توصلت دراسة إلى أن الأطفال الذين تم إعطاؤهم "اللهايات الرقمية" لتهدئة نوبات الغضب يفشلون في تعلم كيفية تنظيم العواطف.
وجد الباحثون أنه عندما يتم إعطاء الأطفال أجهزة رقمية لتهدئة نوبات الغضب، فإنهم لا يتعلمون كيفية تنظيم عواطفهم، مما قد يؤدي إلى مشاكل حادة في وقت لاحق من الحياة.
وأجرى الدراسة باحثون بقيادة الدكتورة فيرونيكا كونوك من جامعة أوتفوش لوراند في المجر، ونشرت في مجلة الحدود في الطب النفسي للأطفال والمراهقين (Frontiers in Child and Adolescent Psychiatry)، وكتب عنها موقع يوريك ألرت.
وتعد نوبات الغضب جزءا من النمو. ومع ذلك، فإن كيفية إدارة نوبات الغضب أو الإحباط هذه يمكن أن تؤثر على النمو العاطفي للأطفال.
وقام الباحثون بالتحقيق في كيفية تأثير إعطاء الأطفال الأجهزة الرقمية باعتبارها "اللهايات الرقمية" لتجنب نوبات الغضب أو إدارتها على مهارات إدارة الغضب لدى الأطفال لاحقا.
ووجدوا أن الأطفال الذين تم إعطاؤهم أجهزة رقمية بشكل روتيني عندما أصيبوا بنوبة غضب، واجهوا صعوبات كبرى في تنظيم عواطفهم.
وشدد الباحثون أيضا على أهمية السماح للأطفال بتجربة المشاعر السلبية والدور الحاسم الذي يلعبه الآباء في هذه العملية.
التنظيم الذاتيويتعلم الأطفال الكثير عن التنظيم الذاتي -أي الاستجابات العاطفية والعقلية والسلوكية لمواقف معينة- خلال السنوات القليلة الأولى من حياتهم.
تتعلق بعض هذه السلوكيات بقدرة الأطفال على اختيار الاستجابة المتعمدة بدلا من الاستجابة التلقائية. وهذا ما يعرف بالسيطرة المجهدة، والتي يتم تعلمها من البيئة، أولا وقبل كل شيء من خلال علاقة الأطفال بوالديهم.
في السنوات الأخيرة، أصبح إعطاء الأطفال أجهزة رقمية للتحكم في استجاباتهم للمشاعر، خاصة إذا كانت سلبية، أمرا شائعا.
والآن، قام فريق من الباحثين في المجر وكندا بالتحقيق فيما إذا كانت هذه الإستراتيجية، التي يشار إليها باسم تنظيم المشاعر الرقمية الأبوية، تؤدي إلى عدم قدرة الأطفال على تنظيم عواطفهم بشكل فعال في وقت لاحق من الحياة.
وقالت الدكتورة فيرونيكا كونوك، "هنا نظهر أنه إذا قدم الآباء بانتظام جهازا رقميا لأطفالهم لتهدئتهم أو إيقاف نوبة الغضب، فلن يتعلم الطفل تنظيم عواطفه".
وأضافت "وهذا يؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة في تنظيم العواطف، وعلى وجه التحديد، مشاكل إدارة الغضب، في وقت لاحق من الحياة."
صرف انتباه الطفلوقالت الباحثة البروفيسورة كارولين فيتزباتريك "كثيرا ما نرى أن الآباء يستخدمون الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية لصرف انتباه الطفل عندما يكون الطفل منزعجا".
وشملت الدراسة أكثر من 300 من آباء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و5 سنوات، وقاموا بملء استبيان لتقييم استخدام الطفل والوالد الوسائل الإلكترونية.
ووجد الباحثون أنه عندما استخدم الآباء تنظيم المشاعر الرقمية في كثير من الأحيان، أظهر الأطفال مهارات أقل في إدارة الغضب والإحباط بعد عام.
كما أظهر الأطفال الذين تم إعطاؤهم الأجهزة في كثير من الأحيان أثناء تعرضهم لمشاعر سلبية تحكما أقل.
علاج نوبات الغضبوأشارت كونوك إلى أنه "يجب أن يتعلم الأطفال كيفية إدارة مشاعرهم السلبية بأنفسهم. إنهم بحاجة إلى مساعدة والديهم خلال عملية التعلم هذه، وليس مساعدة الأجهزة الرقمية".
ووجد الباحثون أيضا أن ضعف مهارات إدارة الغضب الأساسية يعني أن الأطفال حصلوا على أجهزة رقمية في كثير من الأحيان كأداة لإدارة الغضب.
وقالت كونوك: "ليس من المستغرب أن يقوم الآباء بتطبيق تنظيم المشاعر الرقمية بشكل متكرر إذا كان طفلهم يعاني من مشاكل في تنظيم المشاعر".
ولكنها تؤكد أن النتائج لديهم "تسلط الضوء على أن هذه الإستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى تصعيد مشكلة موجودة مسبقا".
وأشار الباحثون إلى أنه من المهم عدم تجنب المواقف التي قد تكون محبطة للطفل. بدلا من ذلك، فمن المستحسن أن يقوم الآباء بتدريب أطفالهم على المواقف الصعبة، ومساعدتهم على التعرف على مشاعرهم، وتعليمهم كيفية التعامل معها.
وقال الباحثون إنه لتزويد آباء الأطفال الذين يعانون من مشاكل إدارة الغضب لتحقيق النجاح، من المهم أن يتلقوا الدعم.
على سبيل المثال، يمكن للمتخصصين في مجال الصحة الذين يعملون مع العائلات تقديم معلومات حول كيف يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على إدارة عواطفهم دون إعطائهم أجهزة لوحية أو هواتف ذكية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تنظیم المشاعر الأطفال الذین إدارة الغضب نوبات الغضب
إقرأ أيضاً:
علماء يكتشفون كيفية وقوع الدماغ في الوهم
يعد "الثقب المتوسع" وهم بصري شهير تظهر فيه بقعة سوداء وكأنها تتوسع، إلا أنها ليست إلا رسمة ثابتة تماما.
وتعد الأوهام البصرية صورا أو مشاهد تخدع أعيننا وتجعلنا نرى أشياء غير موجودة أو نشعر بالحركة في صور ثابتة. وتحدث هذه الظاهرة لأن الدماغ لا يعالج المعلومات البصرية كما هي، بل يفسرها بناءً على التوقعات والتجارب السابقة.
وتعتمد الأوهام البصرية على تأثيرات بصرية وحسية تجعل الدماغ يخطئ في تفسير ما يراه، وتحدث عادة بسبب التباين في الألوان، أو الظلال أو الأشكال الهندسية.
ومؤخرا، طور العلماء في جامعة فلندرز الأسترالية نموذجًا حسابيًا يشرح سبب رؤيتنا لوهم الحركة في الصور الثابتة، وخاصة وهم الثقب المتوسع، حيث يكشف هذا النموذج عن الكيفية التي تعالج أعيننا ودماغنا بها التباين بين الألوان لاختلاق وهم الحركة، وكيف يمكن لهذه المعرفة تحسين الذكاء الاصطناعي والتصوير الطبي وأنظمة الأمان.
وتوصل الباحثون إلى أن هذا الوهم يحدث بسبب كيفية عمل شبكية العين والقشرة المخية معًا، ويبدأ الأمر من العصبونات الشبكية، وهي خلايا عصبية موجودة في شبكية العين، وظيفتها نقل المعلومات البصرية من العين إلى الدماغ عبر العصب البصري. وتعمل هذه الخلايا مرشحات ذكية، حيث تلتقط التباين والحركة والألوان ثم ترسل الإشارات إلى الدماغ ليترجمها إلى صورة مفهومة.
لكن عند النظر إلى صورة عالية التباين مثل وهم الثقب المتوسع، وجد الباحثون أن هذه الخلايا تخطئ في إدراك التباين وتقدمه على أنه نوع من الحركة، وترسل إشارة إلى الدماغ بذلك.
إعلانأما القشرة المخية، فهدفها تفسير المعلومات المرئية وإضافة المعنى لها، بمعنى أنك لا تدرك أنك ترى صديقك إلا بعد أن تقوم القشرة المخية بتفسير الصورة وإعطائها معنى يقول إن هذا هو صديقك، وفي بعض الحالات الطبية التي تصاب خلالها مناطق محددة بالقشرة المخية، فإن المرضى يرون الأشياء بوضوح تام ولا توجد أي مشكلة في عيونهم، لكنهم لا يفهمون ما يرون.
ولأن إشارات التباين والحركة التي أصدرت من شبكية العين كانت مغلوطة بسبب شدة التباين، فإن القشرة المخية تفسر ما تره بناء على هذه البيانات، مما يجعلنا ندرك ثقبًا متوسعًا بدلاً من صورة ثابتة.
آمال مستقبليةوقد قام الباحثون بدراسة هذا التفاعل بين شبكة العين والقشرة المخية في صورة إحصائية، وسط آمال بأن يساعد هذا النموذج في فهم كيفية عمل الرؤية البشرية.
وفي نفس الوقت، يمكن أن تساعد تلك النتائج في تحسين أنظمة الرؤية الاصطناعية، وبشكل خاص يمكن أن يساعد النموذج الذي طوره الباحثون الذكاء الاصطناعي على اكتشاف الحواف والقوام والحركة، مما يجعله يعالج الصور بشكل أشبه بالبشر.
ويعتقد الباحثون أن هذا النموذج يمكن كذلك أن يكون مفيدا في معالجة الصور الطبية، حيث يمكن استخدامه لتحسين وضوح التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب وفحوصات الأشعة السينية من خلال محاكاة اكتشاف الحافة في النظام البصري البشري.
وإلى جانب ذلك، يمكن لهذا النموذج تحسين أجهزة التعويض البصري للمكفوفين، حيث يتم زرع شريحة إلكترونية في شبكية العين أو العصب البصري مع وجود كاميرا صغيرة مثبتة في نظارات ذكية تلتقط الصور، ثم تقوم الشريحة بتحويل الصور إلى إشارات كهربائية يفسرها الدماغ كصور مرئية.