شبكة اخبار العراق:
2025-02-03@08:59:41 GMT

لكي لا ننسى ونحن ننسى

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

لكي لا ننسى ونحن ننسى

آخر تحديث: 23 يوليوز 2024 - 9:31 صبقلم:فاروق يوسف كان العرب يخشون النسيان لذلك رفعوا شعار “لكي لا ننسى”. ولكن ذلك الشعار كان أشبه بـ”وذكّر إن نفعت الذكرى”. كانوا يتذكرون من أجل ألاّ تغيب فلسطين وهو حق مشروع. هل تكفي الذكرى لكي يكون المرء حيا؟واقعيا نسيت الشعوب العربية أن الأهوال التي عاشتها على مستوى انسداد الأفق السياسي هي التي أدت إلى انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية وهو ما عطل إمكانية الاتصال بالعالم الخارجي بحيث تحولت الدول العربية إلى جزر تقع خارج العصر.

قبل أن يُحتل كان العراق غائبا ومغيبا عن الخارطة السياسية. كانت سوريا منفية في عزلة وجد فيها الأسد ملاذا مترفا له قبل أن تقوم الحرب الأهلية. صار لبنان بمرور الزمن أصغر من حجمه الجغرافي ومحيت حريته المغناج. أما ليبيا فقد ظن عقيدها أن دفع تعويضات لوكربي هو قارب نجاته وستظل البلاد التي يحكمها نائمة تحت عباءته. غُدرت مصر بكثرة أهلها قبل أن يغدر بها عجز العالم عن مد يد العون لها. ظل السودان ينتقل من حرب عبثية إلى أخرى أكثر عبثا وسلة الغذاء مثقوبة. عبر سنوات كل ذلك الخراب واللهو الكئيب لم ينس اليمنيون والعراقيون والسوريون واللبنانيون، وسواهم من العرب حريصون على عدم نسيان فلسطين. ولكن ما كانوا يفعلونه هو أشبه بلعبة الكلمات المتقاطعة.لا فائدة إذاً من عدم نسيان فلسطين والفشل يحيط بالمحاولة من كل جانب. في كل مرة يخطئ اللاعب فيها في وضع الكلمة المناسبة في مكانها تنتهي اللعبة بالخسارة. نتذكر مذبحة دير ياسين في ما تشق “صور من المعركة” العقول قبل العيون بجثث القتلى المنسيين في حرب ثمانينات العراق. في مدرسة بحر البقر قتل الطيران الإسرائيلي أطفالا مصريين في ما تمتلئ الشوارع العربية بالأطفال المشردين الذين ستكون الجريمة مستقبلهم بعد أن تسربوا من المدارس التي هي غبر موجودة أصلا. نفزع إذ نرى صور آرييل شارون وهو يتبختر بين شوارع بيروت في الوقت الذي كان فلسطينيو صبرا وشاتيلا فيه يُذبحون بسكاكين عربية. لا أحد يتذكر أهل دارفور في ما صار عمر البشير جزءا من الماضي الذي طُويت صفحته. كم طوينا من الصفحات خلال العقود الماضية ونحن أمة مصابة بداء التلفت والنظر إلى الوراء. خطوة إلى الخلف وأخرى إلى الخلف أيضا. سيضحك الباندا الصيني والحمار الأميركي والكنغر الأسترالي والدب الصيني كما لو أننا نستعيد رواية جورج أورويل “مزرعة الحيوانات”.وصلتني قبل أيام دعوة للتوقيع على بيان يعبّر الموقعون فيه وكلهم عرب والبعض منهم فلسطينيون عن وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني وتأييدهم لحقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية في فلسطين. شعرت بالإهانة، بل بالخزي. لقد نسي كتبة البيان المناضلون أنّني عربي وأن قضية فلسطين هي قضيتي وأن الحق في بناء دولة فلسطين هو حقي. لم يكن شعار “لكي لا ننسى” نافعا إذن. لولا أننا ننسى لما حدث لنا كل ما حدث عبر أكثر من سبعين سنة وهي عمر إسرائيل. منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي أُعلن فيه عن قيام دولة إسرائيل ولا شيء في العالم العربي يتقدم إلى الأمام. كنا دائما على استعداد للارتداد على أنفسنا. العودة إلى الوراء كانت ممكنة دائما. لا نفعت الملكيات ولا الجمهوريات ولا مجالس النواب المنتخبة ولا الانفتاح على الأسواق العالمية ولا بورصات الأسهم ولا الاشتراكية ولا عبادة الفرد ولا إسقاط تمثاله ولا الشعر والمسرح الحديثان ولا الأناشيد الوطنية التي لم تقلق الجيران في إيقاف إصرارنا على التراجع. حتى مثقفونا يصرون على استغفالنا حين يزايدون على قلوبنا ويسرقون عقولنا. أهو سباق على غسل العقول بعد أن صار غسيل الأموال السوداء مهنة رائجة؟يخشى المثقف العربي لو أنه لم يوقّع على البيان المذكور أن يُتهم بالتخاذل والتطبيع أي بالخيانة. لعبة ماكرة. ولكنها لا تنطوي على ذكاء. ذلك لأن المهمة الحقيقية للمثقف لا تكمن في ارتجال مواقف آنية يفرضها الظرف السياسي المتغير. المثقف هو ابن ثوابته في الحرية والحق والكرامة الإنسانية في كل زمان ومكان.ما الذي يفكر فيه الآخرون البعيدون الذين يقفون مع الحق الفلسطيني حين يجدون أنني صرت مثلهم أوقع بيانات من أجل نصرة قضيتي؟رفضت أن أكون ذلك المجنون. ولكنني في الوقت نفسه أدعو إلى رفض تلك البيانات التي يؤكد موقعوها أننا أمة تنسى.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

مصطفى بيومي.. رحل راهب الأدب الذي طالما أهتم بـ"ملح الأرض"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قبل قليل، رحل عن عالمنا الكاتب والناقد والمثقف والصحفي مصطفى بيومي، لكنه ترك سيرته كواحد من أهم مؤرخي الأدب المصري في نصف القرن الأخير، عبر تفرده بنظرة شاملة، كان يتلمس بها تاريخ النقد، ويتتبع تاريخ الأدب، ويفحص أيام الأدباء وسيرهم، بداية من الكبار، نجيب محفوظ، ويحي حقي، وبهاء طاهر، وعلاء الديب، وصنع الله إبراهيم، وفتحي غانم؛ وحتى غيرهم من مختلف الأجيال، بما فيها أبناء أيامنا هذه، ومنهم كاتب هذه السطور.
في رحلته، شرّح بيومي، ابن محافظة المنيا، الذي جاء إلى القاهرة ليدرس الإعلام ويتخرج من الجامعة في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، كل ما وقعت عليه عيناه من قصص وروايات، وضع معاجم للشخصيات التي حفلت أعمال الكبار، وكتب عن كثيرين غيرهم، مقالات ودراسات وكتبًا، وشارك في نقاشات عدة، ليس هؤلاء فقط، بل طالما اهتم بالموهوبين الذين لم يكونوا في أي يوم من نجوم الشباك، في الأدب أو الفن، فهناك الكثير من الشخصيات السينمائية البديعة الذين كتب عنهم بمحبة وإخلاص، بجوار كل هذا، أبدع العديد من الأعمال الروائية والقصصية.
يزيدك في هذا أن الرجل "لم يقتصر على نقد وتسجيل وحصر وتفكيك وبعثرة وترتيب وتنظيم وهندسة كثير من إنتاج أعلام الأدب وقضاياهم، إنما نفذ من هذا كله إلى نقد نصوصهم، وهو فى هذا متميز، من زاوية ربط النص بسياقه، وأخذه إلى آفاق أرحب في التفسير والتأويل" كما قال عنه الكاتب عمار علي حسن في مقاله "رجل أضناه التعبد في محراب الأدب".
يرد بيومى على المقولة الشائعة بأن «المُحِب لا يصلح ناقداً» فى مقدمة دراسته عن علاء الديب بأن «المحب الجيد لابد وأن يكون ناقدا جيدا»، وأن الناقد يجب أن يكون محبا حتى لو كان مختلفا، علاقة الحب هى بين القارئ والنص نفسه وليس الكاتب، «فأنا يُمكن أن أحب كاتبا من خلال نصوصه دون أن نلتقى، كما أحببت نصوص المتنبى وبابلو نيرودا وتشيخوف وغيرهم دون أن تكون لى علاقة بالكاتب نفسه، وصبرى موسى أنا لا أعرفه، ولكن أتمنى أن يكون مشروعي القادم عنه، فهو كاتب عظيم»، مُعرباً عن رغبته فى إعادة تقديم كُتّاب عِظام إلى القارئ مثل عبد الحكيم قاسم ومحمود دياب «فهؤلاء كُتّاب عظام أثروا الأدب المصرى، ولكنهم لم يبرعوا في العلاقات العامة، كما قال قبل بضع سنوات في حوار لـ "البوابة نيوز".
عشق بيومي نجيب محفوظ ونصّبه شيخا وأستاذا، وتناول ما كتبه بدقة، ليصير صاحب أكبر عدد من المؤلفات عن أديب نوبل وعالمه الحافل بالشخصيات والأحداث واللقاءات، ضمت أكثر من - 18 كتابًا صدرت منذ عام 1989 إلى اليوم.
وقال عنه: «فى رأيى أن الكتابة عن رجل أحبه مثل نجيب محفوظ كأننى أكتب رواية بقلمى، فأنا من أهوى ومن أهوى أنا»، مؤكداً أن للكتابة الإبداعية وقتا والنقدية وقت، ولغيرهما من صنوف الإبداع وقت، وأن النقد فى حد ذاته إبداع «وأن تنزل إلى النص فى حد ذاته متعة، بدون قواعد مسبقة، فأنت تتعمق فى النص وتبارزه وتستمتع به، لأن النص هو صانع قوانينه النقدية»؛ وأشار إلى أنه يرى أن نجيب محفوظ بعالمه الروائى قام بوصف مصر كما فعل علماء الحملة الفرنسية «وأتحدى أى أحد عن أى حادثة فى القرن العشرين لم يتطرق إليها نجيب محفوظ بعمق»، وأن أديب نوبل قد تحدث فى كل المجالات، وكانت كتاباته ضد أى محاولة لمحو تاريخ هذه الأمة دون أن يتخذ قراراً بهذا، كما فعل سيد درويش بألحانه وأغانيه ومحمود سعيد بلوحاته فهى «جينات» بداخل المرء تجعله يتمسك بالهوية، ولو تعمد أحد أن يفعل هذا فلن يكون بالشكل الحقيقى وسيبدو مفتعلاً.

وعن يحيى حقي، قال إن القصة القصيرة كانت حبه الأول، وأنه توهج في تجربته الروائية الوحيدة الفريدة: "صح النوم"، وقال: "يكتب عن السينما مثل ناقد محترف، ومعالجاته التاريخية عميقة طازجة مبتكرة تفوق الأكاديمي المتمرس. 

ولعه بالشعر ينم عن ذائقة خبير، واستيعابه للموسيقى يناطح الأفذاذ من المتخصصين، وكذلك الأمر في المسرح والأوبرا والعمارة والفن التشكيلي، أما رؤاه الاجتماعية في عشرات القضايا فتبرهن على أنه الصديق الصدوق للفقراء، وتكشف عن شخصية عالم قادر على التبسيط العميق لما يتصدى له: من أطفال الشوارع وشيوع الأمية وإدمان اليانصيب، إلى جرائم الشرف والثأر، مرورا بلعنة الروتين الحكومي والسمات المصاحبة للتحول الاجتماعي في الحقبة الناصرية".
وأضاف بيومي عن يحيى حقي: "كتاباته الإبداعية الخالصة لا تمثل إلا ما دون الربع من جملة إنتاجه، ولو أنه تفرغ للإبداع وحده دون المقالات الصحفية لأنجز مشروعا هائلا غير مسبوق، لكنه يأبى إلا الاشتباك بشكل مباشر مع تحديات الواقع ومعطياته".
في "معجم شخصيات بهاء طاهر" قد بيومي دراسة تحليلية للعالم الروائي للكاتب الكبير، عبر ثلاثمائة شخصية، تضمنتها ستة روايات وخمس مجموعات قصصية، هي ما أنتجته قريحته في الفترة بين عامي 1972 و2009.
يصف بيومي في معجمه -الذي تخطت صفحاته الستمائة- أدب طاهر بأنه "تجربة إبداعية بالغة العمق والنضج والصدق، ولغته أقرب إلى عصير الشعر. رؤيته الإنسانية هادئة تخلو من الضجيج والافتعال"، مُشيرًا إلى أنه انتصر للناس العاديين البسطاء "الذين يتعذبون ويكابدون في صمت ينجون به من داء الابتذال"؛ وقدّم في دراسته قراءة تحليلية موضوعية للشخصيات الثلاثمائة، ليقوم بإعادة إنتاج لعالم الكاتب الكبير؛ واستعاض عن عدم وجود أسماء لبعض الشخصيات بالحديث عن سماتها الأبرز لتعريفها، مثلما أشار إلى الراوي في ثلاث روايات وعشر قصص، وهو ما قام به أيضًا في تحليله للآباء والأمهات وذوي القربى، كما قام بتعريف شخصيات أخرى عبر أدوات تغنيهم عن الاسم مثل اللقب الشائع والمهنة.
قدّم المعجم كذلك -والذي قام بترتيبه أبجديًا- عبر تحليله للعالم الروائي القضايا الرئيسية التي انشغل بها الروائي الكبير، مثل الموقف من السلطة، القضية الفلسطينية، العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، الصراع بين الشرق والغرب، التصوف والدين الشعبي، خصوصية الصحراء، إضافة إلى البيئة الصعيدية ومكوناتها، ى والتي برزت ملامحها في روايته الأشهر "خالتي صفية والدير"، كذلك تناول القضايا الإنسانية الذاتية التي يجد القارئ جانبًا من نفسه فيها، مثل الزمن، الموت، الوحدة والغربة؛ ليجد القارئ "ما قد يُعينه على الاقتراب والتواصل، قبل وأثناء وبعد عملية القراءة"، كما ذكر بيومي في مقدمته القصيرة.
وفي "عباقرة الظل"، مارس بيومي نوعا من الكتابة يجمع بين الأدب والصحافة، مذيبا الحدود بين الاثنين حتى تكاد تتلاشى، يحكي عن بشر ذوي مواهب فائقة، لكن انتهت حياتهم إلى الانزواء ثم التجاهل، فلم ينل ما تستحق من اهتمام وتكريم. لم يهتم كثيرا بسيرة حياة الشخصية التي يتناولها، بل ركز في كلماته على أدوارها السينمائية، ويرسم بورتريهات للشخصيات من خلال أدوار قامت بها، فيصنع قصة أصلية استوحى أحداثها وشخصياتها من أفلام برع فيها هؤلاء الذين حكى عنهم في كتابه، في محاولة للتدليل على استحقاقهم لوصفه لهم بالعباقرة.
وعندما قام بـ "النبش في الذاكرة، قدّم لنا "سيرة شبه ذاتية" حول تسعين شخصية حسب الترتيب الأبجدي -وهي عادة لديه- وحكى عنهم راسما صورة بانورامية نابضة بالفن والكتابة والسياسة والمسرح والرواية. وكما أنه لا يقدم سيرة ذاتية بالمعنى المألوف -تبدأ من مرحلة الطفولة ثم الشباب فالكهولة وحتى الشيخوخة- لم يقدم شخصياته بذواتهم من مولد وحياة، بقدر ما تتعلق بمنجزاتهم وأعمالهم، وبصماتهم في الحياة ويضيئها، حسب فلسفته الخاصة، هكذاـ أفسح الطريق ليقدم ذوات أخرى يتعاطى ويشتبك مع منجزاتهم ويضعهم تحت منظاره الخاص، ومراياه الناقدة النافذة.

الآن، رحل بيومي، الذي كان يبشّر أحباءه برحيله عبر أحاديث الروائي المتقاعد إلى شيخه، أما الآن، فهو كما يقول أستاذه عندما اختتم حكاية الحرافيش "فغاصَت قبضتُه في أمواج الظلام الجليل، وانتفض ناهضًا ثمِلًا بالإلهام والقدرة، فقال له قلبُه لا تجزعْ فقد ينفتح البابُ ذاتَ يومٍ تحيةً لمَن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطُموح الملائكة".

مقالات مشابهة

  • الصمّاد.. الوجع الذي لا يُضاهَى
  • ما الذي تفعله الرياض لضرب المنتجات الزراعية اليمنية ..! 
  • مصطفى بيومي.. رحل راهب الأدب الذي طالما أهتم بـ"ملح الأرض"
  • DeepSeek التطبيق الصيني الذي أرعب وادي السيليكون
  • بالوثيقة.. نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب
  • تصريحات نارية من نجوم مانشستر سيتي عن قرعة دوري أبطال أوروبا.. سننتصر على ريال مدريد
  • صادي: “لا يجب أن ننسى أننا غادرنا الدور الأول لـ “الكان” في مناسبتين متتاليتين”
  • قيادي في حركة فتح: لم ولن ننسى ما فعله الشعب المصري والرئيس السيسي لمنع تهجير الفلسطينيين «فيديو»
  • هذه هويّة الشخص الذي عُثِرَ على جثته يوم أمس داخل مجرى نهر أبو علي
  • رئيس نادي أحد السعودي: كرهت الكرة بسبب انتقال ميشالاك للزمالك