طرد وإخلاء مخيمات المهاجرين لتلميع صورة باريس خلال الأولمبياد
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
باريس- تتوجه الأنظار خلال الأيام القليلة المقبلة إلى العاصمة الفرنسية باريس بمناسبة استضافتها دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2024. وفيما صُمم هذا الحدث الرياضي ليكون احتفالا شعبيا واجتماعيا، يواجه عشرات الآلاف من "المشردين" أوضاعا محفوفة بالمخاطر.
ففي الأشهر الأخيرة، طالت عمليات الطرد الممنهجة نحو 13 ألف شخص معظمهم من المهاجرين، من منطقة إيل دو فرانس، بزيادة قدرها 38.
ويبدو أن اللجنة المنظمة والسلطات الفرنسية تعطي الأولوية لصورة المدينة على حساب رفاهية مواطنيها الأكثر ضعفا. وبينما تتزايد انتقادات رواد منصات التواصل لما وصفوه بـ"ألعاب العار"، تستمر الاستعدادات للأولمبياد لإظهار العاصمة بأبهى حلة، ولكن بأي ثمن؟
إخلاء مخيم مهاجرين تحت جسر قريب من برج إيفل (مواقع التواصل) طرد وإخلاءكشفت جمعية "لو روفير دو لا ميداي" (الجانب الآخر للميدالية) -التي تضم نحو 80 جمعية تساعد المحتاجين- عن أن عمليات الطرد ارتفعت بوتيرة سريعة في الفترة التي سبقت دورة الألعاب الأولمبية (26 يوليو/تموز الجاري إلى 11 أغسطس/آب المقبل).
وفي تقرير نشرته في يونيو/حزيران الماضي، سجلت الجمعية 138 عملية إخلاء في "إيل دو فرانس"، بما في ذلك 64 من الأحياء الفقيرة، و34 من خيام المهاجرين، و33 من أماكن السكن العشوائي.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، أكد عضو ومنسق الجمعية أنطوان دو كليرك توثيق إجلاء أكثر من 12 ألفا و500 شخص قبل عام من انطلاق الأولمبياد، من الفترة من مايو/أيار 2023 إلى مايو/أيار 2024. وبعد ذلك، تمت عمليات إخلاء وطرد جديدة تستوجب إضافة حوالي ألف شخص آخرين إلى هذا الرقم.
وأشار إلى وجود عدة آليات للطرد وضعتها الدولة، تتمثل إحداها في نقل المشردين عبر الحافلات إلى 10 مدن بعيدا عن باريس، حيث يتم استقبالهم في مساكن مؤقتة لمدة 3 أسابيع قبل أن تتم إعادة توجيههم لأماكن أخرى، فيما يجد 60% منهم أنفسهم مرة أخرى في الشارع في مدينة لا يعرفونها، ويتعلق الأمر بنحو 5 آلاف شخص أو أكثر.
أما بالنسبة للأفراد الذين رفضوا ركوب الحافلة أو المغادرة لأن لديهم وظيفة أو أسرة أو طفلا في المدرسة، يتابع دو كليرك، فلم يجدوا أي بديل أمامهم للإسكان أو الإقامة في حالات الطوارئ، لذلك تم دفعهم ببساطة إلى مسافة أبعد قليلا في الضواحي الباريسية.
ونتيجة لذلك، يوجد اليوم الكثير من الأشخاص المشردين أو الذين يتجولون في الشوارع بدون مأوى في الضواحي البعيدة، كما يؤكد.
تطهير اجتماعيوبينما تنتقد جمعيات حقوق الإنسان ما تعتبره "تجريدا صارخا من الإنسانية"، قامت السلطات الفرنسية بتركيب كتل خرسانية على طول قناة سان دوني، حيث من المقرر مرور الشعلة الأولمبية، لمنع المهاجرين والمشردين من وضع خيمهم في هذه المنطقة الإستراتيجية مرة أخرى.
يُذكر أن أكثر من 400 شخص لا يزالون بدون سكن على ضفاف هذه القناة منذ الأسبوع الماضي، فضلا عن 100 شخص على ضفة قناة لورك على طول الطريق الذي ستسلكه الشعلة الأولمبية يوم 25 يوليو/تموز الجاري، و100 آخرين قرب بورت ماري حيث من المقرر أن يقام حفل الافتتاح في التاريخ ذاته.
وفي هذا الإطار، يقول أنطوان دو كليرك إن "التطهير الاجتماعي" هو الوصف الحقيقي الذي يمثل الواقع المرير الذي تعاني منه هذه الفئة من المجتمع.
ولفت إلى أنهم يستخدمون هذا المصطلح منذ بداية حملتهم في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي "لفضح الوتيرة المتزايدة لهذا الإجراء غير الإنساني الذي يطرد المشردين والمهاجرين دون اقتراح سكن بديل لهم".
وأضاف منسق جمعية "لو روفير دو لا ميداي" أن حملتهم ركزت على وعد الحكومة الفرنسية المتمثل في أن يكون أولمبياد باريس 2024 نسخة شعبية ذات تراث اجتماعي غير مسبوق والنسخة الأكثر شمولا في تاريخ الألعاب، "لكن هذه الأزمة ظلت غير مرئية بالنسبة للمنظمين حتى يومنا هذا".
صمت حكوميوقد توجهت الجمعية إلى مقر وزارة الداخلية مطلع مايو/أيار الماضي لعرض خطابها بعنوان "ألعاب الإقصاء" لاقتراح بعض الحلول، بما فيها مناقشة مبدأ إدارة الفضاء العام من أجل التوفيق بين القضايا الأمنية وتأثيراتها على الفئات الضعيفة (المشردين، والمنفيين، وضحايا الاتجار، ومتعاطي المخدرات، متلقي المساعدات الغذائية).
ومن الحلول أيضا إنشاء أول مركز استقبال في إيل دو فرانس للوافدين الجدد على غرار مركز استقبال النازحين من أوكرانيا.
وقام أعضاء الجمعية بحوالي 40 اجتماعا في جميع المؤسسات التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بهذا الحدث الرياضي، بما فيها اللجنة المنظمة للأولمبياد ووزارة الرياضة والألعاب الأولمبية ووزارة التضامن والصحة وإدارة منطقة إيل دو فرانس، فضلا عن شرطة المحافظات.
وتعليقا على ذلك، وصف دو كليرك تعامل كل هذه الجهات مع مطالبهم بـ"لعبة البينغ بونغ"، مفسرا ذلك بأن اللجنة الأولمبية أخبرتهم أنها مهتمة جدا بهذه المواضيع لكنها لا تقع ضمن مسؤوليتها أو ميزانيها لأنها تتعلق بحقوق الإنسان وإدارة الفضاء العام، لذلك توجهوا باحتجاجهم إلى وزارة الداخلية الفرنسية لكن الوزير جيرالد دارمانان "لم يرغب بالرد عليهم".
وعمليا، يمكن اعتبار أن الوقت قد فات لتوفير حلول إقامة مؤقتة على الأقل أو أماكن للمهاجرين والمشردين يجدون فيها الطعام والماء، إذ نجحت السلطات -بالفعل- في إخفاء مظاهر الفقر والتشرد من العاصمة باريس و"سين سان دوني" القريبة منها.
وهو ما أكده عضو الجمعية الفرنسية قائلا "حاولنا بشتى الطرق تحسين الأوضاع لكن بدون جدوى وما يهمنا اليوم هو تسليط الضوء على ما حدث والإشارة إلى أن هذه الألعاب تم تنظيمها على خلفية استبعاد هؤلاء الأشخاص المستضعفين".
وأضاف أنهم سيقومون بتوثيق جميع الأشهر الماضية في تقرير جديد سيُنشر خلال سبتمبر/أيلول المقبل، وسيستمرون في التواصل مع المفوض السامي للأمم المتحدة للإسكان اللائق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
غارات الاحتلال تتواصل على مخيمات اللاجئين والمستشفيات
غزة - القاهرة «وكالات»: قال مسعفون وسكان إن القوات الإسرائيلية قتلت 22 فلسطينيا على الأقل، معظمهم في شمال قطاع غزة، اليوم في غارات جوية وهجمات أخرى على أهداف من بينها مدرسة تؤوي نازحين.
وأضافوا إن 11 على الأقل من هؤلاء استشهدوا في ثلاث غارات جوية إسرائيلية منفصلة على منازل في مدينة غزة، فيما قُتل تسعة في بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا، واستشهد اثنان في ضربة بطائرة مسيرة في رفح.
وقال سكان إن عددا من المنازل تعرضت للقصف وأضرمت النيران في بعضها في البلدات الثلاث، وينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات في هذه المناطق منذ أكثر من شهرين.
وزعم الجيش الإسرائيلي إن المنازل الثلاثة في مدينة غزة تخص مسلحين كانوا يخططون لشن هجمات.
وفي بيت حانون، قال مسعفون وسكان إن القوات الإسرائيلية حاصرت عائلات لجأت إلى مدرسة خليل عويضة ثم اقتحمتها وأمرت النازحين بالتوجه نحو مدينة غزة. وأضاف مسعفون إن قتلى ومصابين سقطوا خلال اقتحام المدرسة بينما اعتقل الجيش الكثير من الرجال، ولم يتضح بعد عدد القتلى.
وقال الجيش إنه استهدف عشرات المسلحين بضربات جوية وبرية واحتجز آخرين في بيت حانون.
من جهته قال مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية: «إن الاحتلال يواصل القصف الجوي والمدفعي باتجاه مستشفى كمال عدوان والمناطق المحيطة في شمال القطاع»، وأضاف: «مُنع الوفد الطبي من الوصول للمشفى، حيث نعاني من نقص بالكوادر الطبية نتيجة الاستهداف الإسرائيلي واستشهاد عدد كبير من الأطباء والممرضين».
وقال أبو صفية: «لا نستطيع تقديم العلاجات اللازمة للمصابين والمرضى، نظرا لاستمرار منع إدخال الأدوية والوقود والمستلزمات الطبية للمشفى». ومنذ أكثر من شهرين يواصل الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية واسعة في شمال القطاع.
وفي سياق منفصل، قالت إسرائيل إن قواتها الجوية قصفت مركز قيادة وسيطرة في مجمع بمركز أبو شباك الصحي في شمال غزة تستخدمه حماس لتخزين الأسلحة والتخطيط للهجمات. وقالت وزارة الصحة في غزة إن المركز الطبي، الذي يضم أيضا عيادة للصحة النفسية، قد دمر.
وترتكب إسرائيل عمليات تطهير عرقي لإخلاء المناطق الواقعة على حافة القطاع الشمالية من السكان بهدف إنشاء منطقة عازلة.
واكتسب مسعى جديد تقوده مصر وقطر والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى هدنة في غزة قوة دافعة في الأسابيع القليلة الماضية، لكن ليس هناك أنباء عن تحقيق انفراجة حتى الآن.