المؤتمر القومي العربي يشيد بالموقف اليمني في نصرة غزة ويدين العدوان الإسرائيلي على الحديدة
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
الجديد برس:
أشاد المؤتمر القومي العربي بالموقف اليمني دفاعاً عن الشعب الفلسطيني ونصرةً لغزة التي تتعرض لإبادة جماعية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، معتبراً الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، غربَ اليمن، وبتلك الصورة انعكاساً لمدى إحساس “إسرائيل” بالهزيمة “جراء العمليات النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية دفاعاً عن فلسطين”.
واعتبر المؤتمر القومي العربي، في بيان له أن “العدوان الصهيوني على اليمن” عدوان على الأمة كلها، داعياً شرفاء الأمة وأحرار العالم إلى “الانتصار لليمن بكافة الوسائل المتاحة كما انتصر البواسل في اليمن لأهلنا في غزة”.
وقال البيان: “إن العدوان الصهيوني الوحشي على منشآت مدنية ونفطية في ميناء الحديدة على اليمن إمعان صهيوني في التوحش والإجرام الذي لم يكتفِ بما ارتكبه من مجازر وإبادة ودمار في غزة وعموم فلسطين وأكناف فلسطين”.
مؤكداً أن ذلك العمل العدواني تعبير عن حجم إحساس “إسرائيل” بالهزيمة جراء العمليات النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية دفاعاً عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، وتعبير عن تعاظم إحساس “تل أبيب” وداعميها بخطورة العمليات النوعية اليمنية ضد “إسرائيل” وآخرها العملية التي نفذتها المسيّرة “يافا” في قلب “تل أبيب”.
وأضاف البيان: “إن هذا العدوان يأتي ترجمة لنهج التصعيد السياسي الذي تمثل بسحب الاعتراف الصهيوني بدولة فلسطين، كما جاء تعبيراً عن استهتار حكومة نتنياهو بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، كما أنه إشارة إلى الاستهتار بالرأي العام الدولي والقضاء الدولي والقرارات الدولية”، مشيراً إلى أن اختيار نتنياهو عشية زيارته إلى واشنطن موعداً لعدوانه على اليمن، محاولة لإيهام الإدارة الأمريكية بأنه يزورها وهو في موقع قوي وقادر على نقل الحرب من جبهة إلى جبهة.
وقال البيان أيضاً: “إن المؤتمر القومي العربي الذي طالما اعتبر أن العدوان على أي قطر عربي هو عدوان على الأمة العربية كلها يدين هذا العدوان الوحشي الجديد على اليمن، ويدعو الأمة كلها بمواقعها الرسمية والشعبية إلى التحرك على كافة المستويات للرد على هذا العدوان المرشح لأن يتسع ليشمل أكثر من أي قطر عربي”.
ودعا المؤتمر في بيانه الدول العربية إلى الالتزام باتفاقية الدفاع العربي المشترك، وإسقاط كل اتفاقات وأشكال التعاون والتطبيع مع الكيان الغاصب والعمل مع الدول الصديقة لطرد هذا الكيان من كل المؤسسات الدولية والعمل على مستوى الجمعية العمومة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار في إطار “الاتحاد من أجل السلام” الذي كان ملزماً في الحرب الكورية والعدوان الثلاثي على مصر لإلزام “تل أبيب” بوقف عدوانها.
وتابع قائلاً: “هذا العدوان يتطلب من القوى اليمنية كافة إطلاق حوار وإنجاز مصالحة بينها توحد الموقف الشعبي اليمني في مواجهة العدوان، كما يتطلب تحركاً شعبياً عربياً وإسلامياً وعالمياً واسعاً لإدانة هذا العدوان الصهيوني المتجدد والذي بدأ يهدد السلام والأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي”. داعياً كل أعضاء المؤتمر على امتداد الوطن العربي وكافة القوى والمنظمات والحركات والاتحادات ووسائل الإعلام التي يعملون في إطارها إلى التحرك للضغط على حكوماتهم للوقوف صفاً واحداً إلى جانب اليمن، ورفض استخدام أجوائها من قبل الطائرات الإسرائيلية.
كما دعا إلى تقديم كل أشكال المساعدة لليمن الشقيق لا سيّما في خلال إعادة ملء خزانات النفط في الحديدة بالنفط العربي والإسلامي للتأكيد أنه مهما كانت هناك خلافات وتباينات بين هذه الجهة أو تلك، لكن مواجهة العدوان تتطلب وحدة موقف عربي وإسلامي قوي كانت الأمة تحتاجه منذ بدء “طوفان الاقصى” قبل عشرة أشهر تقريباً.
وكان المؤتمر القومي العربي، قد افتتح أعمال دورته الـ33 في بيروت والتي حملت عنوان (دورة طوفان الأقصى) مطلع يونيو الماضي، ويعتبر المؤتمر- الذي يعد منظمة وإطار عمل سياسي يجمع عدة شخصيات عربية ذات توجه قومي- نفسه امتداداً للمؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1913، ثم عقد دورته الأولى في تونس عام 1990م ومن يومها يقيم المؤتمر دورات سنوية وينتخب كل ثلاث سنوات أعضاء الأمانة العامة واللجنة التنفيذية.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: المؤتمر القومی العربی هذا العدوان على الیمن
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: المنامة على موعد مع الوحدةومؤتمر الحوار الإسلامي يبشر بعهد جديد
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمة الإسلامية، تبرز الحاجة الملحّة إلى تعزيز الوحدة والتفاهم بين مختلف المذاهب الإسلامية. يأتي مؤتمر الحوار الإسلامي-الإسلامي، المزمع عقده في المنامة يومي 19 و20 فبراير الجاري، كخطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف. يُعقد المؤتمر تحت شعار “أمة واحدة ومصير مشترك”، برعاية كريمة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وبمشاركة أكثر من 400 شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيات الإسلامية والمفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم.
يهدف المؤتمر إلى الانتقال من مجرد الدعوة إلى التقارب إلى التفاهم العملي حول المشتركات والتحديات التي تواجه الأمة. كما يسعى إلى تأسيس آلية حوار علمي دائمة على مستوى العالم الإسلامي، بهدف لمّ شمل الأمة بمكوناتها المتعددة، وتسليط الضوء على مساحات الاتفاق الواسعة بين المسلمين، وتعزيز دور العلماء والمرجعيات الدينية في رأب الصدع بين المذاهب المختلفة، ونبذ خطاب الكراهية، وتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل، والعمل على تجديد الفكر الإسلامي لمواجهة أسباب الفرقة والنزاع والتحديات المشتركة، وإبراز التجارب الناجحة في هذا المجال.
إنّ الاختلاف في التأويلات الفقهية والتفسيرات العقائدية كان ولا يزال جزءًا من مسيرة الفكر الإسلامي، وهو مظهر من مظاهر الثراء الفكري الذي يزخر به التراث الإسلامي. غير أنّ ما جرى عبر التاريخ هو تحول هذا التنوع إلى ساحة صراع، حيث استُغلت الفوارق المذهبية لإضفاء شرعية على النزاعات السياسية، وتحولت بعض المدارس الفقهية إلى أدوات للصراع بدل أن تكون وسائل للإثراء المعرفي والاجتهاد الشرعي. من هنا، فإن أي مشروع للتقريب بين المسلمين لا بد أن يستند إلى قاعدة أساسية وهي الاعتراف بالتعددية بوصفها سنة كونية لا تتناقض مع وحدة الأمة، بل تُعززها عبر بناء جسور التواصل على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
إنّ مسئولية الدولة في تحقيق هذا التقريب تُعدّ محورية، فلا يمكن لمجتمع أن يعيش في سلم داخلي إذا لم تكن هناك رؤية سياسية واعية تدير هذا التنوع بمسؤولية وتُعلي من قيم المواطنة على الانتماءات الطائفية الضيقة. فالدولة ليست مجرد كيان إداري، بل هي الحاضن الذي يُفترض أن يحمي النسيج الاجتماعي من التشظي، ويؤسس لمنظومة قانونية تُجرّم خطابات التكفير والتحريض الطائفي، وتوفر الفضاءات التي تُتيح للعلماء والمفكرين العمل على صياغة خطاب ديني يتجاوز النزعات الإقصائية. إنّ بقاء الدولة محايدة في القضايا المذهبية ليس موقفًا سلبيًا، بل هو الضمان لاستمرارها في لعب دورها كراعية للوحدة الوطنية والإسلامية، بعيدًا عن الانحيازات التي قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مدمرة.
إنّ المرجعيات الدينية، بمختلف انتماءاتها، تتحمل مسئولية كبرى في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي كرّست الانقسام داخل الأمة. فليس مقبولًا أن يظل بعض العلماء أسرى تفسيرات تاريخية متشددة تجعل الآخر المذهبي في خانة الضلال والكفر، وتُضفي على الصراعات السياسية طابعًا دينيًا لا أساس له من الشرع. إنّ المطلوب اليوم هو إعادة قراءة التراث الإسلامي بروح نقدية، تنزع عنه صفة القدسية المطلقة، وتفصل بين ما هو اجتهاد بشري قابل للنقاش والتطوير، وما هو أصل ثابت من أصول الدين لا يجوز المساس به. فلا يمكن للخطاب الديني أن يكون عامل تفريق وهو الذي أُسس ليكون أداة توحيد، ولا ينبغي أن تتحول منابر الفقه إلى ساحات تجييش وتأليب، بل إلى فضاءات لنشر قيم الوسطية والتسامح.
أما المجتمع، فله دور لا يقل أهمية عن الدولة والمؤسسات الدينية في تكريس ثقافة التقريب والتعايش. إنّ القاعدة الجماهيرية هي التي تُحدد في نهاية المطاف مدى نجاح أي مشروع حواري، لأن الخطابات الوحدوية إذا بقيت حبيسة النخب فلن تُحدث أي تغيير فعلي على الأرض. من هنا، فإن الإعلام والمؤسسات التعليمية يقع على عاتقها مسؤولية ضخمة في بناء وعي جماهيري جديد، يقطع مع الصور النمطية المتبادلة بين أتباع المذاهب المختلفة، ويُكرس فكرة أن الاختلاف لا يعني العداء، وأن وحدة المسلمين ليست شعارات جوفاء، بل مشروع نهضوي ضروري لتمكين الأمة من استعادة قوتها الحضارية.
إن مؤتمر المنامة يأتي في سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد، حيث تتزايد النزاعات المذهبية وتتعمق الفجوات بين أبناء الأمة الواحدة، مما يجعل الحاجة إلى مبادرات جادة للحوار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لا ينبغي لهذا المؤتمر أن يكون مجرد لقاء بروتوكولي أو حدث إعلامي عابر، بل عليه أن يؤسس لمرحلة جديدة في إدارة التنوع المذهبي داخل الأمة الإسلامية، بحيث تُصاغ آليات مؤسسية دائمة للحوار والتفاهم، تُخرج مسألة التقريب من دائرة المبادرات الموسمية إلى حيز السياسات المستدامة. إنّ نجاح المؤتمر لن يُقاس بعدد الكلمات التي ستُلقى فيه، بل بمدى قدرته على إنتاج أفكار ومشاريع قابلة للتطبيق، تضع حدًا لحالة الاستقطاب المستمرة، وترسي قواعد صلبة لحوار إسلامي-إسلامي يؤسس لوحدة حقيقية، تُحصّن الأمة من الفتن، وتُعيدها إلى مسارها الحضاري الذي تاهت عنه بفعل النزاعات العبثية.