يرى محللان سياسيان أن تنحي الرئيس الأميركي جو بايدن عن سباق الرئاسة أربك حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبات عليه التفكير مع احتمالية التعامل مع رئيسة للولايات المتحدة تنتمي للديمقراطيين.

وفي هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الفلسطينية الدكتور حسن أيوب إن تنحي بايدن لم يكن خبرا سارا لنتنياهو ولا الحزب الجمهوري الأميركي، مشيرا إلى أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تعكس حساباته باحتمالية تغير رياح الانتخابات الأميركية واستطلاعات الرأي التي تعطي المرشح الجمهوري دونالد ترامب تفوقا واضحا.

وأكد الأكاديمي الفلسطيني أن نتنياهو ليس بظرف موات للعب على وتر التناقضات السياسية الداخلية في واشنطن، وبات مضطرا لإمكانية التعامل مع "نسخة نسائية من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما"، والتي كانت دائمة التصويت ضد سياسات الحزب الجمهوري بالشرق الأوسط.

وبناء على ذلك، سيلقي نتنياهو خطابه المرتقب في الكونغرس الأميركي -وفق أيوب- في ظروف مستجدة ستؤثر على مضمون الكلمة، مؤكدا أنه سيكون موجها للحزبين ودعمهما الراسخ لإسرائيل.

وربط أيوب قراءته لمضمون خطاب نتنياهو بتأكيد بايدن بأنه سيركز خلال فترته الرئاسية المتبقية على مهامه والمحافظة على إرثه السياسي والإصرار على التوصل لوقف إطلاق النار بغزة.

بدوره، يعتقد مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق للشرق الأوسط أن بايدن أصبح في حل من الهموم الانتخابية وقد يركز على بعض ملفات السياسة الخارجية مثلما فعل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قبل انتهاء عهدته الرئاسية.

وأكد مولروي أن بايدن سيركز على الإرث الذي سيتركه وليس الحسابات الانتخابية، ويريد أن تصبح كامالا هاريس رئيسة لكي تكمل مسيرته.

ووفق المتحدث الأميركي، يحاول نتنياهو القيام بمعادلة حسابية سياسية لمعرفة هوية الرئيس الجديد للولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه كان يراهن على ترامب سابقا ولكن الآن تغيرت المعادلة ويجب أن يأخذ بعين الاعتبار هوية الرئيس المقبل.

نتنياهو وترامب

في الجهة المقابلة، استحضر أيوب انتقادات ترامب لنتنياهو واعتبر فشل إسرائيل بغزة فشلا شخصيا للأخير وطالبه بالتنحي، معتقدا أن فوز الأول مغامرة غير مضمونة النتائج لنتنياهو، في حين أن إدارة بايدن لم تعد معنية بسياسة مواجهة مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية.

لكنه توقع أن يعيد ترامب نفس سياساته الداعمة لإسرائيل في ولايته الرئاسية الأولى في حال فوز الجمهوريين بانتخابات الرئاسة والكونغرس.

ومع ذلك، يعتقد الأكاديمي الفلسطيني أن العلاقة مع نتنياهو لا تحتل صدارة القضايا في الشأن الداخلي الأميركي وتأتي في المرتبة الثالثة أو الرابعة، حيث تزداد المخاوف من درجة الاستقطاب في أميركا ونزع الشرعية عن الحزب المنافس.

لكن مولروي حذر من قدوم ترامب؛ إذ لا يتبع السياسة العامة للحزب الجمهوري، ويتخذ مواقف شخصية وقد يتعارض مع نتنياهو مستقبلا، في حين أن فوز هاريس سينسجم مع سياسة بايدن الخارجية متوقعا أن يتعرض نتنياهو لضغوط أكبر في ظل إدارتها.

أوراق ضغط

وبشأن عناصر الضغط التي تمتلكها الإدارة الأميركية على نتنياهو، يعتقد أيوب أن مخاطر توسع رقعة الصراع بالمنطقة لم يعد هاجسا وإنما واقعا ويمس بالمصالح الأميركية والترتيبات الأمنية والتطبيعية التي تسعى لها واشنطن في الإقليم.

وإضافة إلى ذلك، تعرف واشنطن موازين العلاقات الداخلية الإسرائيلية وتدرك الأطراف التي تريد التوصل لصفقة تبادل أسرى ومن يعارضها، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تركز على ترتيبات ما بعد التوصل لصفقة يتم العمل عليها مع الدوحة والقاهرة، وفق أيوب.

وعلى صعيد العلاقات، أقر مولروي بوجود مشاكل شخصية بين بايدن ونتنياهو ولكنه استبعد أن يخاطر الأول بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، حيث ينظر إليها من منظور المصلحة للطرفين، وأكد أن مباحثات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بغزة ستحتل حيزا أساسيا خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن، مشددا في الوقت عينه على أن كلا الحزبين بالولايات المتحدة يعارضان فكرة توسيع نطاق الحرب من غزة إلى حزب الله والحوثيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هاريس وسياسات بايدن الاقتصادية والخارجية

ترجمة: قاسم مكي -

في مسائل السياسة الخارجية لدى رئيس الولايات المتحدة سلطات واسعة. ويلاحظ دارسو السياسة وخبراؤها أن سلطة الرؤساء الأمريكيين ظلت «تزداد دون هوادة على مرِّ العقود». هذا يصح خصوصا في أمور الحرب والسلام. فرؤساء الولايات المتحدة يمكنهم تسخير أدوات لا نظير لها في إدارة شؤون الدولة العسكرية والاقتصادية. وهي تتيح لهم إمكانية ممارسة نفوذ كبير على الدول الأخرى باستخدام (أو التهديد باستخدام) العقوبات الاقتصادية أو القوة العسكرية. حتى حلفاء الولايات المتحدة يخشون من أن يكونوا هدفا للعقوبات الثانوية. ويمكن أيضا أن يكون التهديد بالحرمان من المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية مؤثرا جدا في حالات معينة. نظرا لهذا النفوذ الضخم وحقيقة أن دونالد ترامب وكامالا هاريس يختلفان جذريا في نظرتهما إلى العالم تبدو الانتخابات مهمة جدا للسياسة الخارجية وينتظرها باقي العالم على أحرِّ من الجمر. رسائل هاريس حتى الآن سواء في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي أو أثناء المقابلة التي أجرتها معها شبكة «سي إن إن» تشير إلى أن رئاستها ستَعِدُ بقدر كبير من الاستمرارية انطلاقا من السياستين الخارجية والاقتصادية لإدارة بايدن.

لكنها ستتعرض لضغوط على كلا الصعيدين. فلا يزال هنالك انقسام وسط الناس تجاه سياسة بايدن الاقتصادية. وبالنسبة للسياسة الخارجية تم تأطير بايدن بواسطة الجمهوريين بوصفه الرئيس الذي سيترك خلفه حربين كبيرتين مشتعلتين.

المجال الذي قد ترغب هاريس في اتخاذ مقاربة مختلفة فيه هو الموقف من غزة. لكن الضغط الذي يواجهها للسير بخطى حذرة سيكون هائلا. فالحرب هي المجال الذي يمكن أن يهدد مكانتها الجديدة والقوية.

طرفا السباق الرئاسي (حتى الآن) متعادلان كما يبدو مع تقدم هاريس بنقاط قليلة في استطلاعات عديدة على الرغم من أن الأغلبية من الأمريكيين المؤيدة لأيٍّ من المعسكرين (الديمقراطي أو الجمهوري) لا تزال منحازة كل منها لمعسكرها؟ وفي هذا السياق سيكون إقبال الناخبين على التصويت بالغ الأهمية وقد يحدد نتيجة الانتخابات. بالنسبة للديمقراطيين ذلك يعني أن تجدد «الحماس» للمشاركة في الاقتراع حاسم للفوز.

كشف مؤتمر الحزب في الشهر الماضي بالضبط ذلك التحول في المزاج الذي احتاجه الحزب. فبعد شهور من السخط وسط الناخبين جدد ترشح هاريس حماسهم. الآن حوالي 78% من الناخبين الديمقراطيين وذوي الميول الديمقراطية «أكثر حماسا من المعتاد» مقارنة بـ 55% في مارس. لقد فاق حماسهم نسبة الناخبين الجمهوريين الذين هم أيضا أكثر حماسا اليوم والتي بلغت 64%. انعكس ذلك في التبرعات المالية. فقد جمعت حملة هاريس - وولز أكثر من 540 مليون دولار منذ تدشينها.

رسالة البهجة والأمل التي بعثت بها هاريس تجمع بين البراجماتية (بمعني أفعل شيئا) مع مجموعة من السياسات التي تستهدف جعل الحياة اليومية ميسورة للعاملين الأمريكيين. كل هذا يرتكز على توقعات واقعية عبَّر عنها الرئيس أوباما بقوله «لا تقلل أبدا من تقدير خصمك».

الجمهوريون يعدِّلون وضعهم بسرعة. فبعدما عززوا جهودهم لكسب تأييد ناخبي الطبقة العاملة البيضاء التقليدية والمحافظة وخصوصا الذكور يعلن الآن الرئيس السابق ترامب عن سياسات قد تتجاوز جاذبيتها قاعدته الانتخابية بما في ذلك جعل علاج الخصوبة متاحا للأمريكيين العاديين. شرع ترامب سلفا في مهاجمة هاريس مؤطرا إياها كشيوعية. قد يكون ذلك التأطير فعالا بالنسبة لبعض الناخبين. لكن هذه الأساليب الاستقطابية تهدد بالحلول محل ما هو مطلوب بشدة. أي إجراء حوار سياسات جاد حول دور التدخل الحكومي في الاقتصاد.

كلا الحملتين الانتخابيتين الديمقراطية والجمهورية تستهدفان الأمريكيين أعضاء الطبقة الوسطى (اقرأ الطبقة العاملة) وتخاطبان حاجة حقيقية للاستثمار في تحسين أوضاع الحياة اليومية لغمار الناس في الولايات المتحدة. بالنسبة لهاريس هذا يعني المزيد من الإسكان الميسور وسياسات دعم الأطفال وخفض تكاليف العلاج.

في أوساط خبراء السياسات والجمهوريين وحتى وسط الديمقراطيين هنالك عدم ارتياح من سياسة بايدن الاقتصادية (بايدنوميكْس). مع ذلك يبدو وكأن رئاسة هاريس ستواصل تبنّي مقاربة الرئيس بايدن.

هاريس تعارض بشدة الرسوم الجمركية المقترحة من بايدن (تتراوح بين 10% إلى 20% على معظم الواردات وأكثر من 60% على السلع الصينية). فهي تُقِرُّ، وأيضا معظم الاقتصاديين، أن هذه الرسوم قد تصبح عمليا ضريبة على المستهلكين. بدلا عن ذلك ستستمر هاريس في اتباع سياسات بايدن باستخدام الرسوم الجمركية انتقائيا. مثلا بفرضها على الواردات من شرائح أشباه الموصلات.

يدعو البعض هاريس بأن تجعل مسافة بين برنامجها الاقتصادي وبرنامج ترامب أكبر من خلال الوعد بسياستين منحازتين للنمو هما إصلاح نظام الهجرة القانوني بالولايات المتحدة والتوسع في اتفاقيات التجارة الحرة.

ستساعد سياسات إعادة بناء الطبقة الوسطى في التقليل من الخوف الذي يقسّم الأمريكيين ويغذي شيطنة المهاجرين. لكن من الصعب تسويق مثل هذه السياسات في الولايات المتحدة. يقول 51% من الأمريكيين إنهم يفضلون حكومة محدودة تقدم خدمات أقل (أي حكومة أقل تدخلا في شؤون الاقتصاد والمجتمع- المترجم). وهذا يعكس انقسامات حزبية. لقد كشف استطلاع في يونيو أن 79% من ناخبي ترامب يريدون دورا أصغر للحكومة و74% من ناخبي بايدن يريدون دورا أكبر.

بالنسبة لباقي العالم تثير الخطوات التالية التي ستتخذها الولايات المتحدة في السياسة الخارجية اهتماما كبيرا. قدم خطاب هاريس في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي وأيضا المقابلة التي أجرتها معها شبكة «سي أن أن» مفاتيح قليلة في هذا الصدد. لكن حتى الآن معظم المؤشرات تدل على أن سياسة هاريس الخارجية ستكون استمرارا لسياسة بايدن.

يعتقد الجمهوريون الذين يرفعون شعار ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) أن على الولايات المتحدة التركيز على الصين وأن أوروبا يلزمها أن تُعنَى بأمنها هي نفسها. أكَّد جيه دي فانس المرشح لمنصب نائب ترامب هذا الموقف وقدم تنظيرا له. على النقيض من ذلك أشارت هاريس في خطابها أمام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي إلى أن الدور القيادي للولايات المتحدة يرتكز على قيمها. وتمسّكت مثلها مثل بايدن بحلفاء وشركاء الولايات المتحدة.

في مقابلة «سي أن أن» أكدت هاريس أيضا على دورها في مقاضاة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود، موحية بذلك إلى أن القانون سيكون أحد أهم أولويات إدارتها. أحد الأسئلة التي ظلت بلا إجابة هو كيف ستوازن بين تمسُّك الولايات المتحدة الشديد بسيادتها وتدخلات المؤسسات القانونية الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية؟

إلى ذلك، عبّرت هاريس عن تأييدها القوى لكل من أوكرانيا وحلف الناتو. وحول الصين، أوضحت في المؤتمر أنها ستعمل على ضمان» فوز الولايات المتحدة وليس الصين في المنافسة على (الصدارة) في القرن الحادي والعشرين». كما بدت عازمة على عدم تودُّد الولايات المتحدة تحت قيادتها إلى قادة من أمثال كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين. وربما ما هو أكثر مدعاة إلى الدهشة تصريحها بأنها كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية ستعمل على ضمان «أن تكون لدى الولايات المتحدة دائما القوة المقاتلة الأقوى والأكثر فتكا في العالم». لكن اتضح وجود بعض الاختلاف في النظرة بين هاريس وبايدن. ففي مؤتمر الحزب الديمقراطي تجنبت هاريس التأطير الصارخ للسياسة الدولية (كمواجهة) بين الأنظمة الاستبدادية والديمقراطية.

وحول إسرائيل وفلسطين، تحدثت بأسلوب عاطفي عن معاناة الشعب الفلسطيني. كما أوضحت في حذر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتحدثت بانفعال عن معاناة الرهائن وهجمات 7 أكتوبر.

سياستها في هذا المجال من بين تلك التي ستُراقَب بعناية في الأسابيع القادمة. فهل سيكون في مقدور هاريس رسم سياسة مخالفة عن بايدن مع استمرار تعثر محادثات السلام بين إسرائيل وحماس؟ وهل سيطالب الناخبون الذين تشكل لهم غزة عاملا حاسما بتغييرٍ في سياسة الولايات المتحدة؟

الأيام المقبلة لن تكون أيام حملة انتخابية عادية. لم يسبق أبدا في تاريخ الولايات المتحدة الحديث أن كان لمرشح رئاسي كهاريس مثل هذا الوقت الضيق لترسيخ وضعها. وستكون المناظرة الرئاسية في 10 سبتمبر (بين هاريس وترامب) اختبارا لقدرة هاريس على التصدي في التَّوِّ واللحظة لأكاذيب ومراوغات ترامب وفي الوقت ذاته تقديم نفسها وبرنامجها للشعب الأمريكي.

ليزلي فينجاموري مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين بالمعهد الملكي للشؤون الدولية (شاتام هاوس) وأستاذة العلاقات الدولية بمدرسة الدراسات الشرقية والآسيوية - جامعة لندن ورئيسة هيئة التدريس بأكاديمية الملكة إليزابيث الثانية بالمعهد.

مقالات مشابهة

  • أميركا تراقب.. نجل الرئيس الأميركي يمثل أمام المحكمة
  • «حماس» تطالب واشنطن بإلزام نتنياهو بما تم الاتفاق عليه استنادًا لمشروع بايدن
  • عاجل - حماس: على واشنطن إلزام نتنياهو بما تم الاتفاق عليه استنادا لمشروع" بايدن"
  • مع احتدام المنافسة بين ترامب وهاريس.. هذه تواريخ مهمة في سباق الانتخابات الأمريكية
  • أول مناظرة وحكم بحق ترامب.. تواريخ مهمة في السابق الرئاسي الأميركي 2024
  • هاريس وسياسات بايدن الاقتصادية والخارجية
  • وزير العدل الأميركي يحذر من جهود حثيثة من جانب إيران للتأثير في حملات انتخابات الرئاسة الأميركية
  • السناتور الجمهوري ليندسي غراهام: بايدن سمح لإيران بالإفلات من العقاب
  • السناتور الجمهوري ليندسي غراهام ينتقد نهج إدارة بايدن في التعامل مع إيران ووكلائها
  • فريدمان: نتنياهو خدع بايدن وسيصعد الوضع في غزة لمساعدة ترامب