صيدا: مطبعة مجلة العرفان، 1947. جب يوسف الصديق وقبره الشريف، القاهرة: المطبعة السلفية، 1927. جمهرة مقالات وبحوث مؤرخ القدس العلامة المؤرخ الأديب الآثاري عبد الله مخلص، تجميع محمد خالد كلّاب (3 مجلدات)، الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 2019. صاحب مختار الصحاح، بولاق: المطبعة الأميرية، 1919. مئذنة الجامع الأبيض في الرملة، بيروت: المطبعة الأدبية، 1923.تحقيقات:
ابن جابر الأندلسي، "بديعية العميان، المسماة الحلة السيرى في مدح خير الورى". القاهرة: المطبعة السلفية، 1347 هـ. ابن منجب الصيرفي، "الإشارة إلى من نال الوزارة"، القاهرة: المعهد العلمي الفرنسي، 1924م. خليل بن أيبك الصفدي، "التذكرة الصلاحية"، دمشق: "مجلة المجمع العلمي العربي" في دمشق، 1935م.ترجمات:
نامق كمال، "سيرة الفاتح"، حيفا 1910م. نامق كمال، "فاتحة الفتوحات العثمانية"، حيفا 1910م. وفاتهأصيب عبد الله مخلص في نيسان/أبريل 1947 بمرض خبيث في غدة البروستات، فأجريت له عملية جراحية غير ناجحة في المستشفى الفرنسي، وظل يعاني الآلام 8 أشهر إلى أن تُوفي في 16 ديسمبر/كانون الأول عام 1947.
ودُفن في مقبرة الساهرة قبالة سور القدس والبلدة القديمة، ونُقش على قبره "هنا يرقد بسلام فقيد العلم والوطن العلامة المؤرخ عبد الله مخلص، المدير العام للأوقاف الإسلامية في فلسطين برّد الله مثواه وجعل الجنة مأواه".
وقد نعته عدد من الصحف والمجلات في فلسطين والعالم العربي، ووصفه الأديب إسعاف النشاشيبي بقوله "الجاحظ أعجوبة البيان، وعبد الله مخلص أعجوبة الزمان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعتقل فلسطينيًا شرق طوباس مساء اليوم
استمرارًا لجرائم الاحتلال الصهيوني المتواصلة على قطاع غزة، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، شاباً واحتجزت آخر، أثناء مرورهما عبر حاجز تياسير شرق طوباس.
مسعفون في غزة يكافحون لإنقاذ المرضى بعد أمر الاحتلال بإخلاء مستشفى كمال عدوان ارتفاع عدد الشهداء إلى 37 بغارات الاحتلال على قطاع غزة
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية"وفا"، فقد أفاد مدير نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة، بأن الاحتلال اعتقل الشاب قصي طلعت صوافطة، واحتجز الشاب سند عماد صوافطة وكلاهما من طوباس، ونكل بالأخير واستولى على هاتفه المحمول وفتشه، أثناء مرورهما عبر حاجز تياسير العسكري شرق طوباس.
وعلى صعيد آخر، استشهد مواطن وأصيب آخرون، مساء اليوم الأحد، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي خيمة تأوي نازحين في منطقة مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وفي سياق متصل، تعيش مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة وضعًا كارثيًا، حيث تتكدس الجثث في الممرات منذ الأمس دون القدرة على دفنها بسبب القصف المستمر.
وأكد شهود عيان أن العشرات من المرضى والطواقم الطبية عالقون داخل المستشفى، محرومون من أبسط مقومات الحياة، مع نفاد الطعام والمياه وانقطاع الكهرباء.
وأفادت مصادر طبية بأن قوات الاحتلال واصلت قصف المستشفى بشكل مكثف بالقنابل وقذائف المدفعية، واستهدفت أقسام النساء والولادة والأطفال حديثي الولادة برصاص القناصة، مما أدى إلى أضرار جسيمة في المبنى وقطع الاتصال مع الطواقم الطبية داخله.
وكان استشهد ثلاثة مواطنين وأصيب آخرون، مساء اليوم، جراء استهداف محيط المستشفى، في ظل استمرار المناشدات العاجلة لإنقاذ حياة المرضى والجرحى وسط صمت دولي تجاه الجرائم المتصاعدة.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث أسفرت الغارات عن استشهاد أكثر من 45,259 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 107,627 آخرين، في حصيلة غير نهائية. ولا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض وفي الشوارع، بينما تُمنع طواقم الإنقاذ من الوصول إليهم بسبب كثافة النيران الإسرائيلية.