لجريدة عمان:
2024-12-22@17:25:29 GMT

على هامش حادث الوادي الكبير!!

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

بالرغم من أن المنطقة تموج بأحداث عنف وإرهاب عديدة، أخذت تنتعش وتستعيد قدر من زخمها ولو نظريا في الآونة الأخيرة، إلا أن حادث إطلاق النار في محيط مسجد الوادي الكبير يوم الاثنين الخامس عشر من يوليو الجاري ورفع مرتكبي الحادث راية تنظيم داعش الإرهابي قبل أن يدفعوا حياتهم ثمنا لتمسكهم بالمواجهة مع قوات الشرطة، كان مفاجئا وصادما في الواقع ليس فقط لمن عاشوا في رحاب عُمان ولمن اختلطوا مع أبنائها على كل المستويات ومن كافة شرائح المجتمع سنوات طويلة، بل ولمن تسنى لهم معرفة العمانيين عن قرب.

ومن الواضح أن الإعداد لهذه العملية، بما فيها تجهيز راية داعش والقيام بالعملية في وضح النهار تحت ستار الشعور العميق بالأمن والأمان في ربوع المجتمع العماني وكذلك الاستمرار في العملية لينتشر نبأها على أوسع نطاق كان فيما يبدو هدفا في حد ذاته وذلك، عبر صدمة حدث يحدث للمرة الأولى على مدى خمسين عاما في عُمان وعلى عكس أي توقعات في هذا المجال.

ومع ذلك فإن مما له دلالة عميقة أن حادث الوادي الكبير ليس حادثا نمطيا في عُمان، ولكنه في الواقع وعلى الأرجح هو حادث مصنوع ومصمم من أجل محاولة تشويه الخصوصية العمانية، والتي يشير إليها الجميع على مدى العقود الأخيرة، وهي الخصوصية التي يندهش الجميع حيالها ويتساءل الكثيرون عن سر هذا الهدوء والترابط المجتمعي وعدم وقوع المجتمع العماني في هوة الصراع الذي يطحن مجتمعات أخرى في المنطقة وخارجها من حوله، ومن ثم تحولت هذه السمة والخصوصية من عنصر تميز في طبيعة المجتمع العماني إلى عنصر أثار بالفعل حنق وحفيظة البعض ورغبته في كسر هدوء وسكينة المجتمع العماني الذي عاش قبل عام 1970 عقودا من الخلافات والصدامات التي تغلب عليها بحكمة القيادة واستمرارها حتى الآن وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب، من أهمها أولا: إن المجتمع والدولة العمانية ليس مجتمعا طارئا ولا حديثا ولكنه مجتمع قديم قدم التاريخ في هذه المنطقة ومن ثم فانه يمتلك كل مقومات هويته الوطنية التي تتسع لتضم كل قوى المجتمع وشرائحه رغم تنوعها في تماسك وترابط عميقين، ومن ثم فانه أدرك أهمية وضرورة إرساء قواعد راسخة للتعايش في بوتقة المجتمع العماني المميزة على امتداد التاريخ، وكذلك أهمية إقناع دول المنطقة بها لإرساء علاقات من التعايش والعلاقات الطيبة والوثيقة والموثوق بها ولصالحها جميعها.. والمؤكد أن بناء ذلك لم يكن سهلا ولكنه استغرق الكثير من الجهد والوقت والصدق والصراحة والشفافية، حتى أصبحت العلاقات بين سلطنة عمان والدول الشقيقة والصديقة نماذج تحتذى على صعيد التعامل بين دول المنطقة والإسهام في حل مشكلاتها بكل مستوياتها وهو ما جعل من عُمان ليس فقط حمامة سلام بين دول المنطقة ولكن أيضا زاد من رصيدها لدى شعوب المنطقة. وجاءت حالة الأمن والأمان التي تعيشها عُمان لتجعل منها نموذجا تتطلع إليه الكثير من دول المنطقة كنموذج ناجح على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنموية بوجه عام. ومن المعروف أن بعض دول المنطقة تبني بالفعل مبادرات وسياسات تبنتها سلطنة عمان في إدارتها لسياساتها الخليجية والإقليمية والعربية في وقت سابق، وقد ساعد الاستقرار والتماسك الداخلي على قوة وترابط المجتمع العماني وتغلبه على مختلف التحديات التي واجهته في ظروف أو أخرى. وبينما استطاعت السياسة العمانية كسب ثقة وتقدير الدول الأخرى في المنطقة وخارجها ومن ثم كسب تعاونها ومواقفها الإيجابية لصالح التقريب بين وجهات النظر والعمل على حل الخلافات بين الأشقاء والأصدقاء، والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى، وذلك برغم أن سلطنة عمان لم تعتمد على سياسة التمويل بشكل أو بأخر وكانت الشفافية والصراحة ووضوح المواقف السبيل لبناء الثقة المتبادلة والسبيل إلى حل الخلافات والتقريب بين المواقف.

ثانيا، إن النجاح السياسي والاقتصادي العماني والذي لم يعتمد على فائض من الأرصدة الدولارية، بل على فائض من الإيمان بالقيم والصراحة وبمبادئ القانون وبقيمة التعاون المخلص لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، جعل البعض يتصور أنه ليس صعبا أن يتم الإساءة إلى عُمان وإلى سياستها وإلى تميزها على الساحتين الخليجية والعربية خاصة فيما يتصل بعدم تورطها لا هي ولا أي من أبنائها في أي أنشطة إرهابية ولا أي إساءة إلى أي من جيرانها تحت أي ظروف، بل على العكس كثيرا ما تحملت وصفحت وتجاوزت من منطق الأخوة والصبر الجميل حتى يثوب الآخرون إلى رشدهم. وبالنسبة لحادث الوادي الكبير، فإن مما له دلالة أن تكون العناصر المتورطة في الحادث عناصر عمانية، بل من «أسرة واحدة تأثرت بالأفكار الضالة»، حيث لم يتم اتهام عنصر واحد فقط ولن يكون ذلك بمثابة دعم للاتهام الجمعي، خاصة أنه على امتداد العقود الماضية لم يتم اتهام ولا عنصر واحد بالانتماء إلى تنظيم داعش ولا لأي تنظيم إرهابي مماثل، أما تورط ثلاثة أخوة في الحادث فإنه يعطي دلالة معاكسة خاصة لمن يريد أن يبحث عن اتهام أو دليل ما لتشويه السياسات العمانية التي نشطت في الآونة الأخيرة، إذ إنه من المعروف أن لعُمان سياستها الداعمة للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية منذ عقود عديدة وليس منذ سنوات قليلة كما قد يعتقد البعض. من جانب آخر فإن عُمان لا تتبع سياسة تصادمية ولا صراعية مع أي طرف عربي أو إقليمي، بل تؤثر دوما الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وترفض بقوة التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل، إذ إنها تبحث عما يجمع بين الأشقاء والأصدقاء ويعزز مصالحهم المشتركة والمتبادلة. ومن هذا المنظور فإن حادث الوادي الكبير «المصنوع» بغرض الإساءة المتعمدة لعُمان سريعا ما سينتهي بعد الإحاطة بكل ملابساته، وبرغم أهمية وقيمة المسارعة في الإعلان والتعامل بشفافية مع الحادث إلا أنه من الطبيعي أن تكون هناك معطيات ما قد تقتضي المصلحة الوطنية عدم الإعلان عنها بشكل كلي أو جزئي حسب تقييم الجهات المعنية لما تقتضيه المصلحة والأمن الوطني في هذه المرحلة أو المراحل القادمة، وهو ما يتم التعامل معه على أعلى المستويات.

ثالثا، إن سمة الأمن والأمان المترسخة في المجتمع العماني لم تظهر فجأة، ولكنها ظهرت ونمت وترعرعت عبر إيمان عميق بقيم المجتمع العماني وتماسك وتعاضد أبنائه من ناحية وحرص القيادة والحكومة على تنمية ورعاية القيم العمانية النبيلة والمتسامحة في التعامل مع الآخر، ومن ثم نبذ مختلف مظاهر العنف والتطرف والصراع في حل أي خلافات قد تطرأ أو تظهر لسبب أو لآخر من ناحية ثانية، ومن المعروف أن كثيرين دهشوا وتساءلوا عن سر الهدوء والاستقرار الذي ينعم به المجتمع العماني منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة واستمررها في إطار النهضة العمانية المتجددة. وبالرغم من حادث الوادي الكبير، إلا أن الحادث يظل في النهاية حادثا وحيدا ويصعب أن يكون سببا في تشويه الوجه المميز للنهضة العمانية الحديثة والمتجددة حتى لو أراد البعض الإساءة المتعمدة للمجتمع والمواطن العماني المعروف بقوة انتمائه وتمسكه بالحفاظ على وطنه والدفاع عنه في كل الظروف بل والتضحية من أجله بالغالي والنفيس.

وبالنظر إلى أن المجتمع العماني هو مجتمع طبيعي وليس مجتمعا من الملائكة، فإنه من الطبيعي أن يواجه بعض المشكلات وأن تظهر بعض التحديات خاصة في ظل التفاعل مع ما يجري من حولنا من مشكلات وتدخلات زاد من حدتها تداخل الحركة بين المجتمعات والأثر السلبي في بعض جوانبه لوسائل التواصل الاجتماعي التي وصلت إلى كل أفراد المجتمع دون استثناء بكل ما يترتب على ذلك من نتائج مباشرة وغير مباشرة.

وإذا كانت حكمة التعامل مع حادث الوادي الكبير من جانب القيادة ومختلف المؤسسات المعنية في الدولة قادرة على الإحاطة بكل الملابسات والعناصر المؤثرة وذات الصلة بما حدث والمراحل التي مر بها، فإنه من المؤكد أن الحفاظ على أمن وأمان الدولة والمجتمع والمواطن ليس فقط مسؤولية المؤسسات المعنية بالأمن ومجالاته المختلفة، ولكنه في الواقع مسؤولية الجميع في تلك المؤسسات وخارجها أيضا، وبوعي عميق وبعيد النظر لحقيقة أن الحفاظ على الأمن والأمان هو ركيزة الحفاظ على متطلبات النمو والتطور والازدهار وبتعاون كل أبناء الوطن في كل المواقع وعلى كافة المستويات، وهو أمر لا شك أن المؤسسات المعنية وضعته في الاعتبار منذ البداية وهو ما يتطلب التعامل والتعاون معه بوعي ومسؤولية وبعد نظر لصالح حاضر ومستقبل أمن وسلامة وتطور المجتمع والمواطن العماني بوعي ومسؤولية ليظل المجتمع العماني مجتمع أمن وأمان في الحاضر والمستقبل ولصالح كل أبنائه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حادث الوادی الکبیر المجتمع العمانی دول المنطقة ومن ثم

إقرأ أيضاً:

خالد الصبحي يتوج بكأس الديربي العماني لقفز الحواجز

توج الفارس خالد بن درويش الصبحي بلقب كأس بطولة الديربي العمانية الدولية لقفز الحواجز، ليضيف إنجازًا جديدًا بعد كسبه كأس العيد الوطني لقفز الحواجز، وتأهله لنهائي المجموعة السابعة لجولات الأطفال والناشئين والشباب للاتحاد الدولي للفروسية التي ستستضيفها دولة قطر العام المقبل.

وأقيمت المسابقة ضمن البطولة الدولية التي استضافها الميدان الأولمبي بمزرعة الرحبة بتنظيم الاتحاد العماني للفروسية والسباق تحت إشراف الاتحاد الدولي للفروسية، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفرسان تنافسوا على 16 فئة على مدى يومين متتاليين، وذلك برعاية السيد منذر بن سيف بن حمد البوسعيدي رئيس مجلس إدارة الاتحاد العماني للفروسية والسباق.

ففي فئة العموم الدولي ذو النجمة الواحدة على ارتفاع 130 سم، شارك في هذه الفئة 3 خيول، وتوج بالمركز الأول خالد بن درويش الصبحي على "أوتانيا"، وحل ثانيًا مدين بن سعيد اليوسفي على "ودود"، بينما جاء ثالثًا خالد بن درويش الصبحي على "بيرفكت زد".

بينما في فئة الشباب تأهيلي دولي على ارتفاع 130 سم، فشارك في هذه الفئة 3 خيول، وتوج بالمركز الأول الفارس وارث بن تميم المحروقي على "إكستريم".

أما في فئة العموم الدولي ذو النجمة الواحدة على ارتفاع 120 سم فقد شارك في هذه الفئة 9 خيول، وحقق المركز الأول خالد بن درويش الصبحي على "حنين"، وجاء ثانيًا حيدر بن أنور الراشد على "كوايدم"، وحل ثالثًا جمال بن حميد الشرياني على "أجنا" من سلطنة عُمان.

وفي فئة CSICH على ارتفاع 110 سم، شارك في هذه الفئة خيلان، حيث توج بالمركز الأول طه بن زياد البلوشي على "صحوة"، بينما حلت في المركز الثاني صوفيا جيسكا على "كولساندرو".

بينما في فئة العموم الدولي ذو النجمة الواحدة على ارتفاع 110 سم فتنافس 18 خيلًا، وأحرز المركز الأول محمد بن حمود الطوقي على "نور عُمان"، وجاء ثانيًا مدين بن سعيد اليوسفي على "رجا"، تلاه الفارس خالد بن خلفان الشعيبي على "ديڤا دي جراندي".

وفي الفئة (E) على ارتفاع الحواجز 100 سم، شارك 25 خيلًا حيث توج بالمركز الأول سعيد بن حميد الشكيلي على "العباب" من الحرس السلطاني العماني، وجاء ثانيًا مدين بن سعيد اليوسفي على "همة" من الخيالة السلطانية، وفي المركز الثالث سارة بنت سهيل الكثيري على "ليوت جونج" من مدرسة الفارس للفروسية.

وفي نهاية كل فئة، تم تكريم الفرسان الفائزين، كما قام راعي المناسبة رئيس مجلس إدارة الاتحاد بتتويج الفئة الأخيرة وتكريم المؤسسات والأفراد الذين أسهموا في إنجاح البطولة والمنظمين.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • كيف يعيد المحتوى المحلي رسم ملامح الاقتصاد العماني؟
  • الاثنين.. بدء أعمال"المنتدى الاقتصادي العماني الكويتي"
  • مختصون: السمت العماني .. هوية راسخة لمجتمع أصيل
  • المساوي يفتتح مشروع الرصف الخرساني لطريق في مديرية ريف إب
  • 200 مصاب في حادث الدهس بسوق عيد الميلاد بمدينة ماجديبورج الألمانية
  • خالد الصبحي يتوج بكأس الديربي العماني لقفز الحواجز
  • الاتحاد يفوز على النصر العماني 4-1 وديًا
  • للمرة الأولى .. الاحتلال يطلق النار على سوريين في المنطقة العازلة
  • الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالمصنعة