لجريدة عمان:
2024-11-16@22:41:11 GMT

مجلس خبراء الدولة

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

23 يوليو 1970م.. يومٌ فارقٌ في الأمة العُمانية، فيه بدأ السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه (ت:2020م) عهداً جديداً لعُمان، فقاد نهضة شاملة، ونقل البلاد إلى العصر الحديث، بإنشاء دولة ذات مؤسسات مدنية يحكمها القانون. اشتركت فيها أجهزة الحكومة مع الشعب في مسيرة بناء سادت ربوع الوطن، فأوجدت الأنظمة الحديثة التي يحتاج إليها الإنسان كالتعليم والصحة والإسكان والمواصلات، مع الأمن المستقر داخلياً، والمكانة المقدّرة خارجياً، حتى عمّت الألفة والتعايش مكونات المجتمع، وحج إليها العالم لحل صراعاته السياسية.

وكما تطورت الدولة في أجهزتها، وفي مشاركة المواطنين لحكومتهم في إدارتها؛ حصل تطور ملحوظ في إسهام المواطن في تقديم رؤيته لها، عبر أربعة حقول: المجالس السياسية والخدمية والوظيفية ومكاتب مستشار جلالة السلطان، وقد تطورت هذه المجالس بما يواكب المرحلة التي يمر بها المجتمع والدولة:

أولاً: المجالس ذات الطبيعة السياسية:

- بدأت الدولة بإنشاء مجلس الزراعة والأسماك والصناعة، فصدر به مرسوم سلطاني برقم (19/ 79) بتاريخ 21 أبريل 1979م، وكان الغرض منه الاهتمام بالجانب الاقتصادي، بإشراك المواطنين في رسم وتوجيه اقتصاد البلاد، بغية تحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطنين. الاقتصاد هو الأساس الذي تقوم عليه الدول، وهو الهاجس الذي يقلق الحكومات والمجتمعات والأفراد على حد سواء، فكان من المهم الابتداء به.

- إنشاء مجلس استشاري للدولة.. صدر بالمرسوم سلطاني برقم (84/ 81) في 18 أكتوبر 1981م، ملغياً مجلس الزراعة والأسماك والصناعة، دام عقداً كاملاً، وهي مرحلة متقدمة لمشاركة المواطنين، حيث توسعت لتشمل شرائح عديدة؛ منهم: رجال الأعمال والمراكز الاجتماعية، وكبار مسؤولي الدولة الذين أحيلوا إلى التقاعد من الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية، والخبرات العلمية والعملية. وكان هذا المجلس يُعيّن أعضاؤه من قِبَل جلالة السلطان بمرسوم سلطاني.

- توقفت آلية المجلس الاستشاري لتعود منتصف التسعينات الميلادية بمجلس الدولة، حيث صدر مرسوم سلطاني رقم (86/ 97) بإنشاء مجلس عمان؛ متكوناً من مجلسَي الدولة والشورى في 16 ديسمبر 1997م. لكن هذا التوقف الذي امتد أكثر من خمس سنوات لم يحدث فراغاً في مشاركة المواطنين، فقد شغله مجلس الشورى.

- إنشاء مجلس الشورى.. بالمرسوم السلطاني رقم (94/ 91) في 12 نوفمبر 1991م. جاء إنشاؤه بداية تسعينات القرن الماضي بعد اكتمال بُنية مؤسسات الدولة، وفي ظل التوجه العالمي بتوسعة نطاق الديمقراطية. ورد في تسبيب المرسوم بأنه (رغبة في توسيع قاعدة الاختيار بحيث تشمل تمثيل مختلف ولايات السلطنة، وبما يحقق المشاركة الفعلية للمواطنين في خدمة وطنهم ومجتمعاتهم المحلية).

ثانياً: المجالس ذات الطبيعة الخدمية:

- رأت الدولة.. بأن هناك حاجة لتلبية مطالب المجتمع عبر مجالس تُعنى بخدمته، وتعمل على الربط بينه وبين الحكومة خدمياً، وذلك؛ بعد أن وجدت اتجاه المواطنين إلى أعضاء مجلس الشورى لتلبية الخدمات الاجتماعية أكثر من التعامل مع عضو المجلس بما وضع له من اختصاصات. أنشئت المجالس البلدية بالمرسوم السلطاني رقم (116/ 2011) في 26 أكتوبر 2011م. وبخلاف مجلسي الدولة والشورى اللذين لهما صفتهما الاعتبارية المستقلة منضوية تحت مجلس عُمان، ويرأسه جلالة السلطان عاهل البلاد؛ فإن المجالس البلدية تتبع وزارة الداخلية ممثلة في المحافظين، أو مكاتب المحافظين في مسقط وظفار ومسندم.

ثالثاً: المجالس واللجان الوظيفية؛ منها: مجلس الدفاع، ومجلس الأمن الوطني، ومجلس محافظي البنك المركزي العُماني، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس العُماني للاختصاصات الطبية، واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، واللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم. وهذه المجالس واللجان ذات الطبيعة الوظيفية محددة بالمجالات المسندة إليها من الحكومة.

رابعاً: المكاتب الخاصة بمستشاري جلالة السلطان.. وهي التي أنشأها السلطان قابوس بن سعيد؛ منها: مكتب المستشار الخاص للشؤون الدينية والتاريخية، ومكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، ومكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الاقتصادية، ومكتب مستشار حماية البيئة. وهي مكاتب ظرفية؛ تتعلق برؤية السلطان قابوس في إدارة الدولة.

وبعد؛ ففي ظل النهضة المتجددة التي يقودها مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله مجده، وفي إطار «رؤية عمان 2040».. أقترح أن تنشئ الدولة مجلساً باسم «مجلس خبراء الدولة».

فالدولة.. محتاجة في مرحلتها الراهنة أن تستفيد من عقول تفكر لمستقبل أفضل، فالمجالس.. التي أنشأتها الدولة؛ مهمة وأدت -ولا تزال القائمة منها تؤدي- الدور المطلوب منها، لكنها تُعنى باستثمار الموجود -إن صحت العبارة- أي ما تقتضيه حركة المجتمع ويفرزه الزمن من حوادث، ولم يقم حتى الآن مجلس لصناعة الخبراء المختصين في الحقول التي تحتاج إليها الدولة، خاصةً؛ في مرحلتها القادمة. ولتشخيص الموضوع أكثر، فنحن في عمان؛ لا يوجد لدينا مراجع متخصصون، فلا يوجد فلاسفة في القضايا العقلية، ولا مفكرون في الشأن الديني، ولا علماء في الطاقة، ولا مبرمجون في التقنية، ولا فقهاء في القانون، ولا نقّاد في الأدب.. إلخ. وهذا أمر متفهّم في ظل بناء دولة حديثة من الصفر، بيد أنه حان الحين لأنْ تتجه دولتنا المتجددة لصناعة الخبراء.

عام 2015م.. لمّا كنت رئيساً للجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء كانت لنا محاولة لـ«صناعة المختصين»، وطفقتُ أبحث عمّن يتبنى الفكرة، ومن المؤسسات الحكومية التي تواصلتُ معها حينذاك وزارة التعليم العالي، فرحبوا بالفكرة، وتشكلت لجنة برئاسة مسؤول بدرجة مدير عام، وبدأنا نفكر عملياً حول الموضوع. فحددنا عدة مجالات؛ تتعلق بالفكر والأدب والعلوم، من خلال تنفيذ برنامج يعمل على تهيئة متخصصين فيها، بتكوينهم علمياً وفكرياً وعملياً، ليكونوا مراجع على مستوى الوطن في تخصصاتهم، كل مجموعة قد يستغرق إعدادها عشر سنوات. ولكن اللجنة توقفت، لأسباب لم أعرفها.

توقفت تلك المحاولة.. ولكن الفكرة استمرت تشغل بالي، ولمّا أسسنا مركز ابن بركة الثقافي بولاية بَهلا، جعلنا من مهامه صناعة المختصين؛ وذلك بإرسال الطلبة المختارين للحصول على الدراسات العليا، وتمكينهم من البحث، ودعم مشروعاتهم العلمية. بيد أن مشروع المركز توقف عندما ضربت العالم جائحة كورونا «كوفيد19». ثم إني جعلت الفكرة من المهام التي سيقوم بها المنتدى الأدبي في مراحل تطوره، وقد بدأنا بالفعل بتشجيع الباحثين على مجالات التخصص.

كانت تلك محاولات متواضعة.. إلا أنها غرست لديّ القناعة بضرورة متابعة طرح الفكرة رجاء أن تجد لها سبيلاً إلى التحقق على أرض الواقع. واليوم.. ونهضتنا المتجددة تدخل عامها الخامس بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق أعزه الله.. أطرح الموضوع بصورة أوسع وعلى نطاق أكبر من صنع القرار، فأقترح أن يُنشأ مجلس باسم «مجلس خبراء الدولة»، يُعنى بمختلف الحقول العلمية التي يحتاج إليها الوطن في مستقبله.

المجلس.. ينبغي أن يجمع تحت مظلته كل العلوم التي تحتاج إليها البلاد؛ فالمتطلبات كثيرة والتحديات عميقة والمفاجآت واردة، إنه «العقل» الذي يفكر للدولة والمجتمع؛ حاضراً ومستقبلاً، ويعمل على صناعة العقول المتخصصة في كل المجالات كالفلسفة والدين والفكر والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع والطاقة والذكاء الاصطناعي، ويُوِجد مراجع متمكنة تثبت وجودها علمياً.

من مهام المجلس: الإنتاج المعرفي، وتقييم المنجزات العلمية والفكرية، وإصدار الدراسات الرصينة، وتقديم الاستشارات لمختلف مؤسسات الدولة، وتحليل الأفكار التي تسود المجتمع، وصناعة جيل من المختصين، والمشاركة في الدراسات على المستوى العالمي، كما أنه سيخلق قوة ناعمة لسلطنة عُمان عالمياً، ويوجد جذباً استثمارياً وسياحياً.

مهام كثيرة ستنبثق عن «مجلس خبراء الدولة»، ومشروعات كبيرة ستطرح، فالبلاد بحاجة إليه في تحولاتها القادمة، وإنما على الحكومة أن تشرع في تأسيسه وفقاً لدراسة موضوعية وعملية، وأقترح أن يكون المجلس بإشراف من قِبَل مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس خبراء الدولة جلالة السلطان الع مانیة

إقرأ أيضاً:

السلطان هيثم

 

 

صاحب السمو/ نمير بن سالم آل سعيد

 

منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم فإنَّ الأمور لم تعد كما كانت فهناك تغييرات كثيرة تحدث في البلاد، إنه عهد جديد ونهضة مُتجددة بتغييرات كثيرة لصالح الوطن والمواطن نحو الأفضل.. صعود إلى آفاق أرحب من التقدم والنمو يسعد المواطن ويجعله يتطلع بتفاؤل إلى السنوات القادمة تتحقق فيها آماله وطموحاته.

كل المؤشرات تدل على تحقيق النجاحات بالجهود الخيرة والمساعي الجادة الذي يقودها عاهل البلاد ليعم المزيد من الخير على كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.

والتطور سائر إلى الأمام في الطريق الصحيح بمنهجية مدروسة وفكر واعٍ مُستنير داعم لكل ما هو جديد لمصلحة البلاد مع الحفاظ على السمات الأصيلة للهوية الوطنية والتراث المجيد.

نحيا في بلد آمن مستقر، وينتظرنا مستقبل واعد، في كنف نظام دولة راسخ، والتفاف وطني بالولاء والطاعة خلف القيادة الحكيمة في مسارها الحثيث من أجل عُمان.

ولأن عُمان في أيادٍ مُخلصة أمينة، فقد أخذت على عاتقها القيام بنقلة حضارية كبيرة بتطلعات عالية وعزم صادق ولأنَّ عُمان تستحق الأفضل. وقد وضع السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الأسس الراسخة لهذا الوطن، وقدَّم الكثير لعُمان في فترة حُكمه كأحد سلاطين عُمان الأماجد. ليتولى من بعده الحكم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- ليُكمِل المسير بفكرٍ جديدٍ ورؤية مُستقبلية واضحة وتطلعات طموحة لخدمة عُمان وشعبها؛ متزودًا بالعلم والمعرفة، ومدركًا للكثير من تفاصيل أروقة الإدارة الحكومية وجوانب أمورها ومتطلبات المجتمع، بفضل اندماج جلالته الاجتماعي الكبير مع أبناء المجتمع الذين يمثلون نبض الوطن وهمومه وآماله وتطلعاته، ولقاءته العفوية معهم في الكثير من المناسبات الاجتماعية المختلفة التي كان يحضرها أو ضمن تواجده الوظيفي في مقر عمله أو زياراته الميدانية، وحضوره للعديد من الاجتماعات والملتقيات عبر فترة زمنية طويلة قبل أن يكون سلطانًا للبلاد.

ومن الصفات الشخصية المُميزة لجلالة السُّلطان المفدى- أعزه الله- في تعاملاته مع الغير، التواضع؛ إذ ليس به شيء من كِبر أو غرور، كما إنه هادئ الطبع، دمث الخلق، يحترم الصغير والكبير، متزن، وشهم كريم.

وإدراكاً من جلالته- حفظه الله ورعاه- لأمور الدولة والشعب- عن قرب- فإنَّ أول ما شرع في تنفيذه- أيده الله- هو ضبط المصروفات ووقف الهدر المالي وخفض الإنفاق الحكومي بطريقة ترشيدية حريصة وفعّالة، والبدء في تسديد مديونيات الدولة، ومكافحة الفساد والمفسدين الذين تُسوِّل لهم أنفسهم نهب المال العام.

كما أولى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الأجهزة العسكرية والأمنية الاهتمام الكبير، والرعاية المستمرة، تدريبًا وتسليحًا، وغيرها من المجالات، التي تُعزِّز القيام بواجبها الوطني المقدس، في حمل أمانة الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه الطاهرة وحراسة لمكتسباته وحماية لمنجزاته دعمًا للسلام والاستقرار.

كما عمل جلالته- حفظه الله ورعاه- على إعادة هيكلة بعض مفاصل الدولة وإلغاء بعض القوانين وإرساء قوانين جديدة للصالح العام؛ بمشاركة مجلسي الدولة والشورى في مراجعة ودراسة القوانين ورفع اقتراحات تعديلها.

كما وجه جلالته بتحسين الأداء الوظيفي وزيادة إنتاجية العمل والرقابة عليها، وخفض معدلات الباحثين عن العمل تدريجيًا حسب القدرة الاستيعابية للمؤسسات الخاصة والعامة، ودعم الأسر والأفراد الأقل دخلًا والأقل فرصًا في المجتمع لتحسين ظروفهم المعيشية عبر منظومة الحماية الاجتماعية.

وأيضًا وجّه جلالته- أعزه الله- بخلق فرص وظيفية جديدة ونشر ثقافة ريادة الأعمال، والتقليل من البيروقراطية من خلال تبسيط الإجراءات الحكومية، واستحداث وسائل وطرق مختلفة لتنويع الدخل الحكومي وتسهيل الاستثمار في البلاد، والقيام بمشاريع بناء المدن الحديثة ومشاريع العمران بما يعرف بـ"الداون تاون" والتي سترى النور في سنوات لاحقة مُقبلة بإذن الله؛ لتكون واجهات حضارية سياحية جذابة للبلاد.

وأيضاً استمرت السلطنة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- بالمحافظة على ثوابت سياستها الخارجية والقائمة على التعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير والتعاون الدولي في مختلف المجالات.

وها هو حضرة صاحب الجلالة سلطان البلاد المُفدّى- نصره الله- يؤدي مهامه السلطانية على أكمل وجه؛ وهو السلطان التاسع في سلسلة سلاطين الدولة البوسعيدية العريقة الماجدة، إذ إنِّه "خير خلف لخير سلف".. قائدًا مطلعًا مبادرًا فاعلًا لكل ما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، يقود البلاد بفكرٍ حكيمٍ وتطلعاتٍ سامقة، يضع- حفظه الله- نصب عينيه أهدافًا سامية تتمثل في تحقيق تقدم البلد وتطورها ونمائها وإسعاد المُواطن في كافة مناحي الحياة.

فبورك من قائدٍ.. وبوركت من مساعٍ سلطانيةٍ خيِّرةٍ.

وكلُ عامٍ والجميعُ في مَسرَّةٍ وازدهارٍ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • السلطان هيثم
  • تكالة يهاجم تصريحات خوري بشأن مجلس الدولة
  • الأمم المتحدة تعبر عن أسفها لتعمق الانقسامات داخل مجلس الدولة
  • جلالة السلطان يشمل برعايته السامية العرض العسكري.. الإثنين
  • الراجحي: مجلس الدولة عبارة عن مؤسسة تقدم خدمات وامتيازات لأعضاء المجلس فقط
  • جلالة السلطان يتقبّل أوراق اعتماد عددٍ من سفراء الدول الشقيقة والصديقة
  • مجلس الدولة برئاسة المشري: الخطوات الأحادية لن تحقق سوى مزيد من الانقسام
  • بالأسماء.. جلالة السلطان يتقبل أوراق اعتماد عددٍ من السفراء
  • جلالة السلطان يستقبل وزير خارجية البحرين
  • مجلس الدولة يستقبل وفدًا من جامعة الدفاع الوطني السعودية