إن حادثة الوادي الكبير هي واحدة من أكثر الحوادث الدينية- السياسية التي أحدثت صدمة كبيرة في المجتمع العماني، وذلك يعود إلى ندرة الحوادث المشابهة التي تحدث في سلطنة عُمان، فإن التاريخ العماني المعاصر لم يكد يشهد حوادث مماثلة.
وعلى الرغم من الندرة وقدرة العمانيين المرنة في تجاوز الكثير من المحطات المشابهة التي تمر بها المنطقة، وسيطرة الأجهزة الأمنية الجيدة على حماية الدولة والمجتمع، وهذا الوصف مأخوذ من البروفيسور هوشانج حسن ياري في لقائه مع بي بي سي الفارسية بعد الحادثة مباشرة، حيث قال استطاعت -أي الأجهزة الأمنية- أن تجعل عمان حصينة من الحوادث التي مرت بها المنطقة منذ عقود عديدة، إلا أن وقوع هذه الحادثة يشي بحدوث فجوات في الهندسة الاجتماعية كان ينبغي الالتفات إليها من قبل، حيث إن وقوعها يعني أن هناك مشكلة يجب الالتفات إليها، ومراجعة آليات قراءة الواقع العماني المعاصر المتغير وإمكانية وقوع حوادث شبيهة لا سيما مع اشتعال المنطقة منذ أحداث الربيع العربي وظهور منظمات إرهابية جديدة عاثت فسادا في كثير من الدول المجاورة واستطاعت تنفيذ عمليات في مراكز مهمة.
لقد نشأت فجوة خطيرة يجب مراجعتها، وهي ما يركز عليها هذا المقال، وهي تشكل «العماني المتوهَّم»، حيث إنه تم تشكيل هذا العماني ليكون في قالب واحد، وهو المواطن المتسامح، المسالم، البريء، الصامت، والعديد من الصفات التي تصب في القالب المثالي الواحد، وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الصفات صحيح، لكن لا يمكن القول: إنه ينطبق على الجميع ثم وضعهم في هذا القالب بالضرورة، حيث إن المجتمع العماني مثل أي مجتمع آخر، فيه قوالب عديدة، تتعلق بالمعتقدات الدينية والسياسية والأفكار والرؤى.
كل هذا متعلق بتشكل الخيال، حيث إنه تم صنع خيال واحد عن الشخصية العمانية، واعتبار أن هذا اللباس ينطبق على الجميع، دون مراجعة السياقات المعرفية والاجتماعية الجديدة، ولكي يُفهم الخيال السياسي يجب في البداية تعريفه والتفريق بينه وبين الوهم السياسي، فالخيال هو «مجموعة من العمليات الحسية والإدراكية والمعرفية وما وراء المعرفية والانفعالية النشطة التي تكوّن الصور الداخلية وتحولها وتحللها وتركبها وتنظمها في أشكال جديدة يجري تجسيدها بعد ذلك في أعمال وتشكيلات خارجية»، وهذا مختلف عن الوهم السياسي الذي يمكن تعريفه على أنه «التصورات والأفكار والخرافات التي يعتقد المرء بصحتها من دون أي أساس واقعي ومنطقي وعقلي وعلمي، وبأنها قابلة للتحقق في الواقع. كما أنه رغبات تأخذ صورة الحقيقة من دون التفكير المنطقي الواقعي بإمكانية تطابقها مع مطلب الحياة وحاجاتها مع منطق الأشياء والوقائع. فكل ما ليس بممكن الحدوث الآن ولا في المستقبل هو وهم».
بعد هذين التعريفين، يمكن طرح سؤال ما إذا كان تشكيل الصورة الذهنية عن العماني، هو من قبيل الخيال السياسي العلمي المبني على حقائق وواقع، أم وهم دون أي أساس عقلاني؟ والجواب الواضح هو الثاني، إذ لا يُمكن حصر أي مجتمع بشري في إطار واحد، لتعدديته في جميع الأشكال والصور، وبالتالي فإن تشكيل هذه الصورة الذهنية هي نوع من الركون إلى مناطق الراحة دون فهم المتغيرات المجتمعية والسياسية، والسياسة هنا -كما هو معلوم- ليست مرتبطة بالسلطة، وإنما بالمجتمع وأفكاره. إن الأوهام هي سلعة رائجة في جميع المجالات، يقوم ببيعها وشرائها الدول والمؤسسات والأفراد، وبالتالي فهي ليست عملية بسيطة، إذ تحتاج إلى عمليات عقلية معقدة من أجل فهم الطبيعة المجتمعية ثم تصدير الوهم المناسب لهذه الطبيعة، كما يصفه عبدالله الملحم في مقاله (كارثية الوهم السياسي). كما أن هذا الوهم يُمكن أن يغير الواقع الخارجي في الذهن، فيجعل الصورة الخاطئة صورة صائبة.
لذلك فإن الخيال السياسي المجتمعي يجب أن يكون قائما على أسس علمية سليمة ومنطقية وعقلانية، حتى لا يتحول إلى أحلام يقظة وهمية. يُمكّن الخيال السياسي الصحيح من فهم الواقع والتنبؤ بالمستقبل أو على الأقل محاولة فهم مآلات الأحداث والتغيرات، ولكي يكون هذا ممكنا يجب أن تتم دراسة الماضي وفهمه واستيعابه، ثم فهم الحاضر بدقة ومعرفة ما يدور فيه من خلال أدوات المعرفة المتاحة والدقيقة. لقد حدد عمار علي حسن في كتابه (الخيال السياسي) أحد عشر منبعا مهما للخيال السياسي العلمي، هي استقراء التاريخ، والوعي بالمستقبل، والدراسات عبر النوعية، وروح الفريق -يعني أن يكون العلم ذا طابع جماعي-، والخيال المنطقي الخلّاق والتفكير الجانبي والتباعدي، ونظرية المباريات -وهي النظرية التي تحلل تضارب المصالح وتصارع الأهداف من أجل الوصول إلى أفضل خيار ممكن ومنطقي، تستخدم هذه النظرية كثيرا في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحربية-، وتوظيف الخيال الإبداعي، والمحاكاة -وهي تقليد للواقع الاجتماعي الحقيقي مما يتيح تحليل الظاهرة ومعرفة جوانب النقص والقوة فيها-، واستطلاعات الرأي، ووجود القائد المتبصر، وأخيرا استعراض التجارب الناجحة ودراستها.
هذه المنابع يجب أن تؤخذ في الحسبان من أجل تشكيل خيال سياسي واقعي عن المجتمع ومعرفة الفجوات فيه، وكيف يمكن معالجتها، وعلى الرغم من عدم القدرة على مناقشة كل واحد من هذه المنابع في هذه المقالة البسيطة، إلا أنه يُمكن أخذ مثال واحد منها وهو استطلاعات الرأي. يُمكن القول إن استطلاعات الرأي في عُمان ضعيفة نسبيا ومتأخرة غالبا، وحتى مع وجودها فإنها بشكل أو بآخر تتجاهل التغيرات المجتمعية وتفاعلها مع العالم، ومن ثم تحليلها ودراستها، فإن هذا له أهمية كبرى في فهم أعمق للمجتمع واحتياجاته.
إن هذا الخيال السياسي، مرتبط أيضا باللغة ارتباطا وثيقا، فإن الشعارات التي تطلق والتي تعبر عن صناعة الشخصية العمانية المقولبة في قالب واحد، هي ضارة أكثر منها نافعة، ولعل هذا يُمكن أن يُدرك من خلال ردة الفعل المنصدمة بعد وقوع الحادث حتى أصرت بعض الحسابات الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي على نزع اللباس العماني عن منفذي الهجوم، إن هذه الشعارات عادة ما تجذب جمهورا واسعا من المستمعين دون أن يكون لديهم الفهم اللازم لمقتضياتها وكيفية ممارستها، وهذا ما يشكل تناقضا صارخا في السلوك الظاهري والباطني، فعلى سبيل المثال، يجب أن يُستحضر سؤال رئيس في مسألة تسامح الشخصية العمانية، هل السلوك مع الآخر المختلف جاء نتيجة اقتناع بأن الجميع متساوون دون أي فوارق استعلائية تتعلق بالمعتقد الديني أو العرقي أو غيره؟ إذا كان الأمر لم يأتِ عن اقتناع تام فإن الإنسان يتحول إلى آلة في تعامله مع الآخر المختلف ثم يعود إلى اعتقاداته الحقيقية في حديثه مع ذاته أو المقربين منه المتساوون عادة في المحددات الهوياتية -مثل المعتقد الديني أو العرق- وبذلك يصبح هذا التسامح -مثلا- عبارة عن تسامح مجازي فقط، ففي المخيلة أن الشخص المتسامح هو الفرد الذي يستوعب الآخرين ويتفهم تنوع المجتمع، «لكن كثيرا من جوانب هذه الصورة لا يمثل الواقع أو الحقيقة، التي تشي بأن هناك مسارات مضمرة أو خفية للتعصب»، ويحاول الناس أن يخفونها أو ينكرونها. فيقع على الفرد عبء إثبات تقبل الآخر، ولذلك يظل هذا التسامح نسبيا يتسع بالقدر الذي يؤمن الناس به أو يضيق. إن هذا المسار للتسامح الحقيقي يكون عبر هندسة اجتماعية تقوم على عاملين مهمين هما الدولة والمجتمع، وهذا ما حدث في عمان منذ عقود، فقد عمل العاملان معا من أجل تثبيت روح التسامح عند الجميع، لكن المشكلة في عدم مراجعة الطريقة التي تتم بها هندسة المجتمع مما خلق فجوة غير ملحوظة أو متجاهلة بين ما ينبغي أن يكون وما هو كائن عند الكثير من الأفراد، الذين يصفهم عمار علي حسن في كتابه (المجاز السياسي) أنهم يتفقون ظاهريا مع فكرة التسامح ويحاولون أحيانا فعل ما يوافقها أو يحقق الحد الأدنى منها، لكنهم في الواقع غير مؤمنين بها بشكل قاطع، لأن هناك دائما جانبا غير معلن عند كل فرد حين ينظر إلى غيره من المختلفين طبقيا أو عرقيا أو دينيا، لأن فكرة التسامح المتخيَّل نفسها هي في الحقيقة تأكيد على التفاوت، حيث إن المتسامح يعتقد -صراحة أو ضمنيا- أنه في مرتبة أعلى من الآخرين الذين يتسامح معهم، أو ربما يصل الأمر إلى الاعتقاد أنهم على خطأ ولا بد من التغاضي عن أخطائهم، أما إذا دخل عامل آخر وهو الأيديولوجيا المتطرفة والاعتقاد الكامل بأنه يجب أن تنزع الحرية من ممارسي هذا «الخطأ» يتحول الأمر من فكرة ذهنية -الاعتقاد بأن الآخر على خطأ- تختلف عن الفعل الواقعي، إلى فعل هجومي.
بناء على هذا تكون المبالغة في الاعتقاد بهذه الصورة المتوهمة هي نوع من الضرر، وعادة يمكن ملاحظة الوصول إلى حالة المبالغة في الصورة الذهنية المتوهمة من خلال اللغة ذاتها، عن طريق وسائل لغوية مثل المغالاة في العدد (كأن يقال بأن العمانيين كلهم بهذه الصورة)، والكم، والحجم، واستخدام صفات المقارنة، وأفعل التفضيل، والصفات التي تشير إلى العلو والرفعة، وحتى لو سلمنا بأن الخطاب العماني اليومي الذي يجعل المجتمع بأكمله في قالب واحد، لا يستخدم كل أدوات اللغة هذه، إلا أن كثيرا منها مستخدم، ولا يحتاج هذا لمثال يوضحه، فيمكن ملاحظته بسهولة.
إن كل هذا يسهم في صناعة هذه الفجوة الغائبة عن الذهن بسبب عدم المراجعة المستمرة، لكن أيضا يطرح سؤالا يتعلق بكيفية تكوّن الإرهابي في دولة آمنة جدا مثل عُمان، لم تعرف منذ عقود طويلة أي منظمات إرهابية، واستطاعت التعامل مع التهديدات الخارجية بسياسة بارعة نسبيا؟
في كتابه (فهم الإرهاب) يذكر جيمس بولاند أن واحدة من أهم العلامات الثابتة للإرهابي المنتحر هو شعوره باليأس، والمشاعر السلبية تجاه المستقبل، وذكر أن إيميل دوركايم يعتقد بأن الإرهابي المنتحر يكون منفصلا عن المجتمع والعائلة والتصورات المختلفة للدين، فيكون شديد الالتصاق باعتقاداته الشخصية ومشاعره، هذا ما يقود إلى اعتقاده بأن القيام بمثل هذا الأمر هو نوع من التحول في صورته الاجتماعية من «لا أحد» إلى «شهيد».
إن الإرهاب الديني عادة ما يكون مرتبطا بالاعتقاد أن الأفعال الإرهابية هي إرادة الله، وبالتالي فإن مسألة الموت تتحول من خيار ممكن إلى رغبة ملحة للحصول على الثواب في الآخرة، وهذا ما حدث في الحادثة التي وقعت في الوادي الكبير، فإن منفذي الهجوم لم يستسلموا للأجهزة الأمنية حتى هلكوا جميعا.
يعتقد مارتن كرامر في مقال له حول سيكولوجية الإرهابيين وأيديولوجياتهم، أن بعض الهجمات الإرهابية الدينية تهدف إلى التعبير عن الإيمان الديني والحماسة القومية، أما إذا أضيف المرض العقلي -حقيقة أو مجازا- إلى هذين فإنه يصبح خليطا خطيرا على المجتمع بأكمله، كما أن القيام بالهجوم الإرهابي الذي يهدف إلى الموت يضفي -بالنسبة للإرهابيين- نوعا من المعنى للحياة.
وبعد الحادثة، تبنّت داعش الهجوم، وكانت هناك تساؤلات حول كيفية استطاعة داعش الوصول إلى العمانيين وتوجيههم، وهنا يجيب بروس هوفمان في مقاله (دروس 11/9) الذي يلاحظ فيه وجود الشبكات الفضفاضة بين الجماعات الإرهابية، حيث هذه الشبكات تتميز عادة باللامركزية، فتعمل الخلايا الإرهابية بشكل شبه مستقل مما يجعل اكتشافها معقدا وصعبا، كما يمكن لهيكل الخلايا أن يتكيف مع التغييرات من خلال التمتع بنوع من الاستقلالية فلا حاجة لانتظار التعليمات الواردة من القيادات المركزية، والمهم في الهجمات أن تخدم ذات سردية المنظمة، وسواء كان الأمر صحيحا أن حادثة الوادي الكبير تابعة لداعش أم لا، فإن فهم نظام الشبكات الإرهابية الفضفاضة مهم لتكون هناك قراءة لتحركات الخلايا.
فضلا عن ذلك، فإن هناك استراتيجية أكثر تعقيدا للإرهاب، وهي الإرهاب الفردي، فالأفراد في هذه الحالة يتصرفون بإرادتهم الفردية، مما يشكل صعوبة في اكتشافهم بداية بسبب عدم وجود الشبكة المنظَّمة أو التنظيم الهيكلي، وصعوبة في الحصول على أي معلومات منهم في حالة القبض عليهم، لأنهم ببساطة لا يعلمون أي شيء. إن هذه الطريقة تستخدم في حالات عدم تكافؤ الفرص بين الإرهابيين والطرف المحارب لهم، فيتم إقناع الأشخاص ذوي التوجهات المشابهة بتنظيم مجموعات صغيرة جدا، أو تنفيذ عمليات فردية دون الاتصال مع المجموعة الرئيسة أو القادة، وتكون أعمال هؤلاء الأفراد مستقلة دون الحاجة لتلقي الأوامر.
لا أقول إن هذا ينطبق على الهجوم الذي حدث، لكنه مهم لفهم سياق سلوك الجماعات الإرهابية وكيف تعمل، حيث لا تضطر للوجود بذاتها، وإنما فقط عن طريق الشبكات الفضفاضة أو الأفراد، والطريقتان يكون العمل فيهما مستقل وغير مرتبط بالقيادة المركزية للتنظيم.
في الأخير، يجب علينا جميعا مراجعة خيالنا، وعدم تشكيل الشخصية العمانية في قالب واحد، بل يجب إدراك أن العمانيين هم -كأي مجتمع آخر- قوالب متعددة متعلقة بالهويات الصغيرة، وتجاهل هذه القوالب لتشكيل قالب واحد يؤدي إلى عدم معرفة الفجوات الواقعة ومن ثم عدم معرفة التغير الاجتماعي والسياسي، لذلك يجب أن تتم مراجعة الأمر بناء على أسس علمية ومنطقية، ومن ثم محاولة سد الفجوات الموجودة من خلال الوسائل الناعمة، المتعلقة بالسياسات العامة فيما يتعلق بالدولة، والتنشئة الاجتماعية على الوحدة الوطنية والدينية الحقيقية دون تعزيز الشعور بالفوقية ضد أي طائفة مختلفة فيما يتعلق بالمجتمع.
إن تخيل المجتمع عبارة عن قوالب متعددة، لكلِّ قالب طريقته في العيش وتقبل أو رفض الأفكار والتشكل، يسهل من دراسته ومحاولة تحليله ثم معرفة مآلات أفعاله وسلوكياته، حيث إن هذه الصورة تعطي لكل فرد حقه الهوياتي الضيق، فلا يشعر بأي اضطهاد اجتماعي من خلال إرغامه على التشكل مع القالب الواحد، وبذا تسهل الهندسة الاجتماعية -التي تمارسها الدولة والمجتمع نفسه- وتنمية الشعور الوطني المدني عند الجميع، أي أنه على الرغم من الاختلاف في القوالب لكن الجميع متساوٍ في الحقوق المدنية سواء المواطنين أو الأجانب، ولا يحق لأي أحد نزع هذه الحرية والحق إلا من خلال القانون وما يحدده، وهذا يؤدي إلى الاعتقاد بأن لكل طائفة الحق في ممارسة شعائرها الدينية بما يحفظ حقوق الآخرين وحرياتهم، وعلى الرغم من أن هذا هو السائد في عمان كما نعرفه جميعا، إلا أن مثل هذه الفجوات ممكنة الحدوث ويجب مراجعة الطريقة التي يتم التعامل بها مع المتغيرات المجتمعية والعالمية.
حفظ الله عُمان دائما من شر الفتن والمصائب، ورحم الشهداء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على الرغم من هذه الصورة من خلال أن یکون هذا ما من أجل حیث إن یجب أن إن هذا إلا أن
إقرأ أيضاً:
في كتاب "العودة إلى للتصوف".. حسام الحداد يطرح الأسئلة الشائكة في توظيفه السياسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الكتاب نفذ بعمق إلى جوهر الإشكالية وتجنب تقديم الإجابات السهلة.
كيف تلاعب الإخوان والسلفيون بجبة التصوف؟
ما بين البحث المعرفي والتفكيك الأيديولوجي، يطرح الباحث الكبير حسام الحداد في أحدث كتبه "العودة إلى التصوف" قضايا جوهرية، محورها مدى إمكانية اعتبار التصوف بديلًا لحركات الإسلام السياسي.
لم يتعامل حسام الحداد مع هذا التساؤل ببساطة، كما فعل آخرون وجدوا في ذلك حلًا سحريًا، بل تناوله بعمق الخبير، موضحًا كيفية معالجة العنف والتطرف في الفكر السياسي الإسلامي عبر العودة إلى التصوف كتيار روحي وفكري.
وأكد أن التصوف ليس مجرد طقوس دينية أو تأملات فردية، بل يحمل أبعادًا فكرية وإنسانية عميقة، ويُقدَّم باعتباره نموذجًا للتعايش السلمي ومواجهة التشدد. فالتصوف بمفاهيمه التي تركز على قيم التسامح والمحبة والسلام، يسعى ليكون بديلًا إيجابيًا بعيدًا عن العنف والانتقام الذي اتسمت به بعض الحركات الإسلامية المعاصرة.
لكن هذه الرؤية ليست بهذه السطحية ولا تخلو من تساؤلات وتحديات حقيقية؛ طرحها الكاتب بذكاء شديد فهل يمكن للتصوف فعلًا أن يواجه التشدد الديني؟ وهل يملك القدرة على احتواء التيارات السياسية المتطرفة؟ وهل له تأثير على مفاصل السلطة في المجتمعات التي تشهد نشاطًا للحركات السياسية المتشددة؟ هذه التساؤلات تنبع من واقع معقد في العديد من الدول الإسلامية، حيث تُلقي التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية بظلالها على إمكانية تحقيق أي إصلاح جذري. قلم حسام لم يري في التصوف يوتوبيا إنقاذ، فالتصوف يواجه تحديات واقعية كبيرة تتعلق بمدى قدرته على اختراق التيارات السياسية أو التأثير على مفاصل الدولة في بيئات تعاني من أزمات شديدة التعقيد.
الجدل حول التصوف كبديل لا يخلو من أهمية في سياقات الحاضر، فهو يمثل نوعًا من العودة إلى الأصول الروحية والتسامح، وهي قيمة ملحة في عصرنا. ومع ذلك، الكتاب يثير أسئلة مشروعة حول مدى واقعية تطبيق هذا الطرح، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتأثيره الفعلي في عالم السياسة والأمن. لذا فإن الكتاب لم يقدم إجابات معلبة تريح القارىء الكسول بل الكتاب يجعلنا نتساءل: هل يمكن للتصوف أن يقدم حلًا عمليًا ومستدامًا في ظل تعقيدات الواقع الحالي؟ وهل يستطيع هذا التيار الفكري أن يتجاوز الحدود الروحية ليصبح قوة فاعلة في تغيير البنية السياسية والمجتمعية؟
إن العبور إلى سطور حسام الحداد العميقة في كتابه المدهش يأخذنا بقوة إلى تاريخ توظيف التصوف ومدى قابليته للتوظيف في الوقت الحاضر.
كتب الحداد يقول:
نشطت الأفكار المطالبة بتسييس التكتلات الدينية على مر التاريخ؛ فمنها من التقط الخيط وتحول من صومعة الحركة الفكرية، إلى حلبة المصارعة السياسية، بل وتخطاها ليستخدم العنف باحثًا عن السلطة، مثل جماعة الإخوان، ومنها من لم يتقبل الأمر، مثل الصوفيين، ولكلٍّ تحوّل أدواته ودوافعه.
ومن وقت ليس بالقليل طرحت تقارير بحثية واستخباراتية فكرة استخدام «الحركات الدينية الإسلامية» لأغراض سياسية، وأحد البدائل التي طرحت حينها كانت «الصوفية»؛ خاصة مع صعود الفكر السلفي والمتطرف واستحواذه على أتباع حول العالم، والبحث عن بديل لتحسين صورة الإسلام، لكن سرعان ما عاد هذا الاقتراح حبيس الأدراج والأطروحات غير الجدية.
لكن مع إعادة تقديم الصوفية باعتبارها البديل الأنسب لتحسين صورة الإسلام، بعد أعوام دامية من الإرهاب المتطرف في دول العالم؛ يعاد هذا الطرح إلى الأذهان، وقبل الدخول في جدوى هذا الطرح نحاول في هذه القراءة التعرف على علاقات جماعات الإسلام السياسي بالتصوف بين استغلال الإخوان وعداء الإسلام الحركي.
وقدم "الحداد" حسن البنا ومحاولة التوظيف كنموذج فكتب يقول:
تفاوتت التأويلات حول السبب الذي دفع مؤسس جماعة الإخوان، حسن البنّا (1906-1949) لوضع تعريف لجماعته، التي أسسها عام 1928، ينص على كونها «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية،..»، فأحسن هذه التأويلات ظنًّا ذهب إلى أن «البنّا» كان يدرك متطلبات المرحلة التي أسس فيها جماعته، والتي كانت تشهد تداعيات سقوط الخلافة العثمانية، في 1924م، أي قبل تأسيس «الإخوان» بأربع سنوات فقط، ما يطرح حقيقة أن المسلمين يعيشون لأول مرة بدون خلافة، وهو ما دفع باتجاه التفكير في تكوين جماعة دينية توافقية، أما التأويل الثاني، فيقول: إن مؤسس جماعة الإخوان ومرشدها الأول سعى من خلال تعريفه هذا إلى زيادة أعضاء جماعته حتى لو كلفه ذلك ضم أصحاب تيارات فكرية تتعارض مع أفكار الجماعة.
ويشير تاريخ جماعة الإخوان إلى واقعية الرواية الثانية، التي تشكك في نوايا «البنّا»؛ إذ تبنت جماعته سياسات تهدف لاختراق الطرق الصوفية والتيارات السلفية لاستقطاب أفرادها، ومن ثم إدخالهم لـ«الإخوان»، ثم يأتي بعد ذلك التفكير في تطويع فكرهم بما يتلاءم مع أفكار الجماعة.
ويؤكد حسام أن جماعة الإخوان تمكنت أكثر من مرة من زرع عناصر تابعة لها داخل طرق صوفية، وذلك بإقرار الطرق نفسها التي اشتكت من رصد مظاهر غير صوفية بين أتباعها.
وفي كتابه «حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد»، أقرَّ المفكّر الصوفي محمود صبيح بواقعةٍ انضم فيها شاب إخواني لطريقة صوفية في محافظة بني سويف، جنوب القاهرة، ونجح في إخراج 30 صوفيًّا من الطريقة وضمهم لجماعة الإخوان.
حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد
حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد
وتابع «صبيح»، أن الجماعة نجحت في طنطا (شمال القاهرة، مدينة تُعرف بتوجهها الصوفي لاحتضانها ضريح القطب الصوفي أحمد البدوي) في الدفع بعضو فيها داخل إحدى الطرق، وتدرج حتى أصبح نائب شيخ الطريقة، بالإضافة لمحاولات قال «صبيح» إن الجماعة تبذلها للسيطرة على نقابة الأشراف (نقابة تضم المنحدرين من نسل البيت النبوي).
وفي فصل عنونه بـ«كيف يدعو الإخوان أحدًا من المتصوفة؟»، تناول «صبيح» التبريرات التي تقدمها جماعة الإخوان عندما تحاول استقطاب أحد أبناء الصوفية.
وتعتمد الجماعة بالأساس في ذلك على تعريف «البنّا» لها بكونها «حقيقة صوفية»، مستدعية تجربة «البنا» الصوفية التي سردها في مذكراته «الدعوة والداعية»، وقال فيها: “إنه نشأ تنشئة صوفية، عندما تعلق في طفولته بالطريقة الحصافية وشيخها حتى كان يأتيه في المنام”.
كما تحاول الجماعة -بحسب «صبيح» الذي كانت له تجربة داخل «الإخوان»- احتواء أية أسباب يطرحها الصوفي، ويرفض من خلالها عروض الانضمام للجماعة، فمثلًا إذا قال إنه لن يلتحق بجماعة متسلفة، يكون الرد «ادخل معنا وأصلحها»، أو “ادخل معنا وابقَ في طريقتك”.
ويضيف حسام قائلا:
تبدّل موقف مؤسس الجماعة وأتباعه من الصوفية، بعد العام 1928، فلم يتوان الإخوان من وقتها عن الأسطوانة المشروخة، التي تفيد بأن شيخهم أخذ من الصوفية ما يتناسب مع الدين، فلم يزر القبور أو يتبرك بالموتى، ولو قرأوا فيما خطَّه البنّا بيده في سيرته الذاتية لتساقطت مزاعمهم كالغبار.
جعلت الجماعة من مرشديها حَمَلَةً لمشاعل التنوير؛ فكتب البنّا مقالات ملأ بها مجلة الإخوان المنبثقة عن الجماعة، يطالب الطرق الصوفية بالإصلاح، وجاء المحتوى مناقضًا لموقفه القديم من الصوفية، فتساءل: “أيرضى النبي بهذه الخزعبلات التي ابتدعها القوم بعده، فجاءت مهزلة وأية مهزلة بهذه الجماعات الكسولة التي لا تجتمع في الميادين لتخيف العدو أو تنصر الدين، بل لتزعج السكان ليلًا بالصياح وقرع الطبول، فليجمع أهل الطرق رأيهم وليخططوا هذه الخطوة الصائبة، ولينظموا صفوفهم ويهذبوا نشيدهم أو يخلقوه خلقًا جديدًا”.
وعن السلفية والتصوف كتب الحداد يقول:
بين الحين والآخر، تتجدد المعارك الكلامية، والفتاوى الدينية، ما بين التحريم والتجريم والتكفير تارة أخري، بين مشايخ الدعوة السلفية وقياداتها، وبين أنصار وأبناء الطرق الصوفية ومشايخها، فى حرب فتاوى ومعارك، الخاسر الوحيد فيها، هو الدين الإسلامي الحنيف، ووسطيته.
ويروج «السلفيون» إلى أن عددا من كبار المتصوفة، أمثال، الصيرفي، والغزالي، والزجاجي، والنساج، والقصار، والوراق، والخراز، والحلاج، ومن بعدهم المريدين، هم أصحاب بدع وشركيات ومنكرات ترتكب، جهارا نهارا باسم التصوف وباسم الأولياء، وباسم المرجعية وباسم الهوية، وتخالف الدين بل وتحاربه أيضا، بأن جعلت الشرك مكان التوحيد، والبدعة مكان السنة، والمنكر مكان المعروف، وحولت الناس إلى الجهل والخرافة، مما يُخرج المنتمين للطرق الصوفية من الإيمان للكفر، وبالتالي يستحل أعراضهم وأموالهم ودماءهم.
وتقوم «السلفية» بتقسيم «الصوفية» إلى ثلاث طبقات: الأولي، يغلب على أكثرهم الاستقامة فى العقيدة، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف، ومن أشهر رموز هذا التيار، أبو القاسم الخراز المعروف بـ«الجنيد»، ويلقبه الصوفية بـ«سيد الطائفة»، ومن أهم سماتهم كثرة الوعظ، والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما فى الوقت الذى اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب ونساكهم حيث حدث الالتقاء ببعضهم.
مما زاد فى البُعد عن سمات الصحابة وأئمة التابعين، ونتج عن ذلك اتخاذ دورٍ للعبادة غير المساجد، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي الكريم، مما سبب العداء الشديد بينهم وبين السلف، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق.
أما الطبقة الثانية، فهي التي خلطت الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري؛ ولذلك ظهر فى كلامهم مصطلحات: «الوحدة، والفناء، والاتحاد، والحلول، والسكر، والصحو، والكشف، والبقاء، والمريد، والعارف، والأحوال، والمقامات»، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية، ومن أهم أعلام هذه الطبقة، أبو اليزيد البسطامي، ذو النون المصري، الحلاج، الترمذي.
والطبقة الثالثة، فيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة، كما أثرت فى ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي، ويعتبر «السلفيون» هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف، والتي تعدت مرحلة البدع العملية، إلى البدع العلمية، التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية، ومن أشهر رموز هذه الطبقة، السهروردي، ابن عربي، ابن الفارض، وابن سبعين.
هذا التقسيم جعل «السلفيين» ينظرون إلى «الصوفية» و«التصوف»، بازدراء بل ويصل الأمر إلى التكفير والقتل، كما حدث في العديد من الوقائع، وآخرها حادث مسجد «الروضة» فى شبه جزيرة سيناء، وهو الذى يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب هذا العداء بين فصيلين كلاهما يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ولفهم هذا العداء يجب أن نتعرف على الاتهامات التي يوجهها السلفيون للصوفية، والتي يأتي فى مقدمتها «التقية»؛ فالسلفيون يعتبرون «الصوفية» تمارس «التقية الشيعية» وأنها مجرد «مخرج» من مخرجات التشيع، وأن فكرهم يعتمد على الكذب على الخصوم وعدم الرغبة فى الحوار والمصارعة بالألفاظ بعيدًا عن الحجة بالدليل والبرهان كالكتاب والسنة.
كما يتهم أصحاب الفكر السلفي دائما، أهل التصوف بـ«الخنوع» و«الجبن» تحت دعوى التكيف والعيش في مجتمع مدني، وأنهم لا يبغون التسيد على المشهد السياسي والاجتماعي على خلاف التيار السلفي، الذى يسعى بشكل دائم إلى تكريس خطابهم وإعلاء كلمة «السلفية» التي يجب أن تنازع الملك في السيطرة على قلوب وعقول المواطنين.
كما يعتبر السلفيون أن حياة التصوف لا تليق بالمسلم الحق الذى يجب أن يكون عالي الهمة وليس ذليلا وضعيفا وزاهدا في الحياة، ويعيش داخل المجتمع يعانى الانطواء والاستبعاد الاجتماعي، وكراهية الحياة، وحب الخمول والكسل حتى يصل إلى التسول.
ويعتبر السلفيون «الصوفية» وأنصارهم قوة كبيرة معطَّلة، ويريدون استغلالها أو القضاء عليها حتى يحتلوا المشهد الديني وحدهم، ليتفرغوا لمواجهة الدولة وتحقيق أهدافهم السياسية، وهو ما حدث فى عهد المعزول محمد مرسى.
وحول الصراع بين السلفية والصوفية كتب الحداد يقول لا يقف عند القضايا الفقهية العقائدية، بل كلا الطرفين يسعى كل منهما لاستقطاب أكبر عدد من الأتباع، ويرى كل طرف منهما أن لديه القوة لابتلاع الآخر وإلغائه وإنهاء وجوده إلى الأبد من خلال تكثيف الدعوة ومحاولة اجتذاب أتباع جدد.
فالسلفية والصوفية لديهما إحساس بالاصطفاء، فالسلفيون يعتبرون أفكارهم ومنهجهم الدعويّ، قائم على صحيح الدعوة الإسلامية ويركزون على إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال ولبس النقاب للسيدات، وهو الأمر الذى يرى الصوفيون أنه تركيز على الشكل والمظهر دون الجوهر، وأن السلفية هي شكل بلا روح، وأنهم جماعات متشددة ومتجهمة تحتفل وتحتفى بالطقوس على حساب الحقيقة الدينية، وتتعامل مع الإسلام بشكل لا يقوم على الحب بقدر ما يقوم على المنفعة، كما يتهم الصوفية السلفيين بأنهم مصابون بمرض التعالي على المجتمع الذى يعيشون فيه ولديهم شعور زائف.
وهناك خلاف محتدم بين السلفية والصوفية لم يتوقف حول «ابن تيمية» الذى انتقد الصوفية، وما سماها بـ«البدع»، وشن عليهم حملة شعواء لا هوادة فيها، واتهمهم بالتآمر مع التتار، فى إسقاط الخلافة العباسية، وهو ما رد عليه الصوفية بتأليب الناس ضده واتهام أتباعه بالتطرف، واتهامه بالنصب والنفاق.
وفيما يتعلق بإثبات صفة الله، اعتمدت الصوفية على العقل فى تأويل الآيات القرآنية التى تفيد التشبيه والتجسيم وغيرها من الصفات التي لم يروها تليق بذات الله، وهو ما يرفضه السلفيون رفضا قاطعا، ونتيجة لموقف هؤلاء القاطع من عملية التأويل التي مارسها المتصوفة، يناصبونهم العداء، ويهاجمون ممارساتهم وطقوسهم وحتى عقائدهم، بل ويعتبرها بعضهم من تلابيس إبليس، وهو ما يعنى عدم وجود أية مساحة مشتركة للتلاقي مع المتصوفة.
دائما ما يتهم «السلفية» أتباع الطرق الصوفية، بممارسة الشرك الخفي، وأنهم يتبركون بالأضرحة ويلجأون للأولياء الصالحين لقضاء حاجاتهم، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الولي على النبي، والإيمان بالحقيقة على حساب الشريعة، وعدم الالتزام بالفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما يوجه السلفيون نقدًا حادًا للسلوكيات التي تحدث في موالد الأولياء الصالحين التي يرتادونها، ويحتفى بها الصوفيون، ويؤكد السلفيون أن الموالد يحدث بها اختلاط بين النساء والرجال، مما يترتب على ذلك شيوع أعمال الفسق والفجور في زحام الموالد، وأن حلقات الذكر تقوم على حساب الصلاة المفروضة