بعد نحو 10 أشهر من السجن والضغط لانتزاع اعترافات، أصدرت محكمة روسية حكما بالسجن على صحفية روسية أميركية كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها، العام الماضي، ليضاف إلى سلسلة أحكام روسية صدت بحق مواطنين أميركيين، يعتبرها البعض ذات أغراض سياسية.

وبحسب موقع المحكمة العليا في تتارستان، أدينت ألسو كورماشيفا، التي تعمل في إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، بـ"نشر معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي، وحُكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات ونصف في قضية مصنفة على أنها سرية، دون تفاصيل متاحة عن طبيعة الاتهامات الموجهة إليها.

وصدر الحكم على المحررة البالغة 47 عاما في مدينة قازان يوم الجمعة، وهو نفس اليوم الذي أدانت فيه محكمة في مدينة يكاترينبورغ الروسية مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، بالتجسس، وحكمت عليه بالسجن لمدة 16 عاما في قضية وصفتها الولايات المتحدة بأنها ذات دوافع سياسية.

غيرشكوفيتش.. صحفي أميركي تعتزم موسكو سجنه 16 عاما موجة تنديد دولية بقرار القضاء الروسي بالحكم بالسجن 16 عاما على الصحفي الأميركي، إيفان غيرشكوفيتش بتهمة "التجسس".

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت "إذاعة أوروبا الحرة"، الأربعاء، أن كورماشيفا أوقفت في مدينة قازان، حيث وجهت إليها السلطات الروسية تهمة عدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".

وفي أعقاب الحكم، ندد رئيس إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، ستيفن كابوس، بمحاكمة كورماشيفا وإدانتها ووصفها بأنها "استهزاء بالعدالة".

وقال كابوس في بيان لوكالة أسوشيتد برس: "حان الوقت لهذه المواطنة الأميركية، زميلتنا العزيزة، أن تجتمع مع عائلتها المحبة".

من هي؟ وماذا حدث؟

لم تزر آلسو كورماشيفا روسيا منذ عام 1998، وعندما قررت ذلك، توجهت إلى هناك في مايو 2023 في رحلة كان من المفترض أن تكون قصيرة جدا، لا تزيد عن أسبوعين، لكنها مُنعت بعد ذلك من مغادرة روسيا.

وقالت لجنة حماية الصحفيين، ومقرها في نيويورك، في بيان، إنها كانت تعيش في العاصمة التشيكية براغ، ودخلت روسيا في 20 مايو 2023 لظروف عائلية طارئة.

وذهبت كورماشيفا، وهي أم لطفلتين وتعيش في براغ، مع أسرتها، إلى قازان، مسقط رأسها، لزيارة والدتها المسنة، واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

وفي الثاني من يونيو 2023، وعندما كانت في مطار قازان الدولي، استعدادا لرحلة العودة، تم توقيفها قبل 15 دقيقة من صعودها الطائرة، بحسب إذاعة أوروبا الحرة، التي تعمل في خدمتها باللغة التتارية.

وحينها، تم اتهامها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وكانت كورماشيفا تنتظر إعادة جوازات سفرها قبل أن يتم اتهامها، في سبتمبر الماضي، بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلتها، وجرى تقييدها، ومن ثم نقلها لمركز شرطة للاستجواب، ثم المحاكمة. 

ولاحقا، وجهت إليها أيضا تهمة نشر "معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي بموجب تشريع يجرم أي تعبير عام عن الحرب في أوكرانيا ينحرف عن خط الكرملين.

وخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كورماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كورماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ومنذ شهر أكتوبر الماضي، قبعت الصحفية في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت الصحفية الأميركية للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها.

وفي مقابلة سابقة مع موقع الحرة في أبريل الماضي، قال زوجها، بافيل بوتورين: "نحن الآن في وضع صعب للغاية، فأطفالي من دون والدتهم منذ عام تقريبا، منها أكثر من ستة أشهر وهي خلف القضبان بتهم يصعب عليّ وعلى أطفالي فهمها. بل حتى بالنسبة لمحققيها وقضاتها في قازان لأنهم لا يملكون خيارا آخر سوى تنفيذ أوامر موسكو".

وأضاف: "تم القبض عليها من قبل أجهزة الأمن الروسية، قبل 15 دقيقة حرفيا من استقلالها الطائرة التي كان من المفترض أن تعيدها إلى عائلتها".

ويوضح بوتورين في حديثه لموقع الحرة أنه "بغض النظر عن التهم الرسمية الموجهة إليها، فإننا نعلم أنها خلف القضبان فقط بسبب عملها في مؤسسه أوروبا الحرة وبسبب جنسيتها الأميركية".  

"لو كان بمقدوري التحدث إلى ألسو لأخبرتها بأننا نفتقدها كثيرا"، قال الزوج وقد بدت عليه علامات التأثر.

وتابع: "في الحقيقة، هذه الكلمات لا تصف تماما الألم اليومي الذي نعيشه أنا وبناتي. كل يوم نرى ذلك الكرسي الفارغ على مائدة العشاء. لا نسمع صوتها. نفتقدها كثيرا".

وأضاف: "أود أن أخبرها أيضا بأنني أريدها أن تعرف بأننا قمنا بحملة عالمية لإطلاق سراحها، وأننا سنراها عاجلاً أم آجلاً. ستعود إلى حضن عائلتها. وعلى عكس خاطفيها، سترفع رأسها عالياً وستكون واثقة من براءتها ومن قناعاتها". 

أبناء يفتقدون أمهاتهم وآباءهم.. من واشنطن نداء تضامن مع صحفيين محتجزين جمعتهم قضية واحدة، هي التأكيد مرة أخرى على أن "الصحافة ليست جريمة"، زملاء وأصدقاء وعائلات تجمعوا في العاصمة واشنطن لدعم وإبقاء الأمل حيا في إطلاق سراح صحفيين معتقلين في عدد من البلدان بتهم توصف بـ"الظالمة". 


وفي فبراير الماضي، حظرت موسكو إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، واعتبرتها منظمة غير مرغوب فيها.

وأثارت المحاكمات السريعة والسرية لكورماشيفا وغيرشكوفيتش تكهنات بإمكانية تبادل محتمل للسجناء بين موسكو وواشنطن. 

وتزداد عمليات اعتقال الأميركيين في روسيا، مع سعي الرئيس ، فلاديمير بوتين، إلى جمع سجناء أميركيين لمبادلتهم بسجناء روس، بحسب مراقبين ووسائل إعلام غربية.

تكتيكات "كي.جي.بي" الوحشية تعود للحياة في روسيا تحت حكم بوتين  على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

 

واعتقلت روسيا لاعبة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إذاعة أوروبا الحرة فی مدینة فی روسیا

إقرأ أيضاً:

العالم يتغير بعد الحرب الأوكرانية: أوروبا قد تخسر أمريكا.. والصين تربح روسيا

فى مذكراتها التى صدرت فى بداية الشهر الحالى تحت عنوان «الحرية: مذكرات ١٩٥٤-٢٠٢١»، تعترف المستشارة الألمانية السابقة «أنجيلا ميركل» أنها كانت تتمنى فوز كل من «كامالا هاريس» و«هيلارى كلينتون»، فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام الرئيس الأسبق والمنتخب من جديد «دونالد ترامب».

السيدة السياسية الألمانية الأولى كانت تتمنى فوز السيدات اللاتى رشحهن الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى ٢٠١٦ و٢٠٢٤ ضد المرشح الجمهورى. ربما لتوافق الرؤى السياسية معهن، ربما لأمل خفى فى رؤية مزيد من التمكين السياسى للمرأة، كما حدث معها، فى قلب صناعة القرار الدولى. ربما حتى لتوافقها الواضح مع الرؤساء الأمريكان الذين ينتمون للحزب الديمقراطى، والذى يصل إلى حد الصداقة مع الرئيس الأسبق «باراك أوباما»، ونائبه الذى أصبح رئيساً فيما بعد «جو بايدن».

لكن الناخب الأمريكى لم يهتم على ما يبدو بما تتمناه المستشارة الألمانية السابقة، واختار فى المرتين أن يدلى بصوته لمن رأى أنه يعبر عن طموحاته ويدافع عن مصالحه، فجاء الرئيس «دونالد ترامب» فى المرتين محمولاً على أعناق أنصاره، ليضع ألمانيا وأوروبا كلها أمامه فى مواقف لم تعهدها من «شركائها» الأمريكان من قبل، ويفرض على «ميركل» وغيرها من زعماء الاتحاد الأوروبى ضرورة مراجعة شروط التحالفات بين أوروبا وأمريكا (بما يحقق مصلحة أمريكا كما يراها أولاً)، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التهديد الأهم: روسيا.

يسرا زهران 

مقالات مشابهة

  • روسيا تصف بيع الغاز إلى أوروبا بالمعقد مع قرب انتهاء اتفاق مع أوكرانيا
  • روسيا: بيع الغاز إلى أوروبا بات معقدا للغاية
  • أوكرانيا تنقل الحرب إلى "قلب" روسيا
  • العالم يتغير بعد الحرب الأوكرانية: أوروبا قد تخسر أمريكا.. والصين تربح روسيا
  • إغلاق مطار قازان بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على وسط روسيا
  • أوكرانيا تقصف منطقة في عمق روسيا
  • بهجمات "الدرونز".. أوكرانيا تنقل الحرب إلى قلب روسيا
  • توقف العمليات مؤقتا بمطارين في روسيا
  • أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 مسيرة في هجوم ليلي
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: أوروبا المنكسرة (سلطة الأم أم سلطة الأب)