كاتبة تونسية: الشعوب العربية المقهورة تنظر إلى اليمنيين أنهم أنصار فلسطين في زمن الخذلان
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أكّـدت الكاتبة والصحفية التونسية، آسيا العتروس، أن “صناعَ القرار في العالم يتجاهلون أن هناك بقيةً من الإحساس بالكرامة لدى الشعوب المستضعفة، وأولها الشعوب العربية المقهورة التي تنظر إلى اليمنيين على أنهم أنصار القضية الفلسطينية في زمن الخِذلان”.
وأوضحت العتروس في مقال نشرته جريدة “رأي اليوم” الاثنين، أن “عملية “يافا” اليمنية و”الهدهد” اللبنانية، تؤكّـدان جملة من الحقائق التي لا تقبل التجاهل بأنه لا شيء غير الردع يمكن أن يضغط على الكيان الصهيوني ويدفعه إلى إعادة حساباته، وبأنه انتهى زمن كان التعويل فيه على مفاوضات واتّفاقات وهمية عبدت الطريق لمزيد من الاستيطان والسطو على الأرض”.
وأشَارَت إلى أن “هناك ترحيباً وتعاطفاً كبيرَين عبر مختلف المواقع الاجتماعية بعد الإعلان عن نجاح اليمنيين في استهداف قلب “تل أبيب” عبر طائرة يمنية مسيّرة تحمل اسم “يافا” والتي قطعت ألفي كيلومتر خلال تسع ساعات وتمكّنت من مراوغة أجهزة الدفاع الإسرائيلي وأربكت سلطات الاحتلال أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي وفرضت حالة من الاستنفار داخل الكيان”.
وأضافت الكاتبة التونسية أن “هناك تعاطفاً عابراً للحدود اعتبر معه اليمنيين أنصار القضية الفلسطينية أنه انتقام لغزة وأطفالها ونسائها وكلّ ما فيها، وسيكون من السذاجة والبلاهة أن يعتقد أحد أن إدراج جماعة أنصار الله على القائمة السوداء لأمريكا وتصنيفها ضمن الحركات الإرهابية يمكن أن يدفع إلى إخفاء هذا التعاطف أَو تجاهل أَو التقليل من تحَرّكاتهم لأجل غزة، والأكيد أن هذا التعاطف والتفاعل مع اليمنيين يستوجب الانتباه له خَاصَّة عندما تستنفر القوى الكبرى في العالم وتحَرّك أساطيلها الحربية وبوارجها في المتوسط لتعزيز قدرات “إسرائيل” العسكرية ودعمها في كُـلّ ما تقوم به في قطاع غزة الذي تحول إلى ركام وغابت فيه كُـلّ أسباب الحياة”.
وبيَّنت أن “اختيار اليمنيين اسم “يافا” للطائرة المسيّرة التي فاجأت الاستخبارات الإسرائيلية هو أَيْـضاً له دلالاته التاريخية وَرسائله لشعوب وأمم تسأل: لماذا يهون الدمُ الفلسطيني والدم العربي ولماذا تفقد إنسانية الإنسان العربي قيمتها أمام حكامه وأمام غيرهم، موضحة أن حرب غزة ستنتهي ولكن ستثمر أجيالاً غاضبة وثائرة ومتمردة على هذا الاحتلال مهما بلغت قوته ومها كان حجم الدعم العسكري الذي يحظى به؛ فأطفالُ غزة الذين فتحوا أعينَهم على وَقْعِ إبادة عائلاتهم وقطع أطرافهم وحرمانهم من الطعام والدواء والسقف الذي يأويهم ومن المدرسة والمستشفى ومن كُـلّ الأحلام التي حلموها، سيكونون اللعنة التي ستلاحق الكيان إلى ما لا نهاية وربما سيكون بينهم من يطور مسيّرة “يافا” ومن يصنع غيرها من المسيّرات والسلاح الذي لا يمكن اعتراضه”.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
في زمن التيه.. الرجولة أن تكون من أنصار الله
الرجولة ليست مجرد صفة بيولوجية، ولا تُقاس بالقوة الجسدية أو الانتماء القبلي أو المناطقي، بل هي موقف ووعي وانحياز دائم للحق. ومن تمام الرجولة، أن تكون من أنصار الله، لأنك بذلك تقف في صف المظلوم، وتكون من رجال الرجال في زمن قلّ فيه الرجال، وانحسرت فيه معاني الرجولة، خاصة بعدما انكشفت معالم المعركة بين حقٍ جلي عنوانه القرآن الكريم وآل بيت النبوة، وباطلٍ فاضح عنوانه التحالف بين الصهيونية العالمية وبعض الأنظمة العربية المتصهينة.
وفي اليمن، حين تبحث عن بديل لأنصار الله، فلن تجد إلا خيبات الماضي أو مشاريع الارتهان. فهل يكون البديل هو نظام عفاش؟ ذلك النظام الذي أسّس لحكم الفرد، وروّج للرذيلة والإفساد الأخلاقي، وفتح الباب أمام مشاريع التغريب والانحلال في وسائل الإعلام والمناهج التربوية، وهو الذي مكّن السفارات الأجنبية من التدخل السافر في الشأن اليمني. إن بقايا ذلك النظام لا تزال اليوم تقف في خندق الأعداء، تحت يافطات شتى، في الساحل الغربي وغيره، وجمعت حولها كل دعاة الرذيلة والفساد الأخلاقي، ممن يأنف الحر الشريف أن يسير في ركابهم.
أما إن كان البديل هو حزب “الإصلاح”، ذلك الذي طالما تغنّى بالدين ظاهراً، بينما أفرغ معانيه من الداخل، وخرّج من معاهده نماذج ممسوخة لا تعرف من الرجولة إلا قشورها، فإنك حينها تكون قد تنازلت عن رجولتك مبكرًا. فماذا يمكن أن يُنتظر ممن يرون في المهرج “محمد الربع” – وهو رمز السخرية من القيم والمعارك المصيرية – نموذجاً للرجولة والفكر؟ هذا هو نتاج ثقافة حزبية لم تجعل من فلسطين قضية، ولا من الجهاد شرفاً، بل سخّرت منابرها للطعن في المجاهدين.
وينطبق هذا أيضًا على أولئك الدعاة المدجَّنين بالمال الإماراتي، ممن ارتضوا القعود عن نصرة قضايا الأمة، وتفرغوا لتثبيط الناس عن الجهاد والمقاومة، أمثال بعض من ينتسبون إلى الطرق الصوفية الجديدة التي اتخذت الدين طقوسًا لا تتصل بواقع الأمة. تراهم لا ينطقون بكلمة حق تجاه العدوان على غزة، بينما يسارعون لإدانة أي تحرك مقاوم أو موقف شجاع في اليمن أو فلسطين.
إنهم اختاروا أن يكونوا شهود زور، يغطّون الجرائم الصهيونية بصمتهم المطبق، ويهاجمون من يرفع سلاحه في وجه المحتل. يكفيك أن تقارن بين بياناتهم الغائبة عن مجازر الاحتلال في رفح وغزة، وبين تصريحاتهم السريعة في مهاجمة المقاومة اليمنية حين تضرب أهدافًا صهيونية.
أما إذا كنت صاحب فطرة سليمة، وقلبٍ حيٍّ لم تُطفئه أضواء الزيف الإعلامي، ولم تُمِتْهُ أبواقُ التطبيع، فإنك ستجد نفسك، دون كثير عناء أو تنظير، تقف إلى جانب أنصار الله، لا لأنهم فوق النقد أو أنهم بلا أخطاء، ولكن لأنهم – في واقع اليوم – يُمثّلون الخندق الأقرب إلى الموقف الحق، حيث المعركة واضحة، والعدو مُسمّى باسمه، لا يُدارى ولا يُجَمَّل.
هم الذين رفعوا شعار العداء للصهاينة في زمن أصبح فيه التطبيع بطولة، واعتراف المحتل واقعًا مفروضًا، والمقاومة تهمة تُلاحق بها الأحرار. هم الذين اختاروا الوقوف في صف القرآن الكريم، حين تفرّق الناس بين ولاء لواشنطن وتبعية لأبو ظبي والرياض، وبين من لا يزال يفتش عن “حل سياسي” في زمن لا يعترف إلا بمنطق السلاح والميدان.
لقد رسم القرآن الكريم معالم العداوة بوضوح، حين قال: ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا﴾ [المائدة: 82] فلا غرابة أن يكون أنصار الله في مقدمة من يحملون راية هذه العداوة، ويجعلون منها عقيدة وموقفًا، لا مجرد شعار سياسي موسمي.
وحين نقرأ: ﴿وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾ [البقرة: 190] نفهم أن القتال المشروع هو في وجه المحتل، المغتصب، الذي يقتل الأطفال في غزة، ويهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها في رفح وجنين، لا في وجه المجاهدين الذين يسعون لرد هذا العدوان، مهما كانت ملامحهم أو لهجاتهم.
وفي هذا الزمن الذي تهاوت فيه كثير من الأصوات، وسقطت فيه الأقنعة، ولم نعد نُفرّق في الإعلام الممول بين الضحية والجلاد، تظل الرجولة الحقّة أن تنحاز لخيار الجهاد، لا على أساس حزبي أو مناطقي، بل انطلاقًا من إيمانك العميق بأن الباطل لا يُجابه إلا بالقوة، وأن من يرفع راية الجهاد في زمن الضعف هو أحق الناس بالسمع والطاعة والنصرة.
لقد أصبح الوقوف في صف أنصار الله اليوم، موقفًا يتطلب شجاعة لا تقل عن شجاعة المقاتلين في الجبهات، لأنه تحدٍّ لموجة التضليل العالمية، ورفضٌ للانضمام إلى طوابير المنتفعين بالصمت. نعم، قد تُكلّفك الكلمة موقفًا، ويُكلّفك الموقف ثمنًا، لكن الرجولة الحقة، لا تُقاس بما تكسبه، بل بما تصمد فيه، وما تدفعه في سبيل الله، والحق، والمظلومين في كل مكان.