يلامس الحدث الانتخابي الأميركي بتداعياته الواقع اللبناني، ولو ضمناً ومن بعيد، من خلال أمرين مباشرين يعنيانه على الأقل وهما: الأول ترقب انعكاس تنحي بايدن على حسابات الحرب والتسوية في غزة التي لا بد من أن تظهر أول الامر في نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن وهو أمر يعني لبنان مباشرة لأن انعكاساته سترتد على الوضع الميداني في الجنوب والمخاوف من اتساع الحرب إلى لبنان.

والثاني أن الرهانات والآمال لدى بعض أهل السلطة والسياسيين في لبنان على استتئناف المهمة المكوكية للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من أجل تبريد الجبهة الجنوبية مع إسرائيل واطلاق المفاوضات في شأن حل لملف الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، لا تزال قائمة بقوة ولكنها ستكون الآن، وفي ظل تنحي الرئيس بايدن، أمام استحقاق حاسم في ظل اختبار القدرة الأميركية على الضغط لمنع انزلاق الوضع في لبنان إلى حرب شاملة وما إذا كان هوكشتاين سيبقى يتمتع بالقدرة السابقة نفسها على الاضطلاع بدور الوساطة الفعالة والمؤثرة، وفق ما كتبت" النهار".
وحاء في افتتاحية"الديار": تشير المعلومات الى ان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب التقى اموس هوكشتاين في نيويورك وتبلغ منه انه سيلتقي نتانياهو، وهو مستعد للتحرك عندما تكون الظروف مؤاتية، ضمن خارطة طريق باتت معالمها شبه مكتملة، وهي تقوم وفق سياسية»خطوة مقابل خطوة» في تطبيق القرار الـ1701. وفيما حجم الانتشار العسكري للجيش يقرره لبنان اضافة الى كيفية التنسيق مع حزب الله على الارض، يبدو ان تثبيت ترسيم الحدود البرية لا مشكلة كبيرة تواجهه، لكن المشكلة الرئيسية تبقى تعنت اسرائيل ورفضها الانسحاب من مزارع شبعا، وعدم تقديم اي التزام بوقف الخروقات الجوية. واذا لم تحل تلك النقاط، فان النتائج ستكون متواضعة لجهة ايجاد حل مستدام، حيث ستكون اقصى الطموحات العودة الى الوقائع التي كانت سائدة قبل الثامن من تشرين الاول 2023؟
ونصحت مصادر دبلوماسية بعدم التعويل كثيرا على الحراك الخاص  بلبنان في دوائر القرار راهنا، لانه مجرد ملء للفراغ حيث لا جدوى من الرهان على اي حراك اميركي جدي في ظل معمعة الانتخابات الرئاسية، ولهذا فان نتائج زيارة المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى الرياض قبل ايام، مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لمناقشة تطورات الأوضاع اللبنانية، لم تكن منتجة، فواشنطن لا تملك الرغبة او القدرة للضغط على السعودية لتمرير الاستحقاق الرئاسي، قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية واحتمال وصول دونالد ترامب الى سدّة الرئاسة، فالتسوية ستكون مع الادارة الجديدة ،والسعودية غير مهتمة حالياً بالملف اللبناني، بل بترتيب اوراقها لمواجهة القادم الجديد الى سدة الرئاسة في ظل ارتفاع حظوظ دونالد ترامب الرئاسية، فضلا عن ارتفاع المخاطر الامنية والعسكرية بعد الضربة الاسرائيلية للحديدة اليمنية،ولهذا لا تبدو الاجواء ملائمة لفصل الملف اللبناني والانطلاق  في تسويات لا يبدو ان وقتها مناسب الان.

وكتبت"الاخبار": قبل سنوات، لمعَ اسم المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين راعي اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وكيان الاحتلال في فلسطين المحتلة. كانَ المطلوب من الرجل استكمال مهمته بترسيم الحدود البرية وحل النقاط المتنازع عليها، قبلَ أن تؤدي عملية «طوفان الأقصى» وفتح جبهة الجنوب إلى تعديلات تطلّبت منه التدخل لمنع تدحرج الأمور في اتجاه حرب كبيرة بين لبنان وإسرائيل. ومنذ تسعة أشهر، تحوّل هوكشتاين إلى «المرجعية» التي تعود إليها شخصيات لبنانية لاستكشاف خطورة الوضع، وتجاوز دوره أدوار باقي المبعوثين وحتى سفراء الخماسية إلى حدّ جعل دور هؤلاء هامشياً وبلا فعّالية.مع نجاة الرئيس السابق دونالد ترامب من محاولة اغتيال وانسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي، بدأ العالم ينظر إلى ترامب على أنه الرئيس المقبل للولايات المتحدة، وتزداد الخشية في بيروت التي بدأت القوى فيها تستذكر «العنف السياسي» الذي تعامل به ترامب مع لبنان خلال ولايته الرئاسية التي لا يتذكّر منها اللبنانيون سوى بأنها «فترة الحصار والعقوبات عليه وبداية انهياره وتدمير عهد الرئيس ميشال عون».

ويبرز هنا اسم المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا في عهد ترامب، جويل رايبرن الذي كانَ من أبرز المُنظّرين لفكرة خنق النظام في سوريا وفرط الدولة، ويجري التداول حالياً باسمه من بين عدد من الشخصيات المرشّحة لخلافة هوكشتاين . ومعروف عن الرجل عداؤه الشديد لإيران وحزب الله. كذلك عادَ اسم ديفيد شينكر «مشغّل» الفريق «السيادي» في لبنان وبعض «التغييريين»، الذين بدأوا يروّجون لعودته ومستبشرين «خيراً» باعتبار أن هذه العودة ستكون لصالحهم. وشينكر الذي سبق أن أقر بدور بلاده في تسريع الانهيار المالي في لبنان كانَ قد تحدّث عن مشروع الاستثمار الأميركي في قوى المجتمع المدني وخلق قوى بديلة في المجتمع الشيعي، وقد زار لبنان خلال توليه منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، لعقد لقاءات مع رجال أعمال وصحافيين شيعة معارضين للحزب.
وإذا كانَ من المبكر التيقّن بمن سيخلف هوكشتاين ، فإن مصادر بارزة قالت إن «استبدال هوكشتاين هو السيناريو الأكثر رواجاً باعتباره كانَ مبعوثاً شخصياً للرئيس بايدن»، مستبعدة عودة شينكر مع التأكيد على أنه «بمعزل عن الاسم فإن جميع الشخصيات التي كانت محيطة بترامب، والتي يُحتمل أن تعود معه، معروفة بكرهها الشديد لإيران وحلفائها»، لذا فإن المسألة «ليست مرتبطة بأسماء الأشخاص بقدر ما هي مرتبطة بالسياسة العامة لهذا الفريق تجاه لبنان».
ومع احتمال فوز ترامب تتقدّم فرضية الأسوأ والأمرّ واحتمال انتقال المواجهات الحالية في الجنوب إلى حرب أكبر، كون فريق الديمقراطيين في أميركا كانَ حريصاً على عدم حصول ذلك ربطاً بحسابات تتحكّم بها الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن أن هوكشتاين كانت له حساباته الخاصة في الملف اللبناني وتتصل برغبته باستكمال ما يعتبره «إنجازاً» له. أما في حال وصول ترامب فإن سيناريو «الخنق السياسي والاقتصادي» وتوتير البلد أمنياً هو ما تتوقّعه أغلبية القوى السياسية، وجزء منها يراهن عليه متوهّماً أن ذلك سيضعف حزب الله، علماً أن التطورات في المنطقة منذ خروج ترامب من البيت الأبيض قد لا تتيح له ولإدارته استكمال السياسات التي بدآها سابقاً، ويمكن أن تقوّض رمالها المتحركة مشاريعهما التدميرية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يخلف دمارا واسعا في البنية التحتية لمخيم جنين.. فيديو

عرضت فضائية يورونيوز، مقطع فيديو للدمائر الهائل في البنية التحتية لمخيم جنين الذي خلفه جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب انسحابه.

ويوجد تطور جديد يشير إلى أن القوات الإسرائيلية قد انسحبت يوم الجمعة من مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة، بعد عملية عسكرية استمرت لأكثر من أسبوع. 

حزب الله يرد على استهداف جنوب لبنان بقصف المطلة ورويسة القرن بالصواريخ حزب الله يستهدف موقع معيان باروخ بمحلقة انقضاضية

وقد أسفرت هذه الحملة العسكرية عن مقتل العشرات من الفلسطينيين وتسببت في دمار كبير داخل المخيم.

خلال ساعات الليل، تم رصد ناقلات الجنود المدرعة الإسرائيلية وهي تغادر مخيم جنين عبر نقطة تفتيش أنشئت على أحد الطرق الرئيسية. 

وعند الفجر، أفاد مراسل وكالة أسوشيتد برس بعدم وجود أي قوات إسرائيلية داخل المخيم.

وفي بيان نشره على منصة "إكس"، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ عمليات واسعة في مدينة جنين، أسفرت عن مقتل 14 مسلحاً واعتقال أكثر من 30 مشتبهاً. 

وأوضح أن العمليات شملت تفكيك حوالي 30 عبوة ناسفة وتدمير مواقع بنية تحتية للمسلحين، بما في ذلك منشأة لتخزين الأسلحة ومختبر لتصنيع المتفجرات، كما زعم الجيش أنه قتل وسيم حازم، قائد حماس في جنين.

وتُعتبر الحملة العسكرية التي نفذتها إسرائيل على مخيم جنين من بين الأكثر عنفًا التي شهدتها الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب مع حماس.

 وقد استخدم الجيش الإسرائيلي استراتيجيات وصفتها تقارير الأمم المتحدة بأنها "حربية قاتلة".

وتشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن الاشتباكات في جنين أدت إلى مقتل 21 شخصًا من بين 39 فلسطينيًا قُتلوا خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية. ووفقًا للجيش الإسرائيلي، فإن الغالبية العظمى من القتلى كانوا من المسلحين.

توقف الخدمات

لقد كان للحملة العسكرية تأثير كبير على المدنيين الفلسطينيين في جنين، حيث توقفت خدمات المياه والكهرباء، وتم تقييد حركة الأسر داخل منازلهم. كما تأخرت سيارات الإسعاف التي كانت تنقل الجرحى إلى المستشفيات بسبب عمليات التفتيش.

منذ الصباح، استغل سكان جنين الهدوء النسبي للبحث بين أنقاض المباني المتضررة وتقييم الأضرار. وكانت آثار الرصاص والشظايا واضحة على المباني المدمرة، مع ظهور حديد مشوه من الخرسانة.

أفاد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن العملية كانت تهدف إلى استهداف المسلحين في جنين وطولكرم ومخيم الفارعة، وذلك بهدف تقليل الهجمات المعقدة والفتاكة ضد المدنيين الإسرائيليين.

حتى الآن، لا يُعرف ما إذا كان الجيش الإسرائيلي يعتزم سحب قواته من المخيمين الآخرين. 

وتواجه إسرائيل ضغوطًا من الولايات المتحدة وحلفائها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصر على الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على ممر فيلادلفيا، حيث تدعي إسرائيل أن حماس تقوم بتهريب الأسلحة، وهو ما تنفيه كل من مصر وحماس.

وفي المقابل، عرضت حماس الإفراج عن جميع الرهائن إذا تم إنهاء الحرب وسحب القوات الإسرائيلية بالكامل، بالإضافة إلى إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

 ويتماشى هذا العرض مع الشروط التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو.

مقالات مشابهة

  • قد يخلف بوتين.. من هو عرّاب حملات التضليل الروسية؟
  • الاحتلال يخلف دمارا واسعا في البنية التحتية لمخيم جنين.. فيديو
  • هاريس جمعت أضعاف الأموال التي جمعها ترامب في شهر.. ما أهمية ذلك؟
  • ترامب يهدد الجامعات الأمريكية التي لا تقمع التظاهرات المتضامنة مع فلسطين
  • استشهاد مواطن لبناني وإصابة آخر بقصف إسرائيلي لبلدة كفرا
  • بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي أطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل خلال 8 أشهر؟
  • أول مناظرة وحكم بحق ترامب.. تواريخ مهمة في السابق الرئاسي الأميركي 2024
  • رايتس ووتش: تنسيق لبناني قبرصي لتعريض لاجئين للخطر بسوريا
  • مصدر حكومي لبناني لـبغداد اليوم: تمت الموافقة على منح الإقامة للعراقيين لكن بشروط
  • مصدر حكومي لبناني لـبغداد اليوم: تمت الموافقة على منح الإقامة للعراقيين لكن بشروط - عاجل