واشنطن- استمر الرئيس الأميركي جو بايدن في عناده ورفضه الانسحاب من السباق الانتخابي لمدة 24 يوما، عقب الأداء "الكارثي" في المناظرة أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب، وكرر في عدة لقاءات تلفزيونية وفعاليات انتخابية إمكانية هزيمة ترامب.

إلا أن كل شيء تغيّر عقب نجاة ترامب من محاولة اغتياله بولاية بنسلفانيا يوم 13 يوليو/تموز الجاري، والتي أدت إلى ارتفاع شعبيته، وتأكدت القيادات الديمقراطية من استحالة فوز بايدن على ترامب في انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة، وجاء إعلان انسحاب بايدن الدراماتيكي من السباق الانتخابي بعد 8 أيام من محاولة اغتيال منافسه الجمهوري.

بايدن العنيد

على مدار 24 يوما، أصر بايدن على المضي قدما في محاولة إعادة انتخابه رغم دعوات من المشرعين الديمقراطيين والمانحين له بالتنحي، وذلك عقب أدائه الذي وُصف بـ"الكارثي" في مناظرة 27 يونيو/حزيران الماضي أمام منافسة ترامب.

وقبل أقل من 20 ساعة من إعلانه الانسحاب رسميا من السباق، بدا أن بايدن لم يتخذ قراره، حيث غرد على منصة "إكس" قائلا "إنها أهم انتخابات في حياتنا، وسأفوز بها". وتغير كل شيء يوم السبت الماضي بعدما أخبر بايدن كبار مساعديه في الصباح أنه "سيمضي قدما بكامل قوته" للحملة، ولكن بحلول المساء، غيّر رأيه بعد مناقشة طويلة مع أقرب مساعديه.

وعبّر قادة الحزب الديمقراطي خلال الأيام الأخيرة عن تزايد المخاوف من المشرعين والمتبرعين، وهو ما أكد أن طريق بايدن إلى النصر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل قد انتهى.

واختار الرئيس الإعلان عن انسحابه بدلا من الاستمرار وترْك نفسه مجالا للسخرية باعتباره "أسدا معزولا ومخدوعا يجر معه الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ إلى كارثة في الانتخابات الرئاسية 2024″، كما يجري وصفه مؤخرا.

ومنذ المناظرة، كان بايدن وأقرب مساعديه مصممين على الاستمرار في السباق، مع اقتناعهم بأنه لا يزال أفضل فرصة لحزبه لهزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب مع احتواء تداعيات المناظرة.

في لحظة بدا فيها أن بايدن قد يكون قادرا على تحمل الدعوات التي تطالبه بالتنحي، ظهرت الديمقراطية نانسي بيلوسي في برنامج "صباح جو" على قناة "إم إس إن بي سي"، وقالت إن الحزب سيمنح الرئيس "الذي كان مصرا على بقائه"، مزيدا من الوقت للتوصل إلى قرار.

مخاوف

على مدى 3 أيام في أواخر الأسبوع الماضي، تحدث بايدن على انفراد مع القادة الديمقراطيين في الكونغرس، نانسي بيلوسي وحكيم جيفريز وتشاك شومر، وسُربت أنباء بأنهم حثوا كلهم بايدن على الإسراع بالاستقالة.

هذه التسريبات، تزامنت مع تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" بأن الرئيس السابق باراك أوباما كان يعبّر أيضا عن مخاوفه بشأن حملة بايدن بشكل خاص، وأشارت إلى الديمقراطيين الآخرين الذين لم يعبّروا بعد عن مخاوفهم الخاصة علنا بأن الوقت للقيام بذلك قد حان.

لكن يبدو أن انتقادات بايدن الحادة تجاه ترامب -خلال تجمع حاشد في ديترويت ليلة الجمعة الماضية- عززت دائرته الداخلية وحلفاءه الذين أرادوا منه التمسك بها.

كانت هذه أفضل محاولة لبايدن منذ مناظرته "العقيمة" لنقل المعركة بشكل مباشر أكثر إلى الرئيس السابق المثير للجدل، وتحويل السرد الذي يقود الحملة بعيدا عن ترشيحه المتأرجح والعودة نحو التباين، الذي اعتبره الديمقراطيون ضروريا لفرص بايدن.

لكن، جاءت إصابة ترامب برصاصة في أذنه اليمنى على بعد مليمترات من رأسه، أثناء حديثه في تجمع انتخابي ببلدة باتلر بولاية بنسلفانيا، لتقضي على أي حظوظ لبايدن.

وبعد أن سحبه ضباط الخدمة السرية على الأرض، نهض ترامب الذي كان وجهه ملطخا بالدماء، ورفع قبضة يده إلى أعلى وصرخ معلنا الاستمرار في التحدي، وعكست 4 أيام في مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي وحدة وحماسا غير مسبوقين في الحزب.

والأهم من ذلك، أنها زادت حدة التناقض في قلب إستراتيجية حملة ترامب، حيث قدمت الرئيس السابق على أنه تجسيد للقوة ضد بايدن الذي صار رمزا للضعف والوهن.

هجوم وتفاخر

ووسط أعمال مؤتمر الجمهوري، أعلن بايدن توقفا مؤقتا لحملته الانتخابية وعاد من لاس فيغاس دون أن يلقي خطابا في تجمع حاشد من ناخبين ديمقراطيين لاتينيين، بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا، وعاد إلى بيته في ولاية ديلاويير، حيث مكث بعيدا عن الأنظار منذ مساء الأربعاء الماضي.

ومع ارتفاع شعبية ترامب ومرض بايدن من جديد، اقتنع كبار قادة الحزب الديمقراطي وكذلك أهم مموليه أن الوقت قد حان لطي صفحة بايدن دون أي تأخير وأي تردد، وهو ما كان وما أعلنه بايدن نفسه، أمس الأحد، للأميركيين وللعالم.

وسرعان ما هاجم ترامب قرار بايدن الانسحاب من الرئاسة، وكتب على منصة "تروث سوشيال" "لم يكن بايدن المحتال لائقا للترشح للرئاسة وللمنصب، ولم يكن كذلك أبدا، كل من حوله، بما في ذلك طبيبه ووسائل الإعلام، كانوا يعرفون أنه غير قادر على أن يكون رئيسا". وتفاخر ترامب بأنه يعتقد أن الانتصار على نائبة الرئيس كامالا هاريس سيكون "أسهل من الانتصار على بايدن".

ثم بادرت حملة ترامب -على الفور- باستهداف هاريس، حيث هاجمها نجله ترامب جونيور، ووصفها بأنها "أكثر ليبرالية وأقل كفاءة من جو"، كما أعلنت عدة لجان تبرعات مالية لحملة ترامب أنها ستنشر إعلانا يستهدف هاريس في الولايات المتأرجحة الحرجة مثل بنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن.

واستغل ترامب المناسبة لمحاولة الاستفادة من المانحين أيضا، وأخبرهم أنه بحاجة إلى المساعدة في تعزيز "الزخم في هذه اللحظة بالذات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرئیس السابق بایدن على

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يوافق على انسحاب من أجزاء من محور فيلادلفيا

سرايا - أعلن البيت الأبيض، أمس (الثلاثاء)، أن أحدث مقترحاته بشأن صفقة الرهائن المدعومة من إسرائيل، تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية على طول «محور فيلادلفيا»، بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل يجب أن تحافظ إلى أجل غير مسمى على وجودها على طول الحدود بين مصر وغزة.

ووفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فقد قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، في إفادة صحافية: «الصفقة نفسها تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق ذات الكثافة السكانية العالية... في المرحلة الأولى... وهذا يشمل تلك المناطق على طول هذا الممر وما يحيط به».


وأضاف: «هذا الاقتراح وافقت عليه إسرائيل».


ولكن كيربي رفض توضيح ما إذا كان هذا يعني أن الولايات المتحدة تدعم السماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في مناطق أقل كثافة سكانية على طول «محور فيلادلفيا» خلال المرحلة الأولى من الاتفاق التي تستمر 6 أسابيع.


ولكن على الرغم من ذلك، فإن المرحلة الثانية من الاتفاق تتطلب انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من غزة؛ وهو البند الذي بدا أن تصريحات نتنياهو يوم الاثنين تتناقض معا، بحسب موقع الشرق الأوسط.
ورفض نتنياهو في خطاب ليلة الاثنين «الانسحاب من (محور فيلادلفيا)» رغم أن ذلك يمثل مخالفة لاتفاق السلام بين إسرائيل ومصر عام 1979، وقال: «لقد حرصنا على ألا يدخل دبّوس إلى غزة من جانبنا، لكنهم (حماس) سلّحوا أنفسهم عبر (محور فيلادلفيا) ومصر».

وردَّت وزارة الخارجية المصرية، أمس، وقالت إن نتنياهو «حاول الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل إلى صفقة لوقف النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة».


وفي إحاطة لاحقة مع الصحافيين يوم الثلاثاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة «أوضحت تماماً ما تعتقده بشأن إمكانية وجود إسرائيلي مستمر في غزة. إننا نعارض ذلك».


وأكد ميلر أيضاً على تعليقات كيربي بشأن الاتفاق الإسرائيلي على الانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان على طول «محور فيلادلفيا»، مضيفاً أن «هناك عدداً من التفاصيل التي تتطلب مزيداً من المفاوضات لاستنتاج كيف ستفي جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب الاتفاق».


و«محور فيلادلفيا» شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب الاتفاقية الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979، ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، خصوصاً بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي في مايو (أيار) الماضي مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح.


مقالات مشابهة

  • «الدويري»: مصر أشرفت على انسحاب إسرائيل من غزة دون اشتباكات عام 2005
  • هاريس تصفع ترامب وتغادر نهج بايدن
  • احذر الاضطراب المفاجئ في الدماغ
  • بوتين يكشف من تدعم روسيا بين ترامب وهاريس مؤكدا: بايدن كان المفضل لنا
  • هاريس وسياسات بايدن الاقتصادية والخارجية
  • «المستقلين الجدد»: زياره الرئيس السيسي لتركيا نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين
  • عوامل تحديد رسوم الحصة في مجموعات التقوية 
  • الاحتلال يوافق على انسحاب من أجزاء من محور فيلادلفيا
  • فريدمان: نتنياهو خدع بايدن وسيصعد الوضع في غزة لمساعدة ترامب
  • حماس: تفشي الأمراض المعدية داخل سجون الاحتلال دليل جديد على حجم الظروف الكارثية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون