لا يكاد يمر علينا يوم دون أن نشهد خبرا مضللا أو شائعة أو وسما في منصة X يتخلله اجتزاء لتصريح حكومي بل وصلنا إلى مرحلة التهكم على الشخوص وتقزيم من حجم المنجزات. إنها فوضى في وسائل التواصل الاجتماعي بقيادة حسابات إلكترونية تهدف إلى إرباك مستوى الوعي المجتمعي بما يدور حوله وما ينبغي أن يقوله أو يتفاعل معه، فما تعاني منه الشبكات الإلكترونية في هذه الأيام يتطلب وقفة جادة وصارمة من جميع الأطراف المعنية بتنمية المجتمع، لإعادة البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، وتصحيح بعض السلوكيات غير المقبولة مجتمعيا في وسائل الإعلام الحديثة، خاصة تلك التي تستهدف تماسك الأسرة والمجتمع.

وحقيقة أرجو التركيز على المنصات التي تستهدف كيان الأسرة وخصوصيته مثل منصات الإنستجرام، والسناب شات إضافة إلى التيك توك، لإسهامها في ترويج المقاطع المرئية الخادشة للحياء التي تربك مسار التربية الصحيحة للنشء وتكشف أسرار البيوت وتزيد من معدل المشكلات الاجتماعية مثل الطلاق والتشتت الأسري وغيرها من المشكلات الرائجة في المجتمع منذ أن غزت هذه الشبكات المجتمعات والبيوت والطرقات والمجالس والتجمعات.

إن مستوى الوعي المجتمعي ينبغي أن يتم التعامل معه بحذر شديد دون ميلان مستوى الوعي إلى الخوف من هذه التحديات التي تعترضه بين فترة وأخرى، وأقصد هنا أن حدوث بعض المشكلات في المجتمع لا يجب التعامل معها كظاهرة بدأت تأثيراتها تطفو على السطح بل هي حدث عارض ناجم عن سلوكيات دخيلة أو توجه فكري يحتاج إلى تصحيح وتقويم ليتم ضبطه وإعادة مساره وفق أسس المجتمع المتماسك المتعاضد المتحد بين أفراده لمواجهة التهديدات التي تعترضه، وفي نفس الوقت ينبغي وضع بعض التهديدات في الحسبان عند مكافحة هذه السلوكيات الضارة بالمجتمع من حيث مواءمتها مع الوقاية من توسعها على المجتمع المدني أو خشية من تحولها إلى محتوى تعريفي للنشء، بحيث يتم وضع إطار محوكم ذات معايير دقيقة تضمن عدم تحوّل المكافحة إلى محتوى رائج بين أفراد المجتمع. وهنا يتطلب جهدا كبيرا من المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني لضمان عدم حدوث ذلك عبر استخدام طرق وأساليب ومنهجيات تستطيع تحييد برامج الوقاية وتوجيه الرأي العام نحوها دون أن يتأثر بعمليات مكافحة السلوكيات المستهدفة، فما أخشاه أن تستمر فوضى وسائل التواصل الاجتماعي لتكوّن رأي عام مبنيا على أسس واهية أو يتم استغلال بعض الأحداث في تكوين الرأي العام عبر استخلاص دروس وعبر استنادا إلى أرقام ومؤشرات غير دقيقة مما يصعب على المختص بقراءة المشهد العام للرأي العام من وضع تصورات أو مقترحات إجرائية لمعالجة الحدث الحاصل، فيقتصر التعامل مع الموضوع على مراقبة الوضع العام دون القدرة على توجيه الرأي العام بسبب حالة الفوضى التي تحدث في شبكات التواصل الاجتماعي.

إن ما تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي من سيطرة فكرية على مرتاديها عبر إضفاء بعض التفاعل غير الدقيق مع الأحداث، ساعد على تكوين رأي عام يفتقد للمصداقية والواقعية لمجريات الأحداث وحيثياتها، ومع مرور الوقت بات تدفق هذه المعلومات للجمهور وتقبلها سهلا كونها باتت تغزو شبكات التواصل الاجتماعي بسهولة ويسر، لما توفره هذه المنصات من بيئة خصبة لتداول الشائعات وتناقلها على نطاق واسع، وعدم وجود النخب المتخصصين في بعض المجالات إضافة إلى افتقارها إلى جوانب التحليل النقدي لبعض الموضوعات والقضايا التي تناقش حيثياتها ودواعيها. ما ينبغي على جمهور هذه المنصات ومرتاديها هو التعمّق في تحليل الأحداث وعدم الانجرار خلف الآراء السطحية المتداولة مع حدوث عارض مجتمعي، مع قراءة المشهد العام للحدث وتشخيصه جيدا قبل الخوض في غمار التحليل والنقد، لبناء قاعدة متينة من المعلومات والبيانات المستخلصة من الوقائع والأحداث التي تنبثق منها الآراء وردود الأفعال.

أما ما يحدث حاليا في هذه الشبكات فأشبه بالفوضى التي لا يستطيع المتلقي للمعلومة أن يستقي ما يشبع فضوله وإدراكه بما يدور حوله، وإن حاول الاجتهاد في الحصول على المعلومة المناسبة، فإنه سيواجه حاجزا مليئا بالمغالطات والتضليل يحول دون وصوله إلى المعلومة الصحيحة. وهنا يأتي دور الفرد في وضع حد يمنع استقباله لهذه المغالطات عبر كثرة الاطلاع والتمعّن فيما يتم مناقشته وطرحه من آراء وتوجهات وردود أفعال حتى يستطيع بناء محتوى فكري ثري يساعده على التفاعل مع الأحداث بصورة مثالية، وليتجنب استقبال المعلومات المضللة والمغرضة التي تحاول توجيه الفرد نحو الأفكار الضالة والهدامة للمجتمع وتماسكه.

أخيرا، إن الاستناد في التحليل النقدي للأحداث على معلومات وبيانات غير دقيقة أشبه بالفوضى التي تواجه شبكات التواصل الاجتماعي في وقتنا الحالي، فهي لا تثبت الخبر ولا تعطي تحليلا دقيقا للحدث، وتبقى الحادثة عرضة للتحليل الواهي، كل شخص يحاول أن يدلوا بدلوه ليثبت رأيه ويكون سبقا صحفيا للحدث، ما يجعل الفرد في تحدٍ لكيفية استنباط الخبر الصحيح من الفوضى التي تحيط به في المنصات، ليبقى الحل دائما أن استقاء المعلومات والأخبار الصحيحة لن يتحقق إلا بوسائل الإعلام الرسمية المصدر الحقيقي للحدث.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی الرأی العام

إقرأ أيضاً:

ضبط شخصين بالقليوبية روجا علي مواقع التواصل الاجتماعي بيع الألعاب النارية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمكنت جهود أجهزة وزارة الداخلية بتحديد وضبط القائم على النشر (طالب- مقيم بدائرة قسم شرطة ثان شبرا الخيمة بالقليوبية) وبحوزته (150 قطعة ألعاب نارية).. وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة وحيازته للمضبوطات بقصد الإتجار.

وأقر بتحصله عليها من (عاطل) تم ضبطه وعثر بحوزته على (350 قطعة ألعاب نارية مختلفة الأنواع) وبمواجهته إعترف بحيازته للمضبوطات بقصد الإتجار.

وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

مقالات مشابهة

  • ضبط شخصين بالقليوبية روجا علي مواقع التواصل الاجتماعي بيع الألعاب النارية
  • الحرب السودانية ودور الاعلام السوداني ووسائل التواصل الاجتماعي
  • تم عرض “المنزل الوحيد” في إسطنبول، الذي جذب انتباه ملايين الأشخاص، للبيع!
  • مسلسل مراهق العائلة.. كابوس التواصل الاجتماعي يتجاوز الحدود
  • كيف تدعمين مهارات التواصل الاجتماعي عند طفلك؟ خبيرة أسرية توضح (خاص)
  • استشاري: التنمر في مواقع التواصل الاجتماعي ثمنه غالٍ جدًا.. فيديو
  • «التنمر الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي» في ندوة توعوية بثقافة السويس
  • العلامة شمس الدين يؤكد عدم وجود أي صفحة له على مواقع التواصل الاجتماعي
  • مفتي الديار اليمنية يؤكد عدم وجود أي صفحة له على مواقع التواصل الاجتماعي
  • مفتي الديار يؤكد عدم وجود أي صفحة له على مواقع التواصل الاجتماعي