كتبت بولا اسطيح في" الشرق الاوسط": لم تنجح قيادة «التيار الوطني الحر» حتى الساعة بإقناع الحزب «التقدمي الاشتراكي» وتكتل «الاعتدال الوطني» بتشكيل قوة وسطية ضاغطة في الملف الرئاسي. إذ يعتقد رئيس «التيار» النائب جبران باسيل أن توحيد مبادرات وجهود الأطراف الثلاثة كفيل بتغيير الواقع الرئاسي الحالي، الذي يدور في حلقة مفرغة، خاصة مع اصطدام آخر المبادرات التي وضعت على الطاولة، وهي مبادرة لقوى المعارضة، بحائط مسدود نتيجة رفض «الثنائي الشيعي» التجاوب معها.



ويقول مصدر نيابي في «الوطني الحر» إن «فكرة تشكيل قوة وسطية ضاغطة في الملف الرئاسي ولدت نتيجة وصول كل المبادرات التي تم التداول بها في الأشهر الماضية إلى نقطة معينة لم تعد تستطيع أن تتقدم بعدها، من هنا اعتبرنا أن اجتماعنا وتوحيد جهودنا ككتل تقف بالوسط بين الفريقين المتصارعين كفيلان بتغيير الواقع الراهن»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التقدمي» و«الاعتدال» منفتحان على لقاءات ثنائية لا ثلاثية، ولم يتجاوبا حتى الساعة مع فكرة خلق قوة ضغط أو تحالف بالملف الرئاسي.
ويؤكد النائب في تكتل «اللقاء الديمقراطي» الدكتور بلال عبد الله أن «التكتل يتمنى تكامل وتآلف كل المساعي التي من شأنها أن تؤدي لانتخاب رئيس»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المبادرات المطروحة تتقاطع أحياناً وتتمايز أحياناً أخرى، لكن الأهم يبقى بتكريس مبدأ التشاور للوصول إلى نتيجة»، مضيفاً: «وإذا كان التشاور في مجلس النواب من الطبيعي أن يترأسه رئيس مجلس النواب». ويضيف عبد الله: «المطلوب التقارب بيننا ككتل سياسية في ظل الاستعصاء الإقليمي والدولي والحرب المتواصلة في المنطقة وابتعاد الخارج عن لبنان الذي لم يعد يندرج بإطار الأولويات».
من جهته، يشير عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير إلى أنه «ليس هناك نقاش لتوحيد الجهود في الملف الرئاسي مع (التيار الوطني الحر) و(الحزب التقدمي الاشتراكي)، إنما هناك نقاشات مستمرة للتكامل بين المبادرات على تنوعها، وإيجاد تقاطعات مشتركة يمكن البناء عليها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، إذا ما تضافرت الجهود، وتوافرت النوايا لذلك».
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الضباب الأمريكي... والسنة الإيرانية

يعرف الدبلوماسي واشنطن وردهاتِ التأثير في صناعة قرارها. وكانَ يذهب خصوصاً في بدايات العهود الرئاسية ويرجع بقدرٍ من الإجابات والتوقعات يساعده على تدبيج تقارير يرفعها إلى رؤسائه. ذهبَ هذه المرة فاكتشف أنَّ المهمة شاقة. رأى العاصمة الأمريكية غارقة في ضباب كثيف، وأنظار العالم مسلطة على عودة «الرجل القوي» إلى البيت الأبيض. رأى الضباب منتشراً على كامل التراب الأمريكي، ولمس أن الأسئلة أكثر بما لا يقاس من أنصاف الإجابات.

في البيت الأمريكي شعور بأنَّ البلاد تقف أمام منعطفٍ كبير. وأنَّ دونالد ترامب لن يكتفيَ بتغيير بعض أثاث البيت بل يحلم بتغيير ملامحه في السياسة والاقتصاد والإدارة. وضاعفت شراكة إيلون ماسك في الإدارة الجديدة من حديث الإقالات والاستقالات وترشيق الآلة الحكومية على نحو موجع.
قالَ الدبلوماسي إنَّ البوصلةَ الأمريكية الجديدة شديدة الاهتزازات إلى درجة يمكن أن تربكَ الأعداء والحلفاء معاً. ولاحظ أنَّ السَّيرَ مع إدارة ترامب يشبه في الوقت الحاضر السير في طرق وعرة وسط ضباب يكاد يحجب الرؤية. عاد بانطباع أنَّ ترامب مُصِرٌّ على إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، ليس فقط بهاجس الفوز بجائزة نوبل للسلام، بل أيضاً وقبل ذلك لحجز موقع استثنائي في التاريخ ينافس به أسلافَه. ويبدو في هذا السياق واثقاً بخيط ود قديم يربطه بفلاديمير بوتين، ولم يؤدِّ الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية إلى قطعه.
لمس الزائر في أجواء واشنطن أيضاً إصراراً على معالجة حازمة للملف الإيراني وعلى قاعدة منع طهران من صناعة القنبلة وكذلك من تحريك «الجيوش الموازية» لزعزعة استقرار المنطقة. ولم يكن يحتاج إلى جهد لاستنتاج أنَّ ترامب يريد صناعة سلام في الشرق الأوسط، لكنَّه توقَّف عند نجاح بنيامين نتنياهو في حجز موقع تحالف وثيق ومؤثر مع إدارة ترامب.
واضح أنَّ دونالد ترامب صعد منذ اليوم الأول لولايته إلى مقعد القيادة في أمريكا، وأمطر العالم تباعاً بسلسلة من التصريحات والتغريدات أشاعت مناخاً من الضباب على امتداد «القرية الكونية»، ضباب أطلقته نذر الحرب التجارية ومقاربة الملف الأوكراني على قاعدة الاعتراف بوقائع فرضتها الحرب الروسية، فضلاً عن إطلاق الضباب في الشرق الأوسط عبر الاقتراح المستهجن بنقل سكان غزة لتحويلها «ريفييرا رائعة». يغيب هذا الضباب فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني؛ حيث لا تبدو إدارة ترامب في وارد التراجع.
غمر الضباب الكثيف القارة الأوروبية حين وقف جيه. دي. فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن ليوبخ دولاً أوروبية بسبب ما عدَّه «قمعاً للحريات»، منتقداً تعامُلها مع اليمين المتطرف فيها. وبدا سريعاً أنَّ أوروبا أصيبت بالذعر من احتمال حسم مستقبل الملف الأوكراني في غيابها، ومن دون اعتبار صاحب الملف الرئيس فولوديمير زيلينسكي شريكاً كاملاً. أضيف كلام فانس إلى كلام ترامب... أنَّ أمريكا لن تدفع إلى الأبد ثمن حماية أوروبا.
والحقيقة أنَّ موقف ترامب من عدم دفع ثمن حماية أوروبا ليس جديداً. جاهر بهذا الموقف في 1987 يومَ لم يكن اسماً مطروحاً في عالم السياسة. في تلك السَّنة زار موسكو كمطوّر عقاري، وعاد معجباً بالفرص، وأدلى بتصريح عن ثمن حماية أوروبا التي تستطيع دفعَ ثمن الدفاع عن نفسها.
وإذا كانت أوروبا منشغلة بمصير الملف الأوكراني الذي فتحه ترامب سريعاً على مصراعيه، فإنَّ أهل الشرق الأوسط سينشغلون، علاوة على موضوع السلام، بالتوجه نحو تحول السَّنة الحالية سنةً إيرانية بامتياز. تعهَّد ترامب بصورة قاطعة بعدم السماح لطهران بامتلاك قنبلة نووية. وكرَّر وزير خارجيته ماركو روبيو هذا التعهدَ أمس في إسرائيل مرفقاً بتعهد مماثل من بنيامين نتنياهو. والانطباع السائد هو أنَّ أي اتفاق جديد مع إيران لن يتجاهلَ ترسانتها الصاروخية ودورها في زعزعة الاستقرار. والسؤال هو: هل يستطيع المرشد الإيراني قَبولَ تنازلات بهذا الحجم تقلِّص دور بلاده خصوصاً بعد خسارتها في سوريا ولبنان؟
وسط الضباب الأمريكي الكثيف تتدافع الاستحقاقات المقتربة في الملفات الفلسطينية والإيرانية والأوكرانية. يمكن القول أيضاً أنَّ سوريا ولبنان والعراق دولٌ معنية بالضباب والخيارات الأمريكية في هذه الملفات. في هذا السياق لا بدَّ من حوار عميق وتفصيلي مع إدارة ترامب، ذلك أنَّ الاكتفاء بالاحتجاج لا يشكل سياسة، ولا يحفظ الاستقرار والحقوق. وسيكون من الضروري بلورة تصوُّر عربي خصوصاً في ملف السلام وعلى قاعدة التوجه نحو حل الدولتين، وهو السبيل الوحيد لإطفاء نار هذا النزاع المزمن.
واضح أنَّ السعودية بثقلها السياسي والاقتصادي هي في طليعة الدول العربية والإسلامية القادرة على الاضطلاع بدور من هذا النوع. استضافتها للقاءات الأمريكية - الروسية، وصولاً إلى القمة تعكس تقدير واشنطن وموسكو معاً لأهمية حضورها العربي والإسلامي والدولي. والمشاورات الجارية لإعداد خطة بديلة لخطة ترامب بشأن غزة تصبّ في هذا الاتجاه، ثم إنَّ السعودية ستكون قادرة على الإفادة من قاعدة صلبة بَنتْهَا في العلاقات الدولية مع دول ذاتِ ثقل كالصين والهند، علاوة على الاتحاد الأوروبي.
لا بدَّ من الاستعداد لاستحقاقات السَّنة الإيرانية. التوصل إلى اتفاق أمريكي - إيراني سيشكل حدثاً كبيراً وتحولاً في المنطقة. قيام إسرائيل بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بدعم أمريكي سيشكّل هو الآخر حدثاً كبيراً وخطراً لا بدَّ من الاستعداد لاتّقاء ذيوله. الضّباب الكثيف لا يحول دون القيادة الآمنة إذا أحسنتِ الدولُ إعداد أوراقها والاستفادة من عناصر قوتها، وحاورت إدارة ترامب على قاعدة المصالح المتبادلة وفوائد الاستقرار وعائدات الاستثمار والازدهار.

مقالات مشابهة

  • السودان.. ماذا نعرف عن الميثاق التأسيسي لتشكيل حكومة موازية؟
  • التيار الوطني الحر ناقش البيان الوزاري واستحقاق الانتخابات البلدية
  • مشاهد من الجلسة الحوارية مع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري التي جرت اليوم بمدينة إدلب
  • في المنتدى السعودي للإعلام.. ملف كأس العالم 2034 وثيقة الحلم التي يراها العالم لأول مرة
  • عاجل .. التيار الوطني الشيعي(التيار الصدري) يدرج إسمه لدى المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة .
  • تأجيل التوقيع على الميثاق السياسي للقوى السياسية السودانية المؤيدة لتشكيل” حكومة موازية”
  • مؤسسة نبيل الكاتب عضو التحالف الوطني تساهم في القافلة الإغاثية العاشرة إلى غزة
  • «الوسطية في الإسلام وبشائر شهر الصيام» ندوة دينية لخريجي الأزهر بمركز شباب مجول بسمنود
  • عضو الشيوخ: القطاع الصناعي أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الوطني
  • الضباب الأمريكي... والسنة الإيرانية